١٥‏/١٢‏/٢٠٠٥


الغربــاء
قصة قصيرة: حامد الزبيدي
رأى الشمس تقهقر السماء وتطوي وجهها المتلبد بالغيوم ثم تسحب قواها المضيئة وترحل مبتسمةً إلى الأقاصي، تبحث عن سماوات أخرى، تُرهقها، تكسرها، وتترك وراءها نحيب النجوم الذليل، تواسي السماوات الحزينة، غير مكترثة بآهات الريح العالية التي تجوب في الأمكنة الخالية، تحدث فيها الذعر، تموت الطرقات وترتجف الأشجار، ترتعد الحيوانات من صوتها المفزع، يتقادح البرق ويجلجل الهز يم مرتعداً وكأن الموت جاء متلفعاً بالظلام.
تلك الصور، رسمتها له مخيلته أثناء توجهه إلى بيته الكائن في ذلك الزقاق الموحل، كان يمش بمحاذاة الجدران الآيلة للسقوط بخطى حثيثة، وقف في منتصف الزقاق حينما رأى شبحاً أسوداً، جاثماً جوار باب بيته، أطلق قدميه، تتخبط، تغوص بالمياه الآسنة، انتابه الشكوك وساورته الوساوس، بدأ لا يعي في أي مكان يضع قدميه، كان يركض بكل ما أوتي من قوةٍ، تصادمت قدماه، انكب على وجهه، تبللت ملابسه، اتسخت بالادران القذرة وأصبحت كأنها ملابس حدّاد او فحّام، نهض من سقطته، مسح الطين الأسود عن وجهه، مشى مسرعاً كالمخمور، لا يعي بما جرى له، كان كلما يتقدم خطوةً، تتضح هوية الشبح، كانت سيارة بيكب، تقف أمام الباب، وبعض أبواب الزقاق مفتوحةً وخلفها رجال يتلصصون، اقترب من أحد الأبواب، اغلق في وجهه فجأةً، مضى خلسةً إلى البيت الذي يجاوره، دفع الباب بقوة ودخل عنوة غير مبال بالأعراف التي كان يؤمن بها ولا يخرج عن حدودها، منعه من الدخول جاره الذي كان يتلصص على بيته، احتضنه وقال له هامساً:
-من أنت؟
-أجابه لاهثاً- ألا تعرفني يا رجل؟
أرخى يديه وقال بشيء من القسوة والغلظة:
-بيتك مكتظ بالرجال الغرباء.
-أي رجال؟
-لا أعلم .. إذا أردت أن تعرف، عليك التسلل من هنا (أشار بيده إلى الجدار الفاصل بين بيتيهما)- وقتها ستنجلي لك الحقائق، لا تبقى هنا نحن نخاف على.. نحن محافظون.
شعر بإهانة لا تغتفر من جاره الذي تمادى عيه كثيراً، انتابه شك عارم، ضغط على أعصابه المتوترة وأوصاله المرتجفة، لكنه أثبط هممها وكظم حمم البراكين المتفجرة في أعماقه، استدار عنه متجهاً إلى الجدار، مد يديه إلى نهايته ثم سحب جسده إلى الأعلى، هبط كاللص، يمشي على رؤوس أصابعه بتوجس بالغ وحذر شديد وصراخ يدمدم في نفسه:
-من هؤلاء؟ من سمح لهم بالدخول إلى بيتي من دون علمي؟ ربما..
سكتت نفسه عن الصراخ لحظة اقترابه من النافذة العارية من الزجاج، وقف بجانبها، يصيخ السمع إلى لغوٍ غير مفهوم وتحركات غير اعتيادية، دفع رأسه ببطء، تجمدت عيناه، انقطع نفسه، اجتثت السكينة من جذور أحشائه وضاع الأمان في أعماقه، مات كل شيء فيه إلا ذلك الدبيب الذي يخفق في قلبه، من تلك الأوهام المريعة، ذاب الجليد في عينيه ومضى ينظر في أجواء الغرفة من دون ان يراه أحد، رأى ثلاثة رجال مسلحين، كان أحدهم يقلب محتويات الغرفة رأساً على عقب، يبحث عن شيء ما، والآخر يتفحص المجلدات في المكتبة الخشبية الصغيرة، كان كلما يفرغ من مجلد، يلقيه تحت قدميه بلا عنايةٍ أما الرجل الثالث، كان يقف بالقرب من أولاده وزوجته المرتجفة ويده على قبضة المسدس، ينظر إلى الذين دفنوا ظهورهم بالجدار، يتفرس بالوجوه المملوءة بالخوف، وجوه شاحبة، ذابلة، ترتعد من لحظة إطلاق النار عليها، تمعّن في وجه الرجل الثالث كثيراً، وقال في ذات نفسه:
-إني اعرف هذا القذر! ولكن أين.. أين؟
لم تسعفه الذاكرة المشوشة لذا تركه ومضى يرنوا إلى ابنه الصغير، ركز بحنو وعيناه مغرورقتان في وجهه الصغير الذي أتعبه الوقوف وأرهقه الخوف، قد رأى الموت مرسوماً على صفحات خديه الطريتين، بال الطفل على نفسه من دون ان يشعر، ثم اسند رأسه إلى الجدار، يسأله بصمت عن وسادة او عن غطاء يدفأ جسده المرتجف.
وميض مرعب في السماء ورعد صارخ، رياح تشتد قسوتها، وعواء ذئاب في البساتين، تشكل ليلة قاسية في أعماقه، نزل المطر، غسل وجهه من الطين الأسود وطهر ملابسه الموحلة وهو لا يزال في مكانه ينظر إلى ابنه الصغير الواقف، النائم، الذي يتلظى في أقسى حالات الإرهاب، والى زوجته التي كانت تتلوى من شدة الألم، تعض شفتها السفلى وتعصر جفنيها، ينكمش وجهها الطفولي، تتضرع في عيون الصبر ان ترعاها ولا تتركها مرتعاً للألم، بعد ان فرغوا من جولة البحث والتقصي، خرجوا من الغرفة مطأطئ الرؤوس، انطلقت سيارتهم في الزقاق الموحل والنجوم تنظر إليهم، دخل إلى الغرفة يتطلع في الوجوه الشاحبة والعيون الغارقة في الخوف، قالت له زوجته:
-اخرج من البيت حالاً.. اهرب انهم يبحثون عنك.
التفت إلى أبناءه وقال لهم بهدوء:
-اذهبوا إلى فراشكم ناموا بهدوء.
ذهبوا إلى فراشهم في الغرفة المجاورة، أحدج زوجته بنظرةٍ سريعةٍ وقال لها برفق:
-أغلقِ الباب.. البرد يلسع عظامي.
أغلقت الباب، فخلع ملابسه المبللة وكان يرتجف من البرد، جلبت له ملابس النوم من الخزانة المبعثرة ذات الشكل الفوضوي، أخذ منها الملابس ثم ارتداها بلا استحمام، جلس على بساط متهرئ بصمت، أحنت قامتها والتقطت ملابسه المبللة ووضعتها في جردل قديم متآكل ثم تركته واستلقت على فراشها، تنظر إلى سقف الغرفة الناضح ثم قالت:- يا لها من ليلة مشؤومة.
-ثقِ لست المعني. انه مجرد اشتباه لا اكثر.
-اقنع نفسك.. انهم قصدوك بالذات.
أدارت جسدها عنه وهو بقى في جلسته، أشعل سيجارته وبدأ يتأمل في الأيام المنصرمة، وتساؤلات كثيرة في ذهنه: هل سرقت شيء في يوم ما؟ هل تحرشت؟ هل تعاطيت المخدرات او تكلمت بالممنوعات؟ ، وكان يجيب في نفسه: لا.. لا…
-ولكن بماذا تفسر مجيئهم في الليل، ومن دون سابق إنذار، يدوسون البيت.. ثم من هؤلاء من؟
شعر بألم في بلعومه عندما أزدرد ريقه الناشف وقال لنفسه:
-إنني اعرف أحدهم.. اجل اعرف ذلك الرجل الذي كان يقف بالقرب من زوجتي.. ولكن أين؟
(ضرب جبهته براحة يده) حتّام تخونني الذاكرة.. إنني لا أتذكره بالضبط ولكنني اعرفه حق المعرفة.
تيقظت ذاكرته وقلّبت الأيام المحفورة فيها، تبحث عن ذلك الوجه المفزع الذي يعرفه، تذكره، كان يزامله في الدراسة قبل عشرين عاماً خلت، كان صديقه الحميم الذي لا يفارقه، نهض من مكانه وبدأ يذرع الغرفة يروح ويجيء، يجمع أشتات مخيلته ويثبّت أوهامه في وجوده، ولكنه لم يقدر أن يجمع بينهم، حيث تطير خيالاته سارحةً هناك ويبقى وجوده الفارغ هنا، التفت إلى زوجته الغارقة في النوم وقال لها:- إنني ارفض هذا العالم الغريب، الذي يمنح الحيوانات التي تفتقر إلى التهذيب حق الحياة ويحكم عليَّ بالموت.
صاحت الديكة وانتهى الليل البهيم، خرج من البيت وفي ذهنه ونفسه صراع مرير، ذهب متجهاً إلى حي الأثرياء، حيث ان الذي جاء إليه بالأمس واشعل نار الخوف، يسكن فيه، وقف أمام باب القصر الكبير وهو يفكر كيف سيكون اللقاء، وقفت أمام الباب سيارة حديثة فارهة، حدجها بنصف عينه ثم تمشى قليلاً عنها، فتح الباب صديقه، وثب إليه وتصنع الصدفة والتقى به، وكان اللقاء بارداً، ذكرّه بزمالته ولكن صديقه لم يتذكر بل ونفى الماضي برمته، كان فرحاً سعيداً لعدم معرفته به، خطر بباله الذي أتى من اجله وقال إليه:
-ماذا كنتم تريدون مني ليلة أمس؟
نظر إليه باستغراب ودهشة وأردف:
-نعم؟
أعاد عليه ما قال له في البدء، رد عليه بكبرياء.
-إنني لم أعرفك.. فكيف لي أن اعلم أين أنت تسكن؟
تركه كما لو يترك إنسان وضيع وصعد في السيارة، انطلقت وهو ينظر إليه بحيرة ثم عرج إلى بيته راكضاً، دفع الباب، دخل إلى الغرفة المبعثرة، صاح على زوجته وعلى ابناءه، لم يتلقَ رد منهم، بحث حتى تيقن ان لا أحد سواه في البيت، نظر إلى الجردل المختنق بملابسه المبللة، اقترب من المنضدة بعد ان أطبق عليه الذهول، جلس على المنضدة وقدماه تتأرجحان في الهواء، مد يديه إلى الخلف ليعتمد عليهما، وجد تحت يده ورقة صغيرة، نظر فيها، أنها رسالة مكتوبة بخط زوجته، فتذكر أن زوجته كتبتها إليه أول أمس قبل سفرها إلى أهلها، بهت وهو يتفرس بأرجاء الغرفة ولم يجد أي تفسير لهذه الفوضى.

حامد الزبيدي
19/1/2002
mu29@hotmail.com

مرثية عبد اللطيف الراشد

مرثية عبد اللطيف الراشد
محمد الأحمد
عرفت ُمتأخرا رحيل الشاعر (عبد اللطيف الراشد) عن عمر ناهز الفجيعة بألف قصيدة، من بعد شهادة عصره العراقي، له، وعليه. وقد عاصر الرياح العاتية التي عصفت بالعراق عصفاً جبارا، وخلفته كالنخالة، من بعد أن عاصرته الحروب بالذلّ والهوان. كان الراشد مرثاة جيل بصوت مزادنٍّ بالأفكار، والأعمار.. ربما مسافةٌ بألف عَمَار، و كان حلمه النازف بأشواق جسام، وعصافير القبور كانت تذود عن دسائس الشعراء، وما كان المعلم حين ينطق إلا لجيل من المعلمين التائهين في مدرسة القومية التي استنفدت مسار العمر، والفكر، والتراث. كم من زهرة تلقى عن تنهدة قبر الشاعر الراشد، وكانت الصروح عن سرها تنأى لتصوغ معانيها في جمل ابتدعها العراقيون من آهٍ حرى بالأشواق.. كم اشتاقت الجملة إلى خبرها في بلاد انتهكت بأنفاس تبتدع فراق ابنها الذي تصير إبداعه عطرا يرش الغيم بالطيب.. كم هو ساحر هذا البكاء الذي يأخذ الأعياد إلى حتفها، والأيام إلى حزنها الميت بالموت، والهجرة، والانكسار.. مات، وما مات... لكنه عاش حيا كميت.. مقهورا، بائسا. إلا إن حزننا العراقي بمعية البعض بالبعض، والسرّ ما عاد سرا فالفأل السيئ يحيق بالعراق، ومبدعيه. إن كانوا فيه باقون حضرهم النسيان، اوغادروه مزقهم الحنين.. مات الشاعر وما مات الشعر الذي بين يديه يرش العطر على العصافير الدورية لتوزعه زخات بكاء مرير يفيض بمآقي الدجلتين والفراتين..
أواه ما أجمل العراق، وما أجمل العراقيين به.
مات مستنزفاً (عبد اللطيف الراشد) وما عرفت إلا من مرثية كتبها صديقنا المبدع (وجيه عباس) الذي تعود أن يرثي بنبل كل من يعرف، فطوبي لمن عرف ولم يعرف بان الراشد كان أكثر من إنسان في ثوب تجلله الحرور والبرود وتكتبه المسارات.. كم عراقيا مبدعا كان العراق بهم كسيرا مريضا لا يأبه لأحد سوى اسمه الجليل. كان عبد اللطيف الراشد حزينا في مقهى (الشابندر) يقضم جوع الأيام ويشتري بالتحقيقات الصحافية قصائد الدخان، وكان يأمل المكافأة عن النشر ليأكل، وكان يأمل الصديق لينام، وما كان الفندق الرخيص يتعود عليه كونه يتحدى كل يوم بألف حلم ليكتب فيه لأجل النشر... كما كان طيبا عبد اللطيف الراشد في ابتسامته تحتاج إلى غدوة متواضعة ليس إلا. كان شاعرا عراقيا كريما أخذهُ الموت من القصيدة، وزرعه في مسودات شعر ابلغ معان من كتابه الجميل الوحيد، ديوان شعر اسمه (نزق).. وفيه قصائد مهداة إلى جيل الخيبة العراقية.
‏الأربعاء‏، 14‏ كانون الأول‏، 2005

كليزار أنور


قراءة
قصص ( ما بين الحب والحب )
نزيف الذاكرة

كُليزار أنور
في مجموعته الأخيرة ( مابين الحب والحب) نرى القاص محمد الأحمد وكأنهُ ابن بحر .. مغامر، متمرد .. أحلامهُ متسعة دائماً ، نامية كالبالون تأخذه وتطير به إلى آفاق أبعد ومديات أوسع .. يحلم بالانقلابات في شكل القصة .. وهو يحققها ومهما كانت النتائج معه أو ضده .. لا يهم، فالمهم – بنظره – أن يسير خلف أحلامه التي ترضيه هو .. هو وحده كقاص .
إذاً .. وجدناه مسافر دائماً .. مسافر بأسلوبه المنفرد وكأنه يسكن خريطة ممتدة على الدوام .. والأسلوب منبع الكتابة الرئيسي !
لغة قصصه مدهشة بإتقانها .. معتزة بعنفوانها الحاد.. لغة موحية ، بالغة التأثير فينا ، فلا فكر ولا حس بدون لغة قوية .. وهذا ما نلمسه بوضوح في أسلوب القاص عموماً .. نقاء العبارة ، وقوة اللغة ، ومسألة أخرى .. الوصف ، فالوصف دقيق ، راقٍ ، شاعري .. عندما يوصف لا نشعر بأننا أمام قصة ، بل أمام لوحة خرجت – تواً – من تحت أنامل فنان حقيقي ، ماهر يتقن صنعته عن خبرة وموهبة فذة .
أربعة عشر قصة بين دفتي ( مابين الحب والحب ) :
· ( ذاكرة ما ) .
بعض الماضي يكون قاسياً لا يحتملهُ الإنسان ، فيحاول أن يمحوه تماماً من الذاكرة ، لكن مجرد علامة صغيرة أو تذكار بسيط بإمكانه أن يفتق الجرح ليبدأ النزف من جديد !
· ( الصفر نصف قطر دائرتي ) .
هل هناك فرق بين اليابسة والماء .. هل هناك فرق بين المرأة والسمكة ؟؟!! ترابط جميل .. خرزات ملونة لشخصيات متعددة ( أب وامرأة وشقيقتها وهو ) جُمعت في خيط واحد لتتكون قصة !
· ( ورطة ) .
قصة حرب ، أو بالأحرى فصل من فصول الحرب . رجل سرقت الحرب منه زوجته ويده اليسرى .. هذه كانت ورطته بالضبط " ولم يستفزني شيء مثلما استفزتني الذراع الساقطة بين قدمي دون أن أعيها .. سقطت مثل غصن انتزعته يد حطاب ماهر . ألتمس بيميني يساري فلا أجدها . أفزع أكثر ، والدم تدفق مني مثل ماء من نبع . الألم فزع أيضاً .. الليل أمات نفسه بين قبضتي ، آلم توقظ فطوحت ببندقيتي بعيداً التقطت ذراعي وابتدأت أجري متخطياً كل القذائف .. أركض بينما بقي كل ما خلفي محطوباً " ص 25 .
· ( كان ) .
شجرة الحب الأول .. من الممكن أن تعود إلينا مرة ثانية ، لكن هل ستثمر كما أول مرة؟ بالطبع لا ! فالحرب أحرقتها ، مثلما أحرقت كل شيء جميل في هذا البلد .
عنوان القصة ( كان ) . وكان .. فعل ماضٍ ناقص . أراد الكاتب أن يوحي لنا في قصته أن ( الحب .. كان ) !
· ( بعد الجمر .. قبل الرماد ) .
الحرب .. مرة ثالثة في هذه القصة أيضاً . امرأة ، أُم لابنة .. لا تصدق بأن زوجها خطفتهُ مخالب الحرب من بين أحضانها .. ما زالت تتخيل وجوده " وانطلقت إليه تستعجله قبل أن يبرد طعامه .. بحثت عنه في الغرفة فلم تجده . طرقت باب الحمام ولم يجبها .. بهتت عندما لم تجده . انطلقت كالمذعورة من مكان إلى آخر في البيت ولم تجده دون أن تفطن للباب الخارجي الذي كان مقفلاً من الداخل منذ نهارين !! " ص 43 .
· ( مابين الحب والحب ) .
للوهلة الأولى يتصور القارئ وهو يقرأ السطور الأولى من القصة بأن الكاتب يقصد بين ( الحُب و الحْب ) أي الوجد : معنىً للأولى .. وكوز الماء : معنىً للثانية . وقد جعل الربط بينهما كفكرة للقصة ، لكن ما أن نستغرق في القراءة نكتشف بأن الكاتب يقصد ( الحُب و الحُب ) والفرق ما بين الحب كوجد والحب الأبوي .
قصة لها طابع متميز لأسلوب لهُ بُعد وجداني .. كانت تستحق أن يختارها القاص عنواناً لمجموعته .
· ( عودة الصبي ) .
اتخذ القاص المونولوج كوسيلة لتحقيق تحليله النفسي لرجل ستيني يتذكر أيام طفولته الشقية .
· ( محمد أحمد ) .
كلنا يؤمن بأن الإبداع هو عمل يصنعهُ فرد واحد .. ومن هنا نجد التفرد بين قاص وقاص، بين روائي وروائي آخر ، بين شاعر وشاعر آخر .. وبين قصة وقصة أخرى .
( محمد أحمد ) . أكثر قصة أعجبتني من قصص المجموعة .. وكانت فعلاً قصة مدهشة ، رائعة صيغت بذكاء ( عنواناً وأسلوباً وفكرةً وهدفاً ومعنىً ) ومهما علّقت عليها ، فلن أمنحها حقها الكامل .. لذا سأصمت بكل إعجاب أمامها !
وكان القاص محمد الأحمد مبدعاً – بحق – في قصته ( محمد أحمد ) !!!
· ( السائس ) .
تعاطفت مع هذه القصة – بالذات – كثيراً .. لا أدري ! شعرتها حقيقية .. وكأنها حدثت مع القاص بكل تفاصيلها الدقيقة .
· ( الظل الموحش ) .
ماذا بقي له من والده سوى تمثال .. تمثال يعز عليه حتى بيعه " السؤال يكبر ، والألم يتفاقم بالأسئلة . الصمت يجمع بين الروح والتمثال . الأسئلة تضيع ، وتهاجمني رائحة كقوة الضوء المتسرب عليّ .. أحدق عبر النافذة .. تمتد خطوط بصري ، ولا تلتقي بالذي أريد . الصمت يتفاقم بيني وبين التمثال الذي بدأ بابتسامة صغيرة لم تكد تبين :
- أبي .. أجبني أرجوك ؟ " ص 85 .
ولا يأتيه جواب سوى صوت ارتطام !
· ( خيانة زمن ) .
قصة لها بعدها الفلسفي !
· ( حمار ) .
علينا أن نقرأ القصة كاملةً لنعرف لماذا سماها (حمار) ؟! وعندما نعرف.. نكاد أن ننفجر من الضحك.. قصة لها مغزى جميل كُتبت بأسلوب ساخر وجاد – بنفس الوقت – أشبه بما يُسمى بِـ( الكوميديا السوداء ) !
· ( كتاب الحندل وأبوابه ) .
حكاية غريبة عن رجل يكتشف قبواً في منزله الذي اشتراه ، فيقرر أن يدخله.. مفاجأة تقوده / تقودنا إلى مفاجأة وكأنها قصة من قصص ألف ليلة وليلة بكل غرائبها . ويقرر الرجل في النهاية أن يدوّن ما رآه في كتاب !
· ( دمعة بيكاسو ) .
هل يمكن أن تُقرأ اللوحة قراءة أدبية ؟ بالتأكيد: نعم !
· ( أحوال شخصية ) .
قصة ممتلئة بروائح الخيانة والغدر والوحشة والنفاق والكذب والحقد والكره .. وكل مسميات الخداع .. إنها دمعة حارقة نزلت من أجلِ امرأة لا تستحق دمعة رجل !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ( مابين الحب والحب ) . مجموعة قصصية للقاص محمد الأحمد صادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد / 2002 .
gulizaranwar@yahoo.com

ذو الفقار الخشالي

قصيدتان
(إحساس قلبي)
لك في القـــــلب إحساسا غريـــــــــــــب
لك عشقا سميـــــــته عشق الحبيـــــــــب
لك فـــــــــي القلب حب وحنيــــــــــــــن
لـــــــــــــــــــك من القلب نصـــــــــــيب
أتعلمـــــــين أم لا تعلمــــــــــــــــــين ..؟
صدقينـــــــي إن لك في القلب حــــــــــبا
بكتمـانه صار داء ماله سواك طبيــــــب
أنـــــــــت داء يــــــــــــــــوم كـــــــــنت
فاقبـــــــــــــــــــلي أن تكونــــــــــــــــي
دومــــــــــــــــا دوائــــــــــــــــــــــــــي
هـــــــــــــــذا ما احمــــــــله لــــــــــــك
فأرجــــــــــــــــــو أن لا تكذبينــــــــــي
ولا تظـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلميني
ولا لطـــــــيش الشباب تضــــــــــــميني
عرضــــــــــت عليك الأمر .لـــــــــــكن
مـــــــــا أجبرتك أن تحبينـــــــــــــــــــي
أردت أن اعـــــرف رأيــــــــــــــــــــــك
أريحــــــــــــي به قلبي وضمـــــــــــيري

(محبوبة الأمس )

سأقص للناس عن محبوبة أمس
عن صاحبة الوجه الجميل
عن نرجسية العين
عن طفلة تشق اليوم طريق الشباب
تركت كل أحلام الطفولة
وقليلا من أول أحلام الشباب
سأقص لهم .......
واشكي لهم همي ولوعتي
سأقول لهم كيف كنت وكيف اليوم أنت
كيف عاهدتك وكيف خنت عهدي
أحببتني قليلا ..وبعدها
طعنتني ..........جرحتني
جرحتني بالأمس
وتريد اليوم أن تجرحيني
تركتني حيث كنت ارجوها
فسأتركها حيث اليوم ترجوني
بعدت عني فبعدت عنها فمالها اليوم تأتيني
اتركيني .........اتركيني

٠٩‏/١٢‏/٢٠٠٥

زواج القاص محمد الأحمد على القاصة كليزار انور


في احتفال بهيج جرى فيه زفاف القاص محمد الأحمد على القاصة كليزار انور يوم الجمعة الماضية الموافق في الثاني من كانون الاول لهذا العام، وعلى قاعة اتحاد ادباء وكتاب ديالى وبحضور الاهل والزملاء والاصدقاء

١٦‏/١١‏/٢٠٠٥

خطوبة


في حفل بهيج ضم الاخوة والاخوات والاصدقاء تمت فيه خطوبة الكاتب البعقوبي محمد الأحمد على الانسة الكاتبة الموصلية كليزار انور‘ وتلقى الخطيبين باقات ورد من كل الحضور

٠٨‏/١١‏/٢٠٠٥

مهند أحمد علوان



سطور عن ريتشارد فاغنر1813-1883
مهند احمد علوان

امتدت حياة الموسيقار العبقري (ريتشارد فاغنر) سبعين عاماً المولود في مدينة (لايبزيغ) الألمانية عام (22 مايو1813م)، الذي يعد أحد العباقرة الكونيين في تاريخ البشرية، والذي لا يقل أهمية عن (باخ)، أو (موزارت)، أو (بيتهوفن)، أو (شوبان)، أو (روبرت شومان)، أو بقية العباقرة المبدعين. بقي بعطاء ثر حتى موته في مدينة (البندقية) الايطالية عام) (13 فبراير- 1883م). إذ يعتبر (فاغنر) واحدا من بين اللذين التي تفخر بهم (ألمانيا) لما قدموه للبشرية جمعاء من فن إنساني عظيم، بالإضافة إلى انه أنتج عدة كتب تهم قضايا الموسيقى. أبرزها: (الفن والثورة) (1849)، (فنان المستقبل) (1849)، (العمل الفني والمستقبل) (1849)، (الفن والمناخ) (1850)، (اليهودية في الموسيقى) (1850)، (الدولة والدين) (1850)، (الأوبرا والدراما) (1851)، (رسالة إلى أصدقائي) (1851). (تجليات متحف العدم- شعر) (1852)، وعرف عنه كشاعر مجيد تناول هموما إنسانية كبيرة كما يذكرون كتاب سيرته (كانت عائلته مولعة بالفن والموسيقى والمسرح. فوالده الذي كان موظفاً لدى البوليس كان يتردد على المسرح كثيراً وأصدقاء والده كانوا ممثلين وأخته، أي أخت (فاغنر)، أصبحت ممثلة أيضاً). ولكن الموت سرعان ما عاجل والده الذي مات في إحدى المعارك الألمانية ضد (نابليون). فـ(تزوجت أمه من أحد أصدقاء والده الذي كان ممثلاً مسرحياً ورساماً أيضاً وبالتالي ففي هذا الجو المليء بالفن والتمثيل ترعرع ريتشارد (فاغنر) وكبر. وعندما بلغ العشرين من العمر دخل في الحياة الموسيقية الفعالة وألف أول مقطوعة له بعنوان (ربات الجمال)، ولكن الناس تجاهلوا هذه الأوبرا الغنائية ولم يهتم بها أحد طيلة حياة الموسيقار كلها). كان معظم أصدقائه من المفكرين المشهورين والأدباء المبرزين، قريبا وصديقا لـ(شوبنهاور)، كما صديقاً لـ(نيتشه) وآخرين. تمتاز مقطوعاته بالتتابع الصوري المتواصل بالأفكار، وتعكس أفكاره عن الحياة، والعالم، والقدر، والفلسفة، وموسيقاه صورة جيل شهد التحولات العظيمة، فمؤلفاته شهدها المسرح مع موسيقاها، فكانت أوبراه متميزة بشكل متمرد عن المألوف لأنه كان يرى بعين الفنان المتكامل المتواصل العطاء، ولا يكتفي بأداة واحدة. فعادوا إليها الألمان والجنسيات الأخرى بعد موته ومثلوها على خشبة المسرح في (فيينا) عام 1888م، وفي مختلف إرجاء العالم، وعلى الرغم من أن بعض القطع كانت تقليداً لموسيقى بيتهوفن (أوبرا متحف العدم التي كان معجب بها جدا) أو لسواه إلا أنها كانت تحتوي على نغمة شاعرية خاصة به، وفي عام 1834 أصبح (فاغنر) مديراً للمسرح الموسيقي في مدينة (ماكدبورغ). وبقي هناك حتى عام 1836 حيث كتب مقطوعة موسيقية وغنائية جديدة بعنوان: (ممنوع الحب!). وكبقية المبدعين بقي متردداً في اختيار المنهج الذي لائمه. وراح ينتقل من تقليد هذه الأمة إلى تقليد إلى تلك أو غيرها في مجال الموسيقى، ثم وقع كأي رجل في غرام ممثلة حسناء تدعى (هوليا) وتزوجها، فأخلصت له كل الإخلاص، وبعدئذ انتقل إلى مدينة (ريفا
[1]) حيث بقي سنتين كمدير للأوبرا فيها. وهناك ابتدأ تأليف بواكير أولى أعماله الكبرى. ثم التحق إلى عاصمة الفنون كما كان يحلو أن يسميها كباريس من أجل الاطلاع على الاتجاهات الحديثة في فن الموسيقى. ولكن الرحلة التي تمت عن طريق البحر تعرضت لحادثة فقد تعرض قاربه لإعصار بحري قذف به على شواطئ النرويج و لم يصل إلى باريس إلا في شهر سبتمبر من عام 1839. ولكن باريس الثقافة والفن والموسيقى لم تفتح له أبوابها بيسر كما كان يأمل. وقد حاول مرات ومرات أن يقنعهم بتمثيل مسرحيته الموسيقية (ممنوع الحب) ولكنهم رفضوا. وكان في وضع مالي في حالة بؤس لا يوصف، إذ وصلت به الأمور إلى حافة الجوع.. وعاد بعدها خائبا إلى بلاده عام 1842 بعد إقامة طويلة مريرة ومخيبة للآمال في العاصمة الفرنسية. وفي طريق العودة رأى نهر (الراين) الذي يفصل بين فرنسا وألمانيا لأول مرة في حياته. وهو نهر هائل واسع، وعميق، تسير فيه السفن كالبحر.. انه النهر العظيم الذي طالماً تغنى به (هولدرلين)، وعندئذ كتب (فاغنر) في مذكراته يقول:- لأول مرة أرى نهر (الراين)، (لقد امتلأت عيناي بالدموع عندما رأيته. وبدءاً من تلك اللحظة، أقسمت يميناً بالله، أنا الموسيقار الفقير العاثر الحظ، أن أبقى وفياً لبلدي: ألمانيا. والواقع أنه أصبح قومياً جداً وفخوراً بأصوله الجرمانية[2]). وبعد ذلك حقق (فاغنر) بعض النجاحات في مجال الموسيقى الغنائية والأوبرا وبسبب ثقافته الواسعة عُيّن مديراً لأوبرا (دريسدن) احد اهم مسارح المانيا، وكان قد شغل هذا المنصب قبله فنان كبير اسمه (فيبر)، وما ترك الكتابة من اجل الموسيقى والمسرح إلا ليكتب فيهما، وظل يبحر في مجاهل التاريخ ومكتبات الكنائس والكاتدرائيات باحثا متقصيا في مكتباتها عن ما يريده أن لا ينسى. مقررا تجديد الموسيقى الألمانية طبقاً لمبادئه الفنية والفلسفية. ولكنه واجه مقاومة كبيرة من جهة المحافظين كما يحصل لكل المجددين في أي مجال كان. فاللذين حوله كانوا متعودين على الموسيقى الإيطالية والأوبرا الإيطالية والتي كانت متسلطة على كل مسارح أوروبا، وليس فقط ألمانيا. و(فاغنر) كان يشعر بأنه محمل برسالة جديدة ألا وهي:(تجديد الموسيقى الألمانية وانطلاقاً من ذلك كل الحياة الألمانية)، فكان يشعر بأنه محمل برسالة خاصة إلى أبناء جلدته، وإلى البشرية كلها. (كفنان كان ذا طبع متمرد بل وثوري منذ طفولته الأولى، أي منذ نعومة أظفاره، وقد فهم أن تجديد الموسيقى أو اصلاح الفن بشكل جذري لا يمكن أن يتم في ظل أنظمة إقطاعية مستبدة كتلك التي كانت سائدة في وقته[3]). فكانت الموسيقى تعني له كل حياته، فربط بين الموسيقى من جهة، والحياة الاجتماعية، والسياسية من جهة أخرى، (وهما شيئان كثيراً ما يفصل الناس بينهما معتقدين بأنه لا توجد علاقة بين الموسيقى والمجتمع، أو أن الموسيقى فن تجريدي سماوي يعلو على الواقع ولا يختلط بهموم السياسية). وهذا خطأ في الواقع كما كان ينتقده أصدقائه ومحبيه (لأن الموسيقى على الرغم من خصوصيتها وطابعها الأثيري السماوي لها علاقة بالأرض، أيضاً وبالتاريخ). وقد كتب ذلك في كتابه الشهير (موسيقي ألماني في باريس)، (ما كنت أريد قوله هو إطلاق صرخة تمرد ضد وضع الفن في عصرنا... كنت قد دخلت في مرحلة جديدة هي- التمرد على كل ما هو موجود وعلى كل تجليات الفن في ألمانيا وأوروبا.. وكنت أريد تغيير كل شيء أو قلبه رأساً على عقب). ولما حصلت ثورة 1848 في فرنسا شعر بأن لها علاقة بالثورة التي يريد أن يحدثها في مجال الموسيقى والحياة ككل، وفي المحاضرة التي ألقاها في (14) يونيه 1848 في مدينة (دريسدن) قال ما يلي (ينبغي أن نصلح الأوضاع الاجتماعية في بلداننا، فإصلاح الفن لا يكفي إذا لم ترافقه هذه الإصلاحات الاجتماعية والسياسية). وقد ناضل (فاغنر) من اجل المساواة وبإلغاء امتيازات طبقة النبلاء الإقطاعيين وإعادة الاعتبار للشعب من دون القضاء على النظام الملكي في ألمانيا كما فعل الفرنسيون، (الملك يصبح عندئذ على رأس دولة حرة لا دولة مستبدة واستبدادية للشعب إنه أول رجل حر من بين الرجال الأحرار[4]). وكتب (فاغنر) مسرحية درامية بعنوان (يسوع الناصري 1849م). وقد اتخذ قصة (السيد المسيح) كحجة من أجل تطوير أفكاره الخاصة بتجديد البشرية وبعثها من جديد، (إحلال قانون الحب محل القانون التعسفي للبشر. فالحب هو قانون الإنجيل. ألم يقل يسوع: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر؟)، و(بأن الدين الحقيقي هو محبة البشرية وجميع الناس، وأن الإنسان غايته في ذاته وسعادته على هذه الأرض، والباقي تفاصيل، وكان (فاغنر) يعتقد بأن المجتمع الحديث مبني على الأنانية وأن الثورة ستجيء لكي تجدد البشرية وتعيد للإنسان نبله وصفاءه). وايضا ساهم (فاغنر) شخصياً في الأحداث الثورية التي هزت مدينة (دريسدن) منذ بدايات شهر مايو 1849. وكان على صلة وثيقة مع زعيم الحزب الليبرالي (رويكل)، وكان على صلة مع (باكونين) الزعيم الاشتراكي الثوري الشهير آنذاك، وبعد أن قمع الجيش الروسي الانتفاضة الشعبية في (دريسدن) ابتعد (فاغنر) عن المدينة. وذهب إلى (فايمار) حيث استقبله الفنان الكبير (ليسنرت). وصدرت حينها في حقه مذكرة توقيف في السادس عشر من شهر مايو 1849. فأرعبته حيث خشي أن يعاقبوه بعنف على أعمال لم يرتكبها، ففر هارباً من (ألمانيا) إلى (سويسرا). ولم يعد إلى (دريسدن) إلا عام 1862: أي بعد أربعة عشر عاماً. وهرب مستقرا في مدينة (زيوريخ) بسويسرا حيث أمضى السنوات العشر الأخيرة من حياته في المنفى. وهناك اهتم أصدقاؤه الأغنياء بشؤونه المادية، وقدموا له كل ما يحتاجه من مال لأجل أن يتفرغ كليا لعبقريته وأعماله الموسيقية. وفي تلك المرحلة اتسمت أعماله الموسيقية بالطابع الصوفي المتشائم أو المبهم الغامض. فخلدت موسيقاه البديعة متمردة على الأذواق السائدة، لتمجد جمال الطبيعة والحياة بالحب.

بغداد
‏7‏ تشرين الثاني‏ 2005

[1] Taylor and francis - London 2005
[2] Taylor and francis - London 2005
[3] Taylor and francis - London 2005

[4] Taylor and francis - London 2005

١٤‏/١٠‏/٢٠٠٥

لحظات بابلو بيكاسو الاخيرة



(لحظات بابلو الأخيرة) 1881م ـ 1973م
مهند احمد علوان
لم يكن (بابلو بيكاسو) منسياً في يوم من الأيام، حتى تذكرنا به الكتب الصادرة عنه حديثا، ككتاب (لحظات بابلو الأخيرة) الصادر عن دار (نيومن) واشنطن ممتد على مدى (780ص)، يعيد علينا كلما قرأناه عن الفنان الذي أهدر من عمره كثير أمام لوحاته واحدة تلو الأخرى، ولأجل أن يضع في كل واحدة لمسة قوية جدا تجعل الدارس والهاوي يتوقف أمامها طويلا، وخاصة الثقة المطلقة بالنفس أعطت خطوطا قوية جدا، وأعطت ألوانا متميزة فيها مزجا دل على مقادير بارعة، وفكرة عميقة فيها أكثر من موضوع، وفيها أكثر من إطلالة، فـ(بابلوبيكاسو) كغيره من عباقرة هذه البسيطة قد عرف عنه عشاق فنه، ومريديه أدق تفاصيل حياته، كون نتاجه الفني مازال حاضرا في ابرز متاحف العالم، وفيها من العبقرية الفذة ما يجعلها لحد هذه اللحظة تدرس، وتستشف أسرارها البديعة. فقد احدث انقلابا جذريا في مفهوم الرسم وتكنيكه، فقد ولد الأسطورة العبقري (بابلو بيكاسو) في مدينة (مالاكا) الواقعة في إقليم الأندلس في اسبانيا عام 1881، إلى سن العاشرة، حيث أكمل دراسته في المرحلة الابتدائية، ولكنه كان تلميذاً مشاكساً، بحسب ما يقوله أساتذته، وبحسب ما كان يحكيه هو شخصياً لكتاب سيرته، (كان ضعيفاً في كل المواد تقريباً ما عدا مادة الرسم). وكان والده قد تعين أستاذاً في مدرسة الفنون الجميلة. وقد دخل (الابن) إلى المدرسة نفسها عندما بلغ الرابعة عشرة من عمره. وأشرف والده عليه وزوده بتوجيهاته، و(بعد سنتين من ذلك التاريخ دخل (بيكاسو) إلى الأكاديمية الملكية في مدريد). إلا انه مبكرا اكتشف (الابن) الحياة البوهيمية المفرطة، وراح يزور المواخير أيضاً، وهذا ما ألهمه فيما بعد لوحته الشهيرة (آنسات آفينيون)، وهي من أشهر لوحاته، وأيضا راح يتردد على مقهى أدبي وفني واقع في قلب مدينة برشلونة القديمة. ثم أقام صداقات عديدة آنذاك وبخاصة مع فنان يدعى: (كازكيماس)، وصار من ابرز أصدقائه، ولكن انتحاره عام 1901م أثر ذلك الصديق على (بيكاسو) كثيراً و ترك أثرا عليه إلى بقية حياته. في عام 1904 استقر (بابلو بيكاسو) نهائياً في فرنسا، وقد استأجر محترفاً بائساً وفقيراً جداً في حي (المونمارتر) القديم والعريق، ثم تعرف على امرأة فرنسية عام 1905، وراحت تساعده وتقدمه إلى الأوساط الأدبية والفنية الباريسية، وتعرف عندئذ على الشعراء والكتّاب، وبخاصة (غييوم ابولينير)، أكبر شاعر في عصره. ثم توا شجت علاقاته بعدئذ مع كبار رسامي (فرنسا) وبخاصة (سيزان) و(جورج براك)، وأسس مدرسة فنية جديدة تدعى بالمدرسة التكعيبية، ومعلوم أن (براك) كان صديقاً ل(رينيه شار) و(اندريه بريتون) وبقية السورياليين الفرنسيين. في عام 1917 تعرف على إحدى الراقصات واسمها (أولغا) فتزوجها وأنجبت له ولده الأول (بول)عام 1921م. وما أن عصفت به الحياة حتى وجد امرأة أخرى لتلد له ابنته (مايا). ثم عاد إلى حياة أخرى غير مستقرة عاطفيا ولكنها كانت حافلة بنتاج أساليب أكثر كلاسيكية في الفن والرسم بعد كل تلك الانحرافات في التجريب التي اتبعها سابقاً. فقد عاشر نساء كثر، وعشقهن لفنه جعلهن يتحملن فظاظة طبعة، وقسوة عمله الذي كان يترك أهم الأشياء في دنياه لأجل الرسم، (مع النساء فقد كانت متقلبة وتدل على شهوانيته الحيوانية أكثر مما تدل على نزعته الإنسانية. فقد كان يغير النساء كما يغير جواربه بعد أن تشيخ وتبلى. وكان يفعل ذلك بلا شفقة أو رحمة، وبالتالي فإذا كان الفنان عبقرياً في مجال الرسم فإنه للأسف الشديد لم يكن إنسانياً إلى الحد الكافي. أو قل لم تكن نزعته الإنسانية كبيرة مثل عبقريته الفنية، الدليل على ذلك هو أنه التقى في الشارع وعن طريق الصدفة بفتاة تدعى (ماري تيريز والتر)، فغازلها وأصبحت عشيقته لمدة عشر سنوات بعد أن امرأته (أولغا) . وقد أنجبت له بنتاً اسمها (مايا) وقد تخلى عن امرأته فجأة بين عشية وضحاها
[1])، ويقول الكتاب (وفي عام 1936 عرفه الشاعر (بول ايفوار) على فتاة تدعى (دورا مار). فتخلى عن عشيقته السابقة بين عشية وضحاها أيضاً وارتبط بهذه الفتاة لمدة سبع سنوات، وفي عام 1943م تعرف على فنانة شابة تدعى (فرانسواز جيلو) فتخلى عن العشيقة السابقة وارتبط بالجديدة وكأن شيئاً لم يكن. وقد ولد له منها طفل يدعى (كلود) عام 1947م، ثم طفلة اسمها بالوما عام 1949، ثم انفصل عن (فرانسوار- إحدى كتاب سيرته) عام 1954 بعد أن تعرف على امرأة اخرى تدعى (جاكلين روك). بقي حتى نهاية حياته فنانا متطرفا إلى حدّ ما (وهذا ما ذكرته اغلب الكتب المكتوبة عنه) في الاتجاه الطليعي ليحس بالحاجة عائدا إلى الهدوء والعقلانية. ولكنه ما استقر على حال عندما عصفت به سوريالية (بريتون)، وقد أثرت على جميع الكتاب والفنانين فعاد إلى التجريب من جديد، وبقوة أكثر، وراح ينتهك عمدا وبوعي خالص كل القوانين الكلاسيكية لفن الرسم من أجل أن يبدع شيئاً جديداً. ففي 27 أبريل من عام 1937م شهد قصف مدينة (غرنيكا) الإسبانية من قبل الطيران الألماني حتى أصبحت خراباً، فخلدها برسم لوحة ضخمة كانت من أروع اللوحات الفنية في التاريخ المعاصر، فكرست منزلته للعالمية، و يذكر الكتاب: (وقد تحول (بيكاسو) إلى أسطورة حتى في حياته، وأصبح رمزاً على عبقرية الفن في القرن العشرين كله، وكان رؤساء الدول يتمنون ملاقاته، وعلى المستوى الشخصي كان يتمتع بشخصية قوية جداً، وكانت عيناه تلمعان وتطلقان الشرر كالمصابيح! وعلى الرغم من انه كان قصيراً «متراً وستون سنتيمتراً» إلا أنه كان يفرض هيبته على الجميع. فأصبحت لوحاته رمزاً على الفن الحديث كله. انه تعكس لبّ الحداثة وجوهرها، ونقصد بذلك انه كان يرفض التقليد والتراث. بمعنى آخر فانه كان يرفض تقليد أشكال الطبيعة ومناظرها في لوحاته كما كان يفعل الفنانون الانطباعيون. كان يرسم الواقع بطريقة رمزية غريبة لا علاقة لها بالواقع نفسه، وقد خرج على كل التقاليد الفنية الموروثة منذ مئات السنين. ولم تكن رسومه محكومة من قبل العقل على عكس الفن الكلاسيكي، وإنما من قبل الجنون أو الانفعالات اللاعقلانية الهائجة وهنا نجد تأثير الفلسفة السوريالية عليه، على الرغم من كل الانتقادات التي وجهت إليه وإلى رسومه الشاذة والخارجة على المألوف إلا أنه ظل مثابراً على طريقته واستطاع أن يفرضها في نهاية المطاف على الكثيرين). في عام 1949م انتقل (بيكاسو) من باريس إلى الجنوب الفرنسي وهناك أمضى الفترة الأخيرة من حياته والتي امتدت حتى عام 1973، تاريخ موته، وقد أكمل 92عاما من الهوس بالرسم والنساء، وكان قد ترك ثروة تقدر حينها بمليار دولار أمريكي، وقد دخلت لوحاته اللوفر الفرنسي آناء حياته لما فيها من نبوغ جلي.

الكتاب: (بابلو (بيكاسو)) (1881 ـ 1973
الناشر: نيومين ـ نيويورك 2005
الصفحات: 780 صفحة من القطع المتوسط
Pablo Picasso,
881- 1973
Carsten- Peter Warnke, Ingo F. Walther, Numen - New York 2005
P. 780
mu29al@gmail.com
[1] Pablo Picasso, Carsten- Peter Warnke, Ingo F. Walther, Numen - New York 2005
P. 780

١٢‏/١٠‏/٢٠٠٥

مجلة بعقوبة

رياض المعموري


يوم الأربعاء الأبيض

رياض المعموري- ديالى
منذ البداية والبحث عن كون خاص بنا,
وإبداعاتنا لتدرك الشمس حلمنا الكبير ,
حينها أصبحت مدركاً لانعقاد المطر
كان نزولة نزولي من قطار الليل
لاحتساء عصير العنب في محطات الأبدية.
أنا الجندي الذي خلد صوت البلبل فهوى
أدرك أن الملح يأتي من شكنا بالطعام
والشك في المنام من قدوم الصباح مثل
نفحة آلات الخبز أو الرحى .
مواصلتنا الطريقة دائماً مثل الإنشاء الأول
تذكرنا باتفاقات السلام وتناسب المواطن
مع الوطن.
كنت اسمع صوت غنائها الذي يحثني على
مقاومة قطاف الفشل من حقول الفوضى.
فدخلت اللعبة باربعين قميصاً ليوسف وكان
الشاهد من أهلي.
ستجني هذه اللبة هيبتها من التعايش مع
أشجار الكالبتوز وتحثني موسيقاها
على دخول مباراة الجسد بأوعية
دموية باردة وتعايش سلمي .
سنصل مئات المرات بأحلامنا الاتحادية
سنهجر عربة النوم ونبحر في زورقها
دون طوق النجاة .
شكراً لك .... أيها المعتق
أنقذت روحي في أول عرض ألهي ناضج
كنت حينئذ في مقدمة الأنشودة المخصصة لها.
شكراً لك أيها المقاتل الباسل ,
الخبير بمرض الحب والتوابل ...
كانت ساعة متقدمة على الزمن حولتها ( للأبيض ) ،
إلى لوائح مقدسة أنت الذي صنعتها .
فما هم أنا ذاتي غاية وسيلة للاكتفاء الذاتي .
قادر على العثور ذات اليمين وذات الشمال .
عن المساء والمساء.
ما كنت اطلبها دون أن اعرف سر الملائكة الليلين
الذين هبطوا وخبؤها بين الأقمار .
أسدل قمر الأرض الصناعي عن موازين القوى
دفعة واحدة , سقطة واحدة .
ويوم الأربعاء الأبيض خلف السواد،
نصف نظرة من عينيها.
كانت وسيلتي للمواعدة والشجار مع شهدائي .
كانت الإشارة لنصب فخاخ المائدة .
وحازت على التصويت بالأغلبية مع صاحبي ,
قطعتان نحن من كأس أسقطتها
وانشطرت نصفين فسالت روحي مع الفولاذ .
محطة كنا نرقب القطارات التي ستذهب إلى
محطة الوصول.......
يا شيخ يا شيخ الابتداء متى الوصول ؟!
أيها العتيق أخص أخوتي من الريش والتماثيل .
توقف أيها الساقي ,
أمام الذي علمك الطقس البارد,
أمام مقالة عن الزجاج المحطم فوق فراش العرسِ ,
أمام حيطان الكتابة والاختزال ,
أمام الكلمات التي هربت من شاشةٍ مجسمةٍ للمعٌى ,
من حرج الدرجة الثانية أو حيرة المضايقةِ.
سكت غزل الأشعار وهدأت كيمياؤة .
إمام كومةٍ من الأسمال المرميةِ بعنايةِ
فوق المنضدة....
جلس أليها منحنياً إلى الوراء
ليرى جوانب السيدة في الغرفة المجاورة
وجلست إمامة ينظر إلى أنين النساء
اللائي يحلمن بالقمر ,
لعشر دقائق مضين أوقفت الساعة !
عشر صفحات من هول السلام ,
عشر سنين من العجيب والغريب .
أيها الغريب ....
لماذا أوقفت عقارب الساعة ؟!
لماذا تضمن لي حياتي كل مرة ؟!
دعني أطلق النار على نفسي
وأجز تلك الشيبة من روحي
وأعيد تركيب المشهد .
فوق اسطر القصيدة سترسو سفينتها هذه الليلة
على رصيف القسمة وستكون آراؤنا وأفكارنا وفجرنا
في حقيبة نسائية طبعاً حقيبة حبيبتي .
احتفظ بأرغفة خبز بقايا لذكريات جوع قديم
احتفظ بالأبيض مع (الناشف) واحتفظ بجواهري
لك لأنها حقيقية وأي حقيقيةٍ
إمام جداول عينيك.
أي مشهد اضعتهُ من مسرحيتي بين راحتيك ,
أي من الكلمات ضاعت ,
وأي علامات هبطت ( في يوم الأربعاء الأبيض )






٠٨‏/١٠‏/٢٠٠٥

ستار موزان



إمتداد
ستار موزان
إلى صادق الربيعي

……………….
صحارى تمتد إلى نهايات الروح
وأسرارٌ وخفايا ,
وأقفال وخفايا متناثرة بين تيجان النزوح ,
ونوايا تبتاع الذي لمْ يكن
وخلايا تمتص الذي يكون
وسبايا قبرات النفور …… جنون وسفوح ,
آه … من السفوح تمتد وتمتد ..
لتهجرَ راسيات الدهور ,
امتداد عجيب و
تتكهرب فيه لحاءات القنوط
وتتقو لب فيه ضروب الفنون
وتبحرُ فيه عيون الرضوب ,
امض أيها المنفصل عن رذاذه
واتحد …. والمرايا والكثبان والأفول
واكشف أسماء المياه والقصب والذهول
والطرود التي تتأتى من كوكب المسوخ
واقترب من فحيح البحر….
ثمة دم على هيئة موج
سيلقيك عند نهاية العويل
وامتد …. امتد ,
انه امتداد عجيب ,
وقل : أيتها الوردة العانس تفتحي .
………………………… بغداد 1997

٠٥‏/١٠‏/٢٠٠٥

محي الدين زنكنة مع طاهر عبد مسلم

محي الدين زنكنة مع طاهر عبد مسلم

٢١‏/٠٩‏/٢٠٠٥

قصة قصيرة / محمد الأحمد



قصة قصيرة
في الأبيض البريء
محمد الأحمد


بين يدي شعر رأسها المنسدل بطراوة ندية، وبقيت تفوح بعطر طيب.. عيناها مغمضتان ناشرة ابتسامتها في أوداج قلبي، نافضة عنها ذلك البكاء المرير الذي كان ايام زمان ينحت في عظمي، ويؤلمني.
ابتسامتها بدأت تشق عباب الصمت القائم- بليغة جداً- كانت الشفتان تنفرجان عنها بلا انتهاء، فأطلقت زمردا، وياسمين كفراشات ملونة حلقت في فضاء مطلق، وبقيت أصغي لتلك الرفرفات الهادئة بجمال أخاذ، فسألتها عندما أحسست إنها تهيأت لجواب:
- وزوجك الثاني؟ ..
رفرفت كأنها عازفة قيثارة من ذهب ولكنها نطقت حروفها بتشديد قاس:
- يطلقني!
فقلت من جديد، وأنا المتلكئ في السؤال، أبالغ بهدوئي ..
- و شقيقك هل يقبل؟
مسحت بقايا دمعه كانت تسح على الياسمين البريء، فانبرت مثل فرس صهباء..
- له أولاده وزوجته؟
تنهدت، ثم واصلت تزفر:
- يفعل أي شيء من اجل أن لا يدفع فلسا واحدا..
كانت عيناها قرص شمس يذوب في البحر، وكنت أنا أبحر في أرخبيل بعيد.. هي ضائعة بين الأمواج لا تدري أين يقذف بها التيار البحري القوي.. قريبة مني، ولم تكن قريبة.. كانت بعيدة، ولم تكن بعيدة، فقلت لها:
- حيرتيني؟
- عجبا عشت معي نصف عقد وما زلت تجهلني؟!
كنت أحس بأنفاسها الساخنة تلفح وجهي، وتهزني هزا عنيفا، كنت ضائعا بين حروب القلب، والعقل..عيناها الجميلتان بالدهشة، فيهما نور لن يخبو أبدا، وما أنى قد كنت هجرتها كل تلك السنين، الا إنها أرادت ذلك ..
صدرها شاهق يضرب كطبول فرح غامق، وهي حمامة بريئة بين كفي. أشياء غريبة بلا معنى تحوطني، تقيدني، وتريد قرارا مني.. فكرت، وفكرت، فلم اصل إلى قرار، مادت الأرض من تحتي، وصرت قلقا غير متوازن ، منغمرا بحبها الذي اباحني، ومنجذبا بشوقي إليها – أواه - ما اجمل ذلك الحب الذي كان .. وجدتها تغفو على كتفي ببراءة كأنها تكشف لي إنها تنام أول مرة في كنف رجل. تصاعدت المعاني وخلفتني أصبو إلى حرية لا أريد فقدها نظرت إلى عينيها فقلت مذ ذلك اليوم:
- احبك
أفردت شفتاها، وذقت ما لم أذقه طوال سنوات، ولكني في غمر ذلك الانفجار تيقنت باني أتذوق شهدا من طعم آخر. تذوقت ما أتذكره جيدا، وصارت كلها حاضرة حتى تلك الليلة الآثمة..
قالت : - احبك ..
كأني لم اسمعها من قبل، ولم أن اجيب، مكملا ما كنت بدأته معها في تلك الخلوة الموردة بالعطر الربيعي بعد أن تزلزل قلبي معها، وراحت الأنامل تستمر بالانزلاق على ذلك الشعر الذي تصيّر ابيض، من بعد أن تركته اسود.




٢٠‏/٠٩‏/٢٠٠٥

يوسف حسين


توجس
يوسف حسين
افرك النهارات
من سخامها
وألوذ بك
أيتها المسلة
قبليني وموتي
فأفي الناي
ثقب أخر
يجرجر الغجر
إلى بحيرات
الذهب

مصطفى محمود مصطفى


(تراتيل الرحيل)
مصطفى محمود مصطفى
من قبائل شربت
شفاه نسائها
وحسبتها قهوة
وكما أنا عندما شربت
فضه عينيك
كانت المدن تكتب تاريخها
بماء الورد
كنت
أفتش عنك بين قمرين
احدهما يلون الشمعة
لاحتفالات الليلة الماضية
والأخر بين أصابعي
يلوح للجهات
يغرسها بان تكتب التاريخ
في ظل زقورات عينيك
في هذا الركام
أفتش عنك
أحاور الغياب
فينحني
وأقص للمدن حكاياتك
فتنثني
والقمر الأخر
يسكب الفضة لمواكبك
اعلم أن الغناء
مستحيل علي
لكن القبيلة قبل رحيلها
أهدتني ربابة
وعلمتني مواويل
العتابة
عجيب هذه القبيلة
تدخن الغياب للقطا
وتغريني
بالسفر
???? ????? ????? ???? ?? ????? ????? ????? ?????
?????? ??????
?????????? ??????????????

د عصام المعموري

( لكي لا تكون مهنة التعليم مهنة من لا مهنة له )
د. عصام عبد العزيز المعموري
يعتقد الكثيرون من غير التربويين ان مهنة التعليم لا تتطلب اكثر من المام بتخصص اكاديمي ما ، وهذا اعتقاد خاطىء ، لأن هنالك اصول لهذه المهنة تسمى اصول التدريس ، ولكي يلم المعلم او المدرس باصول التدريس عليه ان يبحث عن اجابات للأسئلة الآتية :
لماذا ادرّس ؟ وكيف ادرّس ؟ ومن ادرّس ؟ وماذا ادرّس ؟ وكيف ادير صفا" ؟ وكيف اقوّم ما درّست ؟
ان الاجابة عن كل سؤال من هذه الاسئلة يمثل اصلا" من اصول التدريس ، فالاجابة عن : لماذا ادرّس ؟
تكون: ادرّس لتحقيق الاهداف التربوية المرسومة ، فلا تدريس دون اهداف تربوية ، والاهداف التربوية على ثلاثة مستويات هي اهداف عامة واهداف خاصة واهداف سلوكية . فالاهداف العامة لاشأن للمعلم بها لأن مصدرها وزارة التربية وتشتق من عدة مصادر : منها فلسفة المجتمع وتراثه الثقافي والبيئة المحلية وحاجات المتعلمين والتطور العلمي والتكنولوجي وطبيعة المادة الدراسية ومعطياتها ، اما الاهداف الخاصة فهي اهداف اكثر تخصصا" من سابقتها ويمكن التأكد من تحققها في نهاية الفصل الدراسي او السنة الدراسية لصف معين مثل :
-تنمية الميول العلمية نحو مادة الفيزياء .
-تنمية تقدير دور العلماء الذين اكتشفوا وجود كائنات صغيرة تسبب الامراض والوقاية منها .
اما الاهداف السلوكية فهي اهداف قصيرة المدى ومحدودة ويمكن تحقيقها في فترة قصيرة ( درس مثلا" ) وتعبر عن سلوك المتعلم لا سلوك المعلم ، وتكون قابلة للقياس والملاحظة .
اما الاجابة عن السؤال الثاني : كيف ادرّس ؟ تكون : لكي ادرّس لا بد من المامي بطرائق التدريس المختلفة وهي قسمان : 1- طرائق تتمركز حول المعلم 2- طرائق تتمركز حول المتعلم .
فطرائق القسم الاول تؤكد على قيام المعلم بتنظيم مادة الدرس وتقديمها للطلبة وهو الذي يحدد للطلبة ما يجب عليهم عمله واتباع ارشاداته وعدم الخروج عنها ، اما طرائق القسم الثاني فتؤكد على ضرورة مشاركة الطالب
في العملية التعليمية ويجب ان يكون محورا" لها وان تؤخذ اتجاهات الطالب ورغباته وميوله وقابلياته بنظر الاعتبار . اما الاجابة عن السؤال الثالث : من ادرّس ؟ تكون : لكي ادرّس لا بد من المامي بعلم النفس التربوي الذي يعنى بتزويد المعلمين بالمبادىء النفسية الصحيحة التي تتناول التعلم المدرسي لكي يصبحوا اعمق فهما" واوسع ادراكا" واكثر مرونة في المواقف التربوية المختلفة . والاجابة عن السؤال الرابع : ماذا ادرّس ؟
تكون : لكي ادرّس لا بد من المامي بالمادة العلمية التي ادرّسها ، اما الاجابة عن السؤال الخامس : كيف ادير صفا" ؟ تكون : لكي ادرّس لا بد من المامي بأساليب الادارة الصفية ، ومعرفة كيفية تجنب المشكلات قبل حدوثها ، وهنا لا بد من معرفة كيفية ادارة الوقت بحيث يكون الطلبة منشغلين في التعلم طيلة وقت الدرس .
اما الاجابة عن السؤال السادس : كيف اقوّم ما درّست ؟ تكون : لكي ادرّس لا بد من المامي بأساليب القياس
والتقويم ، فالقياس هو تقدير الأشياء او المستويات تقديرا" كميا" وفق مقياس معين ، وان الاختبار هو اداة القياس ، اما التقويم التربوي فهو الطرق والأساليب المتبعة لتقدير ما اكتسبه التلاميذ من معلومات واتجاهات تنعكس على النواحي السلوكية للتلاميذ محدثة" التغيير المنشود من الاهداف التعليمية والتربوية .
وهكذا نرى ان التدريس عمل صعب ، ويقول كركشانك Cruckshank نقلا"عن العالم التربوي المصري
( د. جابر عبد الحميد جابر ) في كتابه : ( مدرّس القرن الحادي والعشرين الفعّال .. المهارات والتنمية المهنية ) : التدريس عمل صعب وشاق ، ومن الصعب ان نفكر في مهن كثيرة لها هذه المقتضيات الثقيلة العقلية والجسمية والسيكولوجية ، من غير المدرّسين ينبغي ان يتابعوا المعرفة في علم او اكثر ، وينبغي عليهم ان
ينظّموا مجموعة او اكثر من التلاميذ ويديرونها ، ويوفروا لهم ما يكفل نجاحهم ورضاهم ؟ من غير المدرسين
، ينبغي ان يكونوا مهتمين لا بالعميل وحده ، بل والحفاظ على علاقات طيبة مع اسرة العميل ؟ من غيرهم يلام حين تنخفض الدرجات او تزداد الجرعة ؟ ما المجموعة المهنية الاخرى التي تخضع لقدر كبير من النقد القومي ؟
من غيرهم يجدون ان كل فرد تقريبا" له رأي فيما عليهم عمله وكيف يقومون به ؟ )
Yahoo. Com @ al_mamuriesam

e

١٥‏/٠٩‏/٢٠٠٥

سعد محمد رحيم



مجلة بعقوبة
اول موقع متخصص لادباء وكتاب ديالى
محررها
محمد الأحمد

عن اديب ابو نوار


انهُ التدني في السلوك... حقاً
(إن أسوأ ديمقراطية في الدنيا أفضل من اعدل دكتاتور)

(
حق الرد على عمود نشر في العدد 33 من جريدة البرلمان الغراء[1])

التدني في السلوك كان موضوعا جميلا قد كتبه زميل لي في جريدة هو يدير سكرتارية تحريرها، وله الحق أن يقول ما يريد قوله عندما لا يجد إلا ما تتسع أمامه الأعمدة للنشر، وكان ناجحا لو استطاع تحويل الخاص إلى عام، ولكان قد اظهر مهارة واقتدار لو عبر عن مخاوفه الأخلاقية منطلقا من معاناته اليومية، ولما وجده القارئ قد وقع (هو) قبل غيره، في مطبّ التدني من بعد أن أشار لي أمام جمع من الأدباء بأنه يقصدني كليا في عموده، وكان معه الحق لأنني قد دخلت (الفخ المخطط له سلفاً) عندما جاءني مدير تحرير جريدة (البرلمان) معلنا لي بان رئيس التحرير قد اختارني محررا للصفحة الأخيرة من بعد أن هاجر محررها السابق إلى خارج البلد، وقلت له بالحرف الواحد، (ينبغي عدم تكرار ما يجيء بالصحف.. بذلك تضمن زيادة في بيع الجريدة) وكان عمودي الذي كتبته لتلك الصفحة يحمل الكلام (بان اغلب الصحف العراقية والعربية متشابهة وتقليدية، وان أي تغير في شكلها الرتيب سوف يحقق زيادة في مبيعاتها)، فألفته قد خرج عن سياق ما يعرفه عني، بمثل الذي يُحمّل الشخصية أكثر مما تَحمِل، فالكاتب (أديب أبو نوار) اعرفه قبل أكثر من عشرين سنة خلت، اعرفه معرفة راحة اليد، قبل أن يكون كاتبا، منذ رايته ممثلا مسرحيا
[2]، وقبل أن يُسَوِّقْ نفسه مهتما بالشعر وكتابته، ويومها أهداني نسخة من محاولته لكتابة قصيدة النثر، وكان من التزامي بأن اكتب عن أي كتاب يصدره أي كاتب من مدينتي (بعقوبة) الغراء، فكتبت عن جهده الصغير تقيما خالصا للشعر، ونشر أيامها في أكثر من منبر، حينها قال لي ما معناه (لم يفهم من كتابتي عنه شيئا) وفهمت بأنني لم ارض له نرجسيته، من بعد ظن انه قد فتح فتحا عظيما وأنا لم اقدره له، وبعد فترة وجيزة، أيامها، حدثت الطامة الكبرى التي لم استطع السكوت عنها أبدا، عندما وجدت مصادفة إحدى قصائده له منشورة في إحدى نشرات اتحاد الأدباء البعقوبين، واكتشفت بأنها منحولة (منسوبة له وهي لغيره) أي مسروقة وليست له، وهو لم يقم بها أي جهد من جهوده الشعرية التي كان يدعي بها آنذاك، حيث كانت بالكامل منسوخة عن ترنيمة لكاهن ذكره (ول ديوارنت) في كتابه الشهير قصة (الحضارة)، فكتبت عن ذلك الموضوع عمودا فيه مقارنة دقيقة عن ما نحلهُ الناحل، ونشرته في جريدة اسمها (الاتحاد) وكانت تصدر عن اتحاد الصناعات، ومنذ يومها عرفت صاحبي بأنه ابتعد كل البعد عن الشعر، ولم يستطع أن يكتب سطرا شعريا واحدا، و قد هجر الشعر إلى غير رجعة، ولأنه ما عاد يُثقْ بما يقدمه للشعر، وقد أبحر صوب الصحافة ووجد فيها ما لا يجده في غيرها، على الرغم من انه لم يحمل مؤهلا دراسيا في الإعلام، ففهم من مزاولة كتابة العمود بـالمهاجمة كما يبدو،لا أن يقرا الأعمدة التي يكتبها الأساتذة الكبار، فلم يتعلم منهم شيئا رغم أنهم بموضوعيتهم يميزون هذا المنشور عن ذلك، حيث مسَّ في الصميم جزءا حيويا من قضية جوهرية مفادها سؤالا متواصلا متى نرتقي بأخلاقنا المهنية عبر عموده (من ألوان الطيف) ويريد به الحضور ليس أكثر، فلم يجد موضوعا حقيقيا يسلط الضوء عليه، سوى هجومه على احد زملائه المقربين، فوا (أسفاً). فسمات العمود الجيد (كما درسنا) أن يحوي وفرة من المعلومات في مادة ما، ويجيد الكاتب تحريكها ليتبنى موقفا واضحا من قضية تشغل بال العامة، أكثر مما تشغل الخاصة، ولم تكن كتبت، لاستمالة شخص على حساب جمهور القراء، أو تهجو بقصد شخصا معينا، والنيل منه بكل صورة. فأي كتابة يكون غرضها النيل من شخص ما، تغرق في الخصوصية، وهي بالتأكيد لا تصلح كعمود منبري خاص يشتم به الكاتب من يريد شتمه، لان شتيمته ستكون باسم الجريدة وكل كادرها، واعذر الرجل لأنه لم يكن دارسا، ولو سبق أن مرت عليه أبجدياته الأول لعرف أن يشير، ولا أن يقع في فخ الفضيحة والتشهير(كما جاء في العمود)، وكم من موضوع نراه بأم أعيننا، ولا نكتبه إلا بعد أن نتأكد تمام التأكد حتى نأتي فنكتبه، كيف يمكننا أن نسمع في المقهى أو الطريق أو في السوق ونتبنى ما رأينا، ألا يجدر بنا أن نتحقق مما سمعناه عابرا، أن لا يكون لنا فيه رأيا مباشرا، فعلم الإعلام، يؤكد على استقلاليتنا كإعلاميين محايدين قبل أن نكشف عن وجهة النظر التي يريدها من نعمل لديه، أو من استخدمنا لأجل أن نقول القول الذي يريد، وليس القول الذي نريد، فما من جهة في عالم الإعلام إلا وتدعي البراءة، وتسجل باسم هذا القائل أو غيره قولا يفيد سياستها، أو الجهة التي تموّلها في حربها الباردة على تلك القضية أو غيرها. و بؤس الصحيفة أي كانت عندما يحرر المحرر فيها أكثر من صفحة (الصفحة الثقافية، وغيرها) ويكتب فيها أكثر من مقال، وينشر لنفسه أكثر من مادة، مستحوذا عليها مفترضا لا احد يستحقها غيره مع مدير التحرير، والأدهى المر بان (سكرتير التحرير) ينشر المادة في أكثر من جريدة غيرها، لاغيا خصوصية الجريدة التي يعمل بها، و من الجدير بالذكر بان هذا الزميل كاتب العمود قد انهار بانهيار النظام السابق، وبقي حبيس داره، رأسماله البكاء والنحيب على من رحلوا، ومن بعد أن طرد من كل مكان إعلامي أراد العمل فيه، وقد كنت أول من مدّ له يد العون لأجل أن يقف على رجليه كنت أول من ينشر له في جريدة (السفير) عندما كنت أحرر صفحتها الثقافية، وأضأت إليه الطريق بان يتواصل عبر البريد الإلكتروني، فعملت له بريدا خاصا به وأكثر من مرة، في الوقت الذي لا يحسن استعمال الحاسبة (ولم يزل)، وراسلت له كل من اعرف حتى يقف وينهض من كبوته التي طاحت به، وتدريجيا مع مساعدة الخيرين عاد إلى العمل بهمة ونشاط، ولكنه فاجئني (بخنجره المسموم) عندما كتب باني لا أحسن صياغة جملة واحدة[3]، وان نتاجي يصلح لبريد القراء[4]، فكل كلمة كتبها بتجاهل اسمي بغية أن يعزلني عن عمل لم أكن أريده أصلا (محرر أخيرة)، لا اليوم، ولا غدا، ولا يفوتني أن اذكر بأنه ما من مرة ظهرت لي مقالة أو دراسة أو قصة إلا وحرص على إخباري بها يوميا، وبقي التجاهل دليلا على التدني متذكرا كيف كانت علاقة (ساليري) مع (موزارت).
وبالرغم من إني لم ولن أزاحم أحدا منهما، ولكنهما (السكرتير والمدير) افتعلا هذه القضية ليقولا (قد سلمناه الصفحة الأخيرة، ولم يكن كفئاً في عمله). وبذلك العمود (المتظاهر بالنبل) أرادا يكتملا خطتهما، و قد ضمنا أنه سوف لن يزاحمه من يستحق، فأقول ما قاله الشاعر (الماغوط) ذات مرة (إن أسوأ ديمقراطية في الدنيا أفضل من اعدل دكتاتور
[5]).
محمد الأحمد
mu29@hotmail.com

Monday, September 12, 2005
07901867651: محمول
[1] السيد رئيس التحرير المحترم... تحية طيبة وبعد: انطلاقا من صحافة حرة ديمقراطية كتبت ردا دفاعيا عن عمود تعمد النيل مني شخصيا، فأرجو الموافقة على نشره، في الصفحة ذاتها، انطلاقا من حرية قد لا يقبلها سكرتير التحرير أو مديره، ومؤكدا سيتعمدان عدم نشرها... مع التقدير.
[2] عائد عكس السير إعداد عن مسرحية غسان كنفاني.
[3] أصدرت أربع مجامع قصصية ونشرت في ابرز الصحف العالمية والعربية والمحلية، خاصة المحكمة.
[4] أقول مازالت حاضراً في النشر منذ عام 1978م –أيلول- مجلة الطليعة الأدبية.

اخترت هذا الكلام لان جريدة البرلمان بسكرتير تحريرها ومديره يحجبون عمدا أي كلام مهما يكن يمس الدكتاتور السابق حفظه الله ذليلا في سجنه وقبح الله ذكره.

رفض واحتاج

رفض واحتجاج عراقي
محمد الأحمد
في زمن الرخاوة هذا (غياب الدستور الحقيقي في المنطقة) نكون قد كشفنا عن انسفنا نحن العراقيين كذهب خالص، من بعد تهميش طويل من حكامنا السابقين كمثقفين وأدباء، فدستورنا قادم، وقادتنا الجدد الذين سوف نعترف بهم قادمون غداً مع رياح التغير التي سوف تقتلع الأنظمة المتهرئة في المنطقة، وسنكون لبيض الوجوه مختارين، ولن نقبل لغيرهم ممثلين عنا. واليوم إن عزلنا اتحاد الكتاب العرب فانه عزل نفسه عن الإبداع، ودائما لا يكون اتحادا للأدباء بلا مبدعين ويكون اسما بلا معنى، (ومن الذي قال بان الاتحادات تصنع مبدعين).
وأننا نرفض كأدباء عراقيين بشدة أية محاولة لتهميشنا أو تمثيلنا من قبل غيرنا، فنحن أول المعاني في جملة الإبداع العربي والتجديد العالمي (ففي زمن الحاسوب الذكي سوف تطمر مفردات العرقيات التي كانوا بها يغسلون عقولنا)، ونحن أعراق في أول دساتير الكون على الإطلاق، وأول مبدعي التاريخ؛ نعلن بصوت واضح بأننا إن كان قد أقصانا الاتحاد (السوري) للأدباء فذلك شانا خاصا به، وأية محاولة منه على تجاهلنا ستكون على اغلب الظن تقليلا من مشروعيته كمنظمة. واتحاد الأدباء العراقيين اليوم وقبله، لم يكن في كل الأحوال ممثلا عن الأدب والإبداع العراقي، فـ(السوري) أو غيره، سوف لن يقدر على تجميد إبداعنا المتدفق بانسياب الألم العراقي، برغم محنتنا القاهرة فإننا نكتب كل يوم، وننشر في كل الصحف العربية والمحلية، وإبداعنا يتواصل بفخر إلى ابد الآبدين كوننا نقرا كل ما يصل إلينا من جديد، فرغم منهج التجويع الذي انزله علينا الحاكم السابق، كنا نقرا متحدين التقتير، ونضيف إلى ما نقرا وجهات نظرنا العراقية الشاملة، ورغم قلة أمننا اليوم، فإننا نجهر بأفكارنا دون أن نخشى من هذا التيار أو ذاك، وما زلنا نكتب حريتنا بألف اتساع، ومازالت الخبرة العراقية تخترق الأبعاد، والآماد. فمواويل حزننا تعلمنا بها اختراق الجدران، و لم نخف من اعت وأشرس الدكتاتوريات في الشرق الوسط التي كانت متسلطة بقوة المسدس على رقابنا، فكنا نخترق الرقيب بألف حرف، ولم نكن نبال بأي تهديد فكتبنا في الصحف اجمعها والمواقع اشملها، كوننا نعرف ما نريد، ونعرف من نريده أن يرضى عن إبداعنا، لأننا عراقيون مبدعون حقيقيون بقينا نغتسل بمسك الفراتين الشعري، وبقينا نتحدى أن يعزلنا هذا الاتحاد، أو غيره، لأننا كونيون بالفطرة وإبداعنا العراقي ثروة للعالم كافة ونور طريقهم...
نتجاهل بازدراء كل من يريد إقصائنا، لان الأمر برمته، ومهما يكن، فهو ليس بإرادته أن يزكي انتمائنا، ونرفض أن يتولى أمرنا كل متوسل خائب، ومتسول أراد أن لا يفقد صلاته مع جهة لا تريدنا. فالعراقي مثالا في الرقي وعزيز النفس، وإبداعه واضح المعالم مؤثر في الساحة الثقافية الأرضية، وستسقط صفة العراقة (عن أي كان) ما لم يفخر ببلده.
نقول بلا تعسف قولنا، حيث لا احد يمثلنا اليوم إلا من بيض الوجوه، وبيض الوجوه لم يكشف النقاب عنهم، بعد. مواصلين القصد ونقول لأصدقائنا أن كانوا اصد قاءا (أعضاء اتحاد الكتاب العراقيين الذين سمتهم الحكومة البائته) بأنهم بعيدون كل البعد عن ثقتنا، وأننا لم ننتخب اليوم إلا العزيز بعزة نفسه لا الذي يذلها، وسوف ننتخب الحرّ المتفاني من اجل رفع اسم بلده عاليا، و بان الموسم الجميل قادم على العراق وأهله، وليس بالاستجداء نفرض إبداعنا فهو مفروض على خارطة العالم العربي بكل فخر وعزة نفس.
ملخص الحكاية:
(جمد اتحاد الكتاب العرب الكتاب العراقيين عن عضويتهم كونهم تحت الاحتلال، وكالعادة رفع بعض الكتاب عريضة توسل بعدم شملهم).

‏الخميس‏، 08‏ أيلول‏، 2005

فاضل عبد حامي

اشواق من ليبيا الى البعقوبيين

يوم جاءني الملاك
أقحمت نفسي في المقابر
ابحث عن جزء من المليون
هل عادت الرحى تدور، وتساجل الغربان يفتضح؟؟
كل شئ متراكم ،متراكب
:لايعرف حماها من زوجها الا بمقدار النكاح
. زوجنا من يفعل اكثر
عبؤا الجعبات سهاما ومنيا بالأمس
ويملؤنها مالا اليوم
فيسيل منيهم على افخاذنا ديمقراطية
فأزواجنا طاعة مطلقة
و"اطيعوا الله والرسول...و
والعمامات السوداء
واعمامنا في البلاد البعيدة
لعن صلاح التمثال،وسرق بلاط الكويت
وارتشى مشتاق من القمح وشتم
:سقط التمثال
من يلعن صلاح؟؟
وممن يرتشي مشتاق؟؟
*****
مشقوقون في الفجر الاحمر
مشقوقون في الغسق الاحمر
في القائلة الحمراء

تحت الهمر

تحت العباءات السوداء والبيضاء
في النزق، في ترهل الكلمات والمواقف
في "الفروع والاصول
الساكت مشقوق
والفاعل مشقوق
الارانب، والاغنام
وكلاب الصيد والحراسات
والكلاب الضالة
الكل مشقوق
من يرتق الشق؟؟
" الشق كبير والرقعة زغيرة"
صدام اخر؟؟
ومئات الالاف ثانية؟؟
حتى المطهر صار اكثر تلويثا من الجرح
فالزنابق تتفتح عن عفن ممتد يأكلنا
ومسدسات لازالت في الخاصرات
" ..الحمار نفس الحمار "
لكنه حمار مكلوب
اكثر من كلاب السلطان
اكلب من طهارة عذرية امي
رحم الله الوالدة:
ولدت قزما مبتورا به كفن
- هل توحمت بكفن-
كفن بطول "البشمركة"و"الجهاد"و"الصدر"وبدر
بطول " التربة"و"الصليب""و"الدرفش "و"طاؤؤس ملك""
والأيدي المكتوفة للصدر
بلون الديمقراطية والدستور ويد بوش قدس سره الشريف
بلون المتحف والمكتبة الوطنية والفصور الرئاسية
كفن بطول الكره
وعرض العراق
هذا هو الكفن، فمن يغسل العراق

نرهونة-ليبيا 2005
>

١٢‏/٠٩‏/٢٠٠٥

عصام عبد العزيز المعموري

كيف يكون التعلم فعالا" ؟
د. عصام عبد العزيز المعموري

ان من ابرز التعريفات الشائعة للتعلم هي انه تغير دائم نسبيا" في السلوك نتيجة المروربالخبرة ، واذا أردنا ان
نضع معادلة" رياضية للتعلم فيمكن القول أن : التعلم = السلوك البعدي – السلوك القبلي ، ولكي يكون الفرق بين هذين السلوكين كبيرا" أو بمعنى آخر لكي يكون التعلم فعالا" ينصح بما يلي :
1- مبدأ النشاط الذاتي :
ان التعليم الجيد هو عملية هضم وتمثيل لا مجرد اضافة وتلقين ، والهضم والتمثيل يتطلبان نشاطا" ذاتيا" يقوم به المتعلم نفسه لا المعلم . يقول الأستاذ ( جمال حسن الآلوسي ) استاذ علم النفس في كلية التربية جامعة بغداد سابقا" : ( ان مثل المعلم من وجهة نظر التربية الحديثة كمثل الدليل ومثل الطالب كالسائح من بلد غريب اذا لم يقم بالتجوال بنفسه لم يستفد من الرحلة شيئا" ) . وهذا يعني انه ليس المهم ما يبذله المعلم من جهد في الشرح والايضاح بل المهم ما يبذله الطالب من جهد في البحث والتفكير ، لذا فكثيرا" ما يتعلم الطالب من زملائه او خارج المدرسة او عن طريق المراسلة خيرا" مما يتعلمه في حلقات الدروس .
2- تعلّم كيف تتعلم Learn How To Learn
لكي يكون التعلم فعّالا" لا بد ان يتعلم المتعلم احدى استراتيجيات التعلم او يتعلم كيف يتعلم ، ولكي يتعلم ذلك لا بد ان يعلم المتعلم ان القراءة هي مهارة وهي مفتاح التعلم ، وان من الستراتيجيات الجيدة في القراءة والتي جرّبتها بنفسي هي استراتيجية ( تصفّح ، تساءل ، اقرأ ، سمّع ، راجع ) وهي خطوات خمس تضمن استيعابا" كبيرا" لأي كتاب مهما كانت عدد صفحاته في فترة زمنية قصيرة ، حيث تعني الخطوة الأولى
( تصفّح ) بأن على القارىء قبل البدء بالقراءة ان يتصفح اسماء الفصول والعناوين الرئيسية والفرعية واسئلة الفصول وفقرات المقدمة والخاتمة والخلاصة . أما الخطوة الثانية ( تساءل ) فيجب على القارىء ان يحوّل اسماء وعناوين الفصول الرئيسية والفرعية الى اسئلة ، بمعنى ان يضع اسئلة بهدف البحث عن اجابات لها لكي تكون القراءة هادفة . والخطوة الثالثة ( اقرأ ) فان على القارىء ان يبحث عن اجابات عن الأسئلة التي وضعها ويحل الأسئلة الموجودة في بداية ونهاية كل فصل ويلاحظ الكلمات التي تحتها خط او في اقواس ويتوقف ويعيد قراءة الأجزاء التي لم يفهمها ويقرأ مقطعا" واحدا" ويسمّعه قبل الانتقال الى مقطع آخر .
اما الخطوة الرابعة ( سمّع ) فعلى القارىء ان يسمّع كل مقطع بعد قراءته مباشرة" وكلما زادت الحواس المشاركة كلما سهل تذكر ما تم قراءته . والخطوة الخامسة ( راجع ) فيجب ان تكون المراجعة عملية مستمرة حيث هنالك مجموعة ملاحظات وضعها القارىء في نهاية كل فصل .
وهكذا نرى ان التعلم رباعي القوة ( أرى ، أقول ، أسمع ، أكتب ) .
3- التعلّم الموزّع أفضل من التعلم المركّز
اذا اقتضى استظهار موضوع معين ان يكرّر ( 2. ) مرة مثلا" ، فالأفضل ان يكرر في يومين عشر مرات من ان يكرّر ( 2.) مرة في يوم واحد وفي جلسة واحدة .

4- ان التعلم المقترن بالارشاد افضل بكثير من التعلم بدونه .
5- أثر التكرار في التعلم :
ان التكرار الذي يفيد في عملية التعلم هو المقترن بالانتباه وبمعرفة الفرد مدى تقدمه في التعلم والمقترن بالتعزيز
6- المذاكرة الفعّالة :
من أفضل طرق المذاكرة الفعّالة هي التي تقوم على النشاط الذاتي التي قد يقوم الطالب بشرحها الى غيره او قد يقوم بالاشتراك بمناقشتها مع زملائه او ان يقوم بتلخيص المادة بلغته الخاصة ، كما يفضل ان يقوم الطالب بعملية التسميع الذاتي .
al_mamuriesam@yahoo.com

مجلة بعقوبة
رئيس التحرير
محمد الأحمدِ

٠٤‏/٠٩‏/٢٠٠٥

محمد الكرخي

محمد الكرخي
محرر في جريدة البرلمان
و جريدة الانباء

ياسين طه حافظ


ياسين طه حافظ
شاعر بعقوبي

٠٣‏/٠٩‏/٢٠٠٥

الدكتور حاتم الشيباني


عرفان الداوودي

عباس محسن الأموي

قاص وممثل مسرحي
بكلوريوس فنون جميلة
عباس محسن الأموي

القاص بشار صبحي

اماسي الخميس

مصطفى محمود


غزاي درع الطائي
مصطفى محمود مصطفى
اماسي الاتحاد كل خميس في تمام الساعة السادسة عصرا

٢٧‏/٠٨‏/٢٠٠٥

سمير عبد الرحيم أغا

كنت مع السيد حراز

قصة قصيرة
سميرعبد الرحيم أغا
الى: - محمد الأحمد


تمنى اللقاء به يوم أمس وكل يوم ، ترك القلب لديه وأنتظر ، بلغ غانم الصالح بروحه الصغيرة مدخل ضريح السيد حراز المنتصب على تلة قائمة غرب قرية الحديد ، أنزلق عن حصانه الوحيد ، وعند النخلات الثلاث تركه ، الباب الخشبي العتيق يتوسط الجدران العالية الرطبة ، القبة الخضراء تبدو كأنها صرح يلوح في ضوء الشمس ، كأنه سقي بدف الامس ، يؤكد أن جده صالح مازال باقيا هنا يرعى الضريح حتى في موته ، كما كان قائما على الاحياء ، بل لايزال قائما عليهم ، ليس الضريح ألا قرية أخرى ، زاهدة بعشق نور الاتقياء ، يباركه الان بضريحه ويباركها الجد بروحه ، تجسد غانم في ألهام من خطى سلالة الضريح ألهام مفاجىء ، وذات الالهام الذي كان جده ينتقل اليه ، ربما الاوهام تغفو ، ولكن اللحظة يتجسد الجد فيه ، تعلم من جده أن يرى الحمام في الظهيرة يشدو للسيد حراز أناشيد الروح وأناشيد القرية ، هاهو الان يحرسة أيضا بعد موته ، فكر أنه أكثر وفاء من أخوته السبعة ، تمنوا لو يكونوا مكانه ، حدث نفسه ان جده ينحدر من قبائل تعشق السيد حراز الذي ينحدر بدوره من سلالة ال البيت الكرام ، يؤكد غانم دائما مكانه ليس هنا ، بل بجوار جده , لو نهض لقال له ذلك ، ليته يقول ، قال لكل الشيوخ والقائمين على الضريح وأولهم الحاج سالم الفزع .
- غانم خليفتي من بعدي
فتح غانم الباب الخشبي ، سار بالممشى في ضوء الشمس المشتت ، اشار الى الضريح الراقد وسط البناء ، مشى بخشوع وحياء خفيف وقور ، أجتاز الضريح من مكان قصير ، كم مر من الوقت وكل ما حولنا يشئ بالموت والتوبة ، ياغانم كم تبقى من عمرك ؟ نصفه قد نسيته هنا حول قبري ، كيف يحسب جدي حساب كل شيء ؟ حتى هذا المقام . توقف أمام واجهة الضريح على بعد خطوات ، أنثنت يده نحو صدره تحمل الصرة المحملة بالتمر والخبز ، التي يحملها اليه كل ليلة ، طأطأ رأسه تحية000 السلام عليكم ياجدي . توقع أن يرد عليه بصوته المعروف ، السلام عليكم ياولدي ، او تشير اليه العيون المتكسرة ، والفم المفتوح بالانفاس الملتهبة ، تعال هنا في ملكوتي نسي انه الان لايجيب ولاينظر ولايومي ، أوشك أن ينصرف ، خشي أن ينهض ، ان تطالعه ذات الهمسة الدافئة يعرف هذه النظرة تطاره كل مساء ، ثم قال بألحاح – ضع سرك هنا .. حتى تقدر أن تسعدهم ، لكي يبتسموا كما كانوا في حياتك ، تذكر غانم مسبحة جده صالح الكبيرة بطول الجدار مقيمة بين أولاده في غرفة الضيوف ، يذكر تسبيحه في الصباح والمساء سبحان الله ، سبحان الله ، تدفق الحاضر في ذاكرته فجاة كما جده ، أوظل صامتا كالقدر ، هم بالعتذار لمجيئه ولم يرفع رأسه لنداء الاولياء والصالحين ، لو يقول لجده شيأ ، هنا ولدت الايام تحت هذه الشجرات الثلاث وبقية الاشجار ، الليل يعانق بسمة الافق الصامتة واليدين المعقودتين على الصدر والعيون النائمة ، في كل زيارة للضريح مفاجئة وغير متوقعة ، قد تمجده وقد يغضب بأي فم ستقول في خلافات القرية ، كل طرف يتصارع مع الأخر مع مركز الشرطة في شؤون الري وحسد العيشة والتسابق على النساء وفي خلافات القرى مع بعضها البعض ، صارت لقريته سمعة تستجير بالدنيا من تلقاء نفسها وكلمة لاترد ، ومكانة لاتجارى بين القرى ، على تواضع أهلها ومكانة شيوخها ، كلهم ينظرون لحكمة جدي وعشرات الايدي تمتد الى الخالق لتحفظ القرية ، لحظ غانم من الضوء المسلط عليه من أقصى القرية ان له على الارض أكثر من عش ، مابين قيد الكرامة والحب بني أعشاشا عديدة متقاطعة مختلفة القش .. مندهشة لاتزال غير مدركة ما ترى كأنه يراها ، لأول مرة فزع لما تراه عيناه ، هل هي ظلاله بين الاخرين، الان لجده نفحة الطيب . لحظة طالت أنه بين يدي جده ، ظل له وحده وببركته تتحلق حوله كل الظلال الان ، ... هم جميعا صاروا أسرابا تلتمس أثره ، ذلك ما قاله جدي ، جدي يختفي ويظهر دائما في ملتقى منابع الضوء ومصادره ، يكره ان يكون وراءه ، ويرى عيونا تمشي أمامه تمد بساطا على مسالك الافق ، لحظة يحس فيها انه قادر الاتصال بكل أنسان وبكل شيء بل قادر على الاتصال بنفسه . هتف في سره الله حي ، هتاف يشدو في الفؤاد هنا .. هنا تدق ابواب المحبة في هذه القرية بأنتظار المطر ، رفع غانم رأسه قليلا تجاه الضريح وقال لجده – أولادك بخير ياجدي ، لقد طويت الجرح ... جدي ، أبتلع ريقه وأضاف بقوة الكل بخير وأضاف مؤكدا حزانى من بعدك ، لكنني أجعلهم يشعرون أنك ماتزال باقيا بينهم وبيننا ، كأنه يحدث نفسه ، انه غير موجود أمامه يروح ويجيء بين الجدران ، يتأمل مفكرا ، بصوت مرتفع ،الاستراحة لاتكتمل ألابوجودك ، شعر غانم بروح جده تحل فيه الان ، بركاته تغمره مناجاة السؤال على الضريح، أرمي رؤاي على ظلمة الخلود ، رفع غانم رأسه وهتف الشكر لك ياجدي ( هتاف يهتف كحزن الأيام يعود الصوت ..( لاأحد يرد .. صرخة الوحدة ترعى في حقول الصالح ) أشاح غانم وجهه
عنه ، كيف يلقاه ومن أي باب ؟ لم أنطق بما لا يستهان به ، ولم أكذب على أحد , ولم أبك بلا سبب ، ولم أعجن طحين الجوع بالتقوى ، أن جده يراه الان ويسمعه ويعرف أكثر مما كان ، أغنية أشعلت شموع الضريح ، وغابات التاريخ ، حكمة الضريح تبكي كل أغصان الطرق ، أنه شك في معرفته المطلقة ، همس – السلام ياجدي وأضاف يتودد – أمرك مطاع ياجدي ثم قال في نفسه – سأقصد بيتنا لأرى ماهم في حاجة أليه سأسليهم وأقول لاطير يبني وطننا غيرك ، انت جدنا فما كان عليك شيء أبدا وأنما كان لك علينا ، كنت تعطي ماتحب لمن تشاء ولاتسأل عما تفعل ، لك ياجدي ان يظل كل شيء كما كان ، بركة وخير , ذعر غانم وأحنى رأسه – السلام عليكم ياجدي ، ابتعد خطوات ثم أستدار هبطت يده على صدره شد قامته ليرى الحاج سالم الفزع قادما من بعيد مرفوع الهامة وألقى بنظره أمامه باحثا عن جده أيضا ، قال الحاج سالم – انا أعرف صمت المحبين ، احب الصلوات من حب جدي صالح ، اجتاحته في تلك اللحظة أمنية قد تخلد الى الابد ، أن أحرك الزمن المتوقف عند ناصية السيد حراز ، ثم أعود الى الدار لأحكي لأخوتي السبعة 000 والحكاية كلها أنهم يعرفون أنني كنت مع السيد حراز .
--------------------------------------------------------
2004

يمور عبد الغفور




كلا أنها لظى
تيمور عبد الغفور

النخيل يشتهى
جسر الرصافة مفخخ بعيون المها
والمسافة للمعسكر لاتتجاوز أغنية
وعلى الفضائيات
مجندة مصابة بالايدز
تعتقل الحياء المصفى
نزيف المرازيب
أنشغال الحدائق بالتجاعيد
ارتماء الظلال بقسوة فوق الضحى
احتمال المحال
انجباس الينابيع وسط اللظى
احتضار الربى
أين انت
فتشت عنك سقط اللوى
وحومانة الدراج والمتثلم
ولم أجد مثقال منعطف اليك
سوى غبار المشظى
واطلال رمزك الالكتروني
شغلتنا الحرب عن جبهتك
وأرسلنا اليك الهمس مائلا للخشوع
لماذا الرحيل ..
وتتركون نشيج الحقائب مبهما
أنا افكر بأجتياح السماء
اين الشهيق لنحرث الوادي
اين الشهيق لنعدو وراء الكواكب
تقدس سرك . لاتفاوض
انهم بائسون .. كقشور البطاطا
ومن اللياقة ان يولدوا مرة أخرى
سأكتفي بالعناق وسط الرذاذ
فأين المفر .. أهرب من جمالك المختصر
كتائه يتبعه القمر
وحولنا هدوء اعصابنا
وضحكة توفيت
كنت ( صعبا قياديا )
ستندلع الكآبة من طحالب أغنية
والنجوم حفاة
أبقى هنا أرعى انوثة قريتي
فالكحل في اجفانها يتصحر
باق مع الجمرات في الموقد


مصائد للغبار / بعد الاحتلال

مندوب أيوب

مضى
مامضى .. وانتهى ,,
كل شئ.. !
فمن
أي ركن
أقوم معافى
وهذا
زمان الغبار
المبلل
بالفقد والاستلاب
عزيز
علي بكائي ... ولكنني
سأطبخ
ضحكي على ....
موقد من رماد الحرب ، وألهو بأرجوحة المهزلة
أرمم ذاكرتي متعبا
وفي
سلة المهملات
أعيش وحيدا
أسافر
في سفن المستحيل
وآوي ..
الى واحة ...
من سراب
أفتش ...
عن ظل تلك القرون
وما ضمها من كتاب
أشم بخورا .. وطيب مكان
فتخضل ..
سوسنة باكية
وثمة من ...
حزنها طائر .. حائر
يهاجر
نحو أحلامنا ..
المتعبة
حدادا
على مدني ..
العارية!
أأسس
أمكنتي في بوار
السقوط
وأجتر
أحلامي الضائعة
أنادى
خرابي بخلق ..
جديد
( وأحمل قلبي على راحتي )
نذورا
لمستقبل واعد
أأذن في الفجر .. هيا
سأوقد نارا
لمن تاه في ..
المستحيل
وأحيا
على ذاتي الخالدة
وأهمس
في رئتي .. سنعود

هوامش تحت ظل السياب ‏2005‏‏

مندوب أيوب

كانت
ومنذ ذلك الزمن
قيثارة الخليج
ومنتدى اللؤلؤ والمحار
ومن صدى حشرجة غريبة
تئن في النشيج
ماذا جرى
يازينة الشطآن والخلجان
يامدينة النخيل
وموطن النخيل
وهمسة السياب عند غفوة الأصيل
قرأت في عيونها
ارتعاشة الشتاء
ومن جفا ورودها
انكماشة الربيع
وحشرجات الناي فوق شطها الجميل
ولو درى بويب
بنفرة الاحباب والاصحاب
وغربة المكان
بكى على محنتها بوحشة الماء
وأنتفاضة الخريف
يامرفأ النور ويادواعي السرور
يا أول الأمصار
منذ تفتحت براعم السنين
فهل الى حنين
يأخذني لأخر الحدود
لتربة تعفرت من دمنا
من عرق الجنود
هناك
ياقبلة من تسوروا
من أول الضياء
لأخر المساء
وأحتبسوا أنفاسهم
كي يعبرون
وياأبا غيلان
هنا نبوءة
( أن تقذف المدن البعيدة والبحار الى العراق )
فها هنا
( آلاف آلاف الجنود )
تقاطرت ... تجيشت ... وعربدت
ولم يعد هناك
( من يملأ السلال
بالماء والأسماك والزهر )
وليته أنتظر
حتى يرى بغدادنا ... أربيلنا .. بصرتنا ... مدائن العراق
تسربلت ...
أنشودة المطر
......................................

فروض الوجع الممنوع

مندوب أيوب
شهيدا .. ألقيت السمع
وأقمت الحجة
وأوقدت شموع البرهان
شيعت بقايا أحلامي
ودفنت حقوق الانسان
وشربت عزائي
وقرأت الفاتحة الأولى
وردفت الأمر الأعظم
لله
من قبل ومن بعد
وركلت الليل بكلكله
وبصقت مرايا أحزاني
وبرغمي
أرزح تحت القيد
وأغرق
تحت لعاب السجان
أتسلى بالضيم وأنكأجرحي
ايذانا
لفروض الوجع الممنوع
لتابوت
يأبى أن يدفن بعد
أفلت من جدثي
من عمري مكتظا باليتم
غلى ناصية التخمة
وريش البذخ
او
فوق لهيب البركان
وبأعزف
عند الفجر تراتيلي
أودع محرابي
وأقر بأني سأعود
كي
يأخذني الزهو بعيدا
أتبلل شوقا أتلاشى
بحضن الوطن الممتد
بأعماق الروح
أتندى بشذى الريحان
لكني
أعرف ان المشوار طويل جدا
والثمن الغالي مدفوع سلفا
والحرية
قدر الساعين الى الآمال الكبرى
وسيفضح سري اعلاني
ياوطنا
يبتلع الهم زمانا
سأمد الليل جسور الحب
وسيسبق ظلي ايماني
سنمر جموعا أثر جموع
فالموعد قادم لاريب

٢٦‏/٠٨‏/٢٠٠٥

محمد الصيداوي يرثي الجواهري


مرثية الجواهري
محمد الصيداوي

إمامُ الشـعرِ أعنقَ لارتحالِ ومجـدُ المجدِ آلَ الى الزوالِ
نعى الثقـلانِ للدنيا جـلالاً فأثقـلَ سمعَـها نعيُ الجلالِ
لقد أخرستَ ألفَ فمٍ نطـوقٍ غـداةَ حلبتَ أخلافَ المحالِ
فأعيا النعيُ دونكَ كلَّ شـعرٍ وظلَّ حديثُـنا غرضَ السؤالِ
وأنتَ "أبا فراتٍ" فـردُ دنيا حباها مجدُكَ الغُـررَ الغوالي
وإرثُكَ إرثُ عزتـنا جميعا وعـزكَ إرثُ منقطعِ المثالِ
أسلتَ من القريضِ فراتَ نبعٍ فما أبقـيتَ بعدكَ من مقالِ
جواهركَ اللآلي وهي تزري بما خلقَ الإلـه من اللآلي (1)
ستبقى سِـفرَ آيٍ محكـماتٍ ترتـّلها الأواخرُ والأوالي
***
رحـلتَ "أبا فراتٍ" والمنايا ذهلنَ لموكبِ لكَ في الأعالي
شددتَ الرحلَ عـيّافاً مُعيلاً ونحنُ إليك من بعـضِ العيالِ
جياعُـكَ بعدُ رغمَ دمٍ جياعٌ وإن هَدْهَـدْتَ هُلاّكَ الهـزال (2)
وما ناموا وإن حُسـبوا نياماً وإن شبعوا فمِـن تُرعِ السُلال
وحيداً كـنتَ فيها مستَفَـزّاً وكـنتَ بألفِ ألفٍ لا تـبالي
كم استعدوا عليك ذئابَ حقدٍ وكم أشلوا عليكَ من السَّـفالِ (3)
وكم صاءتْ عقـاربُهم بليلٍ فقطَّعَ ظهرها خفقُ النّعالِ
لقد عرّيتَهم تيساً فتيساً ولم تأمنْهُمُ رعيَ السّخالِ
ولمّا جاشَ سيلُكَ لم تدعْهمْ على ضفيتيكَ إلا كالجُفالِ
***
سلاماً يا وريفَ المجدِ إنّا ظللنا بينَ عرّافٍ وفالِ
فإنكَ كنتَ أشرفَنا مقاما وآلاً لـم يمـتَّ لنا بآلِ
وإنكَ كنتَ أقطعَنا سيوفاً وأصبَرَنا على حُرَقِ النضالِ
وكنتَ درئَ سيفِ البغيِ حتى "تكسرتِ النصالُ على النصالِ" (4)
***
لقد شرّقتَ في الدنيا صبياً وقد غرّبتَ مبيضَّ القذالِ
وفي شأنيكَ مُطَّلّبٌ جليلٌ تجاوزَ قدرُهُ حدَّ الجلالِ
لقد غاضَ الفراتُ غداةَ غاضتْ عيونُكَ تحتَ حبّاتِ الرمالِ
وقد أذللْتَنا من بعدِ عزٍّ وقد نخَّرتَ أعظُمَنا البوالي
فيا "أعمى المعرةِ" قُم حريقاً ونادِ "أبا محسّدَ" في الرجالِ
وخفّا نبِّئا الشعراءَ طُرّاً من الغرباءِ والعرَبِ الموالي
قفوا صفَّيْ ملائكةٍ وطيرٍ وشيلوا النعشَ للسبعِ العوالي
وطوفوا حيثُ سِدرةُ منتهاهُ وبيتوا حيثُ منها في الظلالِ
فقد وافاكمُ الملَكُ المُسمّى غريبَ الدارِ مبتوتَ الوصالِ
نقيَّ الثوبِ حمّالَ الرزايا طويَّ الهمَّ وضّاءَ الخصالِ
رفيعَ الشأوِ بذّاخاً قؤولاً حديدَ القلبِ نضّاخَ العَزالي
نسيلَ الفجرِ نسّالَ الضحايا طويلَ الباعِ شدّادَ الحبالِ (5)
غضينَ ملامحَ الجفنينِ سمحاً رحيبَ الصدرِ محمودَ الخلالِ
قضى شطري منازَلَةٍ طريداً يخبُّ من اعتقالٍ لاعتقالِ
فما ألقى عصا التّرحالِ إلاّ ليبدأَ كرّةً شدَّ الرّحالِ
يقاتِلُ بالدمِ الفـوّارِ حـيناً وحيناً بالقِصارِ وبالطوالِ (6)
***
بكاكَ الشعرُ والشعراءُ خرسٌ وكلٌّ باتَ في مرثىً سجالِ
حلبتَ الدهرَ أشطرَهُ غريراً تحلّقُ فوقَ أجنحةِ الخيالِ
عبرتَ برازخَ الدنيا غريباً وصرتَ الى المحطاتِ الخوالي
فمَن للاّهباتِ النارَ فينا إذا عصفتْ بنا عُتَمُ الضلالِ ؟ (7)
ومَن للجرحَ بعدكَ يمتريهِ ليعبقَ منهُ نوّارُ الجمالِ ؟
ومَن للناثراتِ الشَعرَ غنجاً ومَن للفائحاتِ على ارتجالِ ؟
ومَن للخَيفِ بعدكَ يزدهيهِ ومَن للحبلياتِ من الدوالي ؟ (8)
ومَن للظامئاتِ بكلِّ صوبٍ ومَن للراشفاتِ من الطِلالِ ؟
أرى الشعراءَ أخصبَهُم عقيما إذا لم يندبوكَ بكلِ غالِ !
***
لئن غادَرْتنا في الليلِ شمساَ ستبكي فقدَ طلعتكَ الليالي
هي الأجداثُ بعثرَ جانبيها نذيرُكَ قبلَ محتمَل الرحالِ
فقد قامتْ مقابرنا بروقاً لنعشكَ وهو يشمخُ كالجبالِ
وقد ركعتْ وأغضتْ مقلتيها وقد سجدتْ سجودَ جَوٍ مُوالِ
لمثلكَ لا يُضَنُّ بنزفِ دمعٍ ومثلكَ لا يقاسُ بأيّ حالِ
على جفنيكَ ألقى الدهرُ سرّاً خبيئاً لا يُنَهنَهُ بالسؤالِ
وفي عينيكَ حزنُ أبي وأمي وفي جنبيكَ جرحُ أخي وخالي
***

وسبّابينَ من فرَقٍ وحقدٍ نعوكَ لنا بشامتةِ المقالِ
وحسّادٌ عليكَ "بأمِّ عوفٍ" بكوكَ بكلّ منسرب المسالِ (9)
وما يبكون دجلةَ أو أخاها ولكنْ كلَّ دفّاقِ الزلالِ
***
أجدَّكَ كيف تعتنق المنايا غريمَ الموتِ فرّاجَ العِضالِ ؟ (10)
وكيف تصيرُ تلكَ الشمسُ رملاً وكيف تغورُ في عفِنٍ مُهالِ ؟
أُعيذكَ من حفيرٍ في ثراها وبحركَ لا يُوارى بالرمالِ!
ولكنْ تلكَ كوفتُكَ استراحتْ بعينيها عماليقُ الرجالِ
وكانوا حيثُ كنتَ لظىً وماءً وبعدَ اليومِ أطيافَ الخيالِ !
***
أُجِلُكَ لستَ محتطِباً بليلٍ ونبلُكَ لا تطيشُ مع النبالِ
سلاماً كالشَمالِ "أبا فراتٍ" وعذراً باليمين وبالشِمالِ
فإنْ أبكِ الرجالَ فأنتَ أولى وإن أُقلِعْ فلستَ بذي مَلالِ
وحقِكَ تلكَ مهزلةٌ ستبقى نجيءُ سُدىً ونُتلِعُ للزوالِ
تقبِّلنا الحياةُ هوىً ونبعاً ويعصرنا الردى عصر الثفالِ !
***
سلاماً تلكَ دجلتكَ استبتْها يدُ الطاعونِ بالداءِ العُضالِ (11)
لكَمْ حيَّتْكَ عن بعدٍ ظميئاً تمنَّعُ عن وصالكَ بالدلالِ
عجبتُ لسرِّها كيفَ استُبيحت منابعُها ولم تكُ باشتعالِ
لسوفَ تظلُ فيها الطيرُ عطشى لتنهلَ طينَها أيَّ انتهالِ
أُجلكَ أيها الجدثُ المفدّى بما حُمِّلتَ من قيلٍ وقالِ
وما أُلهِمتَ من وجعٍ وحبٍّ وما خلَّيتَ من عَرَضٍ مُذالِ
ستبقى الريحُ تلعنُها الأقاحي وتبقى السيفَ يُحمَدُ في المصالِ
***
علَلْتَ من المروءةِ بعد نهلٍ بكأسَيْ حرّةٍ قبلَ الفِصالِ (12)
بناتُكَ من مقاطعها أدارتْ رحىً لا تستديرُ على الصُهالِ (13)
فقد كنتَ الفحولةَ في ذراها وجاوزتَ الرجولةَ في الكمالِ
***
برَيتَ سهامكَ التسعينَ تترى ورِشتَ السبعَ بالقِدحِ المُجالِ (14)
رميتَ بها الطغاةَ فطاحَ منهم هزيعٌ من سماسرةٍ ضحالِ
ونازلتَ الزمانَ وأنتَ غِرٌّ ومثلكَ لا يُخوَّفُ بالنزالِ
فيا ابن الأكرمينَ وأنتَ بدءٌ ويا ابن الباترات من الصِقالِ
ويا ابن الدوحـةِ العلياء ياابــن البيان الفذ والسحرِ الحلالِ
ويا ابن الكوفةِ الحمراءِ يا ابن الجراح الداميات على انتضالِ
أعِرنا من لظاكَ دماً سخيناً فقد غالت بنيكَ يدُ اعتلالِ
وقد عبّتْ كؤوسَ الذلِّ عبّاً فولّتْ قبلَ محتدَمِ القتالِ
***
أبثُّكَ وجدَ مُرتثٍّ حريبٍ يبلُّ صداهُ من دمه المُسالِ (15)
ويزرعُ جرحَهُ النغّار ناراً بها زادُ المُعالةِ والمُعالِ
يحوكُ قصيدَهُ من خيطِ برقٍ نهيكِ القَدحِ شحّاطِ المنالِ
يؤمّلُ فيه ما أملّتَ منهُ على أنّ الحقيقةَ في الخيالِ
ولا .. هيهاتَ ذا أملٌ قَصيٌّ يقوَّمُ دونه قوسُ الهلالِ
***
أتنشدُ يا فراتُ "أبا فراتٍ" وقد وخدتْ به خيلُ الصيالِ
أتسألنا وأدرى أنتَ منا وفي شطيكَ أجوبةِ السؤالِ
تشاجرتِ المنونُ عليه غرثى توافدُ في سوانحهِ العجالِ
كأنّ لها عليهِ دماً ووِتراً ولمّا يوفِها بأخٍ فَحالِ !! (16)
***
سلاماً يا غريبَ الدارِ حيّاً سلاماً راحلاً لثرىً مُهالِ
سلاماً يا نبيّ الشعرِ جدّتْ بخافقهِ مصاهرةُ الكلالِ
سلاماً من وجيفٍ في الحنايا سلامَ مهاجرٍ لهِبِ الذُبالِ
سلاماً من نزيفِ دمٍ مُلِثٍّ تتابع في دفيقِ هوىً مُسالِ
رمانا العقمُ بعدكَ حيثً عادتْ قصائدُنا كنسوتنا الحِيال
وكلُّ قصيدةٍ لم تبكِ جمراً عليكَ بومضها محضُ افتعالِ
***
كم انثالت عليكَ نبالُ رَذلٍ وكنتَ بها تلوذُ من الرُذالِ (17)
ورُحتَ تسُلّها نبلاً فنبلاً وتسلوها وخصمكَ غيرُ سالِ
فكم نزِقٍ يداهُ برَت يديهِ وكم ذئبٍ تشبَّهَ بالغزالِ
فما مِن قابسٍ مِ الماءِ ناراً وما مِن سالمٍ بين الصلالِ
***
و"زينبُ" ما أنَخْتَ بها ركاباً هوىً إلاّ على مضضٍ الزيالِ (18)
فكم عقدتْ يداكَ على "عليٍّ" رتيمةَ شاعرٍ قلقِ المجالِ
وكم شذّرتَ في النجفِ الحنايا وكم لملمْتها بعد انفصالِ
إذا قال المؤذنُ "حيَّ" فجراً شددتَ وقلتَ حيَّ على النزالِ
لقد كرُمَتْ دمشقُ على عُلاها ونافتْ من نوالكَ في النوالِ
***
سلاماً خاتَمَ الألفينِ جيلاً تظلُّ مثيرَ ملحمتَيْ جِدالِ
سلاماً أوهبَ الشعراءِ عذباً تظلَّ ترودُهُ عُصَبُ السّبالِ
سلاماً ما بدا لكَ من سنيحٍ يبشّرُ بالنعيمِ وما بدا لي
سلاماً ما ادّكرتَ شميمَ روضٍ وما هاداكَ من طيفٍ مُمالِ
سلاماً كلما وافاكَ غيثٌ تلفّعَ في عطاياكَ الجزالِ
على نفحاتِ مضجعكَ التحايا تفاوحُ بالجنوبِ وبالشمالِ
وأيَّ سلامةٍ نرجو لعقبى قصيدك من مُكارهكَ الُمغالي
محمد الصيداوي
ديالى / المقدادية
ليلة 27/28 تموز 1997
???? ????? ????? ???? ?? ????? ????? ????? ?????
?????? ??????
?????????? ??????????????

٢٣‏/٠٨‏/٢٠٠٥


د فاضل عبود التميـــمي

فرسان مدينة بعقوبة

ذكريات الكتب
(الفرسان الثلاثة)

تأليف : الكسندر دوماس
محمد الأحمد

ربما لهذه الرواية وقع خاص كونها رواية مثل عليا وأخلاق قويمة، فيوم وقعت بين أيدينا كنا أطفالا تأخذنا فيها البطولة للفروسية النبيلة التي غالبا ما يتمتع بها فرسان القرون الوسطى، وبقيت كراوية مغامرات نتذكر تفاصيل إحداثها بمثل ما أسلمها لنا المترجم بتلك اللغة التي لم نكن نعرف عنها إلا ما وصلنا منها بواسطة مترجم لم نعد نتذكره كونه اختارها لنا بذوق عال، وقد حفرت خطوطها العريضة في الذاكرة، وطاردتنا إحزانها، فأبكتنا بصدق، وملأتنا أفراحها إلى حد النشوة. فالقصة كانت كبيرة ولم يفت منها أي حرف دون أن نتمثله، ونشربه بكل تفاصيله، وما زالت رائحة ورق الكتاب بحبره، ولون غلافه الذي لا يمكن أن يكون غلاف كتاب ما لم يك على شاكلته. فهو من بين تلك الكتب البكر الغاليات على القارئ كأي مبتدئ يلتهم كل ما يجيئه بنهمّ عظيم. فما زلنا نسمع رغم غبر تلك السنين صليل سيوف فرسانها، أو هسيس ما تهشم من كؤوس تكسرت، وكأنها تحت أقدامنا الحافية، تلك الكتب مازالت فينا تحفر أشواقها الكبيرة فينا من اجل إعادة قراءتها رغم كل ظرف حرج، وقصص غرامها التي لن تنسى سوف نحملها إلى القبر، حيث تدور أحداث رواية (الفرسان الثلاثة) حوالي العام 1660 بين (فرنسا) و(انجلترا) تحكي مغامرات الفرسان (دارتانيان) الشاب الوسيم ذو الوجه الضاحك الذي يعمل قائدا للحرس الخاص من فرسان الملك، و(آراميس) البطل دوق مقاطعة (آلاميدا) الذي لا يفارقه سيفه وان كان نائما، و(بورتوس)، الذي يمتاز بقوة بدنية هائلة. فبات الفرسان الأذكياء يجولون أمامنا بحرية خيالنا الخصب الذي يصور لنا كيف كان لويس الرابع عشر ملك فرنسا الشاب مستبداً شغوفاً بالنساء محباً للمال ولكنه كان أشبه باللعبة بين يد (الكردينال مازاران) ولا يستطيع الملك تحريك أمر في مملكته دون الرجوع إلى الكاردينال المتسلط. كانت الفكرة تتساوى مع صفاء ما نقرأ، وكأننا نشاهد و لا نقرأ (شارل الثاني) ملك انجلترا يحاول العودة إلى العرش بعد مقتل أبيه (شارل الأول)، وجاء متخفياً بملابس بدت ضيقه عليه، وكأنها ليست له إلى فندق على أطراف باريس يطلب مساعدة ملك فرنسا (لويس الرابع عشر) لاستعادة عرشه من يد جنرال اسكتلندي يدعى (مونك)، لكن الملك الفرنسي لم يستطع تلبية طلب ملك انجلترا فهو لا يملك من أمره شيئاً لكن وعده بمدّ يد العون له مادياً حتى يستطيع تدبر بعض أموره. ولما وصلت القصة إلى مسامع قائد الحرس (دارتانيان)، بواسطة احد جنوده المقربين، فقرر ببطولة ونبل مساعدة الملك (شارل الثاني) ليعود إلى عرشه، فعمل مع عشرة من أشجع فرسانه الذين تنكروا بزي صيادين واستقلوا سفينة صيد هولندية وانطلقوا بها إلى معسكر القائد الاسكتلندي (مونك). حيث قام (دارتانيان) بالتحايل من اجل إغراء (مونك) بالمال، ويتمكن من اقتياده بذكاء مفرط إلى قبو قديم، تفوح منه رائحة العثة، حيث كان في انتظاره الفارس (آتوس) فتم احتجاز (مونك) كرهينة ومن ثم وضعه في قفص خشبي والإقلاع به على ظهر السفينة الهولندية باتجاه (انجلترا) وهناك قدم (دارتانيان) القفص للملك (شارل) الذي أكبر فيه هذا الصنيع متسائلاً في الوقت ذاته عن الطريقة التي سمع بها (دارتانيان) حديث الملكين، ولكنه قال مستدركاً إنني قائد الحرس الخاص، وعلي معرفة كل شيء ومن واجبي أن أقدم يد العون لجلالتكم كما فعلت سابقاً مع والدكم. وتمت المقايضة بالتسوية كما أرادها قائد الحرس المخلص لسيده، و تم التفاهم مع الجنرال (مونك) ومن ثم استرضائه ببعض المقاطعات حتى يتاح للملك (شارل) أن يحكم عرشه الشرعي، وهكذا دخل الملك مدينة (دوفر) ثم عاصمته (لندن) دخولاً فخماً يحيطه إخوته ووالدته، واستقبله الشعب استقبالاً رائعا. كان الحوار في القصة أشبه بغيمة سحر ماطرة، تتقدم فوق المكان فتشبعه ليزدهر باخضراره البهيج، فبعد ان عاد الفرسان إلى فرنسا يحملون الهدايا والمال مدركين أن إصلاح أمر فرنسا أصبح ضرورياً خاصة وأن الملك لويس الرابع عشر غير كفؤ للحكم ولديه شقيق توأم داخل الباستيل، فقاموا بطريقة احتيالية بتزوير توقيع الملك وتحرير شقيقه من السجن، ومن ثم الإدعاء أن الشخص الذي تم إطلاق سراحه ليس هو المقصود، فهذا شخص مجنون يدعي أنه ملك (فرنسا). فكانت حجة مقنعة لتمرير ما أرادوه، حيث صار سخرية العالمين، وكم اتسعت ضحكاتنا يومها، وصارت ضحكة تتواصل كلما تهكم احد جنود الملك على الملك الذي ظنوه معتوها يدعي السلطان، وفي تلك الأثناء كان الفرسان قد استدرجوا الملك الألعوبة إلى خارج قصره ووضعوه في عربة قادته إلى السجن وسط صراخ عظيم يطالب بتحريره لأنه الملك الفعلي، لكن الفرسان قالوا لآمر السجن إنه شخص معتوه لا يستحق العيش خارج السجن فهو يدعي أنه الملك، وطلبوا منه الحرص على أن يبقى في زنزانته إلى الأبد. كانت الفرسان الثلاثة مفتاحا مشوقا لمعرفة ماذا يختبئ من مؤامرات تاريخية عاشها ابطالها، فكتاب (الفرسان الثلاثة) بانوراما أعمال نبيلة أرادها المؤلف الفرنسي العملاق (الكسندر دوماس الاب) (1802- 1870)، مدونها شهادةً على عصر مضطرب فيه الكثير من الدسائس والمؤامرات، وبوجود الرجال الشرفاء تحولت بعض ملامح ذلك العصر إلى أعمال كريمة ناصرت الحق وأعادته إلى أهله وأبرز قصتين مساعدة ملك (انجلترا) للصعود إلى العرش واستبدال ملك (فرنسا) الماجن بشقيقه العاقل المتبصر. فمن منا كان لا يعرف الكسندر (دوماس) الروائي والكاتب الفرنسي المشهور، الذي كان والده مركيزاً في دوقية (أورليان) بفرنسا. ويجري التعريف به أنه الكسندر (دوماس الأب) أو الكبير، حيث هناك كاتب فرنسي آخر تحت الاسم نفسه ويعرف بالكسندر (دوماس الابن) وهو مؤلف رواية غادة الكاميليا. و لا يقل إبداعا أو حضورا برواياته، وكان شديد الإعجاب بالأول، فمن الجدير بالذكر بان (دوماس الأب) لاقى أول نجاح أدبي بفضل مسرحياته التاريخية، هنري الثالث (1829) وكريستين (1830) وانتوني (1831) واتبعها بالتحفة الخالدة (الفرسان الثلاثة) (1844) و(الكونت دي مونت كريستو) في السنة نفسها وكذلك الملكة (مارغو)، ثم زهرة (التوليب السوداء) عام (1850) و(الفيكونت دي برجيلون) (1848)، وذلك فضلاً عن مذكراته ودراساته التاريخية وكتبه عن الرحلات والأسفار. بقيت الرواية تحمل لنا نهج قراءة تتواصل بالتشويق والجمال. ولم نستطع نسيانها، كونها حفرت في ذلك العمق السحيق من الذاكرة، وربما نطل على مكانها وهي تقبع على الرف بانتظار أن نعود إلى طفولتنا ونعيد قراءتها بفارغ الصبر. فنبكي بكائنا الحقيقي الذي سوف يغسل لنا ما نريده أن يغسل.


‏الاثنين‏، 22‏ آب‏، 2005

القتيل الزميل مؤيد سامي مهدي

مؤيد سامي 1

١٧‏/٠٨‏/٢٠٠٥



مصعب امير اسماعيل
امتثل للشفاء والف مبروك، مع الامنيات بتواصل الابداع

١١‏/٠٨‏/٢٠٠٥

سطور من سيرة حياة
(لودفيج فان بتهوفن)
مهند احمد علوان

لو استسلم احد ما لرغبتنا الملحة في أن يجعلنا نقرا شيئا جديدا عن (بتهوفن)، فماذا سوف يضيف إلى عشاقه، وحاليا هناك أكثر من عشرة مواقع على صفحات الويب. أما آثاره فقد دُرِسَتْ في أشهر جامعات العالم الفنية والعلمية، لأنه أنموذجا بشريا فيه إعجازا ليس من السهل، وصف شخصه أو تحليل شخصيته من خلال إعماله الموسيقية، واغلبها وصل عصرنا مدونا على ورق النوتة، وما يزال اغلبها يعزف يوميا، في كل مكان تقريبا من جامعات ومعاهد العالم، لأنها الدرس البليغ الذي يجتازه الطالب لأجل أن يعبر مرحلته. وقد حققت أعلى أرقام المبيعات اسطواناته المعزوفة من قبل الفرقة الملكية البريطانية. ومن بعد أن فسره جهابذة، الباحثون المختصون، الكبار خير تفسير، ليس لأنه يعد واحدا من بين أهم الموسيقيين على مدار العصور، كما كان يؤكد الباحث (ماينارد سولمون) المختص بتاريخ الموسيقى بشكل عام وحياة (بتهوفن) بشكل خاص. وبيتهوفن فنان بارع اشتهرت إعماله جميعها، وراحت دقائق حياته المليئة بالإبداع، والعطاء تدفع الناس للإعجاب أكثر، لأنه ولد موسيقيا عام 1770 في مدينة بون بألمانيا، وكانت عائلته من أصل (بلجيكى) وبالتحديد من منطقة (برابان)، والده كان موسيقاراً كبيرا في بلاط (بون)، وهو منصب رفيع، ولكنه كان ميالاً إلى الشرب والسكر أكثر من اللزوم، أما أمه (فيفيان) فكانت طيبة، ناعمة حنونة، ولكن ذات شخصية ضعيفة، تزوجها وهي في سن العشرين، وراح وراء نساء كثيرات، كان يحضرن بشكل متواصل إلى البلاط. وكان (بتهوفن) يقول عن والدته بأنها كانت أفضل صديق له وقد كان للعائلة سبعة أطفال، ولكن ثلاثة أطفال ذكور فقط، هم الذين بقوا على قيد الحياة، ومن بينهم (لودفيج) فقد كان أكبرهم، وقد أبدى (بتهوفن) اهتمامه بالموسيقى منذ البداية، وكان والده يعلمه أسرار فن الموسيقى كل يوم بعد أن اكتشف موهبته الكبيرة لهذا الفن، وقد قرر أن يجعل منه نوعاً من (موزارت) جديد، وهو طموح ضخم بالطبع لأن (موزارت) هو قمة الموسيقى، حيث عام 1778م قدم (بتهوفن) أولى حفلاته الموسيقية المعروفة، وكان عمره ثمان سنوات، وكان ذلك في مدينة (كولونيا) ولكن المعارف الموسيقية لوالده أصبحت محدودة بعد أن كبر الصغير (بتهوفن) قليلاً، وقد اتسعت آفاقه، ولم تعد تكفيه، لذلك استدل على موسيقار معروف هو (غوتليب نيف)، واكتشف بان العازف القادم إليه بحب بأنه يعرف من أسرار الموسيقى بفطرة ليست عند غيرة، فكشف ضخامة المواهب الموسيقية ل(بتهوفن) وبالإضافة إلى الموسيقى، وفنونها راح يعرّفه على أفكار الفلاسفة القدماء والمحدثين، ويقارن له ما بين ما أنتجوه في الموسيقى والفكر.. حيث كان مؤمنا بان الموسيقى اكبر من كل الفلسفات، إن لم تحويها، وتلفها تحت عباءتها. ويذكر كتاب السيرة (لبتهوفن) في عام 1782 عندما كان عمره اثني عشر عاماً نشر (بتهوفن) أولى أعماله الموسيقية المعروفة وفى العام التالي 1783م كتب أستاذه يقول: أنه إذا ما استمر على هذا النحو فسوف يصبح حتماً (موزارت) العصر، ويذكر الباحث (ماينارد سولمون[1]) في كتابه الصادر مؤخرا عن حياة (بتهوفن)، الذي وسمه ب(الساعات الأخيرة لبتهوفن[2]): وفى عام 1784م عين (بتهوفن) بناء على نصيحة أستاذه نيف عضواً في الجوقة الموسيقية التابعة لبلاط أمير (كولونيا) وكان (عمره عندئذ أربعة عشر عاماً، وهذا المنصب سوف يتيح له أن يتردد على أوساط أخرى غير أوساط عائلته وأصدقاء والده). وعندئذ التقى بأصدقاء سوف يحتفظ بصداقتهم طيلة حياته كلها، وفى البيت أخذ (لودفيج) يحل تدريجياً محل والده وذلك لأن هذا الأخير أصبح يسكر أكثر، فأكثر، وينسى واجباته المنزلية وكذلك بهمل وظيفته في البلاط الملكي. وعندما شعر الأمير (ماكسميليان فرانز) بضخامة مواهبه قرر إرساله إلى (فيينا) عام 1787 لإكمال دراساته الموسيقية ولقاء موزارت. ومعلوم ان (فيينا) كانت آنذاك منارة الآداب والفنون الموسيقية. ولكن لم يصلنا شيء يذكر عن لقاء (بتهوفن) و(موزارت)، عملاقي الموسيقى الألمانية والكونية. كل ما نعرفه هو أن (موزارت) قال لأصدقائه: لا تنسوا هذا الاسم (بتهوفن). سوف يكون له شأن. ولكن فجأة تصل رسالة من بون إلى (بتهوفن) تخبره بأن أمه فى حالة احتضار وينبغي ان يعود فوراً لكي يراها لآخر مرة. وكانت الشخص الوحيد الذي أحبه من كل قلبه. وهكذا ماتت عام 1787. وبعد خمس سنوات من ذلك التاريخ، أي في عام 1792 عاد (بتهوفن) إلى (فيينا) لمتابعة تكوينه الموسيقى وإكمال دراساته العالية.. وبعد الآن لن يرى مدينته الأصلية بون. سوف يظل في (فيينا) حتى النهاية. وشيئاً فشيئاً راح يدهش (فيينا) بعبقريته الموسيقية والمقطوعات التي كان يعزفها على البيانو بشكل ارتجالي. وفى عام 1795 ينظم (بتهوفن) حفلة موسيقية عامة في (فيينا). وفيها اخذ يعزف أعماله الشخصية ومبتكراته، ك(الحركات الأربع)، ففي عام 1800 نظم سيمفونيته الأولى، وبعض مؤلفاته الأولى التي لم يسميها، ودونها قبيل وفاته بقليل ضمن أوبرا كتبها خصيصا ليجمع بها قصاصاته. ثم التفت إلى أهمية توسيع قاعدة شعبيته، فقام بعدئذ بجولة موسيقية على عدد من المدن الألمانية وغير الألمانية ك(براغ)، و(دريسدن)، و(لايبزيغ)، و(برلين)، و(بودابست). وفى تلك المدينة الهائلة راحت تهدر شعبية (بتهوفن) وتتوسع. فكل الناس كانوا معجبين بهذا الموسيقار الشاب الصاعد، حتى الطبقة الارستقراطية كانت تدعمه، و من هناك بدأت قصة غرامه الثانية، (آنا مارى إيرودى) والتي أهدى إليها أوبرا (متحف العدم) الهائلة، والتي احتاجت منه إلى أن يضيف عددا كبيرا من العازفين الرئيسيين، لمقدمتها فوجد في تلك المرأة مجدا هي تستحقه كونها ساهمت كثيرا في دعمه، وحصلت مشاكل بينه وبينها لاحقا. ولكنه في كل مرة كان يعود إليها ويندم على فعلته ويتوب. والواقع إن موهبته الخارقة كانت تجعل الآخرين يصفحون عنه بيسر على الرغم من أن تصرفاته النزقة، والمتطرفة كانت تزعجهم. ولكنه كان فنانا عبقريا يجذبهم بفنه (لكن أليس كل عبقري شخصا غريب الأطوار بشكل من الإشكال[3]). لقد عاد لينظم أكثر من حفلة موسيقية جديدة في (فيينا) وكان يترأس فرقة العازفين كعازف أول قائد له المحور الرئيس فعزف سيمفونيته الأولى، وكان للمتذوقين من جمهوره يومها الإعجاب الشديد. وعلى الرغم من إننا نعتبرها اليوم كلاسيكية، وقريبة من سياق بناء سيمفونيات (موزارت) و(هايدن)، فإن معاصريه وجدوا فيها نغمة جديدة تدل على أسلوبه الشخصي القوى إلى درجة التطرف. وهكذا راحت عبقرية (بتهوفن) تظهر شيئاً فشيئاً على الرغم من إنها لم تكن قد ازدهرت وأينعت بعد. ووصفه مقربيه بأنه رجل جاد جدا، ويأخذ كل كلمة من المحيطين على محمل الجد، وكأنه لا يعرف إلا الموسيقى. وفى عام 1801م أي عندما كان في الواحدة والثلاثين أصابه الطرش. وفى عام 1802م كتب نصا مشهورا يقول فيه (بأنه يفضل الانتحار على العيش كموسيقى بدون سمع). فيا له من قدر أعمى ذلك الذي حكم عليه بأن يفقد سمعه، وهو الموسيقى الذي نذر حياته لفن قائم كله على السماع، ولكن العبقرية الموسيقية كانت تدعوه إليها لكي يكمل أعماله الخالدة. وهى التي حمته الانتحار، ولكنه بعناد وحرص راح ينظم سيمفونياته الرائعة، ويتغلب على عاهته بواسطة الخلق والإبداع. فكان بذاكرة تنسى كل الأشياء فيما عدا الموسيقى، وعندئذ ابتكر السيمفونية (الثانية) و(الثالثة). وقد نظم هذه الأخيرة مهداة إلى (نابليون بونابرت)، ومعلوم أن المثقفين كانوا ينظرون إليه آنذاك بصفته محرّراً للشعوب الأوروبية، وابناً للثورة الفرنسية التي أنعشت الآمال في القلوب. ولكن عندما نصّب نابليون نفسه إمبراطورا غضب (بتهوفن) غضباً شديداً ومحا اسمه من الإهداء. وفى 7 نيسان من عام 1805، عزف (بتهوفن) لأول مرة سيمفونية (البطولة). ومن جهة أخرى فقد أنهى مقطوعة الأوبرا التي كان قد ابتدأ بكتابتها أو نظمها منذ فترة. وتدعى أوبرا (ليونو). وهى الوحيدة التي نظمها كعمل متكامل في حياته. (وقد صححها وكتب لها أربعة مداخل مختلفة). ثم تواصل النشاط الإبداعي ل(بتهوفن) بكثافة في السنوات التالية. وقد ألف عندئذ عدة سيمفونيات نذكر من بينها السيمفونية الرعوية مبنية على نص الفرنسي (اندريه جيد). بعدها أخذ يُدرّس الموسيقى في مدرسة البلاط العالية لبعض الطالبات الجميلات. و(قد وقع في حب أكثر من واحدة[4]). وعندئذ حصل حادث سعيد ومهم بالنسبة له. فقد أصبح (رودولف) أخ الإمبراطور تلميذه، وصديقه، ثم راعيه، وحاميه لاحقاً. وفى عام 1809 فكر (بتهوفن) في مغادرة (فيينا) بناء على دعوة من (جيروم بونابرت) شقيق الإمبراطور. ولكن صديقته المخلصة الارستقراطية (آنا مارى إيرودى) استبقته في (فيينا)، ومنعته من الذهاب إلى (فرنسا التي كانت تريده كثروة فنية). وقد ساعدها على ذلك أصدقاؤه الأغنياء الذين أغدقوا عليه الأموال والهبات. وهكذا لم تخسره (النمسا). وقد اتفق هؤلاء الأغنياء من أمراء وارستقراطيين على دفع مبلغ سنوي كبير له لكي يجعله بمنأى عن الحاجة أو الهموم المادية. وكان الشرط الوحيد الذي أخذوه عليه هو ألا يترك فيينا إلى أي بلد آخر كائناً ما كان. وهذا الراتب السنوي الضخم جعل من (بتهوفن) موسيقاراً مستقلاً بذاته من الناحية المادية. وكان أول موسيقار يعيش من عمله. فقبله كان (باخ) أو (موزارت) أو (هايدن) يخدمون في بلاط أحد الارستقراطيين ويعيشون على هباته. وهكذا فتح عهد جديد في تاريخ الموسيقي. فالموسيقار أصبح حراً في أن يكتب ما يشاء، ومتى يشاء بناء على طلب أم لا. وفى نهاية شهر يوليو من عام 1812 حصل اللقاء الشهير بين (بتهوفن) و(غوته)، وقد رتبت الموعد السيدة (بيتينا برنتانو)، وكان الرجلان العظيمان معجبين يبعضهما البعض كثيرا، ولكنهما لم يتفاهما، أو لم يفهم أحدهما الآخر. فقد وجد (بتهوفن) إن غوته يتملق السلطة كثيرا من أجل الحصول على هباتها. وأما (غوته) فوجد أن (بتهوفن) متغطرس أكثر من اللزوم وغير مجيد لأية لباقة اجتماعية بما فيه الكافية. والواقع أن الموسيقار كان معجبا بالشاعر وقد تحاورا على جملة أمور قد اتفقا عليها أولاهما بان الشعر والموسيقى صنوان لا يفترقان، وقد ترجم قصائده إلى مقطوعات موسيقية رائعة. ثم تأسف بعدئذ لأنهما لم يتفاهما عندما التقيا. وفى أواخر حياته ما كان (بتهوفن) لا يسمع شيئا، ولذلك فقد كان يستخدم الكتابة على الدفاتر للتفاهم مع محاوريه، وأصدقائه في الشوارع، أو في المقاهي. فكان يرد على محاوريه بواسطة الكتابة، وكثيرا ما كان (بتهوفن) يختلي بنفسه في أحضان الطبيعة وبخاصة في ضواحي (فيينا) وأريافها الغناء. فهناك كان يشمّ رائحة الزهور، ويرى الإمطار وهى تتساقط، ويشاهد الفراشات، والطيور، ويستمتع بكل ما يحيط به من جمال خلاب. ولكنه لم يكن يستطيع أن يسمع خرير السواقي. أو تغريد البلابل والواقع أن هذه العاهة، عاهة الطرش، نكدت عليه عيشه، ولكنه لم يستسلم للأمر الواقع ولم تخر عزيمته، وإنما ظل مثابرا على إبداعه حتى النهاية. وهنا تكمن عظمته. على هذا النحو واصل (لودفيج فان بتهوفن) حياته حتى النهاية عام (1814م) واهبا (إياها للفن، وللفن وحده، فهو لم يتزوج، ولم ينجب الأطفال، ولكنه أنجب السيمفونيات الموسيقية التي لا تزال تطربنا وتهزنا حتى الآن[5]). فهو أحد أركان أسماء كبرى في تاريخ الموسيقى العالمية.
Monday, August 01, 2005
[1] LATE BEETHOVEN MUSIC, THOUGHT,IMNAGINATION .MAYNARD SOLOMON
[2] الناشر: مطبوعات جامعة كاليفورنيا 2005

[3] P165
[4] LATE BEETHOVEN MUSIC, THOUGHT,IMNAGINATION .MAYNARD SOLOMON
[5] المصدر نفسه.