٠٢/٠٤/٢٠٠٦
جاسم الحمداني
( دعـــاء العراقيين المساكيـــن)
سقطت الملكية ، وعاشت الجمهورية ،وسوف نحرر الشعب من العبودية، ونطلق سراح كافه الشيوعية، وسنبني دوله نموذجيه ، تسودها الأخوة العربية الكردية، وسنحرر فلسطين من أيادي الصهيونية ،
وجاءت الحــــــرية.
مظاهرات في الوسط واعتصام في الجنوب وقتل وسلب في الشمال… هلموا يا شيوعيي العالم لنلاحق البعثيه والقومية ، وبعدها ابتعدوا أيها الشيوعية فقد مللت الشعوبية، وأخيرا سقط حكم الزعيم وهنا قالوا بكت السماء دما … وهناك قالوا غنى القمر ليلا ، فقد جاء الحرس القومي بطل التعذيب والتنكيل وبدأت تصفيه الحسابات وتناسوا مقولة الزعيم عنهم (عفا الله عما سلف) وجاءوا بشعاراتهم الجديدة ، سوف نبني عراقا جديدا وسوف نحرركم من عبودية الشعوبية ، ونرمي في المعتقلات كافه الشيوعية ، ونحل القضية الكردية ، وندمر إسرائيل وكل الصهيونية ، وسقط حكم البعثيه وجاء عبد السلام يدعوا للقومية والوحدة العربية من المحيط إلى الخليج وعاد يقول ما قالوه الذين سبقوه بإطار جديد فلم يقل سوف نبني عراقا جديدا بل قال لنبني عراقا عظيما ولننهي أشكال الشعوبية والشيوعية في العراق وطالب بحل القضية الكردية واكثر بالكلام عن الوحدة العربية فبنى السجون ورمم مراكز الاعتقال وطور أجهزة الأمن واخيرا سقط من سماء العراق غير مأسوف عليه بعمد أو بدون عمد … وجاء عبد الرحمن عارف وسمح لكل الفئات بالعمل فهنا مظاهرة بعثية وهناك تجمع شيوعي وفي مكان آخر ملتقى قومي وكثر الناشطون فمنهم من يطالب بديمقراطية أوسـع واخر يطالب بفدرالية وهناك من كان يدعو للبرالية والزعيم الجديد صامت ومتفرج فلا سوف وسوف وسوف وسقط بإطلاقه مدفع واحد وارتضى المنفى والحجز غير آسف على ما آلت عليه الأمور .
وجاءوا دعاة الحرية والمساواة مرة ثانيه بشعارات ليس لها أول ولا آخر فللوحده العربية والوحدة الوطنية ونفط العرب للعرب والموت لأمريكا ولتسقط إسرائيل وانتهى زمن السقوط السريع ثم انتهت الوحدة الوطنية بخنجر مسموم وتم رمي شعارات الوحدة العربية في مزبلة التاريخ واصبح نفط العرب ليس للعرب بل لأشخاص محسوبين على العرب ، وكثر بناء الجوامع الخالية وازدادت المعتقلات المملوءة وقلة المقابر لسبب بسيط هو انه من كان يعدم لا يسلم إلى ذويه بل يدفن في مقبرة جماعية وازدادوا الخونة بحق الشعب ( هذا ما قالوه لنا ) . فكل ثلاث أو أربع سنوات هناك مؤامرة كبرى لإسقاط فحل الأمة والقائد الضرورة والخليفة الراشد والى آخره وظهر في هذا العهد سيناريوهات غريبة عجيبة فمنها إن نصف إيران عراقية والكويت عراقية وانتهت الحرب مع إيران دون أن تعيد لنا شبرا واحدا وحرب الكويت خرجنا منها مرغمين ومكبلين بديون لا حصر لها ، وجاء زمن الحصار من كل شيء حتى الكلام. حصار داخلي وخارجي فاختفت كثير من المواد الأساسية واختفى خيرة الشباب بل حتى الشيوخ والنساء والأطفال ولم نرى أثرا للشيوعية والقومية والحركات الإسلامية فالموت لكل من يدعي بهذه الاتجاهات وكثرة الرشاوى وانحلال الأخلاق وبالمقابل توسع بناء القصور الرئاسية إلى ما لا يتحمله العقل وكل هذا ونحن محاصرون وتضرعنا إلى الله سبحانه وتعالى بيوم الخلاص،. وجاءت أمريكا عدوة الشعوب هكذا كنا نسميها وسنبقى نسميها فاقتلعت الدكتاتور باتفاق معه أو بدون اتفاق وخسرنا مئات الألوف من شبابنا وقلنا يهون ذلك من اجل الخلاص . وجاءت أمريكا لتقول سنجعل من العراق هونغ كونغ العرب ومن يصعد ناطحة السحاب في بغداد سيرى واشنطن وسنجعل الدولار اقل من الدينار وسوف نضيء العراق ليلا ونهارا وسنعطيكم الحرية في اختيار رؤسائكم وسوف وسوف، وسوف،. وها قد مرّ ما يقارب ثلاث سنوات ولم نحصل على أي سوف بل حصدنا ما زرعوه الذين حكمونا وحصدناه بمساعدة الأمريكان وبعض الأخوة العرب والجيران، فكثروا السراق والنفاق، وتفككت القيم الاجتماعية اكثر فأكثر واصبح الموت مسألة يومية (لا يمر يوما بلا قتلة مارقة او جثث في الشوارع مجهولة الهوية) .
فلم أجد نفسي إلا أن أقول إن للشعب العراقي تاريخ كبير وبه من المآسي ما لا يحصى ويعد وكل الذين جاءوا وتسلطوا على رقابه لم يقدموا له ما وعدوه به فهل صحت مقولة سيدتنا زينب ( اللهم لا ترضيهم على ولاتهم ولا ترضي ولاتهم عنهم ) أم هذا هو مصير الشعب المسكين منذ الخليقة إلى قيام الساعة أم هل نتفاجيء بمن يأخذ زمام الأمور ويريح هؤلاء المساكين وأنا منهم ولو لفترة وجيزة .
اللهم لا تؤاخذنا مما تفعل الجارة في الحارة، و أعطني عمرا مديدا لأرى ذلك الحاكم العادل وأنت خير السامعين
بعقوبة\ العراق
قــــــصة … وقراءة
في جدلية زمكانية الشمس
قراءة: بلاســــم الضاحي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ النص ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زمنٌ فارغٌ للشمس
قصة قصيرة جدا / محمد الأحمد
كأن قلبي هو الذي يحدثني عن كل تلك المتفاوتات البينة، بينما كنت أخطو ساهماً إلى عمق الصوان المعتم، الذي امتلأ برجال لا اعرفها. فاخترت أحد المقعدين الفارغين في أقصى اليمين من زاوية تراكمت فيها حزمة ضوء، تلامعت خلالها ذرات الغبار، و استحالت مزيجاً دافقاً بألوان كرنفالية بديعة، انزلقت من فتحة شقها عماد الخيمة التي فيّأتنا. أصخت السمع إلى ما دارت الألسن من همهمات متوالية..تتحدث عن اللحظات الأخيرة، للمرحوم كحدث جلل قد حدث، توا، ولم يكن في المستشفى: (هكذا.. كان يقول المرحوم)، (…كان يحب المرحوم قبل أن يوافيه الأجل)، وهكذا دارت الاسطوانة بالذكريات توافقياً مع دوران أشعة الشمس المتحولة من كرسي إلى آخر بتتابع متسلسل.
قالوا :- بأنه ترك مالاً كثيراً.
قلت :- ما نفع ما تركه؟
قالوا :- بأنه ترك زوجة جميلة؟
وقلت :- ليكن الله في عونها.
دارت القهوة دوراناً صامتاً على شفاه الجالسين كما دارت سورة الفاتحة دوراناً مهيباً بين كل لحظة بين الراحتين والجبين .. دورة بطيئة الوقع تلتها الرجال بتمتمة شفاه مرتجفة، وبخشوع مستقر اندلع من العمق صار راسخاً كالحزن المقيم.
بقيت تتمات الكلام تصل إلى أذني بتواصل إيقاع حبات المسبحة المضطربة التي تصفقها أصابع رعشة، دون أن يلجمها شيء.
قالوا :- أية سطوة كان يملك؟
قلت :- جردهُ الموت منها!
حضرت أناء الكلام المتواصل رجالات، وذهبت أخر عن الكراسي التي طالتها الشمس، وكأنها تطهرت من البرودة الضاربة في الخشب الفارة، قالوا:-
- ليلة البارحة حضر الكثير من أعيان البلدة.
وقلت :-
- من كان عليه دين يؤديه!
بقيت أنفث دخان السيجارة بين كل تنهدة، ويشخص أمامي تحذير الطبيب الذي سبق، و أنقذ حياتي من موت محقق، كاد يحدث عقب نوبة قلبية، أوشكت أن تجهز عليَّ، ولما كنت اشغل مقعداً بين جموع الحاضرين، ولما بقيت كتلتي، تشغل حيزاً في هذا العالم المزدحم. كانت الشمس قد استقرت في المقعد الفارغ، المجاور لمقعدي. تصاعد الدخان إلى أعلى كأنه يرتقي الحزمة المهيبة، بحثاً عن مخرج، وكنت أتنفس حلقاته بعمق، فما قدرت صبراً على تأجيله، وكأن تحذيرات الطبيب، قد سقطت في منفضة الرماد المليئة بأعقاب السجائر، وقبل أن أنهض، شعرت ببعض الخدر في أطرافي، ولم أستطع النهوض بعدها استقرت الحزمة على فخذي.
_______________________القراءة________________________
هل الشمس وحدة زمانية أم وحدة مكانية ؟.. هي وحدة لقياس الزمن تتوالد منها الأيام وتتعاقب منها الفصول ، زمن ضوئي مأهول بسيول ضوئية متواصلة منذ شروعها ، ليس فيها فجوة تؤشر حسابها الزمني التقليدي في السبق أو التأخير انما زمن افتراضي تخيلي يساوي وحدة ضوئية على افتراض الغاء زمنية الشروع والوصول والأعتماد على تواصل الأنبعاث الضوئي ، فهو يساوي صفر افتراضي على انه لايعي ذاته .
وهي مكان يحسب بعده ضوئيا ، مكان بمكوناته المادية ومقوماته الجويولوجية ، مكان مأهول بأرواحنا وخيالاتنا حسب ، مكان غير مكتشف فهو يساوي صفر افتراضي على انه لايعي ذاته . ومن العنوان الذي يوحي بتساوي الهيمنة الزمانية والمكانية كونهما يشتركان بمصدر مصنّع واحد هو ( الشمس ) نخلص من ذلك الى :
زمن فارغ للشمس = زمن فارغ للنص ، مكان فارغ للشمس = مكان فارغ للنص .
ولأجراء تطبيقات تأويلية من المتن نقتطع الآتي :
1 – المروي عنه ( مات ) زمانه صفر ومكانه صفر لأنه غير مأهول وغير مكتشف حسبما افترضنا .
2 – ( اخترت احد المقعدين الفارغين ) / زمن المقعدين ومكانهما = صفر على وفق ما افترضناه
3 – ( قالوا : - بانه ترك مالا كثيرا ، قلت : - ما نفع ما تركه / الزمان صفر المكان صفر .
4 – ( قالوا : - ( أية سطوة كان يملك ؟ قلت : - جرده الموت منها / الزمان صفر ، المكان صفر .
5 – ( كانت الشمس استقرت في المقعد الفارغ ) / زمن فارغ للشمس ( العنوان ) = زمن فارغ للمقعد ( المتن ) .
بطولة العنوان = الشمس ، بطولة المتن = الموت . وكلاهما لا يعيان ذاتهما ، المتلقي هو الذي يعي هذه الكينونة ويقوننها اذن الشمس = الموت كلاهما فراغ خارج الزمن المحسوب وخارج المكان المأهول لذا صار المتن ( فراغ ) حالة ( ميتا زمانية ، ميتا مكانية ) .
لقد استفاد القاص من الغاء الحدود مابين ( ظاهرية ) الواقع العيني المحسوس و ( شطحات ) الخيال حيث انتج نصا محاكا من نسج هذا الواقع الحسي مع الخيال ، نصا لا يعتمد على النسق الحكائي ولا على البلاغة اللغوية بقدر ما يستفيد من اللعب والمراوغة في كلاهما معا لأنتاج جملة شعرية تحتمل التأويل بعد ان تحقق غرائبيتها غير المتناسقة في التأليف للوهلة الأولى فتجد لها اكثر من موقع لأدهاش المتلقي واستقبال النص لفك هذه الرموز واعادة تركيبها من جديد بتأويلات مخلقة من لدن المتلقي قد لا يجدها غيره وهذا يؤشر نجاح النص الذي يزدهر وينفتح الى عدة مستويات للقراءة . لذا ارى القاص وفق جدا في الوجازة والتركيز والتدبير المرمز لصياغة نص يسري فيه نفس شعري ولغوي خاص لألتقاط الأزمة المنتجة للنص خارج مكونات النص بهدم الحواجز الزمانية والمكانية والحكائية بفعلها التقليدي لمكونات القص المعروفة في سياقات التاليف بعيدا عن السرد التقليدي المستهلك وهذه مشكلة القاص ( محمد الأحمد ) كونه يعتمد على ميكانزم التطور الداخلي للحدث وليس على الحدث نفسه وقوانين بناءه القصصي في المساحات النصيّة وهذه السمة لا تقتصر على هذا النص فقط وانما تمتد على عموم كتاباته لذلك تجد من يعارضها او يقف ضدّها .
الصدمة أو الدهشة التي يحدثها هذا النص القصير ليس في نهاية الحدث كما هي خصيصة اساسية تسود معظم القصص القصيرة بل نجدها في ( فعل ) بنية النص ، غير مكتوبة ولا تحقق تشخيصها المرئي ، طافية في تخوم النص ، لا تـفقد قوتها من العنوان حتى السطر الأخير وبذلك خرج من دائرة النهايات التقليدية واحالتها الى المتلقي ليضع افتراضاته من خلال تأثير عموم النص في توليد نهاياته بمعنى الغاء ( المتوقع ) والأستسلام الى ( الواقع ) الذي يؤثر به سياق النص على المتلقي ، بمعنى آخر قدرة النص على الأنتقال من ( أناه ) الى ( أنا ) المتلقي .
بقي ان اقول شيئا يحسب لصالح ( زمن فارغ للشمس ) كونه نصا قصصيا قصيرا جدا فنحن الآن في عصر الزمن المحسوب والمقنن والمحكوم بوحدات الوقت وتفاصيلها الدقيقة التي تفرض هيمنتها على يومنا بقوة امام هذا التدفق الكبير من آليات النشر المرئية والمسموعة والمقروءة والتي لم تترك لنا وقتا فائضا لقراءة المطولات من على شاشات الأنترنيت مثلا من هنا ارى ضرورة انتباه كتاب الأنترنيت الى عدم الأطناب والأطالة والأهتمام بالنص القصير المكثف الممتع والمفيد مراعاة لأستفادة القارئ من سيف الوق
في جدلية زمكانية الشمس
قراءة: بلاســــم الضاحي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ النص ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زمنٌ فارغٌ للشمس
قصة قصيرة جدا / محمد الأحمد
كأن قلبي هو الذي يحدثني عن كل تلك المتفاوتات البينة، بينما كنت أخطو ساهماً إلى عمق الصوان المعتم، الذي امتلأ برجال لا اعرفها. فاخترت أحد المقعدين الفارغين في أقصى اليمين من زاوية تراكمت فيها حزمة ضوء، تلامعت خلالها ذرات الغبار، و استحالت مزيجاً دافقاً بألوان كرنفالية بديعة، انزلقت من فتحة شقها عماد الخيمة التي فيّأتنا. أصخت السمع إلى ما دارت الألسن من همهمات متوالية..تتحدث عن اللحظات الأخيرة، للمرحوم كحدث جلل قد حدث، توا، ولم يكن في المستشفى: (هكذا.. كان يقول المرحوم)، (…كان يحب المرحوم قبل أن يوافيه الأجل)، وهكذا دارت الاسطوانة بالذكريات توافقياً مع دوران أشعة الشمس المتحولة من كرسي إلى آخر بتتابع متسلسل.
قالوا :- بأنه ترك مالاً كثيراً.
قلت :- ما نفع ما تركه؟
قالوا :- بأنه ترك زوجة جميلة؟
وقلت :- ليكن الله في عونها.
دارت القهوة دوراناً صامتاً على شفاه الجالسين كما دارت سورة الفاتحة دوراناً مهيباً بين كل لحظة بين الراحتين والجبين .. دورة بطيئة الوقع تلتها الرجال بتمتمة شفاه مرتجفة، وبخشوع مستقر اندلع من العمق صار راسخاً كالحزن المقيم.
بقيت تتمات الكلام تصل إلى أذني بتواصل إيقاع حبات المسبحة المضطربة التي تصفقها أصابع رعشة، دون أن يلجمها شيء.
قالوا :- أية سطوة كان يملك؟
قلت :- جردهُ الموت منها!
حضرت أناء الكلام المتواصل رجالات، وذهبت أخر عن الكراسي التي طالتها الشمس، وكأنها تطهرت من البرودة الضاربة في الخشب الفارة، قالوا:-
- ليلة البارحة حضر الكثير من أعيان البلدة.
وقلت :-
- من كان عليه دين يؤديه!
بقيت أنفث دخان السيجارة بين كل تنهدة، ويشخص أمامي تحذير الطبيب الذي سبق، و أنقذ حياتي من موت محقق، كاد يحدث عقب نوبة قلبية، أوشكت أن تجهز عليَّ، ولما كنت اشغل مقعداً بين جموع الحاضرين، ولما بقيت كتلتي، تشغل حيزاً في هذا العالم المزدحم. كانت الشمس قد استقرت في المقعد الفارغ، المجاور لمقعدي. تصاعد الدخان إلى أعلى كأنه يرتقي الحزمة المهيبة، بحثاً عن مخرج، وكنت أتنفس حلقاته بعمق، فما قدرت صبراً على تأجيله، وكأن تحذيرات الطبيب، قد سقطت في منفضة الرماد المليئة بأعقاب السجائر، وقبل أن أنهض، شعرت ببعض الخدر في أطرافي، ولم أستطع النهوض بعدها استقرت الحزمة على فخذي.
_______________________القراءة________________________
هل الشمس وحدة زمانية أم وحدة مكانية ؟.. هي وحدة لقياس الزمن تتوالد منها الأيام وتتعاقب منها الفصول ، زمن ضوئي مأهول بسيول ضوئية متواصلة منذ شروعها ، ليس فيها فجوة تؤشر حسابها الزمني التقليدي في السبق أو التأخير انما زمن افتراضي تخيلي يساوي وحدة ضوئية على افتراض الغاء زمنية الشروع والوصول والأعتماد على تواصل الأنبعاث الضوئي ، فهو يساوي صفر افتراضي على انه لايعي ذاته .
وهي مكان يحسب بعده ضوئيا ، مكان بمكوناته المادية ومقوماته الجويولوجية ، مكان مأهول بأرواحنا وخيالاتنا حسب ، مكان غير مكتشف فهو يساوي صفر افتراضي على انه لايعي ذاته . ومن العنوان الذي يوحي بتساوي الهيمنة الزمانية والمكانية كونهما يشتركان بمصدر مصنّع واحد هو ( الشمس ) نخلص من ذلك الى :
زمن فارغ للشمس = زمن فارغ للنص ، مكان فارغ للشمس = مكان فارغ للنص .
ولأجراء تطبيقات تأويلية من المتن نقتطع الآتي :
1 – المروي عنه ( مات ) زمانه صفر ومكانه صفر لأنه غير مأهول وغير مكتشف حسبما افترضنا .
2 – ( اخترت احد المقعدين الفارغين ) / زمن المقعدين ومكانهما = صفر على وفق ما افترضناه
3 – ( قالوا : - بانه ترك مالا كثيرا ، قلت : - ما نفع ما تركه / الزمان صفر المكان صفر .
4 – ( قالوا : - ( أية سطوة كان يملك ؟ قلت : - جرده الموت منها / الزمان صفر ، المكان صفر .
5 – ( كانت الشمس استقرت في المقعد الفارغ ) / زمن فارغ للشمس ( العنوان ) = زمن فارغ للمقعد ( المتن ) .
بطولة العنوان = الشمس ، بطولة المتن = الموت . وكلاهما لا يعيان ذاتهما ، المتلقي هو الذي يعي هذه الكينونة ويقوننها اذن الشمس = الموت كلاهما فراغ خارج الزمن المحسوب وخارج المكان المأهول لذا صار المتن ( فراغ ) حالة ( ميتا زمانية ، ميتا مكانية ) .
لقد استفاد القاص من الغاء الحدود مابين ( ظاهرية ) الواقع العيني المحسوس و ( شطحات ) الخيال حيث انتج نصا محاكا من نسج هذا الواقع الحسي مع الخيال ، نصا لا يعتمد على النسق الحكائي ولا على البلاغة اللغوية بقدر ما يستفيد من اللعب والمراوغة في كلاهما معا لأنتاج جملة شعرية تحتمل التأويل بعد ان تحقق غرائبيتها غير المتناسقة في التأليف للوهلة الأولى فتجد لها اكثر من موقع لأدهاش المتلقي واستقبال النص لفك هذه الرموز واعادة تركيبها من جديد بتأويلات مخلقة من لدن المتلقي قد لا يجدها غيره وهذا يؤشر نجاح النص الذي يزدهر وينفتح الى عدة مستويات للقراءة . لذا ارى القاص وفق جدا في الوجازة والتركيز والتدبير المرمز لصياغة نص يسري فيه نفس شعري ولغوي خاص لألتقاط الأزمة المنتجة للنص خارج مكونات النص بهدم الحواجز الزمانية والمكانية والحكائية بفعلها التقليدي لمكونات القص المعروفة في سياقات التاليف بعيدا عن السرد التقليدي المستهلك وهذه مشكلة القاص ( محمد الأحمد ) كونه يعتمد على ميكانزم التطور الداخلي للحدث وليس على الحدث نفسه وقوانين بناءه القصصي في المساحات النصيّة وهذه السمة لا تقتصر على هذا النص فقط وانما تمتد على عموم كتاباته لذلك تجد من يعارضها او يقف ضدّها .
الصدمة أو الدهشة التي يحدثها هذا النص القصير ليس في نهاية الحدث كما هي خصيصة اساسية تسود معظم القصص القصيرة بل نجدها في ( فعل ) بنية النص ، غير مكتوبة ولا تحقق تشخيصها المرئي ، طافية في تخوم النص ، لا تـفقد قوتها من العنوان حتى السطر الأخير وبذلك خرج من دائرة النهايات التقليدية واحالتها الى المتلقي ليضع افتراضاته من خلال تأثير عموم النص في توليد نهاياته بمعنى الغاء ( المتوقع ) والأستسلام الى ( الواقع ) الذي يؤثر به سياق النص على المتلقي ، بمعنى آخر قدرة النص على الأنتقال من ( أناه ) الى ( أنا ) المتلقي .
بقي ان اقول شيئا يحسب لصالح ( زمن فارغ للشمس ) كونه نصا قصصيا قصيرا جدا فنحن الآن في عصر الزمن المحسوب والمقنن والمحكوم بوحدات الوقت وتفاصيلها الدقيقة التي تفرض هيمنتها على يومنا بقوة امام هذا التدفق الكبير من آليات النشر المرئية والمسموعة والمقروءة والتي لم تترك لنا وقتا فائضا لقراءة المطولات من على شاشات الأنترنيت مثلا من هنا ارى ضرورة انتباه كتاب الأنترنيت الى عدم الأطناب والأطالة والأهتمام بالنص القصير المكثف الممتع والمفيد مراعاة لأستفادة القارئ من سيف الوق
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)