٠٦‏/٠٨‏/٢٠٠٥


الدكتور ماجد الحيدر
قصيدتان

(1)ما الفائدة ؟
"وما الفائدة ؟.. "
يسخر محمد سعيد الصحاف
وهو يستجوب عزيز الحاج
الغارق في دخان سجائره
أمام الحرس القومي القديم
والكاميرات المسحوبة الأقسام.
"ما الفائدة ؟.. "
يتساءل أبي وهو يبكي أمام التلفاز …
"ما الفائدة ؟.. "
تسأل أمي وهو تشهق
وتقبل ثياب الغائبين
"آه ما الفائدة ؟.. "
يمسك أخي رأسه الذي يشيب سريعاً
وهو يرتجف في الأقفاص الثلجية
هناك في كوركان البعيدة.
"ما الفائدة ؟.. "
يتساءل صغيري وهو يرفع العلم في ساحة المدرسة
ويرتفع الرصاص فوق الهامات المذعورة
"ما الفائدة ؟.. "
أتثاءب وأنا أسمع وأسمع وأسمع …
"وما الفائدة ؟.. "
تسأل النخلةُ والطيرُ وحبات الزيتون اليابسات
"ما الفائدة ؟.. "
يسأل القاتل والقتيل
"ما الفائدة ؟.. "
تسأل شجيرات العاقول
في بحر النجف الرملي الفسيح
"ما الفائدة ؟.. "
تسأل الورقة العذراء … والورقة الثيب
والورقة الذبيحة
"ما الفائدة ؟.. "
تصعد الأسئلة
تلتز في غيمةٍ نسيَت لون بخارها
فأمطرت زئبقاً ، وعقارب سكرانةً
وأفواها فاغرات بأجنحةٍ من سخام ….
"ما الفائدة ؟.. "
تكبر البرك .. تستحيل أنهاراً .. بحاراً ..
أوقيانوساً دبقاً …
"ما الفائدة ؟.. "
أحرق الأوراق العذراء .. والثيبات
والقتيـ … "ما الفائدة ؟.. "
***
"ما الفائدة ؟.. "
أتذمر وأدمدم "ما الفائدة .. ما الفائدة .. ما الفائدة ؟.. "
لكنني في يوم الطوفان
أصعد السفينة
ويدي في يد أنثاي
هناك سنفلت من الربان العجوز
والخطب الطوال
وندلف الى قبو صغير
لنمارس طقوس حب جنونية …
وحين ينادي المنادي
أن قد بلغنا القفقاس فانزلوا
سنزداد جنوناً
ونضحك ساخرين .. نسأل "ما الفائدة ؟.. "
11/1/2004
إشارات
1-كان محمد سعيد الصحاف "مدير الإذاعة والتلفزيون آنذاك" قد تولى التحقيق أمام شاشات التلفزيون مع عزيز الحاج أحد قادة انتفاضة الأهوار الشهيرة أوائل سنوات الفاشية في نهاية الستينات ولقد شاهدت أبي وأعمامي وأخوالي يبكون وهم يشاهدون القائد الأسير يتلاعب به الشرطي مدير التلفزيون.
2-كوركان : معسكر للأسرى العراقيين في أقصى شمالي إيران.
3- بحر النجف : أعظم مقبرة في الدنيا ملأتها عن آخرها جثث قتلى الحروب والمذابح.


(2)
وماذا تقترح يا رفيق ؟
وماذا تقترح يا رفيق ؟
في ساعة السعد هذي
أنندب حظنا ؟
أم نمط ظهورنا
اليابسة .. المتخشبة ..
التي طالما انحنت ..
من خوفٍ..
من يأسٍ..
أو من طول اعتياد ..
...
وماذا تقترح يا رفيق ؟
أن نبكي سويةً ؟
مثل نايين ذبيحين
على العمر الذي نسيناه
في كيس من النايلون الأسود المعاد
نجرجره في الأماسي
الى أفواه تزقزق كالعصافير
وعلى ظلنا الذي صار خرقة قديمة
نمدها في الأظهار
على سلحفاة الحديقة الرمضاء ؟
...
وماذا تقترح يا رفيق ؟
"الريل وحمد" أم " مثل روجات المشرَّح"
أم "آهات" تتكرر وتتكرر ..
مثل ضربات على اليافوخ
تذكرك كل ساعة .. دقيقة .. ثانية ..
بتاريخ المُدمى .. وحبالك المدلاة
من خطّاف المروحة السقفية ؟
...
وماذا تقترح يا رفيق
أن تشنق نفسك .. أم تعصر برتقالة
وتصبها في رضّاعة من حجر
وتنام في حضن خريطة باكية عجوز ..
تمسح على رأسك الأشيب
وتغنيك ...
"دللول .. دللول ..
آه ..
يا لولد يا بني .. دللول ! "