٢٥/٠٥/٢٠٠٦
سودة ومصخمة
علي السوداني
هذا يوم عجيب عظيم يمرق فوق حياتي في اللحظة التي كنت افرش فيها سجادة الوجع . الليلة حطت في بطن بريدي الالكتروني رسالة مدهشة بعد رشقات متصلة من فايروسات الخبث . المكتوب كان شديد الوضوح سهل الفهم كتب بلغة انكليزية سلسة وكان بمستطاعي فهمه واستيعابه بما تخلف في الذاكرة من درس اللغة الانكليزية للصف السادس باء . بعد تحية مبتسرة وتفصيل مثلها انبأني السيد المرسل بأنني قد فزت بجائزة اللوتري التي جرت سحبتها بطريقة عشوائية على ملايين العناوين البريدية ومن كل الاصقاع والفجاج والامصار . الجائزة كانت قيمتها نحو مليون ونصف المليون دولار وما علي لقبض المبلغ سوى الاتصال بهاتف وعنوان مرفق مع المكتوب واسم شركة عملاقة مقرها امستردام وبس !!
مسحت عيني وقرصت شحمة اذني خشية ان اكون في حلم يقظة او اضغاث نومة ثم اعدت قراءة الرسالة كلمة تسحل كلمة وكانت النتيجة متطابقة تماما مع القراءة الاولى فصار لا مهرب من صيحة كبرى التأمت على اثرها زوجتي الجميلة ومقطورة العائلة . قرأنا المكتوب اليقين معاً وقبل سبعة اسطر من نهايته اتضحت الرؤية وبانت الزبدة وصار المليون ونصفه على عتبة الدار واشتغلت الهلاهل وامطرت القبل ولكي تطمئن القلوب وترتاح الانفس قمت بتطيير المكتوب الى صاحب لي شغلته ترجمان وطلبت منه الترجمة الفورية وموافاتي بها مع وعد حق بأن اشتري له شقة ديلوكس في حال ثبوت الفرحة !!
في الزمن العصيب الذي كنا ننطر فيه رد الصديق تفتق المخيال عن مراداته واشتهاءاته التي اشهرها قصر وسيارة . اقترحت على العائلة ان نصرف من المال نصف مليون دولار ونضع المليون المتبقي في البنك ونعيش بفائدته المجزية وهي فكرة لا تخلو من تنبلة كنت الهث وراءها طول عمري وقد استحسنها الاولاد وامهم التي ثلمت جزءا عزيزا من المال لأن اهلها ينامون على ضائقة ويسكنون حيا شعبيا من حارات بغداد العباسية ومواردهم شحيحة لا تكفي لسداد بانزين المولدة وابر التهاب الكبد الفايروسي وقهر الحكومة . وافقتها بالطبع على ما ارادت ورغبت واشتهت بل زدت على الكلام اجمله ورششتها بقسم غليظ وحلف راسخ بأنني لن اثني عليها بضرّة حتى لو كانت انجليانا جولي او نانسي عجرم !!
الفرح يتصل والحكي يتشعب والامنيات تتهاطل والنعمة التي انطشت علينا ستخيم وتشمل صحبنا وخلاننا وجلاسنا المفلسين وبائعات السكائر العراقيات الامهات المقمطات بسواد الألم وسفر الهزيمة ، ولقد لبثنا على هذا ساعة او ازيد حتى رن جرس الهاتف فكان على الطرف الثاني منه صاحبي الترجمان الشاطر الذي لم افهم من كلامه فحوى او محوى بسبب من فرط نوبة الضحك التي كان عليها . يقول صاحبي الترجمان انني وقعت ضحية خدعة مشهورة اذ تقوم شركات وهمية بأرسال مثل هذا المكتوب الى آلاف مؤلفة من العناوين وتطلب منهم مهاتفتها لتسلم المبلغ وقد تكلف المخابرة الواحدة صاحبها خمسين دولارا بعد ان يدورون به على ازيد من تلفون واطول من انتظار ينصت فيه الى صوت امرأة مثيرة او الى انثيال قطعة موسيقى مهدئة !!
اظن انني ارتكبت خطأ شنيعا اذ استعنت بذلك الصاحب المنكود الذي لم يمهل الحلم البديع الا ساعة كانت هي الاحلى من بين كل ساعات السخام الخالدة وعلى هذا أحس الليلة بحزن شاسع كما لو انني اضعت مليونا ونصف مليون دولار امريكي طبعا !!
وعليه وبه سيكون سؤال اليوم هو :
ما هو عدد اعضاء البرلمان العراقي ممن يحملون جنسيتين وثلاثة جوازات سفر دولية وبطاقة تموينية واحدة ؟
alialsoudani61@hotmail.com
علي السوداني
هذا يوم عجيب عظيم يمرق فوق حياتي في اللحظة التي كنت افرش فيها سجادة الوجع . الليلة حطت في بطن بريدي الالكتروني رسالة مدهشة بعد رشقات متصلة من فايروسات الخبث . المكتوب كان شديد الوضوح سهل الفهم كتب بلغة انكليزية سلسة وكان بمستطاعي فهمه واستيعابه بما تخلف في الذاكرة من درس اللغة الانكليزية للصف السادس باء . بعد تحية مبتسرة وتفصيل مثلها انبأني السيد المرسل بأنني قد فزت بجائزة اللوتري التي جرت سحبتها بطريقة عشوائية على ملايين العناوين البريدية ومن كل الاصقاع والفجاج والامصار . الجائزة كانت قيمتها نحو مليون ونصف المليون دولار وما علي لقبض المبلغ سوى الاتصال بهاتف وعنوان مرفق مع المكتوب واسم شركة عملاقة مقرها امستردام وبس !!
مسحت عيني وقرصت شحمة اذني خشية ان اكون في حلم يقظة او اضغاث نومة ثم اعدت قراءة الرسالة كلمة تسحل كلمة وكانت النتيجة متطابقة تماما مع القراءة الاولى فصار لا مهرب من صيحة كبرى التأمت على اثرها زوجتي الجميلة ومقطورة العائلة . قرأنا المكتوب اليقين معاً وقبل سبعة اسطر من نهايته اتضحت الرؤية وبانت الزبدة وصار المليون ونصفه على عتبة الدار واشتغلت الهلاهل وامطرت القبل ولكي تطمئن القلوب وترتاح الانفس قمت بتطيير المكتوب الى صاحب لي شغلته ترجمان وطلبت منه الترجمة الفورية وموافاتي بها مع وعد حق بأن اشتري له شقة ديلوكس في حال ثبوت الفرحة !!
في الزمن العصيب الذي كنا ننطر فيه رد الصديق تفتق المخيال عن مراداته واشتهاءاته التي اشهرها قصر وسيارة . اقترحت على العائلة ان نصرف من المال نصف مليون دولار ونضع المليون المتبقي في البنك ونعيش بفائدته المجزية وهي فكرة لا تخلو من تنبلة كنت الهث وراءها طول عمري وقد استحسنها الاولاد وامهم التي ثلمت جزءا عزيزا من المال لأن اهلها ينامون على ضائقة ويسكنون حيا شعبيا من حارات بغداد العباسية ومواردهم شحيحة لا تكفي لسداد بانزين المولدة وابر التهاب الكبد الفايروسي وقهر الحكومة . وافقتها بالطبع على ما ارادت ورغبت واشتهت بل زدت على الكلام اجمله ورششتها بقسم غليظ وحلف راسخ بأنني لن اثني عليها بضرّة حتى لو كانت انجليانا جولي او نانسي عجرم !!
الفرح يتصل والحكي يتشعب والامنيات تتهاطل والنعمة التي انطشت علينا ستخيم وتشمل صحبنا وخلاننا وجلاسنا المفلسين وبائعات السكائر العراقيات الامهات المقمطات بسواد الألم وسفر الهزيمة ، ولقد لبثنا على هذا ساعة او ازيد حتى رن جرس الهاتف فكان على الطرف الثاني منه صاحبي الترجمان الشاطر الذي لم افهم من كلامه فحوى او محوى بسبب من فرط نوبة الضحك التي كان عليها . يقول صاحبي الترجمان انني وقعت ضحية خدعة مشهورة اذ تقوم شركات وهمية بأرسال مثل هذا المكتوب الى آلاف مؤلفة من العناوين وتطلب منهم مهاتفتها لتسلم المبلغ وقد تكلف المخابرة الواحدة صاحبها خمسين دولارا بعد ان يدورون به على ازيد من تلفون واطول من انتظار ينصت فيه الى صوت امرأة مثيرة او الى انثيال قطعة موسيقى مهدئة !!
اظن انني ارتكبت خطأ شنيعا اذ استعنت بذلك الصاحب المنكود الذي لم يمهل الحلم البديع الا ساعة كانت هي الاحلى من بين كل ساعات السخام الخالدة وعلى هذا أحس الليلة بحزن شاسع كما لو انني اضعت مليونا ونصف مليون دولار امريكي طبعا !!
وعليه وبه سيكون سؤال اليوم هو :
ما هو عدد اعضاء البرلمان العراقي ممن يحملون جنسيتين وثلاثة جوازات سفر دولية وبطاقة تموينية واحدة ؟
alialsoudani61@hotmail.com
رسالة المثقف العراقي
صباح محسن كاظم
المثقف ودوره المؤثر في بنية الحياة الانسانية فاعلا فالحراك الفكري والتنموي والتأسيسي للوعي الاجتماعي ينطلق من دور المثقف الايجابي فالنخب الثقافية من الاكاديمين والفنانين والمثقفين يتولون مسؤولية البناء الحضاري والتنويري والنهضوي لما يمتلكون من قوة الفكر الواعي للتحليل والاستنباط والنقد الهادف والبناء لتنوير الامة لذا حورب المثقف العضوي من الفاشستية الكوليانالية والثقافة البطرياركية والسلطات الثيوقراطية والنظم الشمولية فهو مستهد ف من الطغاة دائما وشهداء الثقافة العراقية خير دليل على ذلك من الشهيد الروائي حسن مطلك والشهيدحاكم محمد حسين والشهيد جليل المياحي وعزيز السيد جاسم وعشرات الادباء الذين تعرضوا للاعتقال والسجن وفي مقدمتهم الاديب حميد المختار وكذلك ادى العنف السياسي وسلطة القرية الى هروب ابرع الاقلام العراقي الى المنافي ووفاة اهم القامات الادبية والفكرية خارج اوطانهم مثل السيد مصطفى جمال الدين والجواهري وبلند الحيدري والشاعر المبدع الراحل كمال سبتي
ان بناء المجتمع المدني المتحضر بامس الحاجة الى المثقف العضوي الوطني غير البراغماتي والانتهازي الحرباوي فان مشروعه الفكري يؤسس لثقافة نهضوية ترقى بالانسان الى واقع افضل ومناخ مناسب للعطاء والإبداع ،مستلهما تراثه ونتاجه المعرفي ممزوجا بالحداثة الرؤيوية في شتى صنوف الإبداع الفكرية والادبية والفنية ، فما حصل عليه من معارف انسانية من خلال الترجمة والإطلاع على اداب وفنون الشعوب الاخرى والمنجز الانساني مضافا الى تاريخ الإبداع الاسلامي في الحقول الشعرية والقصصية والفكرية للتراث الاسلامي، لتصب في بوتقة واحدة ، تصنع منه مثقفا شموليا قادرا على فرز الايجاب من السلب وصانعا لارادته ومنهج سلوكه دون التاثر بالمحيط ,ان طبقة الانتلجيستا من النخب الفكرية تحمل هاجس البناء الفكري والحراك التغيري من اجل صيرورة النهوض العلمي التنموي الشامل وكذلك مصد فكري للعولمة ومحاولة الغزو الثقافي بنشر اجندتها من خلال الاباحية تارةً او عن طريق محاولة قطع الجذور مع القيم الروحية والفكرية تارة اخرى 0 اذا كان المشهد الثقافي العراقي يمثل احادية الطرح الايديولوجي من خلال ادلجة السلطة لانتاج فكري وادبي يدخل في صميم مشروعها السلطوي 0الان فتحت الافاق على نوافذ الحرية بمختلف طيفها الفكري ، فالمثقف ينهل ممايريد ويتوافق مع رؤياه وتطلعاته ،فيترتب على ذلك مسؤوليات جسام تتعلق بنبذ الارهاب الذي طال الاعلاميين والسياسيين, وتدمير البنى التحتية واستهداف قوى الامن الداخلي والاسواق وتهجيرالاف العوائل،ان ثقافة الارهاب دخيلة على الشعب العراقي وهي قادمة من وراء الحدود مدفوعة باعلام مضلل ومحرض على ثقافة العنف مستمدا من فتاوى التكفيريين كذلك على المثقف الفاعل والعضوي لما يمتلكه من وعي وسلطة مؤثرة في الاعلام رفض التهميش والمصادرة للراي المخالف تارة واخرى المشاركة الفاعلة مع الأحداث من خلال تقويم الاوضاع وحشد الطاقات ، من اجل ارساء قيم المجتمع المدني فلا مبرر اطلاقاً للمثقف لينأى بنفسه بعدم المشاركة في صياغة وصنع مستقبل العراق الجديد ينبغي على المثقف الابتعاد عن الذاتية والنرجسية وحب الانا وكان ما يقوله الحقيقة المطلقة وغيره لا رأي له0 ان نهضة الامم الحضارية تقوم من خلال صناع التاريخ الذي يكون الشركاء في صناعته النخب الفكرية من كتاب وشعراء ومسرحيين وتشكيليين ،فلو عدنا قليلا الى عصر النهضة الاوربية نرى الاسهام الفاعل للجميع في بناء المجتمع والنهوض بواقع الانسان0 فارست اوربا حضارة جديدة على انقاض الفترة المظلمة التي عاشتها وكان دور النخب الفكرية هائلا في تلك النهضة فتاثير ميخائيل انجلو وليوناردو دافنشي ودانتي ساهم بتاسيس وعي ثقافي وفكري وجمالي تمظهر من خلال النهضة الاوربية فعراق خارج من ثقافة الخوف الى فضاء الحرية بحاجة الى جميع الاقلام الوطنية التي لم تهادن في يوم ما سلطة البطش وتمجد الدكتاتورية على حساب الام الشعب العراقي وما يثار في الصحافة والاعلام بان مثقف الداخل ومثقف الخارج فكلاهما يصنع الحياة الجديدة المفعمة بالامل والمزدانة بالاشراق على عصر جديد يؤمن بالتعددية والتبادل السلمي للسلطة ويؤسس لحياة جديدة ملأها حب الوطن والنزاهة والاخلاص بعيدا عن الفساد الاداري والمالي والتجاوز على المال العام الذي هو شركاء فيه كل العراقيين ان هذا الوعي الثقافي ينقل العراق الى مجتمع مدني يكون انموذجا حضاريا في المنطقة التي لاتعرف للديمقراطية معنى ولاتؤمن بالتعددية السياسية وحقوق الانسان 0
فسلطةالمثقف العضوي تعمل على زحزحة المفاهيم البالية بمنظومة معرفية منهجيته فلسفية تربوية اخلاقية ببنية ابستمولوجية تسمو بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي برؤيا حضارية عصرية تخلق تيارا ضاغطا ذو نزوع يندفع الى الامام متخطيا جراح المرحلة السابقة بنبض يتدفق بالحيوية مشكلا اغلبية ناطقة غير صامته وسلبية اشتراطات نجاح عملها المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وغير ممنهجة بسطوة السياسي شعارها كفاية للفساد الاداري والمالي ورافضة سياسة التهميش والاقصاء فاضحة المسكوت عنه واستشراف ما يخطط لمستقبلنا ومصالح الاخر واهدافه كذلك للمثقف العضوي الحيوي صياغة مشروع يمثل عملية اعادة انتاج الفكر وفق انساق ثقافية وسلوكية تتعشق في اعماق اللاوعي الجمعي وتنغرس وتنمو اجتماعيا لتخلق وعيا مستقبليا للامة يؤثث ويرمم الانكسارات والتشضي للذات المعذبة من قسوة الدكتاتورية التي جاءت عن طريق قرصنة اللصوص في خلسة الليل لتجثم على ثرى العراق المقدس اما المثقف السلبي ينظر من زوايا مصلحته الخاصة ذات الطبيعة الانانية والسلبية ولسان حاله يقول اذا مت عطشانا فلا نزل القطر .
التعاطي مع واقعنا الثقافي الجديد يحتم على المثقف العضوي اتخاذ مواقف ايجابية لصالح وطنه فوجوده وتصوراته في الازمة وقبل الازمة واثناء الازمة يفرض عليه ان تكن له عينا باصرة لرصد السلبيات وتقويم الاداء لصالح الامة بعيدا عن التذمر فالشاعر ينقد الواقع من اجل حياة ابهى واجمل كذلك المسرحي والتشكيلي والكاتب فملئ مساحة الفراغ وتوظيف الطاقات العقلية ينهض بالواقع الى ما هو افضل من خلال البحث عن بدائل وحلول للمعضلات التي تواجه السياسي والعامل لمصلحة تقدم ونمو المجتمع فالمبدع له شهوة التغيير نحو الافضل لانه يطمح للحلم بواقع اجمل مستثمرا فضاء الحرية فالثقافة اسلوب حياة جديد تتسم برصد وتقويم الاداء السياسي والاجتماعي ومسك معول التغيير لهدم كل المفاهيم التي ارستها الدكتاتورية البغيضة فالتسامي بالنزاهة والاخلاص وعدم التفريط بالمال العام واستخدام المنصب والتزييف والنفاق السياسي ينبغي ان يؤسس المثقف مشروعه الوطني من خلال حمل الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية لشعب عريق في الحضارة قدم منجزه للانسانية لكل ابعاد المعرفة وعودة على بدء فللمثقف العضوي حضور دائم لا يعرف الانهزامية متصديا للارهاب الجسدي والفكري والمالي لا يؤمن في السكوت عن المسكوت عنه في قضاياه الوطنية فالانتماء للعراق المقدس مقدم على كل ولاء فالمثقف الاصيل حامل بشارة لامل موعود ولمستقبل واعد موضوعيا لا طوباويا مفرطا في ذلك ساعيا الى تاسيس مجتمع مدني يليق بحضارتنا العراقية.اما مثقف السلطة فبوق سرعان ماينكشف زيفه وسحره وزخرفه
وبالتالي فنتاجه الى نفايات التاريخ والخلود لثقافة الحقيقة وثقافةالبناء لان ماينفع الناس يمكث في الارض,,وتختزنه ذاكرة الاجيال
صباح محسن كاظم
المثقف ودوره المؤثر في بنية الحياة الانسانية فاعلا فالحراك الفكري والتنموي والتأسيسي للوعي الاجتماعي ينطلق من دور المثقف الايجابي فالنخب الثقافية من الاكاديمين والفنانين والمثقفين يتولون مسؤولية البناء الحضاري والتنويري والنهضوي لما يمتلكون من قوة الفكر الواعي للتحليل والاستنباط والنقد الهادف والبناء لتنوير الامة لذا حورب المثقف العضوي من الفاشستية الكوليانالية والثقافة البطرياركية والسلطات الثيوقراطية والنظم الشمولية فهو مستهد ف من الطغاة دائما وشهداء الثقافة العراقية خير دليل على ذلك من الشهيد الروائي حسن مطلك والشهيدحاكم محمد حسين والشهيد جليل المياحي وعزيز السيد جاسم وعشرات الادباء الذين تعرضوا للاعتقال والسجن وفي مقدمتهم الاديب حميد المختار وكذلك ادى العنف السياسي وسلطة القرية الى هروب ابرع الاقلام العراقي الى المنافي ووفاة اهم القامات الادبية والفكرية خارج اوطانهم مثل السيد مصطفى جمال الدين والجواهري وبلند الحيدري والشاعر المبدع الراحل كمال سبتي
ان بناء المجتمع المدني المتحضر بامس الحاجة الى المثقف العضوي الوطني غير البراغماتي والانتهازي الحرباوي فان مشروعه الفكري يؤسس لثقافة نهضوية ترقى بالانسان الى واقع افضل ومناخ مناسب للعطاء والإبداع ،مستلهما تراثه ونتاجه المعرفي ممزوجا بالحداثة الرؤيوية في شتى صنوف الإبداع الفكرية والادبية والفنية ، فما حصل عليه من معارف انسانية من خلال الترجمة والإطلاع على اداب وفنون الشعوب الاخرى والمنجز الانساني مضافا الى تاريخ الإبداع الاسلامي في الحقول الشعرية والقصصية والفكرية للتراث الاسلامي، لتصب في بوتقة واحدة ، تصنع منه مثقفا شموليا قادرا على فرز الايجاب من السلب وصانعا لارادته ومنهج سلوكه دون التاثر بالمحيط ,ان طبقة الانتلجيستا من النخب الفكرية تحمل هاجس البناء الفكري والحراك التغيري من اجل صيرورة النهوض العلمي التنموي الشامل وكذلك مصد فكري للعولمة ومحاولة الغزو الثقافي بنشر اجندتها من خلال الاباحية تارةً او عن طريق محاولة قطع الجذور مع القيم الروحية والفكرية تارة اخرى 0 اذا كان المشهد الثقافي العراقي يمثل احادية الطرح الايديولوجي من خلال ادلجة السلطة لانتاج فكري وادبي يدخل في صميم مشروعها السلطوي 0الان فتحت الافاق على نوافذ الحرية بمختلف طيفها الفكري ، فالمثقف ينهل ممايريد ويتوافق مع رؤياه وتطلعاته ،فيترتب على ذلك مسؤوليات جسام تتعلق بنبذ الارهاب الذي طال الاعلاميين والسياسيين, وتدمير البنى التحتية واستهداف قوى الامن الداخلي والاسواق وتهجيرالاف العوائل،ان ثقافة الارهاب دخيلة على الشعب العراقي وهي قادمة من وراء الحدود مدفوعة باعلام مضلل ومحرض على ثقافة العنف مستمدا من فتاوى التكفيريين كذلك على المثقف الفاعل والعضوي لما يمتلكه من وعي وسلطة مؤثرة في الاعلام رفض التهميش والمصادرة للراي المخالف تارة واخرى المشاركة الفاعلة مع الأحداث من خلال تقويم الاوضاع وحشد الطاقات ، من اجل ارساء قيم المجتمع المدني فلا مبرر اطلاقاً للمثقف لينأى بنفسه بعدم المشاركة في صياغة وصنع مستقبل العراق الجديد ينبغي على المثقف الابتعاد عن الذاتية والنرجسية وحب الانا وكان ما يقوله الحقيقة المطلقة وغيره لا رأي له0 ان نهضة الامم الحضارية تقوم من خلال صناع التاريخ الذي يكون الشركاء في صناعته النخب الفكرية من كتاب وشعراء ومسرحيين وتشكيليين ،فلو عدنا قليلا الى عصر النهضة الاوربية نرى الاسهام الفاعل للجميع في بناء المجتمع والنهوض بواقع الانسان0 فارست اوربا حضارة جديدة على انقاض الفترة المظلمة التي عاشتها وكان دور النخب الفكرية هائلا في تلك النهضة فتاثير ميخائيل انجلو وليوناردو دافنشي ودانتي ساهم بتاسيس وعي ثقافي وفكري وجمالي تمظهر من خلال النهضة الاوربية فعراق خارج من ثقافة الخوف الى فضاء الحرية بحاجة الى جميع الاقلام الوطنية التي لم تهادن في يوم ما سلطة البطش وتمجد الدكتاتورية على حساب الام الشعب العراقي وما يثار في الصحافة والاعلام بان مثقف الداخل ومثقف الخارج فكلاهما يصنع الحياة الجديدة المفعمة بالامل والمزدانة بالاشراق على عصر جديد يؤمن بالتعددية والتبادل السلمي للسلطة ويؤسس لحياة جديدة ملأها حب الوطن والنزاهة والاخلاص بعيدا عن الفساد الاداري والمالي والتجاوز على المال العام الذي هو شركاء فيه كل العراقيين ان هذا الوعي الثقافي ينقل العراق الى مجتمع مدني يكون انموذجا حضاريا في المنطقة التي لاتعرف للديمقراطية معنى ولاتؤمن بالتعددية السياسية وحقوق الانسان 0
فسلطةالمثقف العضوي تعمل على زحزحة المفاهيم البالية بمنظومة معرفية منهجيته فلسفية تربوية اخلاقية ببنية ابستمولوجية تسمو بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي برؤيا حضارية عصرية تخلق تيارا ضاغطا ذو نزوع يندفع الى الامام متخطيا جراح المرحلة السابقة بنبض يتدفق بالحيوية مشكلا اغلبية ناطقة غير صامته وسلبية اشتراطات نجاح عملها المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وغير ممنهجة بسطوة السياسي شعارها كفاية للفساد الاداري والمالي ورافضة سياسة التهميش والاقصاء فاضحة المسكوت عنه واستشراف ما يخطط لمستقبلنا ومصالح الاخر واهدافه كذلك للمثقف العضوي الحيوي صياغة مشروع يمثل عملية اعادة انتاج الفكر وفق انساق ثقافية وسلوكية تتعشق في اعماق اللاوعي الجمعي وتنغرس وتنمو اجتماعيا لتخلق وعيا مستقبليا للامة يؤثث ويرمم الانكسارات والتشضي للذات المعذبة من قسوة الدكتاتورية التي جاءت عن طريق قرصنة اللصوص في خلسة الليل لتجثم على ثرى العراق المقدس اما المثقف السلبي ينظر من زوايا مصلحته الخاصة ذات الطبيعة الانانية والسلبية ولسان حاله يقول اذا مت عطشانا فلا نزل القطر .
التعاطي مع واقعنا الثقافي الجديد يحتم على المثقف العضوي اتخاذ مواقف ايجابية لصالح وطنه فوجوده وتصوراته في الازمة وقبل الازمة واثناء الازمة يفرض عليه ان تكن له عينا باصرة لرصد السلبيات وتقويم الاداء لصالح الامة بعيدا عن التذمر فالشاعر ينقد الواقع من اجل حياة ابهى واجمل كذلك المسرحي والتشكيلي والكاتب فملئ مساحة الفراغ وتوظيف الطاقات العقلية ينهض بالواقع الى ما هو افضل من خلال البحث عن بدائل وحلول للمعضلات التي تواجه السياسي والعامل لمصلحة تقدم ونمو المجتمع فالمبدع له شهوة التغيير نحو الافضل لانه يطمح للحلم بواقع اجمل مستثمرا فضاء الحرية فالثقافة اسلوب حياة جديد تتسم برصد وتقويم الاداء السياسي والاجتماعي ومسك معول التغيير لهدم كل المفاهيم التي ارستها الدكتاتورية البغيضة فالتسامي بالنزاهة والاخلاص وعدم التفريط بالمال العام واستخدام المنصب والتزييف والنفاق السياسي ينبغي ان يؤسس المثقف مشروعه الوطني من خلال حمل الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية لشعب عريق في الحضارة قدم منجزه للانسانية لكل ابعاد المعرفة وعودة على بدء فللمثقف العضوي حضور دائم لا يعرف الانهزامية متصديا للارهاب الجسدي والفكري والمالي لا يؤمن في السكوت عن المسكوت عنه في قضاياه الوطنية فالانتماء للعراق المقدس مقدم على كل ولاء فالمثقف الاصيل حامل بشارة لامل موعود ولمستقبل واعد موضوعيا لا طوباويا مفرطا في ذلك ساعيا الى تاسيس مجتمع مدني يليق بحضارتنا العراقية.اما مثقف السلطة فبوق سرعان ماينكشف زيفه وسحره وزخرفه
وبالتالي فنتاجه الى نفايات التاريخ والخلود لثقافة الحقيقة وثقافةالبناء لان ماينفع الناس يمكث في الارض,,وتختزنه ذاكرة الاجيال
ما ذنب العراقي
محمد الأحمد
ما ذنب العراقي الذي كان معذبا تحت وطأة نظام شهد له وضاعته وبغضه من العالم اجمع، مدة سقيمة نافت على عقود ثلاثة، وما زال يتواصل عليه الالم ممضاً، متفاقماً عليه الحرمان المرّ. اما من حق له ان يسأل كبقية خلق الله، عما اقرفه ليصبح او يمسي يوماً بعد يوم على بركة من دم الابرياء تقابله في شوارعه، ببضع ايدٍّ او ارجل متناثرة هنا او هناك، امخاخ واحشاء تتطاير، وانصاف عارية عصفها الأنفجار، بقيت معلقة على الاشجار، وحيطان بقيت محفرة بشظايا لعينة، حاقدة. تلك الجثث مازالت حقيقية طازجة ببرائتها، كما لو علقها القصابون من بضاعتهم، ولأدهى ان تطارده الفضائيات بصور اكثر وحشية، وافكار اكثر سادية مما يراه على ارضه. اقدره يبقى مروعاً، يخاف كل لحظة ان تنفجر من تحته الارض، ومن فوقه السماء، ويشتعل به الهواء، وتتناثر النتف متباعدة دون دفن. لا تقبلها ثلاجة الموتى من بعد تكدست الاعضاء التي لا يعرف اصحابها.. اذ جُمعت من على سطوح المنازل التي جاورت مراكز الحوادث، وجعلت نفوس نسائها كسيرات وهنَّ يندبنَّ حظهن بما تبقى من اسيجة وما تهشم من زجاج كان يسترهنَّ. والرجال من لم يُصب ستجده قد بقي يمشي الهوينا قاصدا ابعد الطرق، متجاوزا الدوائر المدنية ومقرات الاحزاب، بقي يهمل شؤونه في اية مؤسسة حكومية، لانهم ارهبوه بآلات محشوة باشد المتفجرات فتكاً، واجساد مغيبة العقل، انتحارية، تضخها مؤسسات وضيعة، مختلة، ادمنت الانتقام هدفها المناصب لتتحكم بثروة البلد (تنتشله كما تفعل الكلاب المتوحشة بعدما تحصل احداهما على فريسة)، وايضا لاجل ان يؤمنون للفضائيات اخبارها، واقوالها، ويزيدون الضحايا ضحايا، ويسترزقون الدم الزكي البريء. غايتهم ان يقال الخبر، ويشاع، ولا هم لهم سوى ان يثبتوا لبعضهم البعض بان لهم امكانية ارسال رسالئهم الدموية الى كل مكان، مادموا يملكون زمام آلاتهم المغيبة الضمير بالكامل، وانهم يستطيعون الوصول بها حيث يرمون، وحيث يبغون، متجاهلين الامكنة ومحتواها، ومفخخين الزمان كله، ومعيثين بالايدلوجيا وخطاباتها المقدسة خراباً سوف لن يستوي على مبدأ، ولن ينهض من هشيمه اي ناهض، من بعد ان تلفوا الممتلكات الشرعية، وقطعوا طرق الآمنين، وبقية حبل المعروف، بالفجيعة وازدياد مبادئهم كراهية من العامة والخاصة، واصبحوا على مقت شديد اكثر مما كان (العهد التكريتي) الذي ولى من بعد ان انجبهم بكل ذلك التشويه المريع..
ماذنب هذا الجليل رازحاً تحت ذلك الكابوس النكرة، الى يومنا هذا ولم يحتفل بخلاصه من السابق البغيض الذي حكمه متوالياً بالازمات والحروب والانتهاكات، فيخاف في كل خطوة ان يفقد فرحته المؤجلة..
ماذنب العراقي بان يتصارع حوله وعليه الوحوش الكاسرة، وكل منهم يريدهُ صيداً سميناً، لخيره الوفير، ولظله الوارف، ولانسانه بن اول واقدس الحضارات.. لاجل ان تموت رجاله ونسائه في اقبية الظلام، تحت أيد لا تفرق بين الظل والصدى.
لقد تكالبت عليه المؤسسات بصراعات دامية، مكلفة، وصار بلده عرضة لكل من هبَّ ودبَّ. كل منهم يضع عصاه ليعيق عجلة التطور، فسواء بعدت المسافة، أوتقلصت.. صار السؤال يكبر كل لحظة، وان لا يبقى مظلوما كل هذا الظلم وكل ذاك.
محمد الأحمد
ما ذنب العراقي الذي كان معذبا تحت وطأة نظام شهد له وضاعته وبغضه من العالم اجمع، مدة سقيمة نافت على عقود ثلاثة، وما زال يتواصل عليه الالم ممضاً، متفاقماً عليه الحرمان المرّ. اما من حق له ان يسأل كبقية خلق الله، عما اقرفه ليصبح او يمسي يوماً بعد يوم على بركة من دم الابرياء تقابله في شوارعه، ببضع ايدٍّ او ارجل متناثرة هنا او هناك، امخاخ واحشاء تتطاير، وانصاف عارية عصفها الأنفجار، بقيت معلقة على الاشجار، وحيطان بقيت محفرة بشظايا لعينة، حاقدة. تلك الجثث مازالت حقيقية طازجة ببرائتها، كما لو علقها القصابون من بضاعتهم، ولأدهى ان تطارده الفضائيات بصور اكثر وحشية، وافكار اكثر سادية مما يراه على ارضه. اقدره يبقى مروعاً، يخاف كل لحظة ان تنفجر من تحته الارض، ومن فوقه السماء، ويشتعل به الهواء، وتتناثر النتف متباعدة دون دفن. لا تقبلها ثلاجة الموتى من بعد تكدست الاعضاء التي لا يعرف اصحابها.. اذ جُمعت من على سطوح المنازل التي جاورت مراكز الحوادث، وجعلت نفوس نسائها كسيرات وهنَّ يندبنَّ حظهن بما تبقى من اسيجة وما تهشم من زجاج كان يسترهنَّ. والرجال من لم يُصب ستجده قد بقي يمشي الهوينا قاصدا ابعد الطرق، متجاوزا الدوائر المدنية ومقرات الاحزاب، بقي يهمل شؤونه في اية مؤسسة حكومية، لانهم ارهبوه بآلات محشوة باشد المتفجرات فتكاً، واجساد مغيبة العقل، انتحارية، تضخها مؤسسات وضيعة، مختلة، ادمنت الانتقام هدفها المناصب لتتحكم بثروة البلد (تنتشله كما تفعل الكلاب المتوحشة بعدما تحصل احداهما على فريسة)، وايضا لاجل ان يؤمنون للفضائيات اخبارها، واقوالها، ويزيدون الضحايا ضحايا، ويسترزقون الدم الزكي البريء. غايتهم ان يقال الخبر، ويشاع، ولا هم لهم سوى ان يثبتوا لبعضهم البعض بان لهم امكانية ارسال رسالئهم الدموية الى كل مكان، مادموا يملكون زمام آلاتهم المغيبة الضمير بالكامل، وانهم يستطيعون الوصول بها حيث يرمون، وحيث يبغون، متجاهلين الامكنة ومحتواها، ومفخخين الزمان كله، ومعيثين بالايدلوجيا وخطاباتها المقدسة خراباً سوف لن يستوي على مبدأ، ولن ينهض من هشيمه اي ناهض، من بعد ان تلفوا الممتلكات الشرعية، وقطعوا طرق الآمنين، وبقية حبل المعروف، بالفجيعة وازدياد مبادئهم كراهية من العامة والخاصة، واصبحوا على مقت شديد اكثر مما كان (العهد التكريتي) الذي ولى من بعد ان انجبهم بكل ذلك التشويه المريع..
ماذنب هذا الجليل رازحاً تحت ذلك الكابوس النكرة، الى يومنا هذا ولم يحتفل بخلاصه من السابق البغيض الذي حكمه متوالياً بالازمات والحروب والانتهاكات، فيخاف في كل خطوة ان يفقد فرحته المؤجلة..
ماذنب العراقي بان يتصارع حوله وعليه الوحوش الكاسرة، وكل منهم يريدهُ صيداً سميناً، لخيره الوفير، ولظله الوارف، ولانسانه بن اول واقدس الحضارات.. لاجل ان تموت رجاله ونسائه في اقبية الظلام، تحت أيد لا تفرق بين الظل والصدى.
لقد تكالبت عليه المؤسسات بصراعات دامية، مكلفة، وصار بلده عرضة لكل من هبَّ ودبَّ. كل منهم يضع عصاه ليعيق عجلة التطور، فسواء بعدت المسافة، أوتقلصت.. صار السؤال يكبر كل لحظة، وان لا يبقى مظلوما كل هذا الظلم وكل ذاك.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)