٢٥‏/٠٥‏/٢٠٠٦

رسالة المثقف العراقي

صباح محسن كاظم

المثقف ودوره المؤثر في بنية الحياة الانسانية فاعلا فالحراك الفكري والتنموي والتأسيسي للوعي الاجتماعي ينطلق من دور المثقف الايجابي فالنخب الثقافية من الاكاديمين والفنانين والمثقفين يتولون مسؤولية البناء الحضاري والتنويري والنهضوي لما يمتلكون من قوة الفكر الواعي للتحليل والاستنباط والنقد الهادف والبناء لتنوير الامة لذا حورب المثقف العضوي من الفاشستية الكوليانالية والثقافة البطرياركية والسلطات الثيوقراطية والنظم الشمولية فهو مستهد ف من الطغاة دائما وشهداء الثقافة العراقية خير دليل على ذلك من الشهيد الروائي حسن مطلك والشهيدحاكم محمد حسين والشهيد جليل المياحي وعزيز السيد جاسم وعشرات الادباء الذين تعرضوا للاعتقال والسجن وفي مقدمتهم الاديب حميد المختار وكذلك ادى العنف السياسي وسلطة القرية الى هروب ابرع الاقلام العراقي الى المنافي ووفاة اهم القامات الادبية والفكرية خارج اوطانهم مثل السيد مصطفى جمال الدين والجواهري وبلند الحيدري والشاعر المبدع الراحل كمال سبتي
ان بناء المجتمع المدني المتحضر بامس الحاجة الى المثقف العضوي الوطني غير البراغماتي والانتهازي الحرباوي فان مشروعه الفكري يؤسس لثقافة نهضوية ترقى بالانسان الى واقع افضل ومناخ مناسب للعطاء والإبداع ،مستلهما تراثه ونتاجه المعرفي ممزوجا بالحداثة الرؤيوية في شتى صنوف الإبداع الفكرية والادبية والفنية ، فما حصل عليه من معارف انسانية من خلال الترجمة والإطلاع على اداب وفنون الشعوب الاخرى والمنجز الانساني مضافا الى تاريخ الإبداع الاسلامي في الحقول الشعرية والقصصية والفكرية للتراث الاسلامي، لتصب في بوتقة واحدة ، تصنع منه مثقفا شموليا قادرا على فرز الايجاب من السلب وصانعا لارادته ومنهج سلوكه دون التاثر بالمحيط ,ان طبقة الانتلجيستا من النخب الفكرية تحمل هاجس البناء الفكري والحراك التغيري من اجل صيرورة النهوض العلمي التنموي الشامل وكذلك مصد فكري للعولمة ومحاولة الغزو الثقافي بنشر اجندتها من خلال الاباحية تارةً او عن طريق محاولة قطع الجذور مع القيم الروحية والفكرية تارة اخرى 0 اذا كان المشهد الثقافي العراقي يمثل احادية الطرح الايديولوجي من خلال ادلجة السلطة لانتاج فكري وادبي يدخل في صميم مشروعها السلطوي 0الان فتحت الافاق على نوافذ الحرية بمختلف طيفها الفكري ، فالمثقف ينهل ممايريد ويتوافق مع رؤياه وتطلعاته ،فيترتب على ذلك مسؤوليات جسام تتعلق بنبذ الارهاب الذي طال الاعلاميين والسياسيين, وتدمير البنى التحتية واستهداف قوى الامن الداخلي والاسواق وتهجيرالاف العوائل،ان ثقافة الارهاب دخيلة على الشعب العراقي وهي قادمة من وراء الحدود مدفوعة باعلام مضلل ومحرض على ثقافة العنف مستمدا من فتاوى التكفيريين كذلك على المثقف الفاعل والعضوي لما يمتلكه من وعي وسلطة مؤثرة في الاعلام رفض التهميش والمصادرة للراي المخالف تارة واخرى المشاركة الفاعلة مع الأحداث من خلال تقويم الاوضاع وحشد الطاقات ، من اجل ارساء قيم المجتمع المدني فلا مبرر اطلاقاً للمثقف لينأى بنفسه بعدم المشاركة في صياغة وصنع مستقبل العراق الجديد ينبغي على المثقف الابتعاد عن الذاتية والنرجسية وحب الانا وكان ما يقوله الحقيقة المطلقة وغيره لا رأي له0 ان نهضة الامم الحضارية تقوم من خلال صناع التاريخ الذي يكون الشركاء في صناعته النخب الفكرية من كتاب وشعراء ومسرحيين وتشكيليين ،فلو عدنا قليلا الى عصر النهضة الاوربية نرى الاسهام الفاعل للجميع في بناء المجتمع والنهوض بواقع الانسان0 فارست اوربا حضارة جديدة على انقاض الفترة المظلمة التي عاشتها وكان دور النخب الفكرية هائلا في تلك النهضة فتاثير ميخائيل انجلو وليوناردو دافنشي ودانتي ساهم بتاسيس وعي ثقافي وفكري وجمالي تمظهر من خلال النهضة الاوربية فعراق خارج من ثقافة الخوف الى فضاء الحرية بحاجة الى جميع الاقلام الوطنية التي لم تهادن في يوم ما سلطة البطش وتمجد الدكتاتورية على حساب الام الشعب العراقي وما يثار في الصحافة والاعلام بان مثقف الداخل ومثقف الخارج فكلاهما يصنع الحياة الجديدة المفعمة بالامل والمزدانة بالاشراق على عصر جديد يؤمن بالتعددية والتبادل السلمي للسلطة ويؤسس لحياة جديدة ملأها حب الوطن والنزاهة والاخلاص بعيدا عن الفساد الاداري والمالي والتجاوز على المال العام الذي هو شركاء فيه كل العراقيين ان هذا الوعي الثقافي ينقل العراق الى مجتمع مدني يكون انموذجا حضاريا في المنطقة التي لاتعرف للديمقراطية معنى ولاتؤمن بالتعددية السياسية وحقوق الانسان 0
فسلطةالمثقف العضوي تعمل على زحزحة المفاهيم البالية بمنظومة معرفية منهجيته فلسفية تربوية اخلاقية ببنية ابستمولوجية تسمو بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي برؤيا حضارية عصرية تخلق تيارا ضاغطا ذو نزوع يندفع الى الامام متخطيا جراح المرحلة السابقة بنبض يتدفق بالحيوية مشكلا اغلبية ناطقة غير صامته وسلبية اشتراطات نجاح عملها المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وغير ممنهجة بسطوة السياسي شعارها كفاية للفساد الاداري والمالي ورافضة سياسة التهميش والاقصاء فاضحة المسكوت عنه واستشراف ما يخطط لمستقبلنا ومصالح الاخر واهدافه كذلك للمثقف العضوي الحيوي صياغة مشروع يمثل عملية اعادة انتاج الفكر وفق انساق ثقافية وسلوكية تتعشق في اعماق اللاوعي الجمعي وتنغرس وتنمو اجتماعيا لتخلق وعيا مستقبليا للامة يؤثث ويرمم الانكسارات والتشضي للذات المعذبة من قسوة الدكتاتورية التي جاءت عن طريق قرصنة اللصوص في خلسة الليل لتجثم على ثرى العراق المقدس اما المثقف السلبي ينظر من زوايا مصلحته الخاصة ذات الطبيعة الانانية والسلبية ولسان حاله يقول اذا مت عطشانا فلا نزل القطر .
التعاطي مع واقعنا الثقافي الجديد يحتم على المثقف العضوي اتخاذ مواقف ايجابية لصالح وطنه فوجوده وتصوراته في الازمة وقبل الازمة واثناء الازمة يفرض عليه ان تكن له عينا باصرة لرصد السلبيات وتقويم الاداء لصالح الامة بعيدا عن التذمر فالشاعر ينقد الواقع من اجل حياة ابهى واجمل كذلك المسرحي والتشكيلي والكاتب فملئ مساحة الفراغ وتوظيف الطاقات العقلية ينهض بالواقع الى ما هو افضل من خلال البحث عن بدائل وحلول للمعضلات التي تواجه السياسي والعامل لمصلحة تقدم ونمو المجتمع فالمبدع له شهوة التغيير نحو الافضل لانه يطمح للحلم بواقع اجمل مستثمرا فضاء الحرية فالثقافة اسلوب حياة جديد تتسم برصد وتقويم الاداء السياسي والاجتماعي ومسك معول التغيير لهدم كل المفاهيم التي ارستها الدكتاتورية البغيضة فالتسامي بالنزاهة والاخلاص وعدم التفريط بالمال العام واستخدام المنصب والتزييف والنفاق السياسي ينبغي ان يؤسس المثقف مشروعه الوطني من خلال حمل الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية لشعب عريق في الحضارة قدم منجزه للانسانية لكل ابعاد المعرفة وعودة على بدء فللمثقف العضوي حضور دائم لا يعرف الانهزامية متصديا للارهاب الجسدي والفكري والمالي لا يؤمن في السكوت عن المسكوت عنه في قضاياه الوطنية فالانتماء للعراق المقدس مقدم على كل ولاء فالمثقف الاصيل حامل بشارة لامل موعود ولمستقبل واعد موضوعيا لا طوباويا مفرطا في ذلك ساعيا الى تاسيس مجتمع مدني يليق بحضارتنا العراقية.اما مثقف السلطة فبوق سرعان ماينكشف زيفه وسحره وزخرفه
وبالتالي فنتاجه الى نفايات التاريخ والخلود لثقافة الحقيقة وثقافةالبناء لان ماينفع الناس يمكث في الارض,,وتختزنه ذاكرة الاجيال
 Posted by Picasa

ليست هناك تعليقات: