٠٨‏/٠٧‏/٢٠٠٦


?تعففت من النشر الرخيص إعتزازاً بكتاباتي
ابراهيم الخياط
?حاوره : كاظم الميزري
?شاعر غزير الحلم ، تتجلى في كلماته إنسفاحات للسحر.
كان الشاعر ابراهيم الخياط يكتب كثيراً في الأدب والشعر قبل حدوث الزلزال النيساني عام 2003 وكان الخياط ينشر كتاباته في الصحف العربية والمغتربة ولم يترك مدينته بعقوبة إلا لأوقات محدودة يتطلبها حضوره للمشاركات الأدبية في بغداد والمحافظات .
ولكن الشاعر الخياط تغير كثيراً بعد الأحداث المتوالية منذ 2003 فأصبح يأخذ طريقه الى الصف الاول في التجمعات الثقافية ولا سيما الرسمية منها كوزارة الثقافة اولاً وإتحاد الأدباء ثانياً وكأنه بذلك يعوض الحيف الذي كابده طوال فترة النظام السابق.
وقد تابعته في كثير من اللقاءات والمشاركات في المهرجانات والحلقات وأجريت معه حواراً لعله يضيء جانباً من مشاغله الكثيرة .

ـ الشعر يركض لوحده دونما خيول ، هل ما زلت تحلق في فضائه ؟
* اكون صادقا معك حين أقول باني لا املك من هذه الدنيا سوى الشعر ، فإن ركض ركضت معه وإن أقام سكنت في مقامه ، وتجدني في فضائه محلقا كلما طاب لك أن تنظر الى المشهد الشعري العراقي ، وأجمل ما ستراه عيناك هو هذه الزحمة المحتدة من المحلقين ، والمجيدين لأصول الكار .
ـ الواقع أكثر شعرية مما نظن ، هل تؤمن بهذه المقولة وسط هذا الخراب ؟
* الأمر يحمل على أكثر من وجه ،وقد يصعد وجهان لأمر واحد ، وهذا مبعث الغرائبية لهذا الواقع ، ولأن الدم صار يتدفق في الشوارع وعلى الجسور وفي البيوت ، بتنا ننعته بالخراب ، بينما كل الذين أستشهدوا وقتلوا طوال السنوات الثلاث الماضيات لا يعادلون ضحايا معركة واحدة في الحرب العراقية ـ الإيرانية التي طحنت صفوة شبيبتنا ، ولكن الموت الرخيص المجاني وبالجملة كان خارج المدن المأهولة ، فيما كانت الأرقام عهد ذاك اكبر بأضعاف مضاعفة من عهدنا هذا .
أعود وأقول ولكن .. ولكن لم نشأ أن نتزوج في الحرب تلك كي لا نرمل فتاة أو نيتم طفلا ، فاذا بنا نفرح لوقف ماكنة تلك الحرب ، ونتزوج ، وما صدقنا ـ على سبيل المثال صلاح زنكنه وأنا ـ أن نكون آباء ويصير أولادنا فتية يباروننا في الطول والكلام والتأنق والمواعيد، أقول ما صدقنا ، حتى إصطدمنا بخطف ابن صلاح زنكنه، وإبنه هو إبني ، والطامة على رأسينا، ففي هذا القبح المستباح الجوال لا يكون الواقع شعريا، بل يكون الشعراء هم الرسامون الصابغون الواقع بألوان الرازقي والأمل والغد الذي هو أجمل من أمسنا واليوم .
ـ الى ماذا ينتمي من يستطيع أن يكتب نصاً بمستوى اللحظة العراقية الراهنة ؟
* ينتمي الى اللحظة العراقية الراهنة !
ـ هل تهتم بالبناء المعماري للقصيدة ، أم القصيدة بالنسبة لك كائن يولد عفويا؟
* نعم ، أهتم بالبناء الذي تسميه معماريا للقصيدة ولكن بعد أن آتي بها ـ أي القصيدة ـ من سماواتها وأذيبها في حبر قلمي ، إذاك أهندس الشكل وأمارس لعبتي اللغوية وأمنح بياض الورقة شيئاً من سواد الروح او قل سخام الروح الذي عافته القصيدة وهي تنضج على درجة حرارة الجحيم .
ـ هل ثمة تناقض بين هاجس القصيدة لديك ، وعملك كمسؤول في الإتحاد ؟
* كلا .
ـ بين هموم الأدباء وهمّ الشعراء ، هل ثمة وشائج ؟
* لا وشائج ، لسبب بسيط لأن الشعراء ليسوا ملّة لوحدهم ، بل هم عنصر الأدباء وبيضة الأدب .
ـ كيف تنظر للمشهد الثقافي في خضم التنازعات بين ما هو سياسي وما هو ثقافي ؟
* ليس ثمة تنازع ، لكن الساسة يهمشون المثقف في كل نازلة وصاعدة ، لانهم يشعرون بنقص بل مركب نقص تجاه أهل الثقافة ، فالساسة ما كانوا يوماً منتجين للابداع ولا متمكنين من الفصاحة ، وترى سيرتهم ان لم يكونوا مريبين فهم لاشك مبهمون ، وفي الضفة الأجمل من نهر الحياة ترى المثقفين يغرفون الطيب ، ويلبسون النقاء ، ولا أقنعة في جيوبهم لساعة اضطرار ، لأن لا ساعة إضطرار لديهم ،وترى ان المثقفين غير وجلين من نزول أهل السياسة الى ساحتهم ، ولكن الساسة يرتعبون اذا ما صار مثقف عضواً في مجلس النواب أو في قيادة حزب أو أدار دفة منظمة مهنية دون توجيه أو إملاء .
ـ لديك تجارب وحصيلة من المعاناة مع النظام السابق ، هل أفرزت هذه التجربة لديك شيئاً ما ؟
* لا شأن للنظام المباد بي ، ولم يكن يحاربني ، أو يمنعني من النشر ، أو لم يسمح لي بالشهرة ، بل كنت أنا الذي أحاربه ، وأنا الذي تعففت من النشر الرخيص اعتزازاً أو قل تحسباً ليوم ابيض آت وقد أتى ، أنا الذي كنت معتزلاً وليس معزولاً ، وكنت غائباً عن المشهد الثقافي بمشيئتي ، ومغيباً وفق المصطلح الدارج ، ولكن اسرك سراً يا صاحبي بأن كثيراً من المغيبين ايام النظام المباد ، كان الحق مع النظام في تغييبهم ، لأن الشرط الفني ساقط من نتاجاتهم وانتفاء هذا الشرط يعتبر سبة للاديب في العهدين.
ـ أين يقف النقد وسط هذا الخضم الهائل من النشر ؟
* شرف للنقد أن يصمت ، فهذا الكم الهائل من النشر غث في أعلاه وفي مهبطه وما بين يديه ، فوسائل الإعلام تنوعت وتعددت ، وصار النشر مباحاً دون اشتراطات ، وجل الذين يكتبون هم يجرجرون حبالاً ما إليها بعران ولا صخول ، فحري بالناقد الحكيم أن يقفل بابه دون الطارقين وكدت أقول المستطرقين .
ـ أين تقف وسط هذه الثلاثية ـ قصيدة العمود ـالتفعيلة ـ النثر ؟
* كنت في أول ثلاثيتك ثم قفزت الى وسطها ومنذ عهد وأنا في قصيدة النثر ، وأحسبه إرتداداً لو رجعت القهقرى ، وما أنا براجع بعد ان ذقت حلاوة قصيدة النثر ، وكذا بعد أن خلعت عليها نرجسي والياسمين .
 Posted by Picasa

ليست هناك تعليقات: