ادونيس
ضريبة الهواء
-1-
لا أملك إلا حياتي. مع ذلك، أحتاج دائماً الى ما يطمئنني أنني أملكها حقاً.
-2-
«الوطن»؟
ربما سنصل قريباً في هذا العالم العربي الذي يضم أوطاناً كثيرة الى مرحلة يُطلب فيها من المواطن أن يدفع ضريبة جديدة، اسمها «ضريبة الهواء».
-3-
تقودنا الرقابة السياسية والدينية في البلدان العربية الى مأزق أصوغه كما يلي: «مَن يتكلم لا يعرف ومن يعرف لا يتكلم».
-4-
«الشيطان مختبئ» في التفاصيل»، يقول دافيد هيوم. كيف نقرأ الدم الذي يسيل في فلسطين، على نحو متواصل، منذ خمسين سنة، وكيف نقرأ الدم الذي يسيل في العراق، وكيف نقرأ «تفاصيل» العرب إجمالاً في ضوء «شيطان التفاصيل»؟.
-5-
في الأصولية الدينية، اليوم، نزعة للتوحيد بين «الانفعال» و «المعتقد» أو بتعبير آخر، الى «تذويب» المعتقد في «الذات». وفي هذا ما يؤدي ببعضهم لكي يحولوا الدين الى «ملك شخصي»، ويحولوا مَن لا يرى رأيهم الى «كافر» - «عدو»، لا بد من «محوه».
وفيه كذلك، ما يدفع بعضهم الى أن يغضبوا لـ «معتقدهم» أكثر مما يغضبون لـ «الخالق» نفسه.
والسؤال، في هذا الصدد، هو: كيف يمكن هؤلاء أن يعتقدوا بأن مثل هذه الممارسة دفاع عن الدين، أو خدمة له؟
-6-
عند العرب، يولد الابن أباً.
بعبارة ثانية: الابن، عند العرب، أب بالولادة. المجتمع العربي مجتمع آباء.
لبنان (المتقدم بين العرب) مثل حي.
-7-
تكلم مع الهواء،
لكي تعرف كيف تصغي الى الشجر.
-8-
المثلث في الجنس دائرة. والدائرة خط مستقيم.
الجنس سحر الطبع ذائباً في الطبيعة.
-9-
هناك بشر في العالم كله، لا يهمهم في التحليل الأخير، أن يفهموا.
يهمهم أن يُصلّوا،
وان يصوتوا،
وأن يصفّقوا،
طوبى لحرف الصاد.
-10-
من الخطأ القول إن الوطن لا يخطئ.
لكي تكون وطنياً حقاً، عليك أن تضع الوطن باستمرار، موضع تساؤل ونقد.
-11-
شهوة الغيب مرض لا يشفى. «حكاك» لا في الدماغ وحده، بل في العظم كذلك. لا في الجسد وحده، بل في «الروح» كذلك.
... ربما لهذا لم يعد للمفردات السائــدة، اليـــــوم، أي معنى. خصوصاً في العربيــــة. تحتاج لكي تكتسب معاني جديدة الى أن تنعتق من الغيب - بمطلقاته كلها، ومن الواقع – بتفاصيله كلها.
-12-
الأفكار الخلاقة ليست بيوتاً، وإنما هي حقول وأشجار.
-13-
الحوار بين طرفين أو أكثر يعني أن هناك اختلافاً. يعني كذلك أن الاختلاف مبدأ الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية، وقاعدتها.
اللاحوار إلغاء. إلغاء للمشكلات وللاطراف. وهو إلغاء يبطل الحياة العقلية ذاتها. حين لا يحاور المواطن المواطن فإن كلاً منهما يلغي دور الآخر، وفاعليته، ويلغي نفسه كذلك.
-14-
كل مواجهة للعرب مع الخارج، تكاد أن تنقلب الى «حرب» داخلية. لماذا؟
-15-
كلما غابت الشمس، أشعر أن فيّ شيئاً يموت.
ولكما أشرقت كذلك.
موت: غروب وشروق في آن.
-16-
الشعر حب يجعل الليل أقل ظلاماً، والنهار أكثر شفافية.
-17-
الشعراء يخلقون «ثوراتهم» الخاصة، ويشاركون أساسياً في خلق الثورات العامة. لكن منذ أن تتأسس هذه الأخيرة، وتتحول الى سلطة، تلفظهم وتنبذهم. ونادراً ما ولد في التاريخ كله شاعر داخل الثورة – المؤسسة.
يولد الشعر قبل الثورة أو بعدها: في التمهيد لها، أو في انهيارها.
يا للمفارقة: الشعر «يحيي» الثورة. وهي التي «تقتله».
-18-
عندما يؤمن الشعب بحقيقة وحيدة واحدة، فذلك يعني ان هذه الحقيقة ليست إلا دماً.
-19-
دون أعداء، لا تطاق الحياة.
-20-
ليس هناك ما هـو أكثـر جحيمية من أن يقتـل إنسان انساناً آخر، لا لشيء إلا لكي يدخل الجنة.
-21-
الفرق بين القارئ والنص في ثقافتنا الدينية السائدة هو أن الأول مدينة مغلقة، والثاني باب مفتوح.
-22-
بلدان لا مكان فيها للحرية، لا مكان فيها للانسان. هل تستحق مثل هذه البلدان أن يكون لها مكان على هذه الأرض الجميلة؟
أليس من الأجدى أن تحول الى مجرد منظر طبيعي؟
-23-
نتحدث دائماً عن الماضي الذي يبسط ظله على الحاضر، وننسى غالباً أن نتحدث عن هذا الكل نفسه الذي يهيمن على ضوء الحاضر.
-24-
يقول نيتشه: «الخلاق يبـحـث عن رفقاء، لا عن جثث أو قطعان ومؤمنين. الخلاق يبحــــث عـــن رفقاء يخلقون الى جانبه»، ويفتحون صفحة جديدة.
-25-
كل شيء في حياتنا وثقافتنا مسيّج. والحاجة، اليوم، ملحة لكي نزيل الاسيجة كلها.
لكن، قبل العمل على هذه الازالة، علينا أن نعرف مسبقاً: لأي هدف نزيلها، وكيف؟
ضريبة الهواء
-1-
لا أملك إلا حياتي. مع ذلك، أحتاج دائماً الى ما يطمئنني أنني أملكها حقاً.
-2-
«الوطن»؟
ربما سنصل قريباً في هذا العالم العربي الذي يضم أوطاناً كثيرة الى مرحلة يُطلب فيها من المواطن أن يدفع ضريبة جديدة، اسمها «ضريبة الهواء».
-3-
تقودنا الرقابة السياسية والدينية في البلدان العربية الى مأزق أصوغه كما يلي: «مَن يتكلم لا يعرف ومن يعرف لا يتكلم».
-4-
«الشيطان مختبئ» في التفاصيل»، يقول دافيد هيوم. كيف نقرأ الدم الذي يسيل في فلسطين، على نحو متواصل، منذ خمسين سنة، وكيف نقرأ الدم الذي يسيل في العراق، وكيف نقرأ «تفاصيل» العرب إجمالاً في ضوء «شيطان التفاصيل»؟.
-5-
في الأصولية الدينية، اليوم، نزعة للتوحيد بين «الانفعال» و «المعتقد» أو بتعبير آخر، الى «تذويب» المعتقد في «الذات». وفي هذا ما يؤدي ببعضهم لكي يحولوا الدين الى «ملك شخصي»، ويحولوا مَن لا يرى رأيهم الى «كافر» - «عدو»، لا بد من «محوه».
وفيه كذلك، ما يدفع بعضهم الى أن يغضبوا لـ «معتقدهم» أكثر مما يغضبون لـ «الخالق» نفسه.
والسؤال، في هذا الصدد، هو: كيف يمكن هؤلاء أن يعتقدوا بأن مثل هذه الممارسة دفاع عن الدين، أو خدمة له؟
-6-
عند العرب، يولد الابن أباً.
بعبارة ثانية: الابن، عند العرب، أب بالولادة. المجتمع العربي مجتمع آباء.
لبنان (المتقدم بين العرب) مثل حي.
-7-
تكلم مع الهواء،
لكي تعرف كيف تصغي الى الشجر.
-8-
المثلث في الجنس دائرة. والدائرة خط مستقيم.
الجنس سحر الطبع ذائباً في الطبيعة.
-9-
هناك بشر في العالم كله، لا يهمهم في التحليل الأخير، أن يفهموا.
يهمهم أن يُصلّوا،
وان يصوتوا،
وأن يصفّقوا،
طوبى لحرف الصاد.
-10-
من الخطأ القول إن الوطن لا يخطئ.
لكي تكون وطنياً حقاً، عليك أن تضع الوطن باستمرار، موضع تساؤل ونقد.
-11-
شهوة الغيب مرض لا يشفى. «حكاك» لا في الدماغ وحده، بل في العظم كذلك. لا في الجسد وحده، بل في «الروح» كذلك.
... ربما لهذا لم يعد للمفردات السائــدة، اليـــــوم، أي معنى. خصوصاً في العربيــــة. تحتاج لكي تكتسب معاني جديدة الى أن تنعتق من الغيب - بمطلقاته كلها، ومن الواقع – بتفاصيله كلها.
-12-
الأفكار الخلاقة ليست بيوتاً، وإنما هي حقول وأشجار.
-13-
الحوار بين طرفين أو أكثر يعني أن هناك اختلافاً. يعني كذلك أن الاختلاف مبدأ الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية، وقاعدتها.
اللاحوار إلغاء. إلغاء للمشكلات وللاطراف. وهو إلغاء يبطل الحياة العقلية ذاتها. حين لا يحاور المواطن المواطن فإن كلاً منهما يلغي دور الآخر، وفاعليته، ويلغي نفسه كذلك.
-14-
كل مواجهة للعرب مع الخارج، تكاد أن تنقلب الى «حرب» داخلية. لماذا؟
-15-
كلما غابت الشمس، أشعر أن فيّ شيئاً يموت.
ولكما أشرقت كذلك.
موت: غروب وشروق في آن.
-16-
الشعر حب يجعل الليل أقل ظلاماً، والنهار أكثر شفافية.
-17-
الشعراء يخلقون «ثوراتهم» الخاصة، ويشاركون أساسياً في خلق الثورات العامة. لكن منذ أن تتأسس هذه الأخيرة، وتتحول الى سلطة، تلفظهم وتنبذهم. ونادراً ما ولد في التاريخ كله شاعر داخل الثورة – المؤسسة.
يولد الشعر قبل الثورة أو بعدها: في التمهيد لها، أو في انهيارها.
يا للمفارقة: الشعر «يحيي» الثورة. وهي التي «تقتله».
-18-
عندما يؤمن الشعب بحقيقة وحيدة واحدة، فذلك يعني ان هذه الحقيقة ليست إلا دماً.
-19-
دون أعداء، لا تطاق الحياة.
-20-
ليس هناك ما هـو أكثـر جحيمية من أن يقتـل إنسان انساناً آخر، لا لشيء إلا لكي يدخل الجنة.
-21-
الفرق بين القارئ والنص في ثقافتنا الدينية السائدة هو أن الأول مدينة مغلقة، والثاني باب مفتوح.
-22-
بلدان لا مكان فيها للحرية، لا مكان فيها للانسان. هل تستحق مثل هذه البلدان أن يكون لها مكان على هذه الأرض الجميلة؟
أليس من الأجدى أن تحول الى مجرد منظر طبيعي؟
-23-
نتحدث دائماً عن الماضي الذي يبسط ظله على الحاضر، وننسى غالباً أن نتحدث عن هذا الكل نفسه الذي يهيمن على ضوء الحاضر.
-24-
يقول نيتشه: «الخلاق يبـحـث عن رفقاء، لا عن جثث أو قطعان ومؤمنين. الخلاق يبحــــث عـــن رفقاء يخلقون الى جانبه»، ويفتحون صفحة جديدة.
-25-
كل شيء في حياتنا وثقافتنا مسيّج. والحاجة، اليوم، ملحة لكي نزيل الاسيجة كلها.
لكن، قبل العمل على هذه الازالة، علينا أن نعرف مسبقاً: لأي هدف نزيلها، وكيف؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق