لون أيها الدم
قصيدة جديدة
لأدونيس
قولوا: أجوحِي إليهم.
أّختام شعوبي وأّلسنة.
حقول منتجين ومستهلكين.
يسيٌِسون حتٌي الهواء.
هاتوا الأعلامّ، اربطوا رؤوسكم بأقدامكمهنا علي حدودِ.. يّحْرسجها خفر لا مِنّ الجبالِلا منّ السٌواحلِ، بل من الغيب.أوقولوا: أجوحّيي إلينا.لم تعد جّدٌتيّ إلا سكّينا.لم يعد جّدٌي إلا ذِبْحا.مّا الّقجبر الذي سيأخذكّ السٌفّر إليه، أيٌها الجمٌترّحٌِل؟أّرْهّقْتّ الطٌجرق بحّوافرِ بغْلتك. أّنْزيل أّتْقّالكّ عنها، واّمنّحْها الرٌّاحة. ولماذا لا تشتّغلج، وأنتّ جّاليسجّ، كمثل فّلكّيٌ، بخريطةِ السٌّماء؟ لاتزالج نجومجها تنتظرج من يحرثج ومن يّزْرع. مع أّنٌ الحصادّ هناكذلك لايؤخّذج إلا حرْبا. أّعطِ هذه البغلةْ لِسّفينةي تّمخرج في الجحنجرة، أّوْ لِرِأسي ليس إلا حلبة للِرقْص. يكفي أّن تجصْغيّ لمِن يّروي كيف تجصّفٌّ مّلاعِقج الجّنْة فوق موائدّ تّتنٌّقلج علي أفخاذ الكواكب، أو كيفّ يفرشج النْاس بأِهدابِهم دروبّ السٌياسة.
تّقجتفي الأرضج خطواتِ ورق يّقْتفي الغيب.
أّمرج بِحّفْرِ خنْدقي للرؤوسِ التي ضجرِبت اليوم.
بّشر يعيشون ويفكْرون كأنٌهم لايّعرفونأن يغسلوا وجوهّهم إِلا بالدٌم.في الطّريق التي تّصِلج شّرْقه بِغّرْبه، هّناّ في طنجةّ، في 'قّصْر المجاز'، كان يّسيرج كمن يتسلٌّق جِذْعّ تاريخي يتسلٌق القّيقْلان(!)'نزهة قصيرة علي فّرس الموج'، قال صديقه (2)، مشيرا إلي المسافة التي عبرها طارِق (3)، لكي يؤسٌس الأندلس.أّخذّ يشعرج، هو الحاضرج الحّيٌج، كأنٌه ليس إلا ماضيا.وتّراءّي له الوطّنج كمثل ورّقي يتطايّرج في الجهاتِ كلٌها.وّما هذه الأيٌامج التي تجقْتّلج في الصٌّوم والنٌوم؟وما هذه الشٌوارعج التي يزدردها العصر؟ورأّي، بين 'قّصْر المجاز' وأّشْلاء بغدادّ، كيف تتحوٌل بلاد العّرب إلي معّسْكّر لِغّرْب الحديد، وإلي مّشْفّي تقطّعج فيه أطرافج المستقبل.(1) نبات جميل بزهر أصفر يسمي في سورية ولبنان 'الوّزٌال'.(2) هو الشاعر الدكتور أحمد الطريبق أحمد. وتبلغ هذه المسافة البحرية حوالي خمسة عشر كيلو مترا.(3) طارق بن زياد.
فّقْرٌّ يّلْتهِمج العّقْل.
سّرابج يجضلٌِل الماء.
البشر أرقامج وألفاظ.أّصْغجوا: قائِد يخطبج كأنٌه اْبتّلعّ تِنٌينا. لاتجصْغوا.الرٌّحيقج في التٌراب لافي الكتاب. الوردج في الّحقْل، لا في الّهْيكلّ. وّيكادج الهواء أّن يّخْتّنقِ من دجخّانِ الكّلام.وّحّمْدا لابتكارنا حّمْدا لِلصٌفْر.كادّ أّن يّنْسّلخّ من نفسه.وّخيْلّ إليه أّنٌ قجبْلة عالِقة في ذلك الفّراغ، بين 'طريفةّ' و'قّصر المجّاز'، قجبلة عّججوزا، ترفضّ الهجبوطّ علي شّفّتّيْ البّحْر أو اليّابِسة.ورأّي علي رّصيفِ ما تّبقٌّي مّن 'قّصر المجاز' قواربّ صّيْدي تبدو كأّنٌها بقّايا مجذّنٌّباتي ارتطّمتْ، مِن هجنيهةي، بالصٌّخر والّمْوج. حّوْلهاّ أّشباحج صّيْادين يسألونها: ما الأبديٌة، وما هذا الطٌفل الزٌمن؟رّمْلٌ علي الشٌاطيءّ يتشهي أقدامّ النٌساء، فيما يجعّانِقج أجنحةّ النٌوارس. مّوجج ج ينافِسج أعناقّ الغيومِ تحت شّمْسي تجؤّرْجحجها اللٌذٌةج في سرير الفّضاء.والضٌوء،كمثل عّقْل يّفْتّحج أحشاءّهج لماء الغّريزة.عجدْ ثانِية إلي الرٌأسِ، أيٌها الحلم، وأنتِ، أّيٌتها السٌياسة، أّلم تّتْعّبي من الّخْبطِ بين الأّشلاء تحت مظلٌةِ حاكم يّنامج حمامّة ويّسْتيقظج ذئبا؟ ويكادج ذلك الشٌاعر المسافِرج أن يسألّ طارِقا: ولماذا نجحتّ لكي تجقْتّل؟ ويكادج أن يّصرخ باسمه: ألم تّتْعّبي، أيٌتها العروبة، مِن غّزْلِ مِنديلكِ بِالدْم، ومن الغِنّاء لِسجلالةِ الّهباء؟
تّقْتفي الأرضج خطواتِ ورقي يقتفي الغّيْب.
العروشج حِساءج أحمر.
التٌاريخج، تابِلّ مِن المالِ والّمنيٌِ والجملْك.
كلا، لا طريقّ إلا كّلا.هجنا من طّنْجةّ التي تضع قّدما في المتوسٌِط وّقّدما في الأّطْلسي، كما لايّتيّسٌّرج إلا لمِدينة لم تجخلق علي مثال، يّحْتضِنج الشٌاعِرج العالم الذي تّئِنٌج اللْغةج العربٌيةج في أرجائه، وّيكادج أن ينزوي في غجصن قيقلان كمثل عجصفور ضّلٌّ طريقه، أّوأّنْ ينامّ علي وسادة ليست إلا حجرا فينيقيا.وليس فينيقيا التي تّأّبْجّدّ فيها الغّرْبج، أكثرّ من خرْبه في هذا الشٌرق.انْتّحبِي أيتٌها الأبجديٌةج، ما شئتِ. لن يجصغيّ إليكِ إلا الحّجرج والعذاب. يتوقٌع الشٌاعر انهيارّكّ أيضا وأيضا، أيٌها العلم. يتوقٌع أنْ تّنْقلبّ أّشجاركّ إلي أجراس من اللجهّب. أن تصيرّ كلٌ حّصاةي فيكّ لوحا مكتوبا بالدٌّمع.وّمِن أين يّجيء هذا الأفقج الذي لايّعرفج أن يقرأهج إلا الرٌماد؟إِعْترِضْ هذا الشاعِرّ، عارِضْهج أّيٌها الشٌّارِع.إِعمل شيئا يكذٌبج يديه وعينيه. شّيئا يجبْطِلج كلماتهِ. تّمرٌدْ، وانْقجضْهج. ينتظركّ حّتٌي في قجرونِ المخيٌلة. يترصّدكّ حّتٌي في دّفْترِ الغيم واحتفاء بما يجحرٌضكّ عليه، سّيحضجن من أجلكّ التوهٌم، ويجصفٌِق للِمِعجزة.
تّقْتفي الأرضج خطواتِ ورقي يقتفي الغيب.
لماذا تّسْتمرٌج في سباتك أيها السيد العمل؟
أشباح تسن أظافرهّا وتغرسها في بلاط الشٌوارع.
من أين لّك هذا الإكليل المدمٌّي، يا رأسّ التٌاريخ؟أيٌامٌّ تولّدج في الجقرٌاصِ والطٌجحلب. لها طبولج تكّادجأصواتجها أّنْ تّثقجبّ حّتْي أجذجنّ البّحجر الّمْيت.وكلْ شيءي صنْبورج يقطرج صّدّا.أّيٌام يتنقٌّلج فيها هذا الشاعر علي مّهّلي كأنٌه أّخج للِشٌجر والحجّر. غيرّ أّنٌه يتعلٌم حكمة الضٌوء، فيما يرّي الأزقٌة والبيوتّ كأنٌها قبورج لأنْفاسِ البشّر. لكن، كيف يخلقج لمعناه صورة لكي يحلٌّ في اللٌغة حلولّ الملح في الجخبز؟وكيف يجقٌنع هذا العالّم أّنٌ الورّقّ هو، وحده، أّبج لحقائقه؟ريِحج تنقرج علي الجدران. ريحج تبكي في نواقيس الوقت.ريِحج يّجسٌج أطرافّها وسجترٌّتها لعلٌه يعرف هلالّ حّيْضِها، ويجبْصِر جنينّ الأحشاء.خذيهِ إليكِ، يا أرضّ الصٌجور. هل بّقيت في فراشكِ وسادةج لرأس لم يعد يعرفج النٌوم؟ هل تغفرين لجِسّدي كلٌ عِصْم إلا عِصْمّ الخطيئة؟وكيف يعثر علي نفسهِ فيكِ؟
نّقٌِحْ ليلكّ بليلِ امرأةي ذابئةي في جحيمها.
هّذٌِب جسدّك بِفتنة الحجبٌ.
ساعة تتدلٌي علي حائطِ المعني، تجرتٌِل عّقْرب الخرافات.
لن تجِدّ مّفٌرا من رؤية الرٌّمل يتسلٌّق الفضاء.'يمكنكّ أّن تجداعِبّ جّذْرّ الخشخاش'، يقول وّلجيٌ أمركّ، أو أن تنطرحّ علي وسادته'. آنذاكّ، يدخلج الصٌوٌان في صورة الماء، وتلبّسج البقرةج صورةّ الفراشة.هل تحبٌين، أيٌتها الطٌبيعة، هذا التحٌول؟
عالّمج سفينةج تجنح في محيط المعني.
فّلّكج يموتج، يّجهل كيف يكتجب وصاياه.
كلٌ شيءي مّلْدوغج بِعّقْرب نهاياته.
حلزونج يرفع قرْنيهِ ويشكْهما في إسْفّنْج الهواء.
ما أطولّ الجهدّ الذي يبذلهج الإنّسانج لكي يصيرّ إنسانا.الأفقّ يتجرٌّع السٌجمٌّ، شاهدا علي الخوف.في الهواء والماء والعشب، يولد الخّوف. خوفج السٌاكنينّ من بيوتهم التي رّفّعوها، خوف المسافر من طريقه. خوف الجسد من رأسهِ ومن يديه.لكن، هيهاتِ أن يتّرٌّجل القمرج لكي يقنّع النٌاظرينّ إليه بأرواحهم أّنٌه تراب كأخته الأرض. ولاماءّ فيه، لاعشب، مع أّنْهم يؤكٌدون أّنٌه مأهول بالملائكة وخِرّافهِا.خّوفا، جاءّ الحزنج إليٌّ، آخِرّ اللٌيل. جلسّ إلي جواري كأّنٌه طفل نجمةي ماتت.إِفْتح لي ذراعيكّ، أيٌها الطٌفل.
كيف تكونج وطنا هذه الكرةج التي تتعثٌّر فوقها خطوات الأطفال؟
رأس الزٌمن ينكسر، ويكاد أن يّتفّتٌتّ علي مائدة الأبدٌية.
خوفا، ترتجفج اللٌغة بين يدي الجمعجّم.
لّوٌن، أيّها الدٌم، هذه اللٌوحّة التي تجسمٌي الأرض.
ثِيرانج ج هِي الأمكنة، والسٌّماءج قجبٌعةج للِمجصّارعين.ثّمٌةّ حّصادج ليست سنابلهج إلا رؤوسا. ثٌمة بشّرج يجلسون للِرٌاحة علي هذه السْنابل. وأّسمع من يّصيجحج نائِحا: أين أفجٌر هذه القنبلة؟ مّتي تّجييء الأجنحة التي سّتطيرج بي؟قضبانج حديدي علي أبواب الأفق، والوجوهج وراءها كمثل كِرجاتي مّثْقوبة.لا أعرف أن أجحيٌي هذا العالم. هل عليٌ أن أغيٌر شفتٌي؟هل عّليٌ أن أبتكرّ قلبا آخر، وأحملّ رأسا آخر؟ألن تقولي شّيئا، أيٌتها العِبّرج التي تتموٌج في نّهْر التٌاريخ، وتكاد أن تصيرّ طوفانا؟
كيف تمكن الحياة علي أّرْضي لايتكلٌم فيها أحدج غير السٌماء؟
هل تريدين، أنتِ كذلك أيٌتها العشبةج أن أدٌلكِ علي الماء؟لم أفكٌر في أن أتحوٌل إلي ذئب، فيما كنت أنظرج إلي قمّر التٌاريخ يتقدٌم في غابة اللٌيل. فكْرت في القمر نفسه، مجصغيا إلي نشيد سفّر في صياح ديكي يرسمج قنْزّعته علي جّبل الصٌوت. وكان الصٌوت لهبا في حنجرة المدينة.انفّجرّ دارجج اللٌغة في فصيحها، واشتعلّتْ شّيبا رؤوس المعاجم، فيما كان القمر يّستقر في فراشهِ، بعد أن تنٌقل طويلا في عربّةي من أّحْلام القّتْلي.
يكفي أن تخرج الأرض من ثْقب في مؤخٌرة الكلمة.
حسّنج ج أن تكون دالج المدجنِ هجدْهداضّلٌ طريقه إلي سليمان.
تكاد حِيتانج التوهٌم أن تبتلعّ هذه المدن.
كٌلا، لا أريد أن أخلق أيٌّ التباس. هكذا لا أريد أن أمجٌدّ محاسنّ الكولا، أو مزايا البيبسي. أريد أن أعيرّ مِشْطي إلي اللٌيل لكي يرتٌبّ شعرّه، عندما يستيقظج من نومهِ في مدينة بيروت،خصوصا أنٌ التٌاريخّ أّرْجأّ سجؤالّهج الذي يريدج أن يطرحه عليها.
غالبا تسيل الأجوبة دما يبدو كأنٌه يتدفٌق من عنق الشٌمس.لن آسفّ إن كنتج لا أّستطيع أن أقلبّ التحيٌة إلي عصا أو هذه إلي تلك.والويلج من هذه اليد التي تّحتقر الكّبد.ولماذا لايكون الإنسان كالرٌيح، يملك الفضاءّكله، ولامجلْكّ له؟وكيف أقول: وداعا،للأشخاصِ الذين كنتجهم،لتلك الأطياف المتعدٌدة التي يّتعذٌر عليٌّ أن أجحْصّيِها؟ما أّنْحلّ جسمكِ، أيْتها الأرضج، يا أرضي، ومّا أّحّنٌّ اصفرارّ وجهكِ الكريم.يّكادج جلدي أن يّلْتّصِق بِجلدكِ، فيما أرّي إلي الزٌمن العربيٌ يدور في معْصمكِ، كمثلِ سواري مكسور.والعجب أّنْ الكواكبّ التي كان شعراؤنا القجدامّي يخاطبونها، وتجصغي إليهم، نّسيتْنا مع أّنْ يدّ اللٌه، منذ بدء التكوين، كانت معنا، ولاتزال.مِن جديدي تقرأ الغيوبج كّفٌّ شاعري تؤكْد أّنٌ الحيتانّ لاتحيا ولاتّسبجح إلا في كتجبي سّبّحتْ هي نفسها في بحيراتِ الغيب.إلي كجتلِ الثلٌج التي تّكْتّنزج بها آخر الغيوم العربية، إلي الرْعد والماء، الشٌجر والعشب، إلي القمر أسيرا بين فخذين، والشمس طليقة بين نهدين،وإلي ما تّّبقٌي من الأشياء التي لا أسماءّ لها، أّرفعج هذا النٌجصْبج،محفوفا بالآتِ السٌّفّر وآلائه،يجمّسْرحه غّسقج اللٌغة،وتزكٌيه جوقة موسيقي تجييء من حناجرّ غامضة،في تاريخي يكتبه صّدأج المعني.لّوٌِن، لّوٌنج أّيٌها الدٌّمجهذه اللٌوحة التي نجسمٌيها الأرض
قصيدة جديدة
لأدونيس
قولوا: أجوحِي إليهم.
أّختام شعوبي وأّلسنة.
حقول منتجين ومستهلكين.
يسيٌِسون حتٌي الهواء.
هاتوا الأعلامّ، اربطوا رؤوسكم بأقدامكمهنا علي حدودِ.. يّحْرسجها خفر لا مِنّ الجبالِلا منّ السٌواحلِ، بل من الغيب.أوقولوا: أجوحّيي إلينا.لم تعد جّدٌتيّ إلا سكّينا.لم يعد جّدٌي إلا ذِبْحا.مّا الّقجبر الذي سيأخذكّ السٌفّر إليه، أيٌها الجمٌترّحٌِل؟أّرْهّقْتّ الطٌجرق بحّوافرِ بغْلتك. أّنْزيل أّتْقّالكّ عنها، واّمنّحْها الرٌّاحة. ولماذا لا تشتّغلج، وأنتّ جّاليسجّ، كمثل فّلكّيٌ، بخريطةِ السٌّماء؟ لاتزالج نجومجها تنتظرج من يحرثج ومن يّزْرع. مع أّنٌ الحصادّ هناكذلك لايؤخّذج إلا حرْبا. أّعطِ هذه البغلةْ لِسّفينةي تّمخرج في الجحنجرة، أّوْ لِرِأسي ليس إلا حلبة للِرقْص. يكفي أّن تجصْغيّ لمِن يّروي كيف تجصّفٌّ مّلاعِقج الجّنْة فوق موائدّ تّتنٌّقلج علي أفخاذ الكواكب، أو كيفّ يفرشج النْاس بأِهدابِهم دروبّ السٌياسة.
تّقجتفي الأرضج خطواتِ ورق يّقْتفي الغيب.
أّمرج بِحّفْرِ خنْدقي للرؤوسِ التي ضجرِبت اليوم.
بّشر يعيشون ويفكْرون كأنٌهم لايّعرفونأن يغسلوا وجوهّهم إِلا بالدٌم.في الطّريق التي تّصِلج شّرْقه بِغّرْبه، هّناّ في طنجةّ، في 'قّصْر المجاز'، كان يّسيرج كمن يتسلٌّق جِذْعّ تاريخي يتسلٌق القّيقْلان(!)'نزهة قصيرة علي فّرس الموج'، قال صديقه (2)، مشيرا إلي المسافة التي عبرها طارِق (3)، لكي يؤسٌس الأندلس.أّخذّ يشعرج، هو الحاضرج الحّيٌج، كأنٌه ليس إلا ماضيا.وتّراءّي له الوطّنج كمثل ورّقي يتطايّرج في الجهاتِ كلٌها.وّما هذه الأيٌامج التي تجقْتّلج في الصٌّوم والنٌوم؟وما هذه الشٌوارعج التي يزدردها العصر؟ورأّي، بين 'قّصْر المجاز' وأّشْلاء بغدادّ، كيف تتحوٌل بلاد العّرب إلي معّسْكّر لِغّرْب الحديد، وإلي مّشْفّي تقطّعج فيه أطرافج المستقبل.(1) نبات جميل بزهر أصفر يسمي في سورية ولبنان 'الوّزٌال'.(2) هو الشاعر الدكتور أحمد الطريبق أحمد. وتبلغ هذه المسافة البحرية حوالي خمسة عشر كيلو مترا.(3) طارق بن زياد.
فّقْرٌّ يّلْتهِمج العّقْل.
سّرابج يجضلٌِل الماء.
البشر أرقامج وألفاظ.أّصْغجوا: قائِد يخطبج كأنٌه اْبتّلعّ تِنٌينا. لاتجصْغوا.الرٌّحيقج في التٌراب لافي الكتاب. الوردج في الّحقْل، لا في الّهْيكلّ. وّيكادج الهواء أّن يّخْتّنقِ من دجخّانِ الكّلام.وّحّمْدا لابتكارنا حّمْدا لِلصٌفْر.كادّ أّن يّنْسّلخّ من نفسه.وّخيْلّ إليه أّنٌ قجبْلة عالِقة في ذلك الفّراغ، بين 'طريفةّ' و'قّصر المجّاز'، قجبلة عّججوزا، ترفضّ الهجبوطّ علي شّفّتّيْ البّحْر أو اليّابِسة.ورأّي علي رّصيفِ ما تّبقٌّي مّن 'قّصر المجاز' قواربّ صّيْدي تبدو كأّنٌها بقّايا مجذّنٌّباتي ارتطّمتْ، مِن هجنيهةي، بالصٌّخر والّمْوج. حّوْلهاّ أّشباحج صّيْادين يسألونها: ما الأبديٌة، وما هذا الطٌفل الزٌمن؟رّمْلٌ علي الشٌاطيءّ يتشهي أقدامّ النٌساء، فيما يجعّانِقج أجنحةّ النٌوارس. مّوجج ج ينافِسج أعناقّ الغيومِ تحت شّمْسي تجؤّرْجحجها اللٌذٌةج في سرير الفّضاء.والضٌوء،كمثل عّقْل يّفْتّحج أحشاءّهج لماء الغّريزة.عجدْ ثانِية إلي الرٌأسِ، أيٌها الحلم، وأنتِ، أّيٌتها السٌياسة، أّلم تّتْعّبي من الّخْبطِ بين الأّشلاء تحت مظلٌةِ حاكم يّنامج حمامّة ويّسْتيقظج ذئبا؟ ويكادج ذلك الشٌاعر المسافِرج أن يسألّ طارِقا: ولماذا نجحتّ لكي تجقْتّل؟ ويكادج أن يّصرخ باسمه: ألم تّتْعّبي، أيٌتها العروبة، مِن غّزْلِ مِنديلكِ بِالدْم، ومن الغِنّاء لِسجلالةِ الّهباء؟
تّقْتفي الأرضج خطواتِ ورقي يقتفي الغّيْب.
العروشج حِساءج أحمر.
التٌاريخج، تابِلّ مِن المالِ والّمنيٌِ والجملْك.
كلا، لا طريقّ إلا كّلا.هجنا من طّنْجةّ التي تضع قّدما في المتوسٌِط وّقّدما في الأّطْلسي، كما لايّتيّسٌّرج إلا لمِدينة لم تجخلق علي مثال، يّحْتضِنج الشٌاعِرج العالم الذي تّئِنٌج اللْغةج العربٌيةج في أرجائه، وّيكادج أن ينزوي في غجصن قيقلان كمثل عجصفور ضّلٌّ طريقه، أّوأّنْ ينامّ علي وسادة ليست إلا حجرا فينيقيا.وليس فينيقيا التي تّأّبْجّدّ فيها الغّرْبج، أكثرّ من خرْبه في هذا الشٌرق.انْتّحبِي أيتٌها الأبجديٌةج، ما شئتِ. لن يجصغيّ إليكِ إلا الحّجرج والعذاب. يتوقٌع الشٌاعر انهيارّكّ أيضا وأيضا، أيٌها العلم. يتوقٌع أنْ تّنْقلبّ أّشجاركّ إلي أجراس من اللجهّب. أن تصيرّ كلٌ حّصاةي فيكّ لوحا مكتوبا بالدٌّمع.وّمِن أين يّجيء هذا الأفقج الذي لايّعرفج أن يقرأهج إلا الرٌماد؟إِعْترِضْ هذا الشاعِرّ، عارِضْهج أّيٌها الشٌّارِع.إِعمل شيئا يكذٌبج يديه وعينيه. شّيئا يجبْطِلج كلماتهِ. تّمرٌدْ، وانْقجضْهج. ينتظركّ حّتٌي في قجرونِ المخيٌلة. يترصّدكّ حّتٌي في دّفْترِ الغيم واحتفاء بما يجحرٌضكّ عليه، سّيحضجن من أجلكّ التوهٌم، ويجصفٌِق للِمِعجزة.
تّقْتفي الأرضج خطواتِ ورقي يقتفي الغيب.
لماذا تّسْتمرٌج في سباتك أيها السيد العمل؟
أشباح تسن أظافرهّا وتغرسها في بلاط الشٌوارع.
من أين لّك هذا الإكليل المدمٌّي، يا رأسّ التٌاريخ؟أيٌامٌّ تولّدج في الجقرٌاصِ والطٌجحلب. لها طبولج تكّادجأصواتجها أّنْ تّثقجبّ حّتْي أجذجنّ البّحجر الّمْيت.وكلْ شيءي صنْبورج يقطرج صّدّا.أّيٌام يتنقٌّلج فيها هذا الشاعر علي مّهّلي كأنٌه أّخج للِشٌجر والحجّر. غيرّ أّنٌه يتعلٌم حكمة الضٌوء، فيما يرّي الأزقٌة والبيوتّ كأنٌها قبورج لأنْفاسِ البشّر. لكن، كيف يخلقج لمعناه صورة لكي يحلٌّ في اللٌغة حلولّ الملح في الجخبز؟وكيف يجقٌنع هذا العالّم أّنٌ الورّقّ هو، وحده، أّبج لحقائقه؟ريِحج تنقرج علي الجدران. ريحج تبكي في نواقيس الوقت.ريِحج يّجسٌج أطرافّها وسجترٌّتها لعلٌه يعرف هلالّ حّيْضِها، ويجبْصِر جنينّ الأحشاء.خذيهِ إليكِ، يا أرضّ الصٌجور. هل بّقيت في فراشكِ وسادةج لرأس لم يعد يعرفج النٌوم؟ هل تغفرين لجِسّدي كلٌ عِصْم إلا عِصْمّ الخطيئة؟وكيف يعثر علي نفسهِ فيكِ؟
نّقٌِحْ ليلكّ بليلِ امرأةي ذابئةي في جحيمها.
هّذٌِب جسدّك بِفتنة الحجبٌ.
ساعة تتدلٌي علي حائطِ المعني، تجرتٌِل عّقْرب الخرافات.
لن تجِدّ مّفٌرا من رؤية الرٌّمل يتسلٌّق الفضاء.'يمكنكّ أّن تجداعِبّ جّذْرّ الخشخاش'، يقول وّلجيٌ أمركّ، أو أن تنطرحّ علي وسادته'. آنذاكّ، يدخلج الصٌوٌان في صورة الماء، وتلبّسج البقرةج صورةّ الفراشة.هل تحبٌين، أيٌتها الطٌبيعة، هذا التحٌول؟
عالّمج سفينةج تجنح في محيط المعني.
فّلّكج يموتج، يّجهل كيف يكتجب وصاياه.
كلٌ شيءي مّلْدوغج بِعّقْرب نهاياته.
حلزونج يرفع قرْنيهِ ويشكْهما في إسْفّنْج الهواء.
ما أطولّ الجهدّ الذي يبذلهج الإنّسانج لكي يصيرّ إنسانا.الأفقّ يتجرٌّع السٌجمٌّ، شاهدا علي الخوف.في الهواء والماء والعشب، يولد الخّوف. خوفج السٌاكنينّ من بيوتهم التي رّفّعوها، خوف المسافر من طريقه. خوف الجسد من رأسهِ ومن يديه.لكن، هيهاتِ أن يتّرٌّجل القمرج لكي يقنّع النٌاظرينّ إليه بأرواحهم أّنٌه تراب كأخته الأرض. ولاماءّ فيه، لاعشب، مع أّنْهم يؤكٌدون أّنٌه مأهول بالملائكة وخِرّافهِا.خّوفا، جاءّ الحزنج إليٌّ، آخِرّ اللٌيل. جلسّ إلي جواري كأّنٌه طفل نجمةي ماتت.إِفْتح لي ذراعيكّ، أيٌها الطٌفل.
كيف تكونج وطنا هذه الكرةج التي تتعثٌّر فوقها خطوات الأطفال؟
رأس الزٌمن ينكسر، ويكاد أن يّتفّتٌتّ علي مائدة الأبدٌية.
خوفا، ترتجفج اللٌغة بين يدي الجمعجّم.
لّوٌن، أيّها الدٌم، هذه اللٌوحّة التي تجسمٌي الأرض.
ثِيرانج ج هِي الأمكنة، والسٌّماءج قجبٌعةج للِمجصّارعين.ثّمٌةّ حّصادج ليست سنابلهج إلا رؤوسا. ثٌمة بشّرج يجلسون للِرٌاحة علي هذه السْنابل. وأّسمع من يّصيجحج نائِحا: أين أفجٌر هذه القنبلة؟ مّتي تّجييء الأجنحة التي سّتطيرج بي؟قضبانج حديدي علي أبواب الأفق، والوجوهج وراءها كمثل كِرجاتي مّثْقوبة.لا أعرف أن أجحيٌي هذا العالم. هل عليٌ أن أغيٌر شفتٌي؟هل عّليٌ أن أبتكرّ قلبا آخر، وأحملّ رأسا آخر؟ألن تقولي شّيئا، أيٌتها العِبّرج التي تتموٌج في نّهْر التٌاريخ، وتكاد أن تصيرّ طوفانا؟
كيف تمكن الحياة علي أّرْضي لايتكلٌم فيها أحدج غير السٌماء؟
هل تريدين، أنتِ كذلك أيٌتها العشبةج أن أدٌلكِ علي الماء؟لم أفكٌر في أن أتحوٌل إلي ذئب، فيما كنت أنظرج إلي قمّر التٌاريخ يتقدٌم في غابة اللٌيل. فكْرت في القمر نفسه، مجصغيا إلي نشيد سفّر في صياح ديكي يرسمج قنْزّعته علي جّبل الصٌوت. وكان الصٌوت لهبا في حنجرة المدينة.انفّجرّ دارجج اللٌغة في فصيحها، واشتعلّتْ شّيبا رؤوس المعاجم، فيما كان القمر يّستقر في فراشهِ، بعد أن تنٌقل طويلا في عربّةي من أّحْلام القّتْلي.
يكفي أن تخرج الأرض من ثْقب في مؤخٌرة الكلمة.
حسّنج ج أن تكون دالج المدجنِ هجدْهداضّلٌ طريقه إلي سليمان.
تكاد حِيتانج التوهٌم أن تبتلعّ هذه المدن.
كٌلا، لا أريد أن أخلق أيٌّ التباس. هكذا لا أريد أن أمجٌدّ محاسنّ الكولا، أو مزايا البيبسي. أريد أن أعيرّ مِشْطي إلي اللٌيل لكي يرتٌبّ شعرّه، عندما يستيقظج من نومهِ في مدينة بيروت،خصوصا أنٌ التٌاريخّ أّرْجأّ سجؤالّهج الذي يريدج أن يطرحه عليها.
غالبا تسيل الأجوبة دما يبدو كأنٌه يتدفٌق من عنق الشٌمس.لن آسفّ إن كنتج لا أّستطيع أن أقلبّ التحيٌة إلي عصا أو هذه إلي تلك.والويلج من هذه اليد التي تّحتقر الكّبد.ولماذا لايكون الإنسان كالرٌيح، يملك الفضاءّكله، ولامجلْكّ له؟وكيف أقول: وداعا،للأشخاصِ الذين كنتجهم،لتلك الأطياف المتعدٌدة التي يّتعذٌر عليٌّ أن أجحْصّيِها؟ما أّنْحلّ جسمكِ، أيْتها الأرضج، يا أرضي، ومّا أّحّنٌّ اصفرارّ وجهكِ الكريم.يّكادج جلدي أن يّلْتّصِق بِجلدكِ، فيما أرّي إلي الزٌمن العربيٌ يدور في معْصمكِ، كمثلِ سواري مكسور.والعجب أّنْ الكواكبّ التي كان شعراؤنا القجدامّي يخاطبونها، وتجصغي إليهم، نّسيتْنا مع أّنْ يدّ اللٌه، منذ بدء التكوين، كانت معنا، ولاتزال.مِن جديدي تقرأ الغيوبج كّفٌّ شاعري تؤكْد أّنٌ الحيتانّ لاتحيا ولاتّسبجح إلا في كتجبي سّبّحتْ هي نفسها في بحيراتِ الغيب.إلي كجتلِ الثلٌج التي تّكْتّنزج بها آخر الغيوم العربية، إلي الرْعد والماء، الشٌجر والعشب، إلي القمر أسيرا بين فخذين، والشمس طليقة بين نهدين،وإلي ما تّّبقٌي من الأشياء التي لا أسماءّ لها، أّرفعج هذا النٌجصْبج،محفوفا بالآتِ السٌّفّر وآلائه،يجمّسْرحه غّسقج اللٌغة،وتزكٌيه جوقة موسيقي تجييء من حناجرّ غامضة،في تاريخي يكتبه صّدأج المعني.لّوٌِن، لّوٌنج أّيٌها الدٌّمجهذه اللٌوحة التي نجسمٌيها الأرض
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق