١٥‏/١٢‏/٢٠٠٥


الغربــاء
قصة قصيرة: حامد الزبيدي
رأى الشمس تقهقر السماء وتطوي وجهها المتلبد بالغيوم ثم تسحب قواها المضيئة وترحل مبتسمةً إلى الأقاصي، تبحث عن سماوات أخرى، تُرهقها، تكسرها، وتترك وراءها نحيب النجوم الذليل، تواسي السماوات الحزينة، غير مكترثة بآهات الريح العالية التي تجوب في الأمكنة الخالية، تحدث فيها الذعر، تموت الطرقات وترتجف الأشجار، ترتعد الحيوانات من صوتها المفزع، يتقادح البرق ويجلجل الهز يم مرتعداً وكأن الموت جاء متلفعاً بالظلام.
تلك الصور، رسمتها له مخيلته أثناء توجهه إلى بيته الكائن في ذلك الزقاق الموحل، كان يمش بمحاذاة الجدران الآيلة للسقوط بخطى حثيثة، وقف في منتصف الزقاق حينما رأى شبحاً أسوداً، جاثماً جوار باب بيته، أطلق قدميه، تتخبط، تغوص بالمياه الآسنة، انتابه الشكوك وساورته الوساوس، بدأ لا يعي في أي مكان يضع قدميه، كان يركض بكل ما أوتي من قوةٍ، تصادمت قدماه، انكب على وجهه، تبللت ملابسه، اتسخت بالادران القذرة وأصبحت كأنها ملابس حدّاد او فحّام، نهض من سقطته، مسح الطين الأسود عن وجهه، مشى مسرعاً كالمخمور، لا يعي بما جرى له، كان كلما يتقدم خطوةً، تتضح هوية الشبح، كانت سيارة بيكب، تقف أمام الباب، وبعض أبواب الزقاق مفتوحةً وخلفها رجال يتلصصون، اقترب من أحد الأبواب، اغلق في وجهه فجأةً، مضى خلسةً إلى البيت الذي يجاوره، دفع الباب بقوة ودخل عنوة غير مبال بالأعراف التي كان يؤمن بها ولا يخرج عن حدودها، منعه من الدخول جاره الذي كان يتلصص على بيته، احتضنه وقال له هامساً:
-من أنت؟
-أجابه لاهثاً- ألا تعرفني يا رجل؟
أرخى يديه وقال بشيء من القسوة والغلظة:
-بيتك مكتظ بالرجال الغرباء.
-أي رجال؟
-لا أعلم .. إذا أردت أن تعرف، عليك التسلل من هنا (أشار بيده إلى الجدار الفاصل بين بيتيهما)- وقتها ستنجلي لك الحقائق، لا تبقى هنا نحن نخاف على.. نحن محافظون.
شعر بإهانة لا تغتفر من جاره الذي تمادى عيه كثيراً، انتابه شك عارم، ضغط على أعصابه المتوترة وأوصاله المرتجفة، لكنه أثبط هممها وكظم حمم البراكين المتفجرة في أعماقه، استدار عنه متجهاً إلى الجدار، مد يديه إلى نهايته ثم سحب جسده إلى الأعلى، هبط كاللص، يمشي على رؤوس أصابعه بتوجس بالغ وحذر شديد وصراخ يدمدم في نفسه:
-من هؤلاء؟ من سمح لهم بالدخول إلى بيتي من دون علمي؟ ربما..
سكتت نفسه عن الصراخ لحظة اقترابه من النافذة العارية من الزجاج، وقف بجانبها، يصيخ السمع إلى لغوٍ غير مفهوم وتحركات غير اعتيادية، دفع رأسه ببطء، تجمدت عيناه، انقطع نفسه، اجتثت السكينة من جذور أحشائه وضاع الأمان في أعماقه، مات كل شيء فيه إلا ذلك الدبيب الذي يخفق في قلبه، من تلك الأوهام المريعة، ذاب الجليد في عينيه ومضى ينظر في أجواء الغرفة من دون ان يراه أحد، رأى ثلاثة رجال مسلحين، كان أحدهم يقلب محتويات الغرفة رأساً على عقب، يبحث عن شيء ما، والآخر يتفحص المجلدات في المكتبة الخشبية الصغيرة، كان كلما يفرغ من مجلد، يلقيه تحت قدميه بلا عنايةٍ أما الرجل الثالث، كان يقف بالقرب من أولاده وزوجته المرتجفة ويده على قبضة المسدس، ينظر إلى الذين دفنوا ظهورهم بالجدار، يتفرس بالوجوه المملوءة بالخوف، وجوه شاحبة، ذابلة، ترتعد من لحظة إطلاق النار عليها، تمعّن في وجه الرجل الثالث كثيراً، وقال في ذات نفسه:
-إني اعرف هذا القذر! ولكن أين.. أين؟
لم تسعفه الذاكرة المشوشة لذا تركه ومضى يرنوا إلى ابنه الصغير، ركز بحنو وعيناه مغرورقتان في وجهه الصغير الذي أتعبه الوقوف وأرهقه الخوف، قد رأى الموت مرسوماً على صفحات خديه الطريتين، بال الطفل على نفسه من دون ان يشعر، ثم اسند رأسه إلى الجدار، يسأله بصمت عن وسادة او عن غطاء يدفأ جسده المرتجف.
وميض مرعب في السماء ورعد صارخ، رياح تشتد قسوتها، وعواء ذئاب في البساتين، تشكل ليلة قاسية في أعماقه، نزل المطر، غسل وجهه من الطين الأسود وطهر ملابسه الموحلة وهو لا يزال في مكانه ينظر إلى ابنه الصغير الواقف، النائم، الذي يتلظى في أقسى حالات الإرهاب، والى زوجته التي كانت تتلوى من شدة الألم، تعض شفتها السفلى وتعصر جفنيها، ينكمش وجهها الطفولي، تتضرع في عيون الصبر ان ترعاها ولا تتركها مرتعاً للألم، بعد ان فرغوا من جولة البحث والتقصي، خرجوا من الغرفة مطأطئ الرؤوس، انطلقت سيارتهم في الزقاق الموحل والنجوم تنظر إليهم، دخل إلى الغرفة يتطلع في الوجوه الشاحبة والعيون الغارقة في الخوف، قالت له زوجته:
-اخرج من البيت حالاً.. اهرب انهم يبحثون عنك.
التفت إلى أبناءه وقال لهم بهدوء:
-اذهبوا إلى فراشكم ناموا بهدوء.
ذهبوا إلى فراشهم في الغرفة المجاورة، أحدج زوجته بنظرةٍ سريعةٍ وقال لها برفق:
-أغلقِ الباب.. البرد يلسع عظامي.
أغلقت الباب، فخلع ملابسه المبللة وكان يرتجف من البرد، جلبت له ملابس النوم من الخزانة المبعثرة ذات الشكل الفوضوي، أخذ منها الملابس ثم ارتداها بلا استحمام، جلس على بساط متهرئ بصمت، أحنت قامتها والتقطت ملابسه المبللة ووضعتها في جردل قديم متآكل ثم تركته واستلقت على فراشها، تنظر إلى سقف الغرفة الناضح ثم قالت:- يا لها من ليلة مشؤومة.
-ثقِ لست المعني. انه مجرد اشتباه لا اكثر.
-اقنع نفسك.. انهم قصدوك بالذات.
أدارت جسدها عنه وهو بقى في جلسته، أشعل سيجارته وبدأ يتأمل في الأيام المنصرمة، وتساؤلات كثيرة في ذهنه: هل سرقت شيء في يوم ما؟ هل تحرشت؟ هل تعاطيت المخدرات او تكلمت بالممنوعات؟ ، وكان يجيب في نفسه: لا.. لا…
-ولكن بماذا تفسر مجيئهم في الليل، ومن دون سابق إنذار، يدوسون البيت.. ثم من هؤلاء من؟
شعر بألم في بلعومه عندما أزدرد ريقه الناشف وقال لنفسه:
-إنني اعرف أحدهم.. اجل اعرف ذلك الرجل الذي كان يقف بالقرب من زوجتي.. ولكن أين؟
(ضرب جبهته براحة يده) حتّام تخونني الذاكرة.. إنني لا أتذكره بالضبط ولكنني اعرفه حق المعرفة.
تيقظت ذاكرته وقلّبت الأيام المحفورة فيها، تبحث عن ذلك الوجه المفزع الذي يعرفه، تذكره، كان يزامله في الدراسة قبل عشرين عاماً خلت، كان صديقه الحميم الذي لا يفارقه، نهض من مكانه وبدأ يذرع الغرفة يروح ويجيء، يجمع أشتات مخيلته ويثبّت أوهامه في وجوده، ولكنه لم يقدر أن يجمع بينهم، حيث تطير خيالاته سارحةً هناك ويبقى وجوده الفارغ هنا، التفت إلى زوجته الغارقة في النوم وقال لها:- إنني ارفض هذا العالم الغريب، الذي يمنح الحيوانات التي تفتقر إلى التهذيب حق الحياة ويحكم عليَّ بالموت.
صاحت الديكة وانتهى الليل البهيم، خرج من البيت وفي ذهنه ونفسه صراع مرير، ذهب متجهاً إلى حي الأثرياء، حيث ان الذي جاء إليه بالأمس واشعل نار الخوف، يسكن فيه، وقف أمام باب القصر الكبير وهو يفكر كيف سيكون اللقاء، وقفت أمام الباب سيارة حديثة فارهة، حدجها بنصف عينه ثم تمشى قليلاً عنها، فتح الباب صديقه، وثب إليه وتصنع الصدفة والتقى به، وكان اللقاء بارداً، ذكرّه بزمالته ولكن صديقه لم يتذكر بل ونفى الماضي برمته، كان فرحاً سعيداً لعدم معرفته به، خطر بباله الذي أتى من اجله وقال إليه:
-ماذا كنتم تريدون مني ليلة أمس؟
نظر إليه باستغراب ودهشة وأردف:
-نعم؟
أعاد عليه ما قال له في البدء، رد عليه بكبرياء.
-إنني لم أعرفك.. فكيف لي أن اعلم أين أنت تسكن؟
تركه كما لو يترك إنسان وضيع وصعد في السيارة، انطلقت وهو ينظر إليه بحيرة ثم عرج إلى بيته راكضاً، دفع الباب، دخل إلى الغرفة المبعثرة، صاح على زوجته وعلى ابناءه، لم يتلقَ رد منهم، بحث حتى تيقن ان لا أحد سواه في البيت، نظر إلى الجردل المختنق بملابسه المبللة، اقترب من المنضدة بعد ان أطبق عليه الذهول، جلس على المنضدة وقدماه تتأرجحان في الهواء، مد يديه إلى الخلف ليعتمد عليهما، وجد تحت يده ورقة صغيرة، نظر فيها، أنها رسالة مكتوبة بخط زوجته، فتذكر أن زوجته كتبتها إليه أول أمس قبل سفرها إلى أهلها، بهت وهو يتفرس بأرجاء الغرفة ولم يجد أي تفسير لهذه الفوضى.

حامد الزبيدي
19/1/2002
mu29@hotmail.com

مرثية عبد اللطيف الراشد

مرثية عبد اللطيف الراشد
محمد الأحمد
عرفت ُمتأخرا رحيل الشاعر (عبد اللطيف الراشد) عن عمر ناهز الفجيعة بألف قصيدة، من بعد شهادة عصره العراقي، له، وعليه. وقد عاصر الرياح العاتية التي عصفت بالعراق عصفاً جبارا، وخلفته كالنخالة، من بعد أن عاصرته الحروب بالذلّ والهوان. كان الراشد مرثاة جيل بصوت مزادنٍّ بالأفكار، والأعمار.. ربما مسافةٌ بألف عَمَار، و كان حلمه النازف بأشواق جسام، وعصافير القبور كانت تذود عن دسائس الشعراء، وما كان المعلم حين ينطق إلا لجيل من المعلمين التائهين في مدرسة القومية التي استنفدت مسار العمر، والفكر، والتراث. كم من زهرة تلقى عن تنهدة قبر الشاعر الراشد، وكانت الصروح عن سرها تنأى لتصوغ معانيها في جمل ابتدعها العراقيون من آهٍ حرى بالأشواق.. كم اشتاقت الجملة إلى خبرها في بلاد انتهكت بأنفاس تبتدع فراق ابنها الذي تصير إبداعه عطرا يرش الغيم بالطيب.. كم هو ساحر هذا البكاء الذي يأخذ الأعياد إلى حتفها، والأيام إلى حزنها الميت بالموت، والهجرة، والانكسار.. مات، وما مات... لكنه عاش حيا كميت.. مقهورا، بائسا. إلا إن حزننا العراقي بمعية البعض بالبعض، والسرّ ما عاد سرا فالفأل السيئ يحيق بالعراق، ومبدعيه. إن كانوا فيه باقون حضرهم النسيان، اوغادروه مزقهم الحنين.. مات الشاعر وما مات الشعر الذي بين يديه يرش العطر على العصافير الدورية لتوزعه زخات بكاء مرير يفيض بمآقي الدجلتين والفراتين..
أواه ما أجمل العراق، وما أجمل العراقيين به.
مات مستنزفاً (عبد اللطيف الراشد) وما عرفت إلا من مرثية كتبها صديقنا المبدع (وجيه عباس) الذي تعود أن يرثي بنبل كل من يعرف، فطوبي لمن عرف ولم يعرف بان الراشد كان أكثر من إنسان في ثوب تجلله الحرور والبرود وتكتبه المسارات.. كم عراقيا مبدعا كان العراق بهم كسيرا مريضا لا يأبه لأحد سوى اسمه الجليل. كان عبد اللطيف الراشد حزينا في مقهى (الشابندر) يقضم جوع الأيام ويشتري بالتحقيقات الصحافية قصائد الدخان، وكان يأمل المكافأة عن النشر ليأكل، وكان يأمل الصديق لينام، وما كان الفندق الرخيص يتعود عليه كونه يتحدى كل يوم بألف حلم ليكتب فيه لأجل النشر... كما كان طيبا عبد اللطيف الراشد في ابتسامته تحتاج إلى غدوة متواضعة ليس إلا. كان شاعرا عراقيا كريما أخذهُ الموت من القصيدة، وزرعه في مسودات شعر ابلغ معان من كتابه الجميل الوحيد، ديوان شعر اسمه (نزق).. وفيه قصائد مهداة إلى جيل الخيبة العراقية.
‏الأربعاء‏، 14‏ كانون الأول‏، 2005

كليزار أنور


قراءة
قصص ( ما بين الحب والحب )
نزيف الذاكرة

كُليزار أنور
في مجموعته الأخيرة ( مابين الحب والحب) نرى القاص محمد الأحمد وكأنهُ ابن بحر .. مغامر، متمرد .. أحلامهُ متسعة دائماً ، نامية كالبالون تأخذه وتطير به إلى آفاق أبعد ومديات أوسع .. يحلم بالانقلابات في شكل القصة .. وهو يحققها ومهما كانت النتائج معه أو ضده .. لا يهم، فالمهم – بنظره – أن يسير خلف أحلامه التي ترضيه هو .. هو وحده كقاص .
إذاً .. وجدناه مسافر دائماً .. مسافر بأسلوبه المنفرد وكأنه يسكن خريطة ممتدة على الدوام .. والأسلوب منبع الكتابة الرئيسي !
لغة قصصه مدهشة بإتقانها .. معتزة بعنفوانها الحاد.. لغة موحية ، بالغة التأثير فينا ، فلا فكر ولا حس بدون لغة قوية .. وهذا ما نلمسه بوضوح في أسلوب القاص عموماً .. نقاء العبارة ، وقوة اللغة ، ومسألة أخرى .. الوصف ، فالوصف دقيق ، راقٍ ، شاعري .. عندما يوصف لا نشعر بأننا أمام قصة ، بل أمام لوحة خرجت – تواً – من تحت أنامل فنان حقيقي ، ماهر يتقن صنعته عن خبرة وموهبة فذة .
أربعة عشر قصة بين دفتي ( مابين الحب والحب ) :
· ( ذاكرة ما ) .
بعض الماضي يكون قاسياً لا يحتملهُ الإنسان ، فيحاول أن يمحوه تماماً من الذاكرة ، لكن مجرد علامة صغيرة أو تذكار بسيط بإمكانه أن يفتق الجرح ليبدأ النزف من جديد !
· ( الصفر نصف قطر دائرتي ) .
هل هناك فرق بين اليابسة والماء .. هل هناك فرق بين المرأة والسمكة ؟؟!! ترابط جميل .. خرزات ملونة لشخصيات متعددة ( أب وامرأة وشقيقتها وهو ) جُمعت في خيط واحد لتتكون قصة !
· ( ورطة ) .
قصة حرب ، أو بالأحرى فصل من فصول الحرب . رجل سرقت الحرب منه زوجته ويده اليسرى .. هذه كانت ورطته بالضبط " ولم يستفزني شيء مثلما استفزتني الذراع الساقطة بين قدمي دون أن أعيها .. سقطت مثل غصن انتزعته يد حطاب ماهر . ألتمس بيميني يساري فلا أجدها . أفزع أكثر ، والدم تدفق مني مثل ماء من نبع . الألم فزع أيضاً .. الليل أمات نفسه بين قبضتي ، آلم توقظ فطوحت ببندقيتي بعيداً التقطت ذراعي وابتدأت أجري متخطياً كل القذائف .. أركض بينما بقي كل ما خلفي محطوباً " ص 25 .
· ( كان ) .
شجرة الحب الأول .. من الممكن أن تعود إلينا مرة ثانية ، لكن هل ستثمر كما أول مرة؟ بالطبع لا ! فالحرب أحرقتها ، مثلما أحرقت كل شيء جميل في هذا البلد .
عنوان القصة ( كان ) . وكان .. فعل ماضٍ ناقص . أراد الكاتب أن يوحي لنا في قصته أن ( الحب .. كان ) !
· ( بعد الجمر .. قبل الرماد ) .
الحرب .. مرة ثالثة في هذه القصة أيضاً . امرأة ، أُم لابنة .. لا تصدق بأن زوجها خطفتهُ مخالب الحرب من بين أحضانها .. ما زالت تتخيل وجوده " وانطلقت إليه تستعجله قبل أن يبرد طعامه .. بحثت عنه في الغرفة فلم تجده . طرقت باب الحمام ولم يجبها .. بهتت عندما لم تجده . انطلقت كالمذعورة من مكان إلى آخر في البيت ولم تجده دون أن تفطن للباب الخارجي الذي كان مقفلاً من الداخل منذ نهارين !! " ص 43 .
· ( مابين الحب والحب ) .
للوهلة الأولى يتصور القارئ وهو يقرأ السطور الأولى من القصة بأن الكاتب يقصد بين ( الحُب و الحْب ) أي الوجد : معنىً للأولى .. وكوز الماء : معنىً للثانية . وقد جعل الربط بينهما كفكرة للقصة ، لكن ما أن نستغرق في القراءة نكتشف بأن الكاتب يقصد ( الحُب و الحُب ) والفرق ما بين الحب كوجد والحب الأبوي .
قصة لها طابع متميز لأسلوب لهُ بُعد وجداني .. كانت تستحق أن يختارها القاص عنواناً لمجموعته .
· ( عودة الصبي ) .
اتخذ القاص المونولوج كوسيلة لتحقيق تحليله النفسي لرجل ستيني يتذكر أيام طفولته الشقية .
· ( محمد أحمد ) .
كلنا يؤمن بأن الإبداع هو عمل يصنعهُ فرد واحد .. ومن هنا نجد التفرد بين قاص وقاص، بين روائي وروائي آخر ، بين شاعر وشاعر آخر .. وبين قصة وقصة أخرى .
( محمد أحمد ) . أكثر قصة أعجبتني من قصص المجموعة .. وكانت فعلاً قصة مدهشة ، رائعة صيغت بذكاء ( عنواناً وأسلوباً وفكرةً وهدفاً ومعنىً ) ومهما علّقت عليها ، فلن أمنحها حقها الكامل .. لذا سأصمت بكل إعجاب أمامها !
وكان القاص محمد الأحمد مبدعاً – بحق – في قصته ( محمد أحمد ) !!!
· ( السائس ) .
تعاطفت مع هذه القصة – بالذات – كثيراً .. لا أدري ! شعرتها حقيقية .. وكأنها حدثت مع القاص بكل تفاصيلها الدقيقة .
· ( الظل الموحش ) .
ماذا بقي له من والده سوى تمثال .. تمثال يعز عليه حتى بيعه " السؤال يكبر ، والألم يتفاقم بالأسئلة . الصمت يجمع بين الروح والتمثال . الأسئلة تضيع ، وتهاجمني رائحة كقوة الضوء المتسرب عليّ .. أحدق عبر النافذة .. تمتد خطوط بصري ، ولا تلتقي بالذي أريد . الصمت يتفاقم بيني وبين التمثال الذي بدأ بابتسامة صغيرة لم تكد تبين :
- أبي .. أجبني أرجوك ؟ " ص 85 .
ولا يأتيه جواب سوى صوت ارتطام !
· ( خيانة زمن ) .
قصة لها بعدها الفلسفي !
· ( حمار ) .
علينا أن نقرأ القصة كاملةً لنعرف لماذا سماها (حمار) ؟! وعندما نعرف.. نكاد أن ننفجر من الضحك.. قصة لها مغزى جميل كُتبت بأسلوب ساخر وجاد – بنفس الوقت – أشبه بما يُسمى بِـ( الكوميديا السوداء ) !
· ( كتاب الحندل وأبوابه ) .
حكاية غريبة عن رجل يكتشف قبواً في منزله الذي اشتراه ، فيقرر أن يدخله.. مفاجأة تقوده / تقودنا إلى مفاجأة وكأنها قصة من قصص ألف ليلة وليلة بكل غرائبها . ويقرر الرجل في النهاية أن يدوّن ما رآه في كتاب !
· ( دمعة بيكاسو ) .
هل يمكن أن تُقرأ اللوحة قراءة أدبية ؟ بالتأكيد: نعم !
· ( أحوال شخصية ) .
قصة ممتلئة بروائح الخيانة والغدر والوحشة والنفاق والكذب والحقد والكره .. وكل مسميات الخداع .. إنها دمعة حارقة نزلت من أجلِ امرأة لا تستحق دمعة رجل !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ( مابين الحب والحب ) . مجموعة قصصية للقاص محمد الأحمد صادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد / 2002 .
gulizaranwar@yahoo.com

ذو الفقار الخشالي

قصيدتان
(إحساس قلبي)
لك في القـــــلب إحساسا غريـــــــــــــب
لك عشقا سميـــــــته عشق الحبيـــــــــب
لك فـــــــــي القلب حب وحنيــــــــــــــن
لـــــــــــــــــــك من القلب نصـــــــــــيب
أتعلمـــــــين أم لا تعلمــــــــــــــــــين ..؟
صدقينـــــــي إن لك في القلب حــــــــــبا
بكتمـانه صار داء ماله سواك طبيــــــب
أنـــــــــت داء يــــــــــــــــوم كـــــــــنت
فاقبـــــــــــــــــــلي أن تكونــــــــــــــــي
دومــــــــــــــــا دوائــــــــــــــــــــــــــي
هـــــــــــــــذا ما احمــــــــله لــــــــــــك
فأرجــــــــــــــــــو أن لا تكذبينــــــــــي
ولا تظـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلميني
ولا لطـــــــيش الشباب تضــــــــــــميني
عرضــــــــــت عليك الأمر .لـــــــــــكن
مـــــــــا أجبرتك أن تحبينـــــــــــــــــــي
أردت أن اعـــــرف رأيــــــــــــــــــــــك
أريحــــــــــــي به قلبي وضمـــــــــــيري

(محبوبة الأمس )

سأقص للناس عن محبوبة أمس
عن صاحبة الوجه الجميل
عن نرجسية العين
عن طفلة تشق اليوم طريق الشباب
تركت كل أحلام الطفولة
وقليلا من أول أحلام الشباب
سأقص لهم .......
واشكي لهم همي ولوعتي
سأقول لهم كيف كنت وكيف اليوم أنت
كيف عاهدتك وكيف خنت عهدي
أحببتني قليلا ..وبعدها
طعنتني ..........جرحتني
جرحتني بالأمس
وتريد اليوم أن تجرحيني
تركتني حيث كنت ارجوها
فسأتركها حيث اليوم ترجوني
بعدت عني فبعدت عنها فمالها اليوم تأتيني
اتركيني .........اتركيني

٠٩‏/١٢‏/٢٠٠٥

زواج القاص محمد الأحمد على القاصة كليزار انور


في احتفال بهيج جرى فيه زفاف القاص محمد الأحمد على القاصة كليزار انور يوم الجمعة الماضية الموافق في الثاني من كانون الاول لهذا العام، وعلى قاعة اتحاد ادباء وكتاب ديالى وبحضور الاهل والزملاء والاصدقاء