٢٣/٠٦/٢٠٠٨
١٤/٠٣/٢٠٠٨
Cultural pluralism plight of the Iraqi media
محمد الأحمد
محمد الأحمد
Mohammed Al-Ahmed
4 خبر جيدا المثقف العراقي مساحةُ العالم الجديد، بدراية نافذة، تحت مظلة عالم الثورة المعلوماتية، المنحدرة ككرة الثلج من الأعلى إلى الأسفل، وكلما وصلت إلى مستوى ما زاد حجمها، أزادت سرعتها، وبقدر ما نزل الى ساحة بلده من طامعين اقليميين، بقي متطلعاً بعمق إلى اغلب موروثاته، وموروثات الأمم الأخرى، صار مستشرفاً على ما يجري من تغيرات على خريطة العالم الذي كان رازحاً تحت نير -الحاكم بالدكتاتورية المفرطة، إذ كان موقناً بان ما من حال يدوم، فثمة أنظمة اتخذت من الديكتاتورية سدّا منيعاً لتطبع أنظمتها الثقافية، على أساس (بأنك تستطيع أن تقيد الناس بسلاسل أقوى من الحديد عن طريق أفكارهم هم أنفسهم- ميشيل فوكو)، صار المثقف يرى اقرأنه منقسمون إلى جهتين متعاكستين في الاتجاه، الآخر إلى أقصى اليمين تطرفاً، واليسار إلى أقصى اليسار تطرفاً، فالقلق والأمل صنوان لعملة واحدة على الرغم من تعارضهما. News well educated Iraqi area of the new world, expertise window, under the umbrella of the world of the information revolution, sloping ice pick from top to bottom, whenever and reached a level that increased size, increased speed, and as much as went into the town square of the regional conspiracies, looking remained deeply Most heritage and legacies of other nations, has become forward to the ongoing changes on the world map, which was labouring under the yoke - the ruling dictatorship excessive, as was certainly the case that what lasts, there dictatorial regimes taken a firm barrier to print their cultural rights, on the basis of ( you can restrict people's stronger than iron chains through ideas themselves - Michel Foucault), now finds educated peers are divided into two Mtaackstin in direction, the other extreme to extreme right, and left to the far left extreme, Anxiety and hope twins of the same coin, although disapprove. قلقهم في التغيرات المتينة للمستحدثات التقنية التي تفرضها القاعدة التكنولوجية، والتي تسير قدما بلا تأخر لتكتسح كل ما حولها، وما كان قديما في الفكرة والاستخدام يجده قد تفتت إلى نتفٍ صغيرة، وربما باتت لا تعني أحدا ابد، (فالفكرة الجيدة لا تذهبها سوى الفكرة الأفضل) والقسم الثاني من المثقفين قد وجدوا أنفسهم أمام عاصفة قوية من الإقتلاعات العلمانية، والأجتثاثات الإقليمية، فصار لزماً عليهم أن يتمسكوا بما كانوا يؤمنون به، أو ما كانوا يعملون به، يطوروه إلى الأفضل، و إلا عليهم بان يسلموا لما استحدث. Concern changes in the bedrock of the technical innovations imposed by the technological base, which was moving forward without delay to sweeping all around, and the old idea and finds may use the break to small pieces, and perhaps now does not mean one must, (good idea not only Tzhbha better idea) The second section of the intellectuals have found themselves in front of the strong storm Alaguetlaat secularism, and Alajtthathat regional, and became the fights they must adhere to what they believe in, or what they were doing it, Itoroh for the better, and not recognize that what they created. فالثقافة وعياً في الوعي، والأداة، والمكان، والزمان. Culture conscious awareness, and the tool, place, and time. والمثقف هو من يعمل وفق نظام ما يكون عليه لزما الحضور في زمنه، ومكانه، مدافعاً بعلمية عما يراه جاداً، وجدياً، وفيه طموح لأن يطور ما كان يستحق التطوير، مستحدثا أنظمة غالبا ما تكون متداخلة من ثقافة الآخر، وربما، يكون المحتوى نفسه يسير حثيثا داخل المتعارضات بالتسميات، ويصبان في هدف واحد هو كيفية توسيع القاعدة لكل منهما على حساب الآخر. The cultured is the system works as it is for fights attendance at his time, location, defensively push what he deems serious, serious, ambitious because it develops what deserves development, updated regulations often overlap of the other culture, and perhaps, the content itself is actively within Almtardhat labeling, and pour into one goal is how to expand the base at the expense of each other. يكون المستشرف لما يجري أمام ناظريه، وقد أنجز ما يسمى بالتعددية الثقافية، كونها استعراض مقارن ما بين خيارات معرفية للأنظمة الثقافية؛ التي تشمل وحدات المعرفة بكل ما يتناوله الإنسان المعاصر، فهناك زلازل تهزّ هزّاً عنيفاً كل ضعف، وهي أنظمة (العسكرة) العلوم العسكرية، ونقلها إلى حقل الثقافة، أو بتعبير أصح، إلى بقية المجتمع والتاريخ، فتم تعميم مفهوم (العسكرة) الثقافية بحيث لم يعد مقتصراً على غزو الجيوش، هناك غزو عام.. Be looking to what is going to train, has been the so-called cultural pluralism, a comparative review between options knowledge of the cultural systems; which include units of knowledge covered all rights contemporary, there is shaking earthquake shook violently every weakness, a systems (militarization) Military Sciences, and transfer to the field of culture, or more accurately, to the rest of society and history, the concept has been circulating (militarization) to cultural no longer limited to the invasion armies, there invasion .. غزو التجارة والسلع والأجهزة الالكترونية، وهناك غزو للقيم والعادات والتقاليد تتنافس في تحقيقه الفضائيات، ووسائل الدعاية. Invasion of trade and goods, electronics, and there invasion of values, customs and traditions compete in the satellite achieved, and means of propaganda. تعددت وسائله، وصار المثقف ينظر إلى مفهوم الغزو الثقافي في معانيه العديدة، وإتساعاته المفهومانية، قلقاً بشأن وجوده، و مبهماً فيما يطرح عليه من جدل مفاهيمي بين قوى الحداثة وقوى التقليد، فالتيارات القومانية استخدمت هذا المفهوم أيضاً، دفاعاً عن ما كانت تطرحه لجمهورها، كشعارٍ سياسي ضد التيارات الاشتراكية في الخمسينات والستينات، وراحت العسكرة تغلف هذه المفاهيم كلما اشتدَّ الصراع بين الأطراف المتصارعة على الثروات والمواقع الإستراتجية، كذلك في ظل الصراع السياسي بين التيارات الأصولية والتيارات الليبرالية في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، كان العامل الاقتصادي على الدوام هو المحرك لهذا المفهوم (الشعار)، والمثقف المحايد يأخذه الذهول مما يكون عليه من تعدد في المفاهيم، وبين التطبيق الذي يجري عليه، وعلى أقرانه بمختلف المناهج، ولتستثني القيم الحقة، كونها أقنعة من اجل أن تعبر بالخطابات إلى ما تريد. And numerous liquid, and then cultured consideration to the concept of cultural invasion in many sense, Atsaath Mufhomanet concern on the quality, and vague as it raises controversial conceptual between the forces of modernity and the forces of tradition, the currents Alkomanih used this concept also, in defense of what was presented to the public, logo Socialist against political currents in the fifties and sixties, and then packaged these concepts militarization whenever intensified conflict between the conflicting parties on wealth and strategic sites, as well as in the political conflict between the fundamentalist currents and currents liberal in the last two decades of the twentieth century, the economic factor is always the engine of this concept (Logo), the cultured neutral astonishment This will be ignored by the multiplicity of concepts, and the application thereof, and on his various curricula, and to exclude the true values, as masks for the rhetoric to reflect what it wants. ففي نهايات القرن التاسع عشر تنوعت الثقافات، الثقافة القدرية، والثقافة الاستعمارية، والأفكار المستوردة، والعقائد الدخيلة، وغيرها من الصيغ والشعارات التي تكرس لاحقاً في تعبير العسكرة الفكرية. In the late nineteenth century, a variety of cultures, culture fatalism and colonial culture, and ideas imported, exotic beliefs, and other formulas and slogans dedicated later in the militarization of intellectual expression. تنتمي إلى الصراعات السياسية والصراعات الأيديولوجية. Belong to political conflicts and ideological conflicts. من اجل الهيمنة على الثقافة والهوية والتاريخ، والجغرافية، والثروة، وصارت قيم التنوير والنهضة والعقلانية والحداثة التي ظهرت لدى الآخر تسمى من الآخر غزوا ثقافياً، من بعد أن أصبحت قيماً كونية، و تراشقت التهم على (فلان) مثلاً داعية للآخر ومنبراً من منابر الغزو الفكري حين دعا إلى الشك (الفلاني)، وتطبيقه في تفكيك تقنيات الثقافة الأخرى. To dominate the culture, identity and history, and geography, wealth and the values of enlightenment and became the Renaissance and rationality and modernity that emerged when the other called from the other cultural invasion, of having become a valuable Conneh, and threw the charges (because) example mouthpiece for another platform from the pulpit intellectual invasion When called into question (ask), and its application to dismantle the culture of other techniques. بينما (فلان) يتصدر الواجهة القريبة، كونه من نظام لا يختلف، ويكون الإنسان على الدوام هدفاً، لأجل أن يدجن بواسطة خطابات منظمة، تعسكره ساعة تريد، وتطويه كورقة عمل تأجل العمل بها، ولكن هيهات ذلك على المثقف. While (because) leads the facade nearby, it is no different from the system, the rights always a target for the Domesticates by letters of the organization, Taskarh when they want, and Ttaiwih postponed as a working paper work, but crying to the moon on cultured. ولعل المثقف العراقي الوحيد من بين أقرانه في العالم الأرضي أجمع، بقيّ يخاف من أن يُحدد الأشياء الحقيقية التي تتعمد النيل منه، وتدجينه، فهو يعرف النتائج قبل أن تحدث الحوادث، ولكونه عزيز النفس يعرف المسميات بمعانيها الحقيقية، ويسمي الأمكنة بخرائطها الحق، بقي مقصياً بين اشدّ الأقواس وضاعة، ومسورا بين مسمياتٍ أخرى وهمية، واهية، فارغة المحتوى، لا يقدر على أن يسميها بمثل ما يراد لها أن تسمى، رغم تمكنه من مسميات محيطه، ورغم ما يلمّ به من ظرف سياسي قاهر؛ ليس لكونه بلا دستور يحميه مما بعد الرأي، أو هوية تجعله حرّاً في مكانه من بعد أن صار عليه مكانه اشدّ الأماكن حسراً، إذ جعلتهُ ظروفه الاستثنائية، اليوم، حجزا تحت ركام ما تركه الاستبداد، والانحلال، فباتت إشاراته مكشوفة، ومراميه معلومة، حيث تقربت منه فوهة المسدس ولامست برودتها صدغه، والسيف الحاد مسلطاً على رقبته، و انه يمشي على سلك رفيع مربوط بين جبلين ومن تحته تسعر أتون تلتهب، وأي خلل في موازنة الخطوة سوف تكلفه غالياً، فبقي يمشي بدقة آماله الكبار إلى بعض غاياته، من بعد أن ثبتت لديه القناعة بان ما تحت قدميه يتصارع حولها الطامع بالثروة، والموقع الإستراتيجي، بنظام اليقين الذي يفرض حضوره على مستوى النصوص المبثوثة، و مستميتاً من اجل أن يبقى ما يستطيع من الدهر، و لا يستهن بقدرة علمه، ويريد أن يُهيمن كاملاً على إنسانيته، ويفرغها من محتواها، فارضاً عليه ما يرى، ومثبتاً ما يريد أن يثبته، ومتسلحاً بحذره بأنه لن يغفل عن خاصته، وسوف يحارب بما ملك من أسلحة تقليدية، أو غير، كلّ من يريد أن يلتهم منه طريدته، وغالباً ما تتغير العلوم الإنسانية إلى تكنولوجيا تخترق الزمن وربما تقصيه منجزة به ما يفوق المفاهيم السابقة للمسميات، برزت التعددية الثقافية، وصراعاتها، عبر سهولة تلاقحها بالاتصال والنشر فضائياً عبر (التلفاز)، أو (الانترنيت) سعياً نحو تثبيت الأنظمة، والوعي بآليتها. Perhaps the only Iraqi intellectuals among his ground in the world at large, remained afraid to determine the real things that deliberately undermining it, and longer, he knew the results before accidents occur, and because it knows Aziz self motif real names, and places called Boukratha right, left-Mgosaia brackets and the most menial, fenced in between other fictitious names, a frail, empty of content, not estimated to be designated as much as they are meant to be called, though that could Surrounding names, despite Film of compelling political circumstances; not without being protected by the Constitution, which after opinion , or the identity of it is free to place after place that it is most places Hsra, with the special circumstances that made him, today, booked under the ruins of the legacy of oppression, and dissolution, Fbataat overt references, and objectives known as the barrel of gun approached him and kick southern temple, and the sword sharp hanging on the neck, and it is walking on a high wire between the hills and unencumbered beneath the roar priced fester, and any imbalance in the budget step will cost dearly, leaving walk carefully tilt adults to certain goals, from having proved his conviction that the struggles under his feet around Men wealth and strategic location, the system of certainty which imposes his presence at the level texts delivered, and fought to keep the position of times, and not let his ability, and wants to dominate the full humanity, and unload the contents, imposing what it finds, and installed what it wants to prove, well equipped Bhdhirh that he would not lose sight of its, and will be fought, including the King of Conventional Weapons, or, anyone who wants to devour him prey, often changing the humanities to the technology penetrate time and perhaps finding Completed by more than concepts previous titles , emerged multiculturalism, and its conflicts, through the ease of communication and cross deployment across space (television), or (Internet) effort towards stabilization regulations, and awareness of machinery. فكل نظام يريد زرع خطابه بشتى السبل، (أن القصص تغدو الوسيلة التي تستخدمها الشعوب المستعمرة لتأكيد هويتها الخاصة ووجود تاريخها الخاص، وإنه لمن الأفضل بشكل عام أن نكتنه التاريخ ونستجليه بدلاً من أن نقمعه أو ننكره- ادوارد سعيد) ببراثن التحقيب الساعية للولوج في متاهات التاريخ التقليدي، من اجل إخضاعها لآليات التغيير الثقافي الذي بقي يعاني الإهمال، خاصة الذي بقي طويلا تحت وطأة نظام متعنت كان يريد أن يهمن حتى على الأحلام ليضمن حماية نظامه، بالإخضاع والهيمنة التي تفرضها سطوة قوته. Each system wants to sow his various ways, (the stories become the means used by the colonial peoples to assert its own identity and the existence of private history, it is generally preferable to Nkinh history and Nstgelet rather than Nkmah or disagree - Edward Said) Beratn Althguib seeking to get in the maze of history traditional, in order to subject them to mechanisms of cultural change, which has remained suffering from neglect, in particular, which has remained long under the weight of the system was adamantly wants to even the wandering dreams to ensure its protection, subjugation and hegemony imposed by the influence of strength. فتصير اليوم، بعده، المثقف في محنة متفاقمة، ولا يتوقف الأمر عند تحديد هذه العلاقة بل يتخطاها نحو البحث في دالة التلاقح، مع الفاعل الثقافي بوصفه مكافئاً للفاعل السياسي والاقتصادي في تصنيع، وتهذيب، وتشذيب تلك العوالق المتخلفة. Whom today, after cultured in the worsening plight, it does not stop when determining this relationship even surpass some search function in the cross, with the actor as the cultural equivalent of the actor's political and economic manufacturing, refining and refining those plankton underdeveloped. من بعد أن قيض لها أن تبسط حضورها أمامه على الواقع بكل قوة. After that they are to extend their presence on the ground in front of him with all our strength. وهو يواجهها بكل تفتح كونه ابن أول الحضارات. He faced each open a son of the first civilizations. حيث زمن التحولات التقنية الخطيرة، في عصر العولمة الراهن حدثت عدة اختراقات لما كان ثابتا وحصينا في نظرية الثقافة الواحدة، وقد وصل ببعضها إلى أن تتفكك، وتصبح في غضون محدودة على فكرة ما موجودة في متحف الأفكار الإنسانية العتيقة، قد كانت في يومها فاعلة كالشيوعية التي أنتجها المعسكر الشرقي في أيام الحرب الباردة. In a time of serious technical transformations, in the current era of globalization occurred several breakthroughs as the fixed bunker on the theory of a single culture, had arrived together to disintegrate and become within a limited idea of what exists in the Museum of humanitarian ideas obsolete, has been active in the day that Kalchioaih produced camp in eastern days of the Cold War. وأيضا دعم التيار الديني من قبل المعسكر الغربي، وأخذت تحضر إلى المشهد الثقافي، الإعلامي عدة مؤشرات من بعد أن أجاد ركبها الإعلاميون الفطاحل العاملون في أذكى المنابر الموجهة للاستحواذ على ذهن من تريد الاستحواذ عليه، وحتى استطاعت أن تكون لبنة أساسية من تلك الحرب الباردة التي تجري فوق رأس المتلقي، وخاصة من عرف هدف الخطاب قبل معناه، وقد بات عليما بها خاصة من بعد أن خبر أجواءه المشحونة بالمتصارعين عليه، والنقائض تكشف النقائض (المحللين والخبراء الدوليين يتوافقون على القول إن المنظمة العربية هي المنظمة الوحيدة التي تعرف انكفاءً ونكوصاً على الصعيد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي ). Also supporting religious trend by the Western camp, and are available at the cultural scene, several indicators of the media after shred knees Media Alaftahal workers smarter platforms against the monopoly of the mind wants to seize it, and even managed to be a cornerstone of the Cold War, which conducted over the top recipient, in particular defined goal before the speech meant, has become the Knower especially after news of its airspace Palmtsaraein shipped, and Antipodes reveal Antipodes (analysts and international experts Etwavkon to say that the Arab organization is the only organization that knows isolation and reneging on the economic level, and social, and cultural). فمن بعد أن حضرت نقاط الاتصال الفائقة إلى عصرنا صار المتلقي أكثر استقبالا للمتضاربين في الرأي الواحد، وصار الكلام يكشف الكلام الآخر، وخصوصا المنطقة قد شهدت انعطافات كبيرة في المشهد السياسي، من بعد أقصي من أقصي، ومات من مات. It is after attending the high points of contact to our audience became more welcome in view of the contradictory one, and then the other talk shows talk, especially the region have witnessed significant departures in the political scene after the maximum of maximum, died of died. فتكشفت الأوراق وصارت الحروف اغلبها صالحة للقراءة، ومبذولة كالماء لشاربه، فما عاد احد يستخدم طرقا قديمة للتعامل مع متلقي تجري أمامه قضاياها عارية، رغم العمليات التزينية لأجل أن تخرج في أبهج حللها الجديدة، والتي تخضع لإكراه مزدوج، داخلي من قبل السلطة الحاكمة، والسلطة الخارجية لأجل المصلحة الإستراتجية (في آن واحد تأتيها من نظمها التي تتباطأ في الإصلاح السياسي والاقتصادي إن لم تعاديه؛ ومن النظم الأجنبية التي تضغط عليها لتنخرط في مسار الديمقراطية والحداثة الغربية). Vtkhevc papers and letters are most suitable for reading, like water being made to the moustache, what returned one used old methods of dealing with recipients being naked in front of their issues, although operations decorating for exiting Entrance analysed in the new, and subject to coercion dual internal power by the ruling authority and Foreign for the strategic interests (that one comes from systems that are slow in political and economic reform if he only gains; systems and foreign pressure to engage them in the path of democracy and modernity West). بقيت تلك كضغوطات أجنبية مستمرة، ولابد من التفريق من قبل وعي المثقف، وبين ما يريده العالم التقني من تغيير في الأوضاع العربية لكي يساهم العرب في توفير الأمن العالمي، وبين ما تستهدفه أميركا لتوظيف هذه الأوضاع في خدمة مصالحها المختلفة لأجل أن تطرح نفسها زعيمة العالم الجديد، عالم ما بعد الحرب الباردة؛ وما برح المثقف معانيا مفزوعا من نتائج ما يجري أمام عينه واستخفافا بوعيه، لقد أصبح معظم المثقفين والسياسيين يرون أن الحل للخروج من هشاشة النظم العربية ومن تفكك مجتمعاتها، إنما يكمن في وسائل الإعلام الحديثة لأن تفتح مجالاً سجاليا بالتواصل، ليشكل واقعية التغيير ومساحة حاضنه. Those foreign Kdgutat remained constant, and must be aware of the distinction by the cultured, and what the world wants from the technical change in the Arab conditions contribute to the Arabs in the provision of global security, and what America's target to recruit these situations in the service of the various interests that present themselves for the new world leader , the world after the cold war; has been awakened from cultured enduring results are to sample and disregard subtle, has become the most intellectuals and politicians believe that the solution to the fragility of the Arab regimes and the disintegration of societies, lies in the media because modern open area Sajalia interface, for a realistic change and incubator space. وبقي المثقف ينظر إلى وسائل الإعلام وهي تترابط بضرورة لا فكاك منها مع العولمة التي أصبحت جزءاً من المفردات اليومية المستخدمة والتي أصبحت شاملة لما هو اقتصادي، واجتماعي، وثقافي والتي تشكل بواسطة الاتصاليات الفائقة السرعة محركاً من محركاتها إن لم نقل هو قاعدتها من بعد أن أصبح العالم (قرية)، فقد تشابكت النظريات بالجدل محللة من قبل المؤرخين وعلماء الاجتماع والاقتصاد والسياسة بما يمكن من استيعابها وسار التحكم بها في عديد من المجتمعات البشرية، كل مجتمع يريد فرض جذره الفكري على أساس العلاقة الاتصالية الجديدة، وصار الكل حاضراً يناقش، يحاجج، ويؤجج أيضاً النزاعات العرقية في الوقت الذي ما زالت تحتاج معظم الأطروحات فيه إلى البحث والتحليل ويصعب التكهن بانعكاساتها التي تختلف حسب أوضاع هذه المجتمعات الفعلية، وموضوعية عمق رسالتها، وصارت المجتمعات الهشة تؤيد الانغلاق، والتزمت بما ملكت أيمانها، وصارت تتجنب الخوض الموضوعي عبر مسألة الاتصال مع مختلف الحضارات الحاضرة، وقد غيرت تلك النوافذ مجمل المعطيات والنتائج، إذ خلفت تفكيكا ما في بعض المفاهيم، هنا، وهنالك تطرفا مغرقاً، وصار الجزء يتمرد على الكل، فمنذ مطلع الستينات بوجه خاص وحتى (المجتمع الإعلامي) الحديث أصبح التنافس فاعلا على امتلاك هذه الوسائل وشبكاتها العالمية كواحدة من الوقائع الدولية الجديدة، إذ باتت هذه الشبكات لا تبث أخباراً وحسب. He remained cultured consideration to the media are inextricably interdependent need them with globalization, which has become part of everyday vocabulary used, which became what is a comprehensive economic, social, cultural and which are by Alatsagliat engine of the high-speed motors that is not the base after it became the world (village), the intertwined theories controversy analysed by historians, sociologists, economics and politics so as to absorb and marched control in many human communities, each community wants to impose ideological roots relationship on the basis of the new connectivity, and then everyone present, discuss, argue, and fuels also ethnic conflicts while still where most of theses to research, analysis and unpredictable reverberations which vary according to the actual conditions of these communities, and its objective depth, and become vulnerable communities supports the closed, and committed themselves to the faith then, and now avoid going through the substantive issue of communication with the various civilizations present, have changed the windows overall data and results, it succeeded in collecting some of the concepts here, and there Mgrka extreme, and become part stand on the whole, since the early sixties, in particular, and even (information society) is the modern competitive player on the possession of these methods and global networks one of the new international realities, it is these networks do not broadcast news only. وإنما تنقل أيضاً إلى المتلقين معارف وأنماطاً في التفكير والعمل وتقوم بصنع الرأي العام و تؤلب على الأفكار المضادة، وربما تتجاهلها حيث توسع دائرة النفوذ والسلطة لأصحابها، وبهذا تعرض المثقف إلى إرادة القوة، وضغط رأس المال المنفذ، فمنذ القرن الثامن عشر كانت كل سياسة خارجية ولأية أمة من الأمم تقوم على دعائم الدبلوماسية والاقتصاد والقوة العسكرية وإذا كان هذا أمر مفروغ منه، ففرضت نفسها في النصف الثاني من القرن العشرين، ألا وهي الاتصال الثقافي الذي يصعب التمييز بينه بين المثقف المُسيَّسْ طبقاً لأطروحة شهيرة تقول: (كل اتصال ثقافة وكل ثقافة اتصال)، وهكذا حضرت إلى الأثير الذي يملأ حوض المتوسط الإذاعات كوسائل اتصالية أساسية في المواجهات الدولية الأمر الذي قاد إلى زيادة قدرات الإرسال لإذاعة (صوت أميركا) و(راديو أوروبا الحرة) و(راديو الحرية) منذ عهد الرئيس الأمريكي (كارتر) الذي رفع شعار حقوق الإنسان، واوجدوا منظمات دُعمتْ بقوة لتواجه الأنظمة الاشتراكية، وحلفائها في العالم الثالث المعادية للامبريالية الغربية بما ولد رأياً عاماً تعددياً في شرق أوروبا، وإلى حركة اجتماع انتهت بسقوط جدار (برلين)، وبعدها حضر عصر الفضائيات التلفازية، حيث أطلقت المحطات الدولية، والمنظمات، والمؤسسات الحزبية قنواتها التي تبث طوال اليوم ناهيك عن انتشار (الانترنت)، فقد لعب حضور الرأي الآخر دور عجائبي في اتساع المخيلة، مثلما لعبت الإذاعات دوراً لا يمكن تجاهله في ولادة الحركات الوطنية والقومية في العالم الثالث، واليوم فإن الفضائيات التلفازية لا تعترف بحدود جغرافية للدول، شأنها في ذلك شأن الإذاعة في الماضي، وقد عبرت بحارا واختصرت مسافات هائلة، كونها الناقل الجديد للسياسات الخارجية والصانع الأمهر في صناعة الرأي العام للعالم. But also transfer to recipients knowledge and patterns of thinking and working and creating public opinion, pitting the anti ideas, and perhaps ignored in the expansion of the influence and power of the owners, and thus subjected to the will of intellectual force, and the pressure of performing capital, since the eighteenth century were all foreign policy mandate a nation based on the pillars of diplomacy, economy, military force and if this is granted, imposing itself in the second half of the twentieth century, namely cultural communication, which is difficult to distinguish between the cultured with politicized according to the proposition of a famous saying: (every culture and every contact with a culture of communication) , and so came to filling the ether Mediterranean radio as a means of communication essential in international confrontations, which led to increased transmission capabilities Radio (Voice of America), (Radio Free Europe) and (Radio Freedom) since the days of the American President (Carter), which lifted the banner of human rights, and created organizations strongly supported the regulations facing socialism, and its allies in the Third World anti-imperialism, including the West born pluralistic public opinion in Eastern Europe, and the meeting ended with the fall of the wall (Berlin), and then attended the satellite television era, where fired stations, international organizations, and institutions partisan channels, which broadcast throughout the day not to mention the proliferation of (Internet), the presence of other opinion played a role in widening miraculous imagination, as the radio played a role could not be ignored in the birth of national and nationalist movements in the third world, and today the satellite television does not recognize geographical borders of the States, Like radio in the past, has crossed the sailors and shortened distances are enormous, as the carrier's new foreign policies and Alamehr manufacturer in the industry to the world public opinion. فدورها كان واضحا على سبيل المثال (الحجارة الفلسطينية) أو بشأن أحداث (البوسنة) و(رواند) حيث أبدى هذا الإعلام المأساة المريعة لهذه الشعوب، وانعكس ذلك على الدبلوماسية الخارجية لمختلف الدول وشكلت ضغطا على الرأي العام العالمي لأجل وجود حل لها. Its role was clear, for example (Palestinian stone) or events (Bosnia), (Rwanda) where the media was horrendous tragedy of these peoples, reflected in the diplomacy of various foreign countries and formed the pressure of world public opinion for a solution to it. وقد حضر الأميركيون على الجبهات كافة (إطلاقهم (راديو الصين الحرة) و(إيران الحرة)، فقد توجهوا نحو المنطقة العربية بإقامة إذاعة (سوا) عام 2003م، ومحطة (الحرة) التلفازية التي تشكل حسب (نيويورك تايمز) المشروع الإعلامي الأكثر جدية، الأكثر حيوية و(الأكثر طموحاً للإدارة الأميركية منذ عام 1942)، وتمويل (إذاعة سوريا الحرة) بما يخدم المضي قدماً لتطبيق الإستراتيجية الأميركية المعروفة(، المجيرة تحت يافطة الديمقراطية، أو رفض الحكم الفردي، ولان يكون الحكم من قبل دستور مكتوب مسبقا، وهو الذي يقود الإنسان إلى ما هو مقرر مسبقا، ولا سبيل للاجتهاد الشخصي، كما يؤكد (جان جاك روسو) مؤلف (العقد الاجتماعي) الشهير كان يقول (إن الديمقراطية لم توجد، ولن توجد، لأنه كان يفترض سلفاً وجود دولة ـ أمة تشكل الأساس للحكم في العصر الحديث)، ولم يتخلف المثقف عن مواكبة هذا العصر المشحون بالمعلومات، وانتشارها كأفكار عبر فضاء الإعلام تساهم بتعميم الديمقراطية المفترضة، وتأثر العالم العربي كثيرا، ولكنه بقي تحت قبضة حكوماته التي استطاعت أن تضع له رقيبا ثاقب النظر لأجل أن يبقى محكومها خارج هذا العصر العولمي، وعدم التأثر بمساره. فهذه المنطقة، أو تلك.. مازالت أقل مناطق العالم تمتعاً بالحريات المدنية، والحقوق السياسية، واستقلالية الإعلام، كما يبين ذلك تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية عام 2002، إذ بقي المثقف حبيسا لتلك القوالب الجاهزة، والتي تمنعت عليه، وأقصته كثيرا، حيث بقي كأنه حسير النظر، غير فاعل، ولا يستطع أن يحرك ساكنا بينما الفضاء المحلي يتعرض لإغراق بسيول عرمة بالصورة والصوت اغلبها تتدفق عليه من محطات لم تكن بالمستوى الذكي قياساً بالكتل السكانية العربية، غير المتجانسة (284 مليوناً عام 2003)؛ فبقي إنسانها مسطحا متأثراً بالقشور، و غير مبال بالمتون، يؤول حديثة بقديمه، (فان نقدم الفن باعتباره مضمنا أو شكلا ما هو إلا مسالة اختيار للاصطلاح المناسب، لكن بشرط أن ندرك أن المضمون يشكل، و إن الشكل يملأ، وان الإحساس إحساس مشكل وان الشكل شكل يحس- كروتشة ). Having attended the Americans on all fronts (released (China Radio Free Iran), (free), it was headed towards the Arab region administration Radio (Oslo) in 2003, the station (free) television which is as (New York Times) media project more seriously, more vitality and (most ambitious American administration since 1942), financing (Radio Free Syria) which serve to move forward to implement the strategy known American (, Al.rh under the banner of democracy, governance or reject individual, and that the sentence by a written constitution in advance, which leads Rights to the planned beforehand, in a matter of personal discretion, it is (Jean Jacques Rousseau) consisting of (the social contract) was famous saying (that democracy did not exist and will not exist, because it presupposes the existence of a nation are the basis of government in modern times ), not the cultured lag behind in this era loaded with information, ideas and spread across the media space would have contributed presumed Democratic, and the effect of the Arab world a lot, but it remained under the grip of governments, which were able to develop a watchdog piercing consideration for Movernmha to remain outside this globalization era, and Scopus vulnerability. this region, or that .. still lower regions of the world enjoy civil liberties, political rights and media independence, as reflected in the report of the United Nations Development Program in 2002, it remained confined to those cultured stereotypes, and open, and Aksth lot, where there remains something to consider, but an active, and unable to move a muscle while domestic space exposed to dump Seoul Armh pictures and sound mostly flowing from the plants were not smart level compared biomass Arab population, heterogeneous (284 2003); remained flat affected human veneers, and indifferent Palmton, construed modern Bkadimh, (the offer as an art form or embedded in what is only a matter of selecting the appropriate term, but only if we realize that the content is, and that the form is filled, and a sense of the problem and a sense Figure form improves - Krochh ).
فهل نستطيع أن نسأل السؤال بكل جرأة مع خالص تقديرنا واحترامنا إلى العالم الجديد؛ ذلك الخضم الجديد هل أنتج جيلا عريضا من الإعلاميين الجدد لا يستطيعون التمييز بين (الدعاية) و(الإعلام) وبين الإعلام (الرديء) وبين الأصيل المبدع؟.... Can we ask the question all bolder with sincere appreciation and respect to the New World; that you produced myriad new generation range of new media people can not distinguish between the (advertising), (Information) and the media (bad) and the inherent creative ?....
الاثنين، 25 شباط، 2008 Monday, 25 2008
4 خبر جيدا المثقف العراقي مساحةُ العالم الجديد، بدراية نافذة، تحت مظلة عالم الثورة المعلوماتية، المنحدرة ككرة الثلج من الأعلى إلى الأسفل، وكلما وصلت إلى مستوى ما زاد حجمها، أزادت سرعتها، وبقدر ما نزل الى ساحة بلده من طامعين اقليميين، بقي متطلعاً بعمق إلى اغلب موروثاته، وموروثات الأمم الأخرى، صار مستشرفاً على ما يجري من تغيرات على خريطة العالم الذي كان رازحاً تحت نير -الحاكم بالدكتاتورية المفرطة، إذ كان موقناً بان ما من حال يدوم، فثمة أنظمة اتخذت من الديكتاتورية سدّا منيعاً لتطبع أنظمتها الثقافية، على أساس (بأنك تستطيع أن تقيد الناس بسلاسل أقوى من الحديد عن طريق أفكارهم هم أنفسهم- ميشيل فوكو)، صار المثقف يرى اقرأنه منقسمون إلى جهتين متعاكستين في الاتجاه، الآخر إلى أقصى اليمين تطرفاً، واليسار إلى أقصى اليسار تطرفاً، فالقلق والأمل صنوان لعملة واحدة على الرغم من تعارضهما. News well educated Iraqi area of the new world, expertise window, under the umbrella of the world of the information revolution, sloping ice pick from top to bottom, whenever and reached a level that increased size, increased speed, and as much as went into the town square of the regional conspiracies, looking remained deeply Most heritage and legacies of other nations, has become forward to the ongoing changes on the world map, which was labouring under the yoke - the ruling dictatorship excessive, as was certainly the case that what lasts, there dictatorial regimes taken a firm barrier to print their cultural rights, on the basis of ( you can restrict people's stronger than iron chains through ideas themselves - Michel Foucault), now finds educated peers are divided into two Mtaackstin in direction, the other extreme to extreme right, and left to the far left extreme, Anxiety and hope twins of the same coin, although disapprove. قلقهم في التغيرات المتينة للمستحدثات التقنية التي تفرضها القاعدة التكنولوجية، والتي تسير قدما بلا تأخر لتكتسح كل ما حولها، وما كان قديما في الفكرة والاستخدام يجده قد تفتت إلى نتفٍ صغيرة، وربما باتت لا تعني أحدا ابد، (فالفكرة الجيدة لا تذهبها سوى الفكرة الأفضل) والقسم الثاني من المثقفين قد وجدوا أنفسهم أمام عاصفة قوية من الإقتلاعات العلمانية، والأجتثاثات الإقليمية، فصار لزماً عليهم أن يتمسكوا بما كانوا يؤمنون به، أو ما كانوا يعملون به، يطوروه إلى الأفضل، و إلا عليهم بان يسلموا لما استحدث. Concern changes in the bedrock of the technical innovations imposed by the technological base, which was moving forward without delay to sweeping all around, and the old idea and finds may use the break to small pieces, and perhaps now does not mean one must, (good idea not only Tzhbha better idea) The second section of the intellectuals have found themselves in front of the strong storm Alaguetlaat secularism, and Alajtthathat regional, and became the fights they must adhere to what they believe in, or what they were doing it, Itoroh for the better, and not recognize that what they created. فالثقافة وعياً في الوعي، والأداة، والمكان، والزمان. Culture conscious awareness, and the tool, place, and time. والمثقف هو من يعمل وفق نظام ما يكون عليه لزما الحضور في زمنه، ومكانه، مدافعاً بعلمية عما يراه جاداً، وجدياً، وفيه طموح لأن يطور ما كان يستحق التطوير، مستحدثا أنظمة غالبا ما تكون متداخلة من ثقافة الآخر، وربما، يكون المحتوى نفسه يسير حثيثا داخل المتعارضات بالتسميات، ويصبان في هدف واحد هو كيفية توسيع القاعدة لكل منهما على حساب الآخر. The cultured is the system works as it is for fights attendance at his time, location, defensively push what he deems serious, serious, ambitious because it develops what deserves development, updated regulations often overlap of the other culture, and perhaps, the content itself is actively within Almtardhat labeling, and pour into one goal is how to expand the base at the expense of each other. يكون المستشرف لما يجري أمام ناظريه، وقد أنجز ما يسمى بالتعددية الثقافية، كونها استعراض مقارن ما بين خيارات معرفية للأنظمة الثقافية؛ التي تشمل وحدات المعرفة بكل ما يتناوله الإنسان المعاصر، فهناك زلازل تهزّ هزّاً عنيفاً كل ضعف، وهي أنظمة (العسكرة) العلوم العسكرية، ونقلها إلى حقل الثقافة، أو بتعبير أصح، إلى بقية المجتمع والتاريخ، فتم تعميم مفهوم (العسكرة) الثقافية بحيث لم يعد مقتصراً على غزو الجيوش، هناك غزو عام.. Be looking to what is going to train, has been the so-called cultural pluralism, a comparative review between options knowledge of the cultural systems; which include units of knowledge covered all rights contemporary, there is shaking earthquake shook violently every weakness, a systems (militarization) Military Sciences, and transfer to the field of culture, or more accurately, to the rest of society and history, the concept has been circulating (militarization) to cultural no longer limited to the invasion armies, there invasion .. غزو التجارة والسلع والأجهزة الالكترونية، وهناك غزو للقيم والعادات والتقاليد تتنافس في تحقيقه الفضائيات، ووسائل الدعاية. Invasion of trade and goods, electronics, and there invasion of values, customs and traditions compete in the satellite achieved, and means of propaganda. تعددت وسائله، وصار المثقف ينظر إلى مفهوم الغزو الثقافي في معانيه العديدة، وإتساعاته المفهومانية، قلقاً بشأن وجوده، و مبهماً فيما يطرح عليه من جدل مفاهيمي بين قوى الحداثة وقوى التقليد، فالتيارات القومانية استخدمت هذا المفهوم أيضاً، دفاعاً عن ما كانت تطرحه لجمهورها، كشعارٍ سياسي ضد التيارات الاشتراكية في الخمسينات والستينات، وراحت العسكرة تغلف هذه المفاهيم كلما اشتدَّ الصراع بين الأطراف المتصارعة على الثروات والمواقع الإستراتجية، كذلك في ظل الصراع السياسي بين التيارات الأصولية والتيارات الليبرالية في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، كان العامل الاقتصادي على الدوام هو المحرك لهذا المفهوم (الشعار)، والمثقف المحايد يأخذه الذهول مما يكون عليه من تعدد في المفاهيم، وبين التطبيق الذي يجري عليه، وعلى أقرانه بمختلف المناهج، ولتستثني القيم الحقة، كونها أقنعة من اجل أن تعبر بالخطابات إلى ما تريد. And numerous liquid, and then cultured consideration to the concept of cultural invasion in many sense, Atsaath Mufhomanet concern on the quality, and vague as it raises controversial conceptual between the forces of modernity and the forces of tradition, the currents Alkomanih used this concept also, in defense of what was presented to the public, logo Socialist against political currents in the fifties and sixties, and then packaged these concepts militarization whenever intensified conflict between the conflicting parties on wealth and strategic sites, as well as in the political conflict between the fundamentalist currents and currents liberal in the last two decades of the twentieth century, the economic factor is always the engine of this concept (Logo), the cultured neutral astonishment This will be ignored by the multiplicity of concepts, and the application thereof, and on his various curricula, and to exclude the true values, as masks for the rhetoric to reflect what it wants. ففي نهايات القرن التاسع عشر تنوعت الثقافات، الثقافة القدرية، والثقافة الاستعمارية، والأفكار المستوردة، والعقائد الدخيلة، وغيرها من الصيغ والشعارات التي تكرس لاحقاً في تعبير العسكرة الفكرية. In the late nineteenth century, a variety of cultures, culture fatalism and colonial culture, and ideas imported, exotic beliefs, and other formulas and slogans dedicated later in the militarization of intellectual expression. تنتمي إلى الصراعات السياسية والصراعات الأيديولوجية. Belong to political conflicts and ideological conflicts. من اجل الهيمنة على الثقافة والهوية والتاريخ، والجغرافية، والثروة، وصارت قيم التنوير والنهضة والعقلانية والحداثة التي ظهرت لدى الآخر تسمى من الآخر غزوا ثقافياً، من بعد أن أصبحت قيماً كونية، و تراشقت التهم على (فلان) مثلاً داعية للآخر ومنبراً من منابر الغزو الفكري حين دعا إلى الشك (الفلاني)، وتطبيقه في تفكيك تقنيات الثقافة الأخرى. To dominate the culture, identity and history, and geography, wealth and the values of enlightenment and became the Renaissance and rationality and modernity that emerged when the other called from the other cultural invasion, of having become a valuable Conneh, and threw the charges (because) example mouthpiece for another platform from the pulpit intellectual invasion When called into question (ask), and its application to dismantle the culture of other techniques. بينما (فلان) يتصدر الواجهة القريبة، كونه من نظام لا يختلف، ويكون الإنسان على الدوام هدفاً، لأجل أن يدجن بواسطة خطابات منظمة، تعسكره ساعة تريد، وتطويه كورقة عمل تأجل العمل بها، ولكن هيهات ذلك على المثقف. While (because) leads the facade nearby, it is no different from the system, the rights always a target for the Domesticates by letters of the organization, Taskarh when they want, and Ttaiwih postponed as a working paper work, but crying to the moon on cultured. ولعل المثقف العراقي الوحيد من بين أقرانه في العالم الأرضي أجمع، بقيّ يخاف من أن يُحدد الأشياء الحقيقية التي تتعمد النيل منه، وتدجينه، فهو يعرف النتائج قبل أن تحدث الحوادث، ولكونه عزيز النفس يعرف المسميات بمعانيها الحقيقية، ويسمي الأمكنة بخرائطها الحق، بقي مقصياً بين اشدّ الأقواس وضاعة، ومسورا بين مسمياتٍ أخرى وهمية، واهية، فارغة المحتوى، لا يقدر على أن يسميها بمثل ما يراد لها أن تسمى، رغم تمكنه من مسميات محيطه، ورغم ما يلمّ به من ظرف سياسي قاهر؛ ليس لكونه بلا دستور يحميه مما بعد الرأي، أو هوية تجعله حرّاً في مكانه من بعد أن صار عليه مكانه اشدّ الأماكن حسراً، إذ جعلتهُ ظروفه الاستثنائية، اليوم، حجزا تحت ركام ما تركه الاستبداد، والانحلال، فباتت إشاراته مكشوفة، ومراميه معلومة، حيث تقربت منه فوهة المسدس ولامست برودتها صدغه، والسيف الحاد مسلطاً على رقبته، و انه يمشي على سلك رفيع مربوط بين جبلين ومن تحته تسعر أتون تلتهب، وأي خلل في موازنة الخطوة سوف تكلفه غالياً، فبقي يمشي بدقة آماله الكبار إلى بعض غاياته، من بعد أن ثبتت لديه القناعة بان ما تحت قدميه يتصارع حولها الطامع بالثروة، والموقع الإستراتيجي، بنظام اليقين الذي يفرض حضوره على مستوى النصوص المبثوثة، و مستميتاً من اجل أن يبقى ما يستطيع من الدهر، و لا يستهن بقدرة علمه، ويريد أن يُهيمن كاملاً على إنسانيته، ويفرغها من محتواها، فارضاً عليه ما يرى، ومثبتاً ما يريد أن يثبته، ومتسلحاً بحذره بأنه لن يغفل عن خاصته، وسوف يحارب بما ملك من أسلحة تقليدية، أو غير، كلّ من يريد أن يلتهم منه طريدته، وغالباً ما تتغير العلوم الإنسانية إلى تكنولوجيا تخترق الزمن وربما تقصيه منجزة به ما يفوق المفاهيم السابقة للمسميات، برزت التعددية الثقافية، وصراعاتها، عبر سهولة تلاقحها بالاتصال والنشر فضائياً عبر (التلفاز)، أو (الانترنيت) سعياً نحو تثبيت الأنظمة، والوعي بآليتها. Perhaps the only Iraqi intellectuals among his ground in the world at large, remained afraid to determine the real things that deliberately undermining it, and longer, he knew the results before accidents occur, and because it knows Aziz self motif real names, and places called Boukratha right, left-Mgosaia brackets and the most menial, fenced in between other fictitious names, a frail, empty of content, not estimated to be designated as much as they are meant to be called, though that could Surrounding names, despite Film of compelling political circumstances; not without being protected by the Constitution, which after opinion , or the identity of it is free to place after place that it is most places Hsra, with the special circumstances that made him, today, booked under the ruins of the legacy of oppression, and dissolution, Fbataat overt references, and objectives known as the barrel of gun approached him and kick southern temple, and the sword sharp hanging on the neck, and it is walking on a high wire between the hills and unencumbered beneath the roar priced fester, and any imbalance in the budget step will cost dearly, leaving walk carefully tilt adults to certain goals, from having proved his conviction that the struggles under his feet around Men wealth and strategic location, the system of certainty which imposes his presence at the level texts delivered, and fought to keep the position of times, and not let his ability, and wants to dominate the full humanity, and unload the contents, imposing what it finds, and installed what it wants to prove, well equipped Bhdhirh that he would not lose sight of its, and will be fought, including the King of Conventional Weapons, or, anyone who wants to devour him prey, often changing the humanities to the technology penetrate time and perhaps finding Completed by more than concepts previous titles , emerged multiculturalism, and its conflicts, through the ease of communication and cross deployment across space (television), or (Internet) effort towards stabilization regulations, and awareness of machinery. فكل نظام يريد زرع خطابه بشتى السبل، (أن القصص تغدو الوسيلة التي تستخدمها الشعوب المستعمرة لتأكيد هويتها الخاصة ووجود تاريخها الخاص، وإنه لمن الأفضل بشكل عام أن نكتنه التاريخ ونستجليه بدلاً من أن نقمعه أو ننكره- ادوارد سعيد) ببراثن التحقيب الساعية للولوج في متاهات التاريخ التقليدي، من اجل إخضاعها لآليات التغيير الثقافي الذي بقي يعاني الإهمال، خاصة الذي بقي طويلا تحت وطأة نظام متعنت كان يريد أن يهمن حتى على الأحلام ليضمن حماية نظامه، بالإخضاع والهيمنة التي تفرضها سطوة قوته. Each system wants to sow his various ways, (the stories become the means used by the colonial peoples to assert its own identity and the existence of private history, it is generally preferable to Nkinh history and Nstgelet rather than Nkmah or disagree - Edward Said) Beratn Althguib seeking to get in the maze of history traditional, in order to subject them to mechanisms of cultural change, which has remained suffering from neglect, in particular, which has remained long under the weight of the system was adamantly wants to even the wandering dreams to ensure its protection, subjugation and hegemony imposed by the influence of strength. فتصير اليوم، بعده، المثقف في محنة متفاقمة، ولا يتوقف الأمر عند تحديد هذه العلاقة بل يتخطاها نحو البحث في دالة التلاقح، مع الفاعل الثقافي بوصفه مكافئاً للفاعل السياسي والاقتصادي في تصنيع، وتهذيب، وتشذيب تلك العوالق المتخلفة. Whom today, after cultured in the worsening plight, it does not stop when determining this relationship even surpass some search function in the cross, with the actor as the cultural equivalent of the actor's political and economic manufacturing, refining and refining those plankton underdeveloped. من بعد أن قيض لها أن تبسط حضورها أمامه على الواقع بكل قوة. After that they are to extend their presence on the ground in front of him with all our strength. وهو يواجهها بكل تفتح كونه ابن أول الحضارات. He faced each open a son of the first civilizations. حيث زمن التحولات التقنية الخطيرة، في عصر العولمة الراهن حدثت عدة اختراقات لما كان ثابتا وحصينا في نظرية الثقافة الواحدة، وقد وصل ببعضها إلى أن تتفكك، وتصبح في غضون محدودة على فكرة ما موجودة في متحف الأفكار الإنسانية العتيقة، قد كانت في يومها فاعلة كالشيوعية التي أنتجها المعسكر الشرقي في أيام الحرب الباردة. In a time of serious technical transformations, in the current era of globalization occurred several breakthroughs as the fixed bunker on the theory of a single culture, had arrived together to disintegrate and become within a limited idea of what exists in the Museum of humanitarian ideas obsolete, has been active in the day that Kalchioaih produced camp in eastern days of the Cold War. وأيضا دعم التيار الديني من قبل المعسكر الغربي، وأخذت تحضر إلى المشهد الثقافي، الإعلامي عدة مؤشرات من بعد أن أجاد ركبها الإعلاميون الفطاحل العاملون في أذكى المنابر الموجهة للاستحواذ على ذهن من تريد الاستحواذ عليه، وحتى استطاعت أن تكون لبنة أساسية من تلك الحرب الباردة التي تجري فوق رأس المتلقي، وخاصة من عرف هدف الخطاب قبل معناه، وقد بات عليما بها خاصة من بعد أن خبر أجواءه المشحونة بالمتصارعين عليه، والنقائض تكشف النقائض (المحللين والخبراء الدوليين يتوافقون على القول إن المنظمة العربية هي المنظمة الوحيدة التي تعرف انكفاءً ونكوصاً على الصعيد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي ). Also supporting religious trend by the Western camp, and are available at the cultural scene, several indicators of the media after shred knees Media Alaftahal workers smarter platforms against the monopoly of the mind wants to seize it, and even managed to be a cornerstone of the Cold War, which conducted over the top recipient, in particular defined goal before the speech meant, has become the Knower especially after news of its airspace Palmtsaraein shipped, and Antipodes reveal Antipodes (analysts and international experts Etwavkon to say that the Arab organization is the only organization that knows isolation and reneging on the economic level, and social, and cultural). فمن بعد أن حضرت نقاط الاتصال الفائقة إلى عصرنا صار المتلقي أكثر استقبالا للمتضاربين في الرأي الواحد، وصار الكلام يكشف الكلام الآخر، وخصوصا المنطقة قد شهدت انعطافات كبيرة في المشهد السياسي، من بعد أقصي من أقصي، ومات من مات. It is after attending the high points of contact to our audience became more welcome in view of the contradictory one, and then the other talk shows talk, especially the region have witnessed significant departures in the political scene after the maximum of maximum, died of died. فتكشفت الأوراق وصارت الحروف اغلبها صالحة للقراءة، ومبذولة كالماء لشاربه، فما عاد احد يستخدم طرقا قديمة للتعامل مع متلقي تجري أمامه قضاياها عارية، رغم العمليات التزينية لأجل أن تخرج في أبهج حللها الجديدة، والتي تخضع لإكراه مزدوج، داخلي من قبل السلطة الحاكمة، والسلطة الخارجية لأجل المصلحة الإستراتجية (في آن واحد تأتيها من نظمها التي تتباطأ في الإصلاح السياسي والاقتصادي إن لم تعاديه؛ ومن النظم الأجنبية التي تضغط عليها لتنخرط في مسار الديمقراطية والحداثة الغربية). Vtkhevc papers and letters are most suitable for reading, like water being made to the moustache, what returned one used old methods of dealing with recipients being naked in front of their issues, although operations decorating for exiting Entrance analysed in the new, and subject to coercion dual internal power by the ruling authority and Foreign for the strategic interests (that one comes from systems that are slow in political and economic reform if he only gains; systems and foreign pressure to engage them in the path of democracy and modernity West). بقيت تلك كضغوطات أجنبية مستمرة، ولابد من التفريق من قبل وعي المثقف، وبين ما يريده العالم التقني من تغيير في الأوضاع العربية لكي يساهم العرب في توفير الأمن العالمي، وبين ما تستهدفه أميركا لتوظيف هذه الأوضاع في خدمة مصالحها المختلفة لأجل أن تطرح نفسها زعيمة العالم الجديد، عالم ما بعد الحرب الباردة؛ وما برح المثقف معانيا مفزوعا من نتائج ما يجري أمام عينه واستخفافا بوعيه، لقد أصبح معظم المثقفين والسياسيين يرون أن الحل للخروج من هشاشة النظم العربية ومن تفكك مجتمعاتها، إنما يكمن في وسائل الإعلام الحديثة لأن تفتح مجالاً سجاليا بالتواصل، ليشكل واقعية التغيير ومساحة حاضنه. Those foreign Kdgutat remained constant, and must be aware of the distinction by the cultured, and what the world wants from the technical change in the Arab conditions contribute to the Arabs in the provision of global security, and what America's target to recruit these situations in the service of the various interests that present themselves for the new world leader , the world after the cold war; has been awakened from cultured enduring results are to sample and disregard subtle, has become the most intellectuals and politicians believe that the solution to the fragility of the Arab regimes and the disintegration of societies, lies in the media because modern open area Sajalia interface, for a realistic change and incubator space. وبقي المثقف ينظر إلى وسائل الإعلام وهي تترابط بضرورة لا فكاك منها مع العولمة التي أصبحت جزءاً من المفردات اليومية المستخدمة والتي أصبحت شاملة لما هو اقتصادي، واجتماعي، وثقافي والتي تشكل بواسطة الاتصاليات الفائقة السرعة محركاً من محركاتها إن لم نقل هو قاعدتها من بعد أن أصبح العالم (قرية)، فقد تشابكت النظريات بالجدل محللة من قبل المؤرخين وعلماء الاجتماع والاقتصاد والسياسة بما يمكن من استيعابها وسار التحكم بها في عديد من المجتمعات البشرية، كل مجتمع يريد فرض جذره الفكري على أساس العلاقة الاتصالية الجديدة، وصار الكل حاضراً يناقش، يحاجج، ويؤجج أيضاً النزاعات العرقية في الوقت الذي ما زالت تحتاج معظم الأطروحات فيه إلى البحث والتحليل ويصعب التكهن بانعكاساتها التي تختلف حسب أوضاع هذه المجتمعات الفعلية، وموضوعية عمق رسالتها، وصارت المجتمعات الهشة تؤيد الانغلاق، والتزمت بما ملكت أيمانها، وصارت تتجنب الخوض الموضوعي عبر مسألة الاتصال مع مختلف الحضارات الحاضرة، وقد غيرت تلك النوافذ مجمل المعطيات والنتائج، إذ خلفت تفكيكا ما في بعض المفاهيم، هنا، وهنالك تطرفا مغرقاً، وصار الجزء يتمرد على الكل، فمنذ مطلع الستينات بوجه خاص وحتى (المجتمع الإعلامي) الحديث أصبح التنافس فاعلا على امتلاك هذه الوسائل وشبكاتها العالمية كواحدة من الوقائع الدولية الجديدة، إذ باتت هذه الشبكات لا تبث أخباراً وحسب. He remained cultured consideration to the media are inextricably interdependent need them with globalization, which has become part of everyday vocabulary used, which became what is a comprehensive economic, social, cultural and which are by Alatsagliat engine of the high-speed motors that is not the base after it became the world (village), the intertwined theories controversy analysed by historians, sociologists, economics and politics so as to absorb and marched control in many human communities, each community wants to impose ideological roots relationship on the basis of the new connectivity, and then everyone present, discuss, argue, and fuels also ethnic conflicts while still where most of theses to research, analysis and unpredictable reverberations which vary according to the actual conditions of these communities, and its objective depth, and become vulnerable communities supports the closed, and committed themselves to the faith then, and now avoid going through the substantive issue of communication with the various civilizations present, have changed the windows overall data and results, it succeeded in collecting some of the concepts here, and there Mgrka extreme, and become part stand on the whole, since the early sixties, in particular, and even (information society) is the modern competitive player on the possession of these methods and global networks one of the new international realities, it is these networks do not broadcast news only. وإنما تنقل أيضاً إلى المتلقين معارف وأنماطاً في التفكير والعمل وتقوم بصنع الرأي العام و تؤلب على الأفكار المضادة، وربما تتجاهلها حيث توسع دائرة النفوذ والسلطة لأصحابها، وبهذا تعرض المثقف إلى إرادة القوة، وضغط رأس المال المنفذ، فمنذ القرن الثامن عشر كانت كل سياسة خارجية ولأية أمة من الأمم تقوم على دعائم الدبلوماسية والاقتصاد والقوة العسكرية وإذا كان هذا أمر مفروغ منه، ففرضت نفسها في النصف الثاني من القرن العشرين، ألا وهي الاتصال الثقافي الذي يصعب التمييز بينه بين المثقف المُسيَّسْ طبقاً لأطروحة شهيرة تقول: (كل اتصال ثقافة وكل ثقافة اتصال)، وهكذا حضرت إلى الأثير الذي يملأ حوض المتوسط الإذاعات كوسائل اتصالية أساسية في المواجهات الدولية الأمر الذي قاد إلى زيادة قدرات الإرسال لإذاعة (صوت أميركا) و(راديو أوروبا الحرة) و(راديو الحرية) منذ عهد الرئيس الأمريكي (كارتر) الذي رفع شعار حقوق الإنسان، واوجدوا منظمات دُعمتْ بقوة لتواجه الأنظمة الاشتراكية، وحلفائها في العالم الثالث المعادية للامبريالية الغربية بما ولد رأياً عاماً تعددياً في شرق أوروبا، وإلى حركة اجتماع انتهت بسقوط جدار (برلين)، وبعدها حضر عصر الفضائيات التلفازية، حيث أطلقت المحطات الدولية، والمنظمات، والمؤسسات الحزبية قنواتها التي تبث طوال اليوم ناهيك عن انتشار (الانترنت)، فقد لعب حضور الرأي الآخر دور عجائبي في اتساع المخيلة، مثلما لعبت الإذاعات دوراً لا يمكن تجاهله في ولادة الحركات الوطنية والقومية في العالم الثالث، واليوم فإن الفضائيات التلفازية لا تعترف بحدود جغرافية للدول، شأنها في ذلك شأن الإذاعة في الماضي، وقد عبرت بحارا واختصرت مسافات هائلة، كونها الناقل الجديد للسياسات الخارجية والصانع الأمهر في صناعة الرأي العام للعالم. But also transfer to recipients knowledge and patterns of thinking and working and creating public opinion, pitting the anti ideas, and perhaps ignored in the expansion of the influence and power of the owners, and thus subjected to the will of intellectual force, and the pressure of performing capital, since the eighteenth century were all foreign policy mandate a nation based on the pillars of diplomacy, economy, military force and if this is granted, imposing itself in the second half of the twentieth century, namely cultural communication, which is difficult to distinguish between the cultured with politicized according to the proposition of a famous saying: (every culture and every contact with a culture of communication) , and so came to filling the ether Mediterranean radio as a means of communication essential in international confrontations, which led to increased transmission capabilities Radio (Voice of America), (Radio Free Europe) and (Radio Freedom) since the days of the American President (Carter), which lifted the banner of human rights, and created organizations strongly supported the regulations facing socialism, and its allies in the Third World anti-imperialism, including the West born pluralistic public opinion in Eastern Europe, and the meeting ended with the fall of the wall (Berlin), and then attended the satellite television era, where fired stations, international organizations, and institutions partisan channels, which broadcast throughout the day not to mention the proliferation of (Internet), the presence of other opinion played a role in widening miraculous imagination, as the radio played a role could not be ignored in the birth of national and nationalist movements in the third world, and today the satellite television does not recognize geographical borders of the States, Like radio in the past, has crossed the sailors and shortened distances are enormous, as the carrier's new foreign policies and Alamehr manufacturer in the industry to the world public opinion. فدورها كان واضحا على سبيل المثال (الحجارة الفلسطينية) أو بشأن أحداث (البوسنة) و(رواند) حيث أبدى هذا الإعلام المأساة المريعة لهذه الشعوب، وانعكس ذلك على الدبلوماسية الخارجية لمختلف الدول وشكلت ضغطا على الرأي العام العالمي لأجل وجود حل لها. Its role was clear, for example (Palestinian stone) or events (Bosnia), (Rwanda) where the media was horrendous tragedy of these peoples, reflected in the diplomacy of various foreign countries and formed the pressure of world public opinion for a solution to it. وقد حضر الأميركيون على الجبهات كافة (إطلاقهم (راديو الصين الحرة) و(إيران الحرة)، فقد توجهوا نحو المنطقة العربية بإقامة إذاعة (سوا) عام 2003م، ومحطة (الحرة) التلفازية التي تشكل حسب (نيويورك تايمز) المشروع الإعلامي الأكثر جدية، الأكثر حيوية و(الأكثر طموحاً للإدارة الأميركية منذ عام 1942)، وتمويل (إذاعة سوريا الحرة) بما يخدم المضي قدماً لتطبيق الإستراتيجية الأميركية المعروفة(، المجيرة تحت يافطة الديمقراطية، أو رفض الحكم الفردي، ولان يكون الحكم من قبل دستور مكتوب مسبقا، وهو الذي يقود الإنسان إلى ما هو مقرر مسبقا، ولا سبيل للاجتهاد الشخصي، كما يؤكد (جان جاك روسو) مؤلف (العقد الاجتماعي) الشهير كان يقول (إن الديمقراطية لم توجد، ولن توجد، لأنه كان يفترض سلفاً وجود دولة ـ أمة تشكل الأساس للحكم في العصر الحديث)، ولم يتخلف المثقف عن مواكبة هذا العصر المشحون بالمعلومات، وانتشارها كأفكار عبر فضاء الإعلام تساهم بتعميم الديمقراطية المفترضة، وتأثر العالم العربي كثيرا، ولكنه بقي تحت قبضة حكوماته التي استطاعت أن تضع له رقيبا ثاقب النظر لأجل أن يبقى محكومها خارج هذا العصر العولمي، وعدم التأثر بمساره. فهذه المنطقة، أو تلك.. مازالت أقل مناطق العالم تمتعاً بالحريات المدنية، والحقوق السياسية، واستقلالية الإعلام، كما يبين ذلك تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية عام 2002، إذ بقي المثقف حبيسا لتلك القوالب الجاهزة، والتي تمنعت عليه، وأقصته كثيرا، حيث بقي كأنه حسير النظر، غير فاعل، ولا يستطع أن يحرك ساكنا بينما الفضاء المحلي يتعرض لإغراق بسيول عرمة بالصورة والصوت اغلبها تتدفق عليه من محطات لم تكن بالمستوى الذكي قياساً بالكتل السكانية العربية، غير المتجانسة (284 مليوناً عام 2003)؛ فبقي إنسانها مسطحا متأثراً بالقشور، و غير مبال بالمتون، يؤول حديثة بقديمه، (فان نقدم الفن باعتباره مضمنا أو شكلا ما هو إلا مسالة اختيار للاصطلاح المناسب، لكن بشرط أن ندرك أن المضمون يشكل، و إن الشكل يملأ، وان الإحساس إحساس مشكل وان الشكل شكل يحس- كروتشة ). Having attended the Americans on all fronts (released (China Radio Free Iran), (free), it was headed towards the Arab region administration Radio (Oslo) in 2003, the station (free) television which is as (New York Times) media project more seriously, more vitality and (most ambitious American administration since 1942), financing (Radio Free Syria) which serve to move forward to implement the strategy known American (, Al.rh under the banner of democracy, governance or reject individual, and that the sentence by a written constitution in advance, which leads Rights to the planned beforehand, in a matter of personal discretion, it is (Jean Jacques Rousseau) consisting of (the social contract) was famous saying (that democracy did not exist and will not exist, because it presupposes the existence of a nation are the basis of government in modern times ), not the cultured lag behind in this era loaded with information, ideas and spread across the media space would have contributed presumed Democratic, and the effect of the Arab world a lot, but it remained under the grip of governments, which were able to develop a watchdog piercing consideration for Movernmha to remain outside this globalization era, and Scopus vulnerability. this region, or that .. still lower regions of the world enjoy civil liberties, political rights and media independence, as reflected in the report of the United Nations Development Program in 2002, it remained confined to those cultured stereotypes, and open, and Aksth lot, where there remains something to consider, but an active, and unable to move a muscle while domestic space exposed to dump Seoul Armh pictures and sound mostly flowing from the plants were not smart level compared biomass Arab population, heterogeneous (284 2003); remained flat affected human veneers, and indifferent Palmton, construed modern Bkadimh, (the offer as an art form or embedded in what is only a matter of selecting the appropriate term, but only if we realize that the content is, and that the form is filled, and a sense of the problem and a sense Figure form improves - Krochh ).
فهل نستطيع أن نسأل السؤال بكل جرأة مع خالص تقديرنا واحترامنا إلى العالم الجديد؛ ذلك الخضم الجديد هل أنتج جيلا عريضا من الإعلاميين الجدد لا يستطيعون التمييز بين (الدعاية) و(الإعلام) وبين الإعلام (الرديء) وبين الأصيل المبدع؟.... Can we ask the question all bolder with sincere appreciation and respect to the New World; that you produced myriad new generation range of new media people can not distinguish between the (advertising), (Information) and the media (bad) and the inherent creative ?....
الاثنين، 25 شباط، 2008 Monday, 25 2008
١٢/٠٣/٢٠٠٨
سحر النص وأسراره ..
كبار الكتاب كيف يكتبون وكيف يبدعون..!!
تحسين كرمياني
في (كبار الكتّاب كيف يكتبون )* تستوقفنا حالات تدفعنا لطرح جملة أسئلة يمكن اختزالها في ..هل حقاً ينحدر المبدع إلى دهاليز الحياة وأقبيتها كي يشكل علاقاته الكتابية مع الحياة والزمن ..؟؟ ربما تتوالد أسئلة أُخر لا تدور خارج فلك هذه المعضلة والتي باتت تشكل من أساسيات الإبداع كما يشاع في سيّر وحوارات جهابذة الأدب،حتى بات لدينا قناعة ترفض النقاش أن العملية الإبداعية تشكل مع التطرف علاقة متواشجة،فلا إبداع بدون جنون،عجائب وغرائب تأخذنا إلى تفاصيل مضحكة مبكية في آن واحد،أحدهم لا يكتب ما لم يضع عقرباً داخل زجاجة أمامه،وأرجو أن لم تنتبه (جمعية الرفق بالحيوان) واتخاذ موقفاً عدائياً من الكاتب واعتبار كتاباته ساديّة،ما بال ذلك الذي لا ينجز روايته ما لم يحتس عشرة آلاف فنجان قهوة بالتمام والكمال،يا لحظ بائع البن الذي يسكن بجواره،أمّا الرواية عند كتّابنا لا تستغرق سوى جلسة أو جلستين أوان توفر التيار الكهربائي وربما ليس لديه الوقت للمراجعة كون الأخطاء والهنات هناك خبير متمرس يتكفلها يمتلك الحق في غربلة النص وقص ما لا يروق له أو يخالف ذوقه الخاص،كثيرون يسرحون بخيالهم قاتلين ساعات من التأمل والغور في مسالك وعرة ربما تكفي لإنتاج نص لو تم توظيفها بشكل عفوي بدلاً من هذا الشرود العقيم بحثاً عن أساليب تطرف غير مسبوقة والتي هي حسب اعتقاداتهم خيول سماوية ستأخذهم إلى الرفوف الأمامية وتحشرهم في كتاب لاحق ربما عنوانه لا يبتعد عن (كتّابنا هكذا يكتبون)،يقولون أن محمد خضير كتب (في درجة 45 مئوي )داخل المطبخ ومهدي عيسى الصقر يكتب بقلم الرصاص،وأحمد خلف لا يكتب إلاّ فجراً ولي صديق ألححت عليه السؤال عن سبب توقفه عن كتابة القصص قال: بتوقف الحرب جفّت ذاكرتي..!! العباقرة يتصرفون بعفوية وفطرة دون اللجوء إلى افتعال أو اختلاق أزمات كي ينزفوا قراءاتهم للواقع ومجريات الأحداث،ولدينا رصيداً مرصوداً يتواجدون دائماً أينما يلتم شمل كوكبة كتّاب،من أسمالهم من تقليعات موضويّة عبارة عن ملاقحة ما بين مستوردات يتم تعديلها حسب المزاج ودرجة انحراف العقل عن الواقع،متناسين أن الكتابة بالدرجة الأساس نتاج قراءات مقدسة للحياة وأن ممتهنيها لهم روح لا تترجل عن صهوة جواد التواضع ونكران الذات،وأنهم ألغوا ما لهم من طموحات شخصية لنيل المكاسب،وظلّوا داخل وحل الحياة للتغني،(يفغيني يفتشنكو) رفض وزارة الثقافة السوفيتية و(شيركو بيكه س) استقال من وزارة الثقافة في أقليم كوردستان كونهما عرفا أن السياسة آفة تغتصب منابع الجمال وتكتسح حيثما تكون هناك بقعة حرية،رغم كونهما من أبرز شعراء جيليهما،(يفغيني) في ستينات القرن المنصرم و(شيركو) في حاضر الشعر الكوردي،والكل يعرف أن النص لا يدرك حاسة المتلقي ما لم يتشرب بدم الكاتب ويغتذي من مرارة صبره وينضج ـ على مهل طبعاًـ على لهيب معاناته وأن كانت شخصيّة لكنها معاناة جمعية واقعية نتاج تصادمات متواصلة ما بين أحلام الإنسان وأصحاب السيادة،فالنص العقلاني متجرد من أمراض الذات وشطحات اللاوعي يلج إلى المخ بلا تكليف مثلما يهبط زلال الماء إلى بطن العطشان،ما بال أحدهم يجهر أينما يفتح باباً للجدال عن مهنة الكتابة ودوافعها في زمن بات البشر مثل القصب لا هو ينفع ولا هو يضر في يومنا هذا يحصده منجل الإرهاب بيسر مثلما تنتج رواياتنا ويحصدها منجل النسيان،هذا الـ(أحدهم ) يتباهى انه لا يكتب ما لم يثمل وحين سأله ناقد غير معروف: منجل الإرهاب حصد المسكرات من أرصفة الشوارع فمن أين تأتي بها..؟؟ قبل أن يكشف الغطاء عن سره حرر قهقهة ساد جرائها صمت مهيب داخل المقهى،تبين أنه يسكر على شخير زوجته وأطفاله،يتنفس رائحة جوعهم ويصل دائماً بسرعة البرق إلى مناطق الحرمان المتنامية فيهم،هناك يلقي بمرساته وينهل من أناشيد عذاباتهم قبل أن يكتب ملاحمه،يالها من لحظة سادية لاستدراج ربة الإلهام من اجل(فلته)كتابية،ينضد ويقوم كل يوم بتوزيع نسخ معدودة على زملاء يجاملونه من باب الاستحياء وربما خوفاً كونه يدفع ثمن شاياتهم كل يوم،أمّا ما يدور سراً فيما بين مستلمي النصوص المستنسخة جملة ثابتة:مازال أخينا يسبح في بركة الخواطر العمودية..!! مرض الإبداع لدى البعض دفعهم اللجوء إلى وسائل كفيلة تنقلهم صوب الأسرار الخفية للكتابة،يؤرقهم ليل نهار هاجس التحليق مع ماركيز ورامبو ودستوفسكي وأن أمكن السيّاب وذلك أضعف احتمال،فالتطرف بات باب الولوج إلى ما يسكنهم وأنها تعويذة لا مناص،فما بال شاعر يعترف أنه لا يكتب إلاّ في الصيف،خلته يقضي الشتاء على أبواب الأطباء جراء نزلات البرد المتواصلة مذ صرنا بلد البرمجة،واختفاء الوقود رغم أننا نركب سفينة لا تمشي على الماء،لأنها تبرك على النفط كما يبرك بعير مكموم الفم على كومة شعير،كاتبنا الصيفي وكما يحلو للبعض من روّاد ذلك المقهى أن يسميه الموسمي،حتى قال له واحد من الشلّة أن يضمن نصوصه بالثلج لاختفائه والرقي كي لا يتعب الناقد من فك مغاليق نصوصه،وقال أيضاً كي تتفرد بنهج غير مسبوق،وأن تغدو شاعر الفقراء كونهم ينالون ما هو مفقود داخل ملحمياتك الصيفية،هل باتت النصوص فواكه تتلون بمناخات الكاتب وتكتسب نكهتها من طوبوغرافية المكان وترتدي حلل المواسم،لم لا الشجرة تأخذ وتنتج كذلك الكاتب يأخذ وينتج،الفواكه تريح الجسد كذلك النص الدسم يريح الجسد،وقديماً قيل :ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ..!!وقيل أيضاً : في البدء كانت الكلمة..!! ولا نستبعد جدلية التفاعل العصيب ما بين الكاتب وحياته،فهو أبن واقع يشاركه جمع في تكوينه،له ما لهم ولهم ما له من ظاهريات ومخفيات،ومهما نزف فهو ذات النزيف المحتدم وراء سدود الذات للكل،يختلف عنهم كونه اهتدى ـ بفعل موهبة ـ إلى منافذ تحرير النزيف المتراكم،كان من الممكن أن يلتجأ الناقد إلى مناطق علم النفس لتحليل النصوص كونه الحاضنة لكل أرق ونبض مغاير وزفير غير منتظم،وحده علم النفس يوصل الباحث إلى بؤرة النزف،ويفرز ما هو مفتعل عن ما هو كوني ونبيل،أنا شخصياً أقمت الحد بالدليل الباتر على شاعرنا الصيفي كما أسميته،وجدته صادقاً فيما ذهب أليه،وكانت مصادفة لحظة وجدته يرتكن رغم لهيب آب في ظل شجرة يوكالبتوس،كان في لحظة تلصص،خلته في انتظار فتاة،قبل أن يجذبني مشهد عامل ينثر رذاذ الأسمنت على حائط أملس،سرعان ما دق جرس الذهن وتناثرت تلك الأوراق التي كان يوزعها أو ينشرها من بعد توسل على صفحات ثقافية لصحف توزع معظمها مجاناً كونها تعود لجهات تدعي أنها مستقلة رغم فضائحية ميولها والأسماء الواضحة والتي تتبنى إدارة وتحريرها،لقد توصلت إلى قناعة أن صاحبنا يستنسخ عينياً قصائده،وسر تعلقه بقصيدة(الأسمنت)عفواً قصيدة(النثر)وكان جوابه يوم النقاش معقولاً لحد ما،تحدث عن سر العلاقة الواقعية والصورية ما بين الحائط والورقة،ليس هناك ثمة فارق ما بين نثر الأسمنت على الحائط وبين نثر الكلمات على الورق،المهم إظهار براعة في الصياغة وكيفية دس الوهم داخل الكلمات المتراصة،مما يغري الناقد ويحفزه إعلان النفير والغوص بما يمتلك من مؤهلات نقدية قديمة وما أستل من حاضر النقد المستورد كي يفك الألغاز ويعبد الشوارع معلناً عن فرادة فوق العادة،لا ينكر أحد أن لكل كاتب أسلوبه وله الحق أن يستدرج ما هو مناسب وخادم من كلمات وأن ألتجئ إلى السجع أو تشظية اللغة كي يستفز المخيلة ويفوّت إخفاقاته أو عثراته وهو يسحل الثيمة إلى بر الأمان،ففي عالم الكتابة كل شيء ممكن وجائز طالما النشر غير مقيّد،فهناك من يجد أن التلاعب بأعصاب القارئ جزء من العملية الإبداعية،وهناك من يعتقد أن قارئ اليوم لا يبحث عن السلسلة الرابطة للأحداث،يمكن أن نرص الكثير من مشاهد التطرف داخل علبة متواضعة،هؤلاء بطبيعة الحال عجزوا أن يأتوا بشيء،وأضاعوا دروب السابقين،وظلّوا يلتجئون إلى مناطق توليد التطرف لفرض أنفسهم داخل الفرن الثقافي،وليس يغيب عن بالهم كلمة(أنا)وهم يجهلون أن الكتابة هي النور الخفي لجذب الحواس إلى منابت الحقيقة وهي أيضاً التوهج الدائم لروح العصور المتلاحقة وأنها سر تواصل فاصل الإنسانية وعدم ذبول شجرة الجمال رغم شراسة خصومها،وتبقى الكتابة أيضاً،مصابيح لإنارة متاهات المستقبل،سمعت ذات جلسة أن قاصاً كثير الكلام وكثير الكتابة أيضاً،لا يكتب كما يدعي إلاً بعد أن يلقي نظرة على العالم،إن كان حقاً ما يقول،فهو قاص مثابر وحريص ويرغب أن يتناول أحداث زمنه كونه شاهداً ومنذراً إن جاز التعبير،لأن الكتابة هي تأشير النقائض وتنوير الحقائق،وأن أسرار الحياة بحاجة إلى متابعة ميدانية كي تنضج الأجوبة وتأتي بلسماً مداوياً،ولكن صاحبنا كان لديه وجهات نظر استلها من دفتر تسكعاته الخيالية،فهو لا يهمه ما يجري من ملابسات وطواحين مؤامرات وتدمير للروح الفطرية لدى البشر،لا يرغب أن يتابع الأخبار أو يقرأ الصحف،بل وجد وسيلة لم يسبقه سابق أليها،ففي كل ليلة يعتلي سطح المنزل،بعد أن يعم الظلام وتهدأ الشوارع تحت محنة عدم التجوال ليلاً،هناك ابتنى لنفسه غرفة،أشرف هو بنفسه على هندستها،وبذل مجهوداً خيالياً في بناءها كي تكون مقارنة لما يحمل من أفكار تجديدية ستدفع قصة البلاد صوب المسار الصحيح من بعد طويل معاناة وتلاطم تحديثات دفعت بذائقة القارئ إلى النفور والتعتيم،يقول أنه جعل في كل حائط نافذة،وشرخ نافذة خامسة في سقف الغرفة،ما أن يجلس على كرسيه الدوّار حتى يقوم بتدوير خمسة عتلات فتفتح النوافذ معاً،ورفض حين طرحوا عليه فكرة تحوير العتلات إلى منظومة تعمل بضغطة زر،من باب عدم التقليد والابتعاد عن اللجوء إلى أفكار الآخرين،تمسك بفكرته كونها تحسسه أنه يطير كلما قام بالتدوير،وسرعان ما يغدو ـ على حد قوله ـ كاميرا في الفضاء المتنائي يرصد ما هو مخبوء أو ما يجول في ذهن كل نائم،ويوم سؤل عن منفعة النافذة الخامسة،ضحك وقال : مهبط ربة الإلهام ..!!ليس هذا فحسب فهو أبتكر وسيلة جديدة لشحن الذاكرة وتفعيل الهواجس وتأهيلها لخدمة النص،يرتقي سطح الغرفة وفي جحيم الظلام يرسل بصره عبر عدسات ناظور (6 ×36) حصل عليه يوم(الفرهود)يرى العجب قبل أن يهبط ليدون ما رأى حتى شاع عنه أنه رأى ذات ليلة الشمس تتلفع بعباءة وتتجول بين النجوم،قابلوه بالضحك وقابلهم بإلقاء(دولكة)ماء على أحجار الدومينو،بطبيعة الحال لم يزعل تعود أن ينسى كل خلاف بعد ثوان،لأن لا جمهور لديه سواهم،من حق الخيال أن ينفلت من سكة الراهن ويجترح مسالك ومتاهات لتكوين أرضية جديدة لا تخرج من فلك العقلانية،وربما البحث عن فضاءات تستوعب الحاضر المر وتدفن الجواهر بعيداً عن عيون ترصد للقبض على كل جملة تمرر عربة فيها حقائب حقائق،ولكن ليس للحد الذي يدفع الخيال لتأسيس دهاليز وتهدم القلاع لبناء أكواخ،وكل ثوب فضفاض لا يتناسب مع جسد الإبداع،هكذا قرأنا تاريخ الفن،ورحنا ننسج على نوله ما يؤرقنا من أفكار وآراء،صحيح أن لكل كاتب زمنه وثقافته،وله روافد ترشه بالآلام وهناك تضادات مع ميول أصحاب السيادة،تتعارض سلباً أو إيجاباً مع طموحات الناس،تنبثق الرؤى وتنهار سدود الاعتراضات وينبري القلم ليجابه في رحلة الدفاع عن التناقضات،منهم من يختار المنافي أوطاناً بديلة،ومنهم من تفترسه حراب السلطة،وهناك دائماً الرهط البائس الذي يستسلم للسائس يغتني وهو جالس،فما بال كاتب معرف يدعي أنه ما يكتبه في ليل الخمر لا يمحيه النهار،وآخر لا يبدأ بكتابة الرواية ما لم يستحم بماء بارد حتى ولو كانت السماء تمطر ثلجاً،كون الماء البارد يشعره أنه يعيش في بلدان الحريات وكان يقصد أوربا،ومنهم من نقل هوسه إلى الشارع،نراه يتأبط حفنة مجلدات نفيسة بطبيعة الحال هو لم يقرأها،يريد أن يراه جلساء مقهى(الشاه بندر)ولم يغب عن باله يوماً أن يغفل المقاهي الأخر،يمنح(الزهاوي وحسن عجمي)ساعتان كل جمعة كون الأدباء منقسمين حسب الأجيال،وهناك متطرف يتباهى بحقيبته الدبلوماسية وهو ينوء بحملها،كل جمعة يبكر الحضور،وقبل أن يخلد إلى زاويته المجابهة لباب الدخول،يغربل الكتب المنثورة على طول الشارع المفضي إلى المقهى،حتى سمع أحدهم ذات يوم من بائع كتب وهو يضرب يداً بيد ويقول: (إجه الفيلسوف وراح يخربط التصفيط..!!)وكان يشير إلى صاحبنا صاحب الحقيبة العملاقة،تلك الحقيبة ظلّت مثار حسد كونها كما ذهب البعض لا بد أن تحتوي نصوص أو كتب دسمة في وقت بات الأديب لا يشرب الشاي لأن(المائة دينار)كل ما في جيبه أجرة الرجوع إلى المنزل،لكن الأيام دائماً تأتي بما لم تزود،سرعان ما عرف الجميع أن هذا لم يكن سوى كاتباً سكراباً،لأن فضولياً لم يحتمل تبجحاته النظرية ونقاشاته الحداثوية قرر أن يفتض السر وأستغل دخوله ذات يوم إلى تواليت المقهى،فتح الحقيبة وصاح:أخوان صاحبنا صيدلية متنقلة..!!حقاً كانت الحقيبة ملآى بصنوف من أدوية لأمراض مزمنة،سكر وضغط الدم وداء الشقيقة ومفاصل وربو وهلوسة ومعدة وفياغرا..الخ،وماذا يعني أن يتسلح أحدهم بجملة نظارات،واحدة تتدلى من رقبته بسلسلة نسائية وواحدة بيده داخل محفظة مذهّبة وثالثة داخل جيب قميصه،ونراه حين يخرج يستبدل الذي على عينيه وحين يقرأ يلتجئ إلى نظارته المتدلية من رقبته،يجدر بنا أن نسأل ونقول: هل يتوجب على الكاتب أن يتشبه أو يقلد أصحاب الطقوس السادية،لماذا ينسلخ من واقعه ويلقي بثوب ماضيه ويحاول أن يتجرد من تراثه ويتزحزح عن بني جلدته،فالإبداع لا يأتي من فراغ،والنص الأدبي يكتسب هوية الكاتب،درجة ثقافته وصفاته الأخلاقية،ويخطئ من يظن أن النص هو نتاج اللاوعي،فكل نص يستند على مرجعيات حقنها الكاتب المثابر عبر سلسلة متداخلة من قراءات واعية ومعاناة حياتية ومتقلبات سياسية وتصادمات في الرؤى والأفكار،فالمعادلة هي من شطرين،النص الخارج من فرن الذهن في لحظات فقدان الصلة بلحظة الكتابة،قد تأتي من باب اللاوعي،ولكن لن يكتمل النص ما لم يقم الذهن نفسه بمراجعته والوقوف على درجة عقلانيته،أنه تسليط مجهر الوعي لفحص النص،فإعادة قراءة النص هي قراءة نقدية وبالتالي يكون الكاتب أوّل ناقد يتناول عمله،لأن النص لن يطرح إلى سلة الزمن ما لم يشذب ويهذب من التوحشات كما يفعل بالعروس ليلة زفافها،وعلينا أن ننظر إلى النقد على أنه قانون الوعي وانضباطه،فلم كل هذا التطرف في الشكل واللجوء إلى كوابيس لا تصلح لمناخاتنا ولا تحابي أمزجتنا،يمكننا أن نأتي بما يصلح لعصرنا الراهن،وربما ينفع للعصور التالية،لو روّضنا أفكارنا وتصاهرنا مع تراثنا وحررنا ما نحمل من أفكار بعفوية بعيدة عن تشنجات الحداثة ومتاهات تأويلاتها ونبذ ضرورة اللحاق بركب العالم،فالعالم بدأ ينحدر ثقافياً ويسلك الدروب الموصلة إلى حضارتنا،انظروا ماذا فعل (باولو كويهلو) بالرواية العالمية،أنّه وجد الطريق إلى أعماق حضارتنا وجاء بنص صغير الحجم كبير الأثر واعتلى رف الرفوف في ذاكرة الأدب الإنساني،انظروا إلى(سيد الخواتم)فلم الأفلام،لم ذهل العالم وهو ينتعش في عصر الفضائيات والإنترنت بمنظر الخيول والسيوف والسحر،روايات وأفلام هي مسروقة من تراثنا ومن تحت أنظارنا،صارت قناديل للغرب،ويبقى السؤال قائماً:هل خلق الكتابة يستوجب إثارة الغرائز والحواس..؟؟أو عقم الذاكرة وإفلاس العقل وربما تشوش الخيال تدفع بالباحث عن الإبداع افتعال أزمات نفسية وإثارة كوابيس مختلقة كتعويض لابد منه لإثبات الوجود في عصر لا يستقر فيه عقل على رأي،وكل نص مريض يدل على عدم صحوة كاتبه،فالكتابة يا عشاق التطرف لا تأتي إلاّ لحظات الصحو وفيضان الثقافة ووجود عيون لا تنام مع الرغبة الصادقة والاستعداد التام لقول كل ما يقترحه العقل ولو كانت في الأفق تلوح أنشوطة وجلاد،ربما وجد البعض أن التطرف نوع من حرب سرية مستحدثة ضد السلطة،وهو الشيء المناسب والحاسم ضدها،لكننا نجد أن معظمهم طبلوا مع المطبلين ونالوا ما نال أصحاب الأبواق اللئيمة من مغانم أدبية،فليس في نصوصهم المتواضعة شيء يتباهون به يوم ما بعد كنس الظلام وتحرير الكلمة من سجن الجلاد،ومن تاريخ الأدب عرفنا أن كل تجربة ذاتية نجمت عن صراع ما بين ظالم ومظلوم،والكاتب العقلاني عرف كيف ينسج ويغزل ضفائر النص ويجعله مادة خام لكل العصور،ومن يستطلع راهن الحياة لا يركن لقرار،في كل لحظة تتوالد شرارات كافية لقدح الذهن وتفعيل الذاكرة لتنزف،فالتداخل السرطاني للبشر ووسائل الاتصال السريع،دفعت بثقافات تخريبية تنتهك الجذور وتؤسس لحياة قادمة وملوثة،فلا اللحية المسترسلة ولا ارتداء الأسمال المهلهلة ولا نثار الأسمنت المتطاير ولا الغرف المزاجية والنظارات أو نوعية القلم والورق تنتج ما هو يدوم ولا بوسعها أن تستدرج ربة الإلهام،وعلى الكاتب أن يدرك أنه واحد من جوقة أمناء العصر،وقلم من جملة أقلام تدوّن سير التاريخ،والخطاب الوجداني لا يحتاج إلى أجواء خارقة أو فضاءات كابوسية كي يتحرر،وعلى هوّاة التطرف أن يعلموا أن الإبداع وصفه البير كامو (أن يعيش المرء مرتين) فكيف لا يكون عيشتهم الثانية سراباً محض،طالما أنهم يهيمون في كوابيس وأوهام حياتهم الأولى..
• كبار الكتاب كيف يكتبون ـ ترجمة كاظم سعد الدين ـ منشورات دار المأمون..
***
كبار الكتاب كيف يكتبون وكيف يبدعون..!!
تحسين كرمياني
في (كبار الكتّاب كيف يكتبون )* تستوقفنا حالات تدفعنا لطرح جملة أسئلة يمكن اختزالها في ..هل حقاً ينحدر المبدع إلى دهاليز الحياة وأقبيتها كي يشكل علاقاته الكتابية مع الحياة والزمن ..؟؟ ربما تتوالد أسئلة أُخر لا تدور خارج فلك هذه المعضلة والتي باتت تشكل من أساسيات الإبداع كما يشاع في سيّر وحوارات جهابذة الأدب،حتى بات لدينا قناعة ترفض النقاش أن العملية الإبداعية تشكل مع التطرف علاقة متواشجة،فلا إبداع بدون جنون،عجائب وغرائب تأخذنا إلى تفاصيل مضحكة مبكية في آن واحد،أحدهم لا يكتب ما لم يضع عقرباً داخل زجاجة أمامه،وأرجو أن لم تنتبه (جمعية الرفق بالحيوان) واتخاذ موقفاً عدائياً من الكاتب واعتبار كتاباته ساديّة،ما بال ذلك الذي لا ينجز روايته ما لم يحتس عشرة آلاف فنجان قهوة بالتمام والكمال،يا لحظ بائع البن الذي يسكن بجواره،أمّا الرواية عند كتّابنا لا تستغرق سوى جلسة أو جلستين أوان توفر التيار الكهربائي وربما ليس لديه الوقت للمراجعة كون الأخطاء والهنات هناك خبير متمرس يتكفلها يمتلك الحق في غربلة النص وقص ما لا يروق له أو يخالف ذوقه الخاص،كثيرون يسرحون بخيالهم قاتلين ساعات من التأمل والغور في مسالك وعرة ربما تكفي لإنتاج نص لو تم توظيفها بشكل عفوي بدلاً من هذا الشرود العقيم بحثاً عن أساليب تطرف غير مسبوقة والتي هي حسب اعتقاداتهم خيول سماوية ستأخذهم إلى الرفوف الأمامية وتحشرهم في كتاب لاحق ربما عنوانه لا يبتعد عن (كتّابنا هكذا يكتبون)،يقولون أن محمد خضير كتب (في درجة 45 مئوي )داخل المطبخ ومهدي عيسى الصقر يكتب بقلم الرصاص،وأحمد خلف لا يكتب إلاّ فجراً ولي صديق ألححت عليه السؤال عن سبب توقفه عن كتابة القصص قال: بتوقف الحرب جفّت ذاكرتي..!! العباقرة يتصرفون بعفوية وفطرة دون اللجوء إلى افتعال أو اختلاق أزمات كي ينزفوا قراءاتهم للواقع ومجريات الأحداث،ولدينا رصيداً مرصوداً يتواجدون دائماً أينما يلتم شمل كوكبة كتّاب،من أسمالهم من تقليعات موضويّة عبارة عن ملاقحة ما بين مستوردات يتم تعديلها حسب المزاج ودرجة انحراف العقل عن الواقع،متناسين أن الكتابة بالدرجة الأساس نتاج قراءات مقدسة للحياة وأن ممتهنيها لهم روح لا تترجل عن صهوة جواد التواضع ونكران الذات،وأنهم ألغوا ما لهم من طموحات شخصية لنيل المكاسب،وظلّوا داخل وحل الحياة للتغني،(يفغيني يفتشنكو) رفض وزارة الثقافة السوفيتية و(شيركو بيكه س) استقال من وزارة الثقافة في أقليم كوردستان كونهما عرفا أن السياسة آفة تغتصب منابع الجمال وتكتسح حيثما تكون هناك بقعة حرية،رغم كونهما من أبرز شعراء جيليهما،(يفغيني) في ستينات القرن المنصرم و(شيركو) في حاضر الشعر الكوردي،والكل يعرف أن النص لا يدرك حاسة المتلقي ما لم يتشرب بدم الكاتب ويغتذي من مرارة صبره وينضج ـ على مهل طبعاًـ على لهيب معاناته وأن كانت شخصيّة لكنها معاناة جمعية واقعية نتاج تصادمات متواصلة ما بين أحلام الإنسان وأصحاب السيادة،فالنص العقلاني متجرد من أمراض الذات وشطحات اللاوعي يلج إلى المخ بلا تكليف مثلما يهبط زلال الماء إلى بطن العطشان،ما بال أحدهم يجهر أينما يفتح باباً للجدال عن مهنة الكتابة ودوافعها في زمن بات البشر مثل القصب لا هو ينفع ولا هو يضر في يومنا هذا يحصده منجل الإرهاب بيسر مثلما تنتج رواياتنا ويحصدها منجل النسيان،هذا الـ(أحدهم ) يتباهى انه لا يكتب ما لم يثمل وحين سأله ناقد غير معروف: منجل الإرهاب حصد المسكرات من أرصفة الشوارع فمن أين تأتي بها..؟؟ قبل أن يكشف الغطاء عن سره حرر قهقهة ساد جرائها صمت مهيب داخل المقهى،تبين أنه يسكر على شخير زوجته وأطفاله،يتنفس رائحة جوعهم ويصل دائماً بسرعة البرق إلى مناطق الحرمان المتنامية فيهم،هناك يلقي بمرساته وينهل من أناشيد عذاباتهم قبل أن يكتب ملاحمه،يالها من لحظة سادية لاستدراج ربة الإلهام من اجل(فلته)كتابية،ينضد ويقوم كل يوم بتوزيع نسخ معدودة على زملاء يجاملونه من باب الاستحياء وربما خوفاً كونه يدفع ثمن شاياتهم كل يوم،أمّا ما يدور سراً فيما بين مستلمي النصوص المستنسخة جملة ثابتة:مازال أخينا يسبح في بركة الخواطر العمودية..!! مرض الإبداع لدى البعض دفعهم اللجوء إلى وسائل كفيلة تنقلهم صوب الأسرار الخفية للكتابة،يؤرقهم ليل نهار هاجس التحليق مع ماركيز ورامبو ودستوفسكي وأن أمكن السيّاب وذلك أضعف احتمال،فالتطرف بات باب الولوج إلى ما يسكنهم وأنها تعويذة لا مناص،فما بال شاعر يعترف أنه لا يكتب إلاّ في الصيف،خلته يقضي الشتاء على أبواب الأطباء جراء نزلات البرد المتواصلة مذ صرنا بلد البرمجة،واختفاء الوقود رغم أننا نركب سفينة لا تمشي على الماء،لأنها تبرك على النفط كما يبرك بعير مكموم الفم على كومة شعير،كاتبنا الصيفي وكما يحلو للبعض من روّاد ذلك المقهى أن يسميه الموسمي،حتى قال له واحد من الشلّة أن يضمن نصوصه بالثلج لاختفائه والرقي كي لا يتعب الناقد من فك مغاليق نصوصه،وقال أيضاً كي تتفرد بنهج غير مسبوق،وأن تغدو شاعر الفقراء كونهم ينالون ما هو مفقود داخل ملحمياتك الصيفية،هل باتت النصوص فواكه تتلون بمناخات الكاتب وتكتسب نكهتها من طوبوغرافية المكان وترتدي حلل المواسم،لم لا الشجرة تأخذ وتنتج كذلك الكاتب يأخذ وينتج،الفواكه تريح الجسد كذلك النص الدسم يريح الجسد،وقديماً قيل :ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ..!!وقيل أيضاً : في البدء كانت الكلمة..!! ولا نستبعد جدلية التفاعل العصيب ما بين الكاتب وحياته،فهو أبن واقع يشاركه جمع في تكوينه،له ما لهم ولهم ما له من ظاهريات ومخفيات،ومهما نزف فهو ذات النزيف المحتدم وراء سدود الذات للكل،يختلف عنهم كونه اهتدى ـ بفعل موهبة ـ إلى منافذ تحرير النزيف المتراكم،كان من الممكن أن يلتجأ الناقد إلى مناطق علم النفس لتحليل النصوص كونه الحاضنة لكل أرق ونبض مغاير وزفير غير منتظم،وحده علم النفس يوصل الباحث إلى بؤرة النزف،ويفرز ما هو مفتعل عن ما هو كوني ونبيل،أنا شخصياً أقمت الحد بالدليل الباتر على شاعرنا الصيفي كما أسميته،وجدته صادقاً فيما ذهب أليه،وكانت مصادفة لحظة وجدته يرتكن رغم لهيب آب في ظل شجرة يوكالبتوس،كان في لحظة تلصص،خلته في انتظار فتاة،قبل أن يجذبني مشهد عامل ينثر رذاذ الأسمنت على حائط أملس،سرعان ما دق جرس الذهن وتناثرت تلك الأوراق التي كان يوزعها أو ينشرها من بعد توسل على صفحات ثقافية لصحف توزع معظمها مجاناً كونها تعود لجهات تدعي أنها مستقلة رغم فضائحية ميولها والأسماء الواضحة والتي تتبنى إدارة وتحريرها،لقد توصلت إلى قناعة أن صاحبنا يستنسخ عينياً قصائده،وسر تعلقه بقصيدة(الأسمنت)عفواً قصيدة(النثر)وكان جوابه يوم النقاش معقولاً لحد ما،تحدث عن سر العلاقة الواقعية والصورية ما بين الحائط والورقة،ليس هناك ثمة فارق ما بين نثر الأسمنت على الحائط وبين نثر الكلمات على الورق،المهم إظهار براعة في الصياغة وكيفية دس الوهم داخل الكلمات المتراصة،مما يغري الناقد ويحفزه إعلان النفير والغوص بما يمتلك من مؤهلات نقدية قديمة وما أستل من حاضر النقد المستورد كي يفك الألغاز ويعبد الشوارع معلناً عن فرادة فوق العادة،لا ينكر أحد أن لكل كاتب أسلوبه وله الحق أن يستدرج ما هو مناسب وخادم من كلمات وأن ألتجئ إلى السجع أو تشظية اللغة كي يستفز المخيلة ويفوّت إخفاقاته أو عثراته وهو يسحل الثيمة إلى بر الأمان،ففي عالم الكتابة كل شيء ممكن وجائز طالما النشر غير مقيّد،فهناك من يجد أن التلاعب بأعصاب القارئ جزء من العملية الإبداعية،وهناك من يعتقد أن قارئ اليوم لا يبحث عن السلسلة الرابطة للأحداث،يمكن أن نرص الكثير من مشاهد التطرف داخل علبة متواضعة،هؤلاء بطبيعة الحال عجزوا أن يأتوا بشيء،وأضاعوا دروب السابقين،وظلّوا يلتجئون إلى مناطق توليد التطرف لفرض أنفسهم داخل الفرن الثقافي،وليس يغيب عن بالهم كلمة(أنا)وهم يجهلون أن الكتابة هي النور الخفي لجذب الحواس إلى منابت الحقيقة وهي أيضاً التوهج الدائم لروح العصور المتلاحقة وأنها سر تواصل فاصل الإنسانية وعدم ذبول شجرة الجمال رغم شراسة خصومها،وتبقى الكتابة أيضاً،مصابيح لإنارة متاهات المستقبل،سمعت ذات جلسة أن قاصاً كثير الكلام وكثير الكتابة أيضاً،لا يكتب كما يدعي إلاً بعد أن يلقي نظرة على العالم،إن كان حقاً ما يقول،فهو قاص مثابر وحريص ويرغب أن يتناول أحداث زمنه كونه شاهداً ومنذراً إن جاز التعبير،لأن الكتابة هي تأشير النقائض وتنوير الحقائق،وأن أسرار الحياة بحاجة إلى متابعة ميدانية كي تنضج الأجوبة وتأتي بلسماً مداوياً،ولكن صاحبنا كان لديه وجهات نظر استلها من دفتر تسكعاته الخيالية،فهو لا يهمه ما يجري من ملابسات وطواحين مؤامرات وتدمير للروح الفطرية لدى البشر،لا يرغب أن يتابع الأخبار أو يقرأ الصحف،بل وجد وسيلة لم يسبقه سابق أليها،ففي كل ليلة يعتلي سطح المنزل،بعد أن يعم الظلام وتهدأ الشوارع تحت محنة عدم التجوال ليلاً،هناك ابتنى لنفسه غرفة،أشرف هو بنفسه على هندستها،وبذل مجهوداً خيالياً في بناءها كي تكون مقارنة لما يحمل من أفكار تجديدية ستدفع قصة البلاد صوب المسار الصحيح من بعد طويل معاناة وتلاطم تحديثات دفعت بذائقة القارئ إلى النفور والتعتيم،يقول أنه جعل في كل حائط نافذة،وشرخ نافذة خامسة في سقف الغرفة،ما أن يجلس على كرسيه الدوّار حتى يقوم بتدوير خمسة عتلات فتفتح النوافذ معاً،ورفض حين طرحوا عليه فكرة تحوير العتلات إلى منظومة تعمل بضغطة زر،من باب عدم التقليد والابتعاد عن اللجوء إلى أفكار الآخرين،تمسك بفكرته كونها تحسسه أنه يطير كلما قام بالتدوير،وسرعان ما يغدو ـ على حد قوله ـ كاميرا في الفضاء المتنائي يرصد ما هو مخبوء أو ما يجول في ذهن كل نائم،ويوم سؤل عن منفعة النافذة الخامسة،ضحك وقال : مهبط ربة الإلهام ..!!ليس هذا فحسب فهو أبتكر وسيلة جديدة لشحن الذاكرة وتفعيل الهواجس وتأهيلها لخدمة النص،يرتقي سطح الغرفة وفي جحيم الظلام يرسل بصره عبر عدسات ناظور (6 ×36) حصل عليه يوم(الفرهود)يرى العجب قبل أن يهبط ليدون ما رأى حتى شاع عنه أنه رأى ذات ليلة الشمس تتلفع بعباءة وتتجول بين النجوم،قابلوه بالضحك وقابلهم بإلقاء(دولكة)ماء على أحجار الدومينو،بطبيعة الحال لم يزعل تعود أن ينسى كل خلاف بعد ثوان،لأن لا جمهور لديه سواهم،من حق الخيال أن ينفلت من سكة الراهن ويجترح مسالك ومتاهات لتكوين أرضية جديدة لا تخرج من فلك العقلانية،وربما البحث عن فضاءات تستوعب الحاضر المر وتدفن الجواهر بعيداً عن عيون ترصد للقبض على كل جملة تمرر عربة فيها حقائب حقائق،ولكن ليس للحد الذي يدفع الخيال لتأسيس دهاليز وتهدم القلاع لبناء أكواخ،وكل ثوب فضفاض لا يتناسب مع جسد الإبداع،هكذا قرأنا تاريخ الفن،ورحنا ننسج على نوله ما يؤرقنا من أفكار وآراء،صحيح أن لكل كاتب زمنه وثقافته،وله روافد ترشه بالآلام وهناك تضادات مع ميول أصحاب السيادة،تتعارض سلباً أو إيجاباً مع طموحات الناس،تنبثق الرؤى وتنهار سدود الاعتراضات وينبري القلم ليجابه في رحلة الدفاع عن التناقضات،منهم من يختار المنافي أوطاناً بديلة،ومنهم من تفترسه حراب السلطة،وهناك دائماً الرهط البائس الذي يستسلم للسائس يغتني وهو جالس،فما بال كاتب معرف يدعي أنه ما يكتبه في ليل الخمر لا يمحيه النهار،وآخر لا يبدأ بكتابة الرواية ما لم يستحم بماء بارد حتى ولو كانت السماء تمطر ثلجاً،كون الماء البارد يشعره أنه يعيش في بلدان الحريات وكان يقصد أوربا،ومنهم من نقل هوسه إلى الشارع،نراه يتأبط حفنة مجلدات نفيسة بطبيعة الحال هو لم يقرأها،يريد أن يراه جلساء مقهى(الشاه بندر)ولم يغب عن باله يوماً أن يغفل المقاهي الأخر،يمنح(الزهاوي وحسن عجمي)ساعتان كل جمعة كون الأدباء منقسمين حسب الأجيال،وهناك متطرف يتباهى بحقيبته الدبلوماسية وهو ينوء بحملها،كل جمعة يبكر الحضور،وقبل أن يخلد إلى زاويته المجابهة لباب الدخول،يغربل الكتب المنثورة على طول الشارع المفضي إلى المقهى،حتى سمع أحدهم ذات يوم من بائع كتب وهو يضرب يداً بيد ويقول: (إجه الفيلسوف وراح يخربط التصفيط..!!)وكان يشير إلى صاحبنا صاحب الحقيبة العملاقة،تلك الحقيبة ظلّت مثار حسد كونها كما ذهب البعض لا بد أن تحتوي نصوص أو كتب دسمة في وقت بات الأديب لا يشرب الشاي لأن(المائة دينار)كل ما في جيبه أجرة الرجوع إلى المنزل،لكن الأيام دائماً تأتي بما لم تزود،سرعان ما عرف الجميع أن هذا لم يكن سوى كاتباً سكراباً،لأن فضولياً لم يحتمل تبجحاته النظرية ونقاشاته الحداثوية قرر أن يفتض السر وأستغل دخوله ذات يوم إلى تواليت المقهى،فتح الحقيبة وصاح:أخوان صاحبنا صيدلية متنقلة..!!حقاً كانت الحقيبة ملآى بصنوف من أدوية لأمراض مزمنة،سكر وضغط الدم وداء الشقيقة ومفاصل وربو وهلوسة ومعدة وفياغرا..الخ،وماذا يعني أن يتسلح أحدهم بجملة نظارات،واحدة تتدلى من رقبته بسلسلة نسائية وواحدة بيده داخل محفظة مذهّبة وثالثة داخل جيب قميصه،ونراه حين يخرج يستبدل الذي على عينيه وحين يقرأ يلتجئ إلى نظارته المتدلية من رقبته،يجدر بنا أن نسأل ونقول: هل يتوجب على الكاتب أن يتشبه أو يقلد أصحاب الطقوس السادية،لماذا ينسلخ من واقعه ويلقي بثوب ماضيه ويحاول أن يتجرد من تراثه ويتزحزح عن بني جلدته،فالإبداع لا يأتي من فراغ،والنص الأدبي يكتسب هوية الكاتب،درجة ثقافته وصفاته الأخلاقية،ويخطئ من يظن أن النص هو نتاج اللاوعي،فكل نص يستند على مرجعيات حقنها الكاتب المثابر عبر سلسلة متداخلة من قراءات واعية ومعاناة حياتية ومتقلبات سياسية وتصادمات في الرؤى والأفكار،فالمعادلة هي من شطرين،النص الخارج من فرن الذهن في لحظات فقدان الصلة بلحظة الكتابة،قد تأتي من باب اللاوعي،ولكن لن يكتمل النص ما لم يقم الذهن نفسه بمراجعته والوقوف على درجة عقلانيته،أنه تسليط مجهر الوعي لفحص النص،فإعادة قراءة النص هي قراءة نقدية وبالتالي يكون الكاتب أوّل ناقد يتناول عمله،لأن النص لن يطرح إلى سلة الزمن ما لم يشذب ويهذب من التوحشات كما يفعل بالعروس ليلة زفافها،وعلينا أن ننظر إلى النقد على أنه قانون الوعي وانضباطه،فلم كل هذا التطرف في الشكل واللجوء إلى كوابيس لا تصلح لمناخاتنا ولا تحابي أمزجتنا،يمكننا أن نأتي بما يصلح لعصرنا الراهن،وربما ينفع للعصور التالية،لو روّضنا أفكارنا وتصاهرنا مع تراثنا وحررنا ما نحمل من أفكار بعفوية بعيدة عن تشنجات الحداثة ومتاهات تأويلاتها ونبذ ضرورة اللحاق بركب العالم،فالعالم بدأ ينحدر ثقافياً ويسلك الدروب الموصلة إلى حضارتنا،انظروا ماذا فعل (باولو كويهلو) بالرواية العالمية،أنّه وجد الطريق إلى أعماق حضارتنا وجاء بنص صغير الحجم كبير الأثر واعتلى رف الرفوف في ذاكرة الأدب الإنساني،انظروا إلى(سيد الخواتم)فلم الأفلام،لم ذهل العالم وهو ينتعش في عصر الفضائيات والإنترنت بمنظر الخيول والسيوف والسحر،روايات وأفلام هي مسروقة من تراثنا ومن تحت أنظارنا،صارت قناديل للغرب،ويبقى السؤال قائماً:هل خلق الكتابة يستوجب إثارة الغرائز والحواس..؟؟أو عقم الذاكرة وإفلاس العقل وربما تشوش الخيال تدفع بالباحث عن الإبداع افتعال أزمات نفسية وإثارة كوابيس مختلقة كتعويض لابد منه لإثبات الوجود في عصر لا يستقر فيه عقل على رأي،وكل نص مريض يدل على عدم صحوة كاتبه،فالكتابة يا عشاق التطرف لا تأتي إلاّ لحظات الصحو وفيضان الثقافة ووجود عيون لا تنام مع الرغبة الصادقة والاستعداد التام لقول كل ما يقترحه العقل ولو كانت في الأفق تلوح أنشوطة وجلاد،ربما وجد البعض أن التطرف نوع من حرب سرية مستحدثة ضد السلطة،وهو الشيء المناسب والحاسم ضدها،لكننا نجد أن معظمهم طبلوا مع المطبلين ونالوا ما نال أصحاب الأبواق اللئيمة من مغانم أدبية،فليس في نصوصهم المتواضعة شيء يتباهون به يوم ما بعد كنس الظلام وتحرير الكلمة من سجن الجلاد،ومن تاريخ الأدب عرفنا أن كل تجربة ذاتية نجمت عن صراع ما بين ظالم ومظلوم،والكاتب العقلاني عرف كيف ينسج ويغزل ضفائر النص ويجعله مادة خام لكل العصور،ومن يستطلع راهن الحياة لا يركن لقرار،في كل لحظة تتوالد شرارات كافية لقدح الذهن وتفعيل الذاكرة لتنزف،فالتداخل السرطاني للبشر ووسائل الاتصال السريع،دفعت بثقافات تخريبية تنتهك الجذور وتؤسس لحياة قادمة وملوثة،فلا اللحية المسترسلة ولا ارتداء الأسمال المهلهلة ولا نثار الأسمنت المتطاير ولا الغرف المزاجية والنظارات أو نوعية القلم والورق تنتج ما هو يدوم ولا بوسعها أن تستدرج ربة الإلهام،وعلى الكاتب أن يدرك أنه واحد من جوقة أمناء العصر،وقلم من جملة أقلام تدوّن سير التاريخ،والخطاب الوجداني لا يحتاج إلى أجواء خارقة أو فضاءات كابوسية كي يتحرر،وعلى هوّاة التطرف أن يعلموا أن الإبداع وصفه البير كامو (أن يعيش المرء مرتين) فكيف لا يكون عيشتهم الثانية سراباً محض،طالما أنهم يهيمون في كوابيس وأوهام حياتهم الأولى..
• كبار الكتاب كيف يكتبون ـ ترجمة كاظم سعد الدين ـ منشورات دار المأمون..
***
١١/٠٣/٢٠٠٨
النصُّ علمُ العلوم ومنه يُجتــاف العصر
محمد الأحمد
1
يحكى انه قال العتابي فيما مضى:
(البلاغة إظهار ما غمض من الحق، وتصوير الباطل في صورة الحق)
وذكر لنا الجاحظ عن أعرابي انه قال: (من التوقي ترك الإفراط في التوقي!)
2
ما من أديب منا- إلا وقد غطته التراكيب المتواشجة بالأساطير، والخزعبلات وأقصته بعيدا عن المعالم الحضرية المتناثرة على وجوه الحقيقة المريعة..
كلما تصورنا ان نواجه الكلمات الأكثر سلطة من الصمت، الأكثر حيوية من النص، إلا وغرقنا في تفاصيل موقودة بالمحرم، بالممنوع..
لكم تصورنا ان عالم الكلمة اليوم وغدا سيكون من قاعدة ثابتة.. ضمن ما يكون التحديث العصري المواكب لانزياح المعلومة الغيبيّة بمعلومة ذات أصل، وكيان!
لكننا لم نـر سوى انكسار آخر ضمن المعنى. انكسار لم يعني الانحراف عن القصد، فحسب. قد يؤلف معنى جديدا/ يكتسب ثباتا آخر.
كيف تثبت تلك الحيثيات بين المعاني وتخرج صارخة بوجه المتلقي العارف/ العليم.. صماء اكثر عفوية وأوغل معنى…؟
ان ذلك الصدق المعنون، المسمى لا يكون إلا احترافا قدريا يكتبه المرء دون ان يستند على دوغماجية بالية أكلتها العثة.. دون ان يتحرر من الفراغات العفوية بين العهد القديم/ الجديد، والهفوات الجوفية غير المقنعة.. اقتدارا تكون الكلمات المستندة على معرفية عريضة، فمن أين يأتي بكل تلك الإرادة صانعها، وناحتها بأبشع الأزاميل الطاهرة…
نكون في لحظة عفوية قد امسكنا المعنى المفترض بين التلافيف، نكون قد صادرنا الاعتباطي الغيبي المجوف، واللا توجه فنقف حائرين ضائعين بين حدود النص في الذهن، وبين إدراك مغزاه على امتداد المقصود..
ما نكتبه الآن يصبح بعد حين، بعد جفاف الحبر شيئا باليا، رغبتنا بالتمزيق اكبر من رغبتنا بان يبقى، وان يقرا.. وما ان يقرأ بعد حين يكون ثاويا في مجد الذهن يطاردنا ككابوس متسلط متنفذ على آلية ما نكون به، ومازوشيا على حيوية ما نعرف…
ان الكتابة قد تطوف حروفا متناثرة بين جزئيات الكتاب، مؤثرين ان نجمع الدم، والموقف فلا نحيد عن عزمنا اللبيب إلا بالكتابة المتفجرة كالدم الخارج نزفا من جرح عميق..
3
الكتابة فن الهي متسلط يطمس منا مناوراتنا في العيش. يحاول ان يبوح، ولا يقدر ذلك الإنسان الذي يمتهن الكتابة في أعماقنا، أنه يمتهن غربة المعاني والاشتقاقات المتناصة اكثر من الذي يرغب بحرية عبثية الكتابة.. فما من شيء ألذ واطهر من النص الذي يطوف الدم به (داخل الجسد) وما من شيء اقهر منه عندما نجمع الظروف كلها في انتظار الهطول السريع والمرير على مساحة الوردة / تلك الورقة الفاضحة!!.
نسعى الى داخلها، بتمكن حريتنا المفترضة، نباغتها معلنين عن تمرد خاص يساوي كل التمردات الآنية لفعل الإبداع..
4
النص في تركيبه متحرر من التفيقه، ومن التفتيت لكنه مربوط إلى عمق رتابة لغة أخرى لا نفهم منها/ لا نحوي من مصطلحاتها- إلا حرية أخرى في قراءة جدية جديدة بكتب التراث الخالدة .
النص في تركيبه موحد، مقوم من الفجوات دون تقلص أو تمدد في حرفيات المبتغى، كأنه انسياح ماء إلى منحدر، يغرق الأشياء الصغيرة يحوي التفاصيل/ البويضات التي ستلقح بذهن المتلقي الفذ/ القارئ غير الدوغماجي/ يقرا دون كلل، أو ملل ..
النص في تقلباته ضغوط ومخاوف يخرج للعالم… يكون حرا في أول ولادته. لكنه يتحول إلى ثابت مدلول بعناصر إشاراته . وعميقا بمساحة مدلولاته. فلا يكون غامضا على مبتكره القارئ الآخر من مبتكره القارئ الأول/ كاتبه.
لا بحرقة الأسئلة المكتناة بأرضية المعلومة الحية، ولا بترحال رابط الفصول بالأبواب وبالمقاطع..
يستخدم النص ذاته تتابعا تركيبيا مفصلا بجمله الموحدة الطيعة من حساسية تثور بما تحمل وتثوّر بما يحدث. ذلك هو الزوال/ المفهوم/ المستخلص من النص بحثا عن التأويل في التناص الذي في الذهن فما قاله النص أشبه بالنصل الذي يحقق الثار المبتغى. ضمن فعال شنيعة جرت عليه وهو دون آله لفتح المكنون والمستتر والمضمر ..
تلك آليات السكون تكون متحركة مع فعل النص في الدواخل المتعددة/ فاعلة المآرب في المقاصد تحديدا!!
5
أي اعتبار لفظي منقول حرفيا من وحدة اللفظ الواقعي في اللغة الدارجة هو حالة من الصعب عبورها ترجمة فلا تكون إلا وهي كاملة القنوط بإبدالها أو بالدوران بحثا عن كلمة ترادفها حيوية تلك الكلمة في عمق محليتها ومشاعية اندلاعها تشبه صورة الفوتغراف التي تبقت الأشياء فيها كما هو عليه الواقع/ المستلب إنها تعي مكانها المعلوماتي الكاشف عن سرّ لا تأويل له باتجاهات مختلفة !!
6
النص ذهان متوقد فيه حفريات معرفية عن اصل المراجع وعن اصل الخطاب الموجه من الذات إلى العالم، ذهان كأغنية لا تغادر بإيقاعها الذهن تطوف مجتافه كل الاختلافات البصرية، النغم يجري على السطور، كلمات محسوبة، مدركة من قبل، ومكتناها هو ما نحس به الآن قبل بدء النص وتصاحبنا حتى نهاية الحرف الأخير من الجملة التي ننتهي بها وحدة نص أديب غيره قد سواها محاطة بكل أساه وحساسيته/ الأديب يبحث عن شجرة أمجاده في سجلات دونها من كان في مسلته الأولى، يوزع عيونه على الأحرف المتشابكة، ويحل لغزها المتنور أساسا مما يحس به، ينسى انه يكتب (ساعة الكتابة)، ويحلق بقلمه آليا في بقاع الوجع الذي يشكوه لصديقه القارئ/ الباحث في غموض المدركات..
فما من قاعدة إلا وقد استثنت شيئا، او قالبا. بذلك المستثنى يستنتجه المدافع القارئ عن النص المكتوب بوحدة الربط الممكنة، والمتوافرة في عقليه ربما لا تحمل قدرها المؤهل لان تكون المتذوقة لعطر الوردة/ تلك الورقة الفاضحة..
ذلك أهاب تابوات المغلق رغم أصالة القالب المحوط لتلك التناقضات التي يغويها النص/ يحتويها على ما بها من تعارض، أو توافق!! .
7
...المفترض يحمل نصا مواجها بالذهن الخالد المرهوب .
غبي ويا لشقاءه عندما يرتكن نسيانه، فيصير موازيا لرجل هرم لم ينجز شيئا سوى كآبته.
(قارئتا القديم) كان في عتمة الاعتراضات، ولم يحمل على ان يحرق شيئا من دمه ويكتب به مأساته الشامخة فوق الدهور. لم يعلن عن استلابه القهري/ الجذري/ أبدا.
النص وحده هو ذلك الوجه الذي يحوي حريتنا المحرمة، وحريتنا ان لا نصرخ صرخة استغاثة مفضوحة الأحرف مكشوفة الدلالات .
الوجه هو النص الأكثر هيمنة على النسيان... ينسينا نسياننا دون ان ينسى، ويقول قولنا دون ان نحرك شفاهنا .
النص الحديث يهيمن على الوجه، يمنحه لونا اخضر يدل على حرية الحياة، و حركيتها.
النص المقترح لم يكن مقترحا وجوديا غير مدرك، بل هو هوية خلاص نبرزها ساعة الحرج مع أي متشكل يقتحمنا.
النص حالة خلاص؛ الوسائل مبررة بالوعي، وليست الكلمات النائحة تعديلا خالصا على جمهورية الحلم الجديد.
8
النص ولادة اقتراح متنافية مع الصبر الذي تقيده الأيدلوجيا المتسترة خلف أنظمة متغيرة لاحتوائنا، والنفاذ فينا– قصد تقييدنا من انفتاحنا على المفتوح غير المطلق..
كل شيخ فينا شاب غيور بهذا العالم الأفاق، لكن الإرادة، لا تجئ كاملة الضرب إلا باتفاق ناكر للذات، لا مصالح، ولا مطامع مرغوبة غير الحرية.. غيور هذا العالم لكن الإرادة لا تجئ طيعة؟..
نحن نميد العبارات، أحيانا نميد الحضارات بالتخلف المحدد بحبر احمر، وأخرى نميد أفكارنا لما يتوافق مع امتداد الحضارة/ الحداثة التي لابد لنا من معرفة مستجداتها/ غاياتها.
لا نريد الهدم، لكننا سنعي أولا وآخر: ما معنى الانفصام، ما نوعد به دون ان نناله؟.
نحن نحب الذات إلى حد التلاشي، ويضيعنا التراب، فقاحلة كل السنوات التي لم ينجز فيها الكاتب نظريته التاسيسية إلى أمام دون كابة/ ظلمات النفس القاهرة ..
أي وجع يسكن ذلك النص لا يعدو إلا ان يكون وهما نضاليا/ لا يكون سراجا منيرا يتخلص من إشكاليه سلطة الماضي الراكدة .
النص المفتوح، هو الخلاص. ولكن كيف ستتأقلم الكلمات بين ما نفكر به، وبين ما يحدث علينا من استلاب حتى بلقمة الخبز الطيعة..
9
النص المفتوح قطيعة الاقتراح ، وبديل الراكد سرا مكسورا على وجه الماء الذي لا يريني ذاتي، ولا يكشف إشكاليه من يكون أبن هذا الجيل الحداثوى الذي يريد ان يرى دون ان يتمكن؟ يريد ان يكتب ولا يغير تراكيب بناءه بعلمية حاضر ذكي متحضر.
النص المفتوح حتما هو من سيفلت من المقصات الدامغة التي تعكر صفو التمازج بالفن القائم، الحاد، المتوازن الرفيع، المهيمن على الأفكار المنفلتة من سلطة الذوق السائد في بناء النص المزيل للكومة العالية المتراكمة من الفوضى، بالنظام المبيت بين تلافيف عقولنا المتفردة، بنرجسية الفن في كل لحظة- انطواءات الفكر المكنون بالكشف والتعرية..
النص المفتوح من يحقق النصر على الموروث التراكمي، واعيا للذات في الزمن، إذا يتخذ النص شكلا يعي عزلة الحاضر وعلاقتها المنفتحة نحو المستقبل!!.
10
الحداثة هي إزاحة التراكم الخوفي الغائر العمق في الإنسان من التسلط، وإزاحة التراكم الخوفي الغائر العمق في الشهوة من الموت…
الألتقاء بغبار الأسئلة التي إثارتها حساسيتها الحاضرة المواكبة لانفتاح العلم ضد الانقراض؟.
11
للنص إرادة وهيمنة على الابتكارات السارية ضمن وحدة العقل مثلما شهوة غامضة، فسلجية تمور في الخلايا، وتتقد في الرغبة. تجعل منها عمياء لا تصل نحو متعة مبهمة، فحسب وإنما متعة كيفية تجبر على الافتراضات المتوالية. فالعقل وحدة موضوعها كله. العين الباحثة بعقل في وحدة العالم المترابط في أسكتناه تلك الشهوة ،العين توعز لذلك الاحتدام الذي يغلي في العروق.. اللذة قد لا تتحقق في بداية نص تأقلمت فيه تلك الأفكار المكتسبة.
فالنص يبقى عصيا، ومحاصرا إن لم تكتمل الرؤية، وإذا اكتملت الرؤية يكون علينا أن لا نجعلها ضمن ما تضيق به العبارة!!.
نكتب مرة أخرى النص الموازي لما أعتمر في الذهن الذي تحقق ذلك الالتحام:
الذكرى/ الأنثوي، النص/ الفكرة ..
عبارات تتمادى في دفء وانجذاب؛ ينجذب الذكر إلى أنثاه.
وتقبله الأنثى احتواء تملكا خاصا بها، وهو خالص لها، يهم البعض بالبعض ويحدث، في الالتحام الأزلي الداخل ضمن المدخل..
المطروح للقارئ/ المضمر في القارئ.
النص المفتوح، يغري.. المرأة تغري الرجل، فيغويها إلى مساحة بيضاء، متحررة من لأعمدة الجاهزة يصور لها ما في حلمها واقعا تطالب به، فتقع في كماشته، ليوقعها نصا مندلعا دون توقف وما ان يتوقف، تنفصل…
الانفصال يعني فشل الغواية… تعني البدء بالمعرفة- المعروف.
12
النص هو تشاكل عفوي، وحدها القراءات في عيون الكتب، في أخبار الجريدة، وحركة السوق.. نقلا للمعاني (ليس حرفيا)- فيسمى واقعا، نقلا فيه شخص المؤلف الغاوي للنص/ المرأة، الفحوى.
النص هو؛ قدرة الغاوي على الإقناع، او هو حدوث المتعة القاطع، ومنهج اللذة تخلصا من الكبت القاهر!
النص الحديث هو الحفر المضني الذي جعل من جهابذة التشريح الأولين يتجول في المقبرة نهارا لتيأهب ليلا لفعل اللذة/ التواصل/ التوازن لفعل الوصول إلى ذروة الكثافة.
القارئ هو مكتشف إيقاع الحيوية والكاتب هو الفعل المحرك لهذه الديناميكية، فمؤلف دون مقترح، لا يكون..
13
الحرية ان لا نكتب بتأن خوفا من قراءة تثلم النص. النص هو احتواء تلك النظرة الشاملة/ الداخلة في عمق الظلمة (لا يكتشف الضوء الآخر تحت سطوع الشمس في نهار).
نقل الضوء: الإبداع (فلا تقوم صبيحة مندلعة الإشراق بعد ظهيرة، إلا قبلها).
النص/ الفكرة بذرة آمال طامعة، طامحة. تحتاج بعد المتعة الشقية، واللذة الشهوانية إلى ارض لتزرع/ كيف يسترشد الحيمن بيضة تأهبت قبل اثنتي عشر يوما فسلجيا. اللحظة التي امتدت في داخل النص صارت في ذهن المبدع ملحقا الذكرى منفصل عن الأنثوي/ كذلك الشجرة التي لن تنبت في الهواء، وإنما الأرض/ الزهرة/ أيضا.
النص: (تلك الوردة العطرة التي لا يمكن لأعمى معطل الشم أن يجدها)!!
14
دوغمائية الكتابة عطلت التحدي، وبطلت التجديد والاتصال تواصلا بالحضارة..
أننا الآن نكتب عن ترصدنا الباحث بعمق عن فكرة تكونيه الكتابة، الكتابة العصية بكرامتها، وعزتها تلك التي حافظت منذ الأزل على بقائها. ممنوعة، محرمة. فلا يصح إلا ما بقى ممنوعا .
ذلك الأكثر رغبة في البحث، فأوراق تسقط كل موسم وتبقى الأغصان تندلع منها أغصان أخَر.. الريادة هو ما يفهم من مثال الشجرة في كل الفصول/ المواسم..
الكاتب/ النص: هو حدّة الحساسية بحدة العاطفة/ حساسية الكشف/ التعامل مع الورقة بعاطفة (دون جوان) المزيفة.. التي يتبعها مع كل امرأة بعاطفة تلائم عاطفتها.. يغويها فتظل تبحث عن طريقة اكثر تعقيدا من السابق في إغرائه، فأن نال أدار ظهره عنها..
15
لكم تحرجنا التفاصيل المجترحة بالثناء (بما يريده الناشر) وتأرجحنا مخلخلة ما نتذوقه اليوم/ تفصل رؤيتنا عما نتذوقه غداً!. فالنص الذي لا يحوي سؤالا حيويا يحدد ما نحن به (يبوح بما يحصل علينا من استلاب مبرمج) لا يسمى بما يستحق القراءة – أن نقرأ نصا آخر جدارته بما يعلن، وبما يعطي من ابستومولوجيا…
النص الذي يعطينا هو الذي يستحق كل ما يأخذه منا…
النص الحر اقرب إلى القلب،
والآخر لا يبتعد بمكانه عن سلة القمامة/ مقبرة الأوراق!!.
16
ديمومة تلك الحروف المتشكلة ، انتفاضها من تسلط المتحجر، يعني ركن الركام الهائل من السفسفة في غير فصولها. الكتابة ارتزاق أيضًا، واليوم تصيرت بكل العلوم!!
عصرنا يطول كل (كيف العلم؟)،
وأيضا يفشل في أل (لماذا)؟
اصل النص عندنا يعني كيف يتم البحث والأكتناه وراء كل العلوم.
17
نكتب النص، نعبره، فاخترقنا.. بعدما ننجزه، وأنجزنا كتلك المناغمة الأسطورية التي قالت (حواء من ضلع آدم) النص الحديث علم العلوم ومنه يجتــاف العصر!.
29 شباط، 2008
محمد الأحمد
1
يحكى انه قال العتابي فيما مضى:
(البلاغة إظهار ما غمض من الحق، وتصوير الباطل في صورة الحق)
وذكر لنا الجاحظ عن أعرابي انه قال: (من التوقي ترك الإفراط في التوقي!)
2
ما من أديب منا- إلا وقد غطته التراكيب المتواشجة بالأساطير، والخزعبلات وأقصته بعيدا عن المعالم الحضرية المتناثرة على وجوه الحقيقة المريعة..
كلما تصورنا ان نواجه الكلمات الأكثر سلطة من الصمت، الأكثر حيوية من النص، إلا وغرقنا في تفاصيل موقودة بالمحرم، بالممنوع..
لكم تصورنا ان عالم الكلمة اليوم وغدا سيكون من قاعدة ثابتة.. ضمن ما يكون التحديث العصري المواكب لانزياح المعلومة الغيبيّة بمعلومة ذات أصل، وكيان!
لكننا لم نـر سوى انكسار آخر ضمن المعنى. انكسار لم يعني الانحراف عن القصد، فحسب. قد يؤلف معنى جديدا/ يكتسب ثباتا آخر.
كيف تثبت تلك الحيثيات بين المعاني وتخرج صارخة بوجه المتلقي العارف/ العليم.. صماء اكثر عفوية وأوغل معنى…؟
ان ذلك الصدق المعنون، المسمى لا يكون إلا احترافا قدريا يكتبه المرء دون ان يستند على دوغماجية بالية أكلتها العثة.. دون ان يتحرر من الفراغات العفوية بين العهد القديم/ الجديد، والهفوات الجوفية غير المقنعة.. اقتدارا تكون الكلمات المستندة على معرفية عريضة، فمن أين يأتي بكل تلك الإرادة صانعها، وناحتها بأبشع الأزاميل الطاهرة…
نكون في لحظة عفوية قد امسكنا المعنى المفترض بين التلافيف، نكون قد صادرنا الاعتباطي الغيبي المجوف، واللا توجه فنقف حائرين ضائعين بين حدود النص في الذهن، وبين إدراك مغزاه على امتداد المقصود..
ما نكتبه الآن يصبح بعد حين، بعد جفاف الحبر شيئا باليا، رغبتنا بالتمزيق اكبر من رغبتنا بان يبقى، وان يقرا.. وما ان يقرأ بعد حين يكون ثاويا في مجد الذهن يطاردنا ككابوس متسلط متنفذ على آلية ما نكون به، ومازوشيا على حيوية ما نعرف…
ان الكتابة قد تطوف حروفا متناثرة بين جزئيات الكتاب، مؤثرين ان نجمع الدم، والموقف فلا نحيد عن عزمنا اللبيب إلا بالكتابة المتفجرة كالدم الخارج نزفا من جرح عميق..
3
الكتابة فن الهي متسلط يطمس منا مناوراتنا في العيش. يحاول ان يبوح، ولا يقدر ذلك الإنسان الذي يمتهن الكتابة في أعماقنا، أنه يمتهن غربة المعاني والاشتقاقات المتناصة اكثر من الذي يرغب بحرية عبثية الكتابة.. فما من شيء ألذ واطهر من النص الذي يطوف الدم به (داخل الجسد) وما من شيء اقهر منه عندما نجمع الظروف كلها في انتظار الهطول السريع والمرير على مساحة الوردة / تلك الورقة الفاضحة!!.
نسعى الى داخلها، بتمكن حريتنا المفترضة، نباغتها معلنين عن تمرد خاص يساوي كل التمردات الآنية لفعل الإبداع..
4
النص في تركيبه متحرر من التفيقه، ومن التفتيت لكنه مربوط إلى عمق رتابة لغة أخرى لا نفهم منها/ لا نحوي من مصطلحاتها- إلا حرية أخرى في قراءة جدية جديدة بكتب التراث الخالدة .
النص في تركيبه موحد، مقوم من الفجوات دون تقلص أو تمدد في حرفيات المبتغى، كأنه انسياح ماء إلى منحدر، يغرق الأشياء الصغيرة يحوي التفاصيل/ البويضات التي ستلقح بذهن المتلقي الفذ/ القارئ غير الدوغماجي/ يقرا دون كلل، أو ملل ..
النص في تقلباته ضغوط ومخاوف يخرج للعالم… يكون حرا في أول ولادته. لكنه يتحول إلى ثابت مدلول بعناصر إشاراته . وعميقا بمساحة مدلولاته. فلا يكون غامضا على مبتكره القارئ الآخر من مبتكره القارئ الأول/ كاتبه.
لا بحرقة الأسئلة المكتناة بأرضية المعلومة الحية، ولا بترحال رابط الفصول بالأبواب وبالمقاطع..
يستخدم النص ذاته تتابعا تركيبيا مفصلا بجمله الموحدة الطيعة من حساسية تثور بما تحمل وتثوّر بما يحدث. ذلك هو الزوال/ المفهوم/ المستخلص من النص بحثا عن التأويل في التناص الذي في الذهن فما قاله النص أشبه بالنصل الذي يحقق الثار المبتغى. ضمن فعال شنيعة جرت عليه وهو دون آله لفتح المكنون والمستتر والمضمر ..
تلك آليات السكون تكون متحركة مع فعل النص في الدواخل المتعددة/ فاعلة المآرب في المقاصد تحديدا!!
5
أي اعتبار لفظي منقول حرفيا من وحدة اللفظ الواقعي في اللغة الدارجة هو حالة من الصعب عبورها ترجمة فلا تكون إلا وهي كاملة القنوط بإبدالها أو بالدوران بحثا عن كلمة ترادفها حيوية تلك الكلمة في عمق محليتها ومشاعية اندلاعها تشبه صورة الفوتغراف التي تبقت الأشياء فيها كما هو عليه الواقع/ المستلب إنها تعي مكانها المعلوماتي الكاشف عن سرّ لا تأويل له باتجاهات مختلفة !!
6
النص ذهان متوقد فيه حفريات معرفية عن اصل المراجع وعن اصل الخطاب الموجه من الذات إلى العالم، ذهان كأغنية لا تغادر بإيقاعها الذهن تطوف مجتافه كل الاختلافات البصرية، النغم يجري على السطور، كلمات محسوبة، مدركة من قبل، ومكتناها هو ما نحس به الآن قبل بدء النص وتصاحبنا حتى نهاية الحرف الأخير من الجملة التي ننتهي بها وحدة نص أديب غيره قد سواها محاطة بكل أساه وحساسيته/ الأديب يبحث عن شجرة أمجاده في سجلات دونها من كان في مسلته الأولى، يوزع عيونه على الأحرف المتشابكة، ويحل لغزها المتنور أساسا مما يحس به، ينسى انه يكتب (ساعة الكتابة)، ويحلق بقلمه آليا في بقاع الوجع الذي يشكوه لصديقه القارئ/ الباحث في غموض المدركات..
فما من قاعدة إلا وقد استثنت شيئا، او قالبا. بذلك المستثنى يستنتجه المدافع القارئ عن النص المكتوب بوحدة الربط الممكنة، والمتوافرة في عقليه ربما لا تحمل قدرها المؤهل لان تكون المتذوقة لعطر الوردة/ تلك الورقة الفاضحة..
ذلك أهاب تابوات المغلق رغم أصالة القالب المحوط لتلك التناقضات التي يغويها النص/ يحتويها على ما بها من تعارض، أو توافق!! .
7
...المفترض يحمل نصا مواجها بالذهن الخالد المرهوب .
غبي ويا لشقاءه عندما يرتكن نسيانه، فيصير موازيا لرجل هرم لم ينجز شيئا سوى كآبته.
(قارئتا القديم) كان في عتمة الاعتراضات، ولم يحمل على ان يحرق شيئا من دمه ويكتب به مأساته الشامخة فوق الدهور. لم يعلن عن استلابه القهري/ الجذري/ أبدا.
النص وحده هو ذلك الوجه الذي يحوي حريتنا المحرمة، وحريتنا ان لا نصرخ صرخة استغاثة مفضوحة الأحرف مكشوفة الدلالات .
الوجه هو النص الأكثر هيمنة على النسيان... ينسينا نسياننا دون ان ينسى، ويقول قولنا دون ان نحرك شفاهنا .
النص الحديث يهيمن على الوجه، يمنحه لونا اخضر يدل على حرية الحياة، و حركيتها.
النص المقترح لم يكن مقترحا وجوديا غير مدرك، بل هو هوية خلاص نبرزها ساعة الحرج مع أي متشكل يقتحمنا.
النص حالة خلاص؛ الوسائل مبررة بالوعي، وليست الكلمات النائحة تعديلا خالصا على جمهورية الحلم الجديد.
8
النص ولادة اقتراح متنافية مع الصبر الذي تقيده الأيدلوجيا المتسترة خلف أنظمة متغيرة لاحتوائنا، والنفاذ فينا– قصد تقييدنا من انفتاحنا على المفتوح غير المطلق..
كل شيخ فينا شاب غيور بهذا العالم الأفاق، لكن الإرادة، لا تجئ كاملة الضرب إلا باتفاق ناكر للذات، لا مصالح، ولا مطامع مرغوبة غير الحرية.. غيور هذا العالم لكن الإرادة لا تجئ طيعة؟..
نحن نميد العبارات، أحيانا نميد الحضارات بالتخلف المحدد بحبر احمر، وأخرى نميد أفكارنا لما يتوافق مع امتداد الحضارة/ الحداثة التي لابد لنا من معرفة مستجداتها/ غاياتها.
لا نريد الهدم، لكننا سنعي أولا وآخر: ما معنى الانفصام، ما نوعد به دون ان نناله؟.
نحن نحب الذات إلى حد التلاشي، ويضيعنا التراب، فقاحلة كل السنوات التي لم ينجز فيها الكاتب نظريته التاسيسية إلى أمام دون كابة/ ظلمات النفس القاهرة ..
أي وجع يسكن ذلك النص لا يعدو إلا ان يكون وهما نضاليا/ لا يكون سراجا منيرا يتخلص من إشكاليه سلطة الماضي الراكدة .
النص المفتوح، هو الخلاص. ولكن كيف ستتأقلم الكلمات بين ما نفكر به، وبين ما يحدث علينا من استلاب حتى بلقمة الخبز الطيعة..
9
النص المفتوح قطيعة الاقتراح ، وبديل الراكد سرا مكسورا على وجه الماء الذي لا يريني ذاتي، ولا يكشف إشكاليه من يكون أبن هذا الجيل الحداثوى الذي يريد ان يرى دون ان يتمكن؟ يريد ان يكتب ولا يغير تراكيب بناءه بعلمية حاضر ذكي متحضر.
النص المفتوح حتما هو من سيفلت من المقصات الدامغة التي تعكر صفو التمازج بالفن القائم، الحاد، المتوازن الرفيع، المهيمن على الأفكار المنفلتة من سلطة الذوق السائد في بناء النص المزيل للكومة العالية المتراكمة من الفوضى، بالنظام المبيت بين تلافيف عقولنا المتفردة، بنرجسية الفن في كل لحظة- انطواءات الفكر المكنون بالكشف والتعرية..
النص المفتوح من يحقق النصر على الموروث التراكمي، واعيا للذات في الزمن، إذا يتخذ النص شكلا يعي عزلة الحاضر وعلاقتها المنفتحة نحو المستقبل!!.
10
الحداثة هي إزاحة التراكم الخوفي الغائر العمق في الإنسان من التسلط، وإزاحة التراكم الخوفي الغائر العمق في الشهوة من الموت…
الألتقاء بغبار الأسئلة التي إثارتها حساسيتها الحاضرة المواكبة لانفتاح العلم ضد الانقراض؟.
11
للنص إرادة وهيمنة على الابتكارات السارية ضمن وحدة العقل مثلما شهوة غامضة، فسلجية تمور في الخلايا، وتتقد في الرغبة. تجعل منها عمياء لا تصل نحو متعة مبهمة، فحسب وإنما متعة كيفية تجبر على الافتراضات المتوالية. فالعقل وحدة موضوعها كله. العين الباحثة بعقل في وحدة العالم المترابط في أسكتناه تلك الشهوة ،العين توعز لذلك الاحتدام الذي يغلي في العروق.. اللذة قد لا تتحقق في بداية نص تأقلمت فيه تلك الأفكار المكتسبة.
فالنص يبقى عصيا، ومحاصرا إن لم تكتمل الرؤية، وإذا اكتملت الرؤية يكون علينا أن لا نجعلها ضمن ما تضيق به العبارة!!.
نكتب مرة أخرى النص الموازي لما أعتمر في الذهن الذي تحقق ذلك الالتحام:
الذكرى/ الأنثوي، النص/ الفكرة ..
عبارات تتمادى في دفء وانجذاب؛ ينجذب الذكر إلى أنثاه.
وتقبله الأنثى احتواء تملكا خاصا بها، وهو خالص لها، يهم البعض بالبعض ويحدث، في الالتحام الأزلي الداخل ضمن المدخل..
المطروح للقارئ/ المضمر في القارئ.
النص المفتوح، يغري.. المرأة تغري الرجل، فيغويها إلى مساحة بيضاء، متحررة من لأعمدة الجاهزة يصور لها ما في حلمها واقعا تطالب به، فتقع في كماشته، ليوقعها نصا مندلعا دون توقف وما ان يتوقف، تنفصل…
الانفصال يعني فشل الغواية… تعني البدء بالمعرفة- المعروف.
12
النص هو تشاكل عفوي، وحدها القراءات في عيون الكتب، في أخبار الجريدة، وحركة السوق.. نقلا للمعاني (ليس حرفيا)- فيسمى واقعا، نقلا فيه شخص المؤلف الغاوي للنص/ المرأة، الفحوى.
النص هو؛ قدرة الغاوي على الإقناع، او هو حدوث المتعة القاطع، ومنهج اللذة تخلصا من الكبت القاهر!
النص الحديث هو الحفر المضني الذي جعل من جهابذة التشريح الأولين يتجول في المقبرة نهارا لتيأهب ليلا لفعل اللذة/ التواصل/ التوازن لفعل الوصول إلى ذروة الكثافة.
القارئ هو مكتشف إيقاع الحيوية والكاتب هو الفعل المحرك لهذه الديناميكية، فمؤلف دون مقترح، لا يكون..
13
الحرية ان لا نكتب بتأن خوفا من قراءة تثلم النص. النص هو احتواء تلك النظرة الشاملة/ الداخلة في عمق الظلمة (لا يكتشف الضوء الآخر تحت سطوع الشمس في نهار).
نقل الضوء: الإبداع (فلا تقوم صبيحة مندلعة الإشراق بعد ظهيرة، إلا قبلها).
النص/ الفكرة بذرة آمال طامعة، طامحة. تحتاج بعد المتعة الشقية، واللذة الشهوانية إلى ارض لتزرع/ كيف يسترشد الحيمن بيضة تأهبت قبل اثنتي عشر يوما فسلجيا. اللحظة التي امتدت في داخل النص صارت في ذهن المبدع ملحقا الذكرى منفصل عن الأنثوي/ كذلك الشجرة التي لن تنبت في الهواء، وإنما الأرض/ الزهرة/ أيضا.
النص: (تلك الوردة العطرة التي لا يمكن لأعمى معطل الشم أن يجدها)!!
14
دوغمائية الكتابة عطلت التحدي، وبطلت التجديد والاتصال تواصلا بالحضارة..
أننا الآن نكتب عن ترصدنا الباحث بعمق عن فكرة تكونيه الكتابة، الكتابة العصية بكرامتها، وعزتها تلك التي حافظت منذ الأزل على بقائها. ممنوعة، محرمة. فلا يصح إلا ما بقى ممنوعا .
ذلك الأكثر رغبة في البحث، فأوراق تسقط كل موسم وتبقى الأغصان تندلع منها أغصان أخَر.. الريادة هو ما يفهم من مثال الشجرة في كل الفصول/ المواسم..
الكاتب/ النص: هو حدّة الحساسية بحدة العاطفة/ حساسية الكشف/ التعامل مع الورقة بعاطفة (دون جوان) المزيفة.. التي يتبعها مع كل امرأة بعاطفة تلائم عاطفتها.. يغويها فتظل تبحث عن طريقة اكثر تعقيدا من السابق في إغرائه، فأن نال أدار ظهره عنها..
15
لكم تحرجنا التفاصيل المجترحة بالثناء (بما يريده الناشر) وتأرجحنا مخلخلة ما نتذوقه اليوم/ تفصل رؤيتنا عما نتذوقه غداً!. فالنص الذي لا يحوي سؤالا حيويا يحدد ما نحن به (يبوح بما يحصل علينا من استلاب مبرمج) لا يسمى بما يستحق القراءة – أن نقرأ نصا آخر جدارته بما يعلن، وبما يعطي من ابستومولوجيا…
النص الذي يعطينا هو الذي يستحق كل ما يأخذه منا…
النص الحر اقرب إلى القلب،
والآخر لا يبتعد بمكانه عن سلة القمامة/ مقبرة الأوراق!!.
16
ديمومة تلك الحروف المتشكلة ، انتفاضها من تسلط المتحجر، يعني ركن الركام الهائل من السفسفة في غير فصولها. الكتابة ارتزاق أيضًا، واليوم تصيرت بكل العلوم!!
عصرنا يطول كل (كيف العلم؟)،
وأيضا يفشل في أل (لماذا)؟
اصل النص عندنا يعني كيف يتم البحث والأكتناه وراء كل العلوم.
17
نكتب النص، نعبره، فاخترقنا.. بعدما ننجزه، وأنجزنا كتلك المناغمة الأسطورية التي قالت (حواء من ضلع آدم) النص الحديث علم العلوم ومنه يجتــاف العصر!.
29 شباط، 2008
٠٧/٠٢/٢٠٠٨
ربيبةُ السيد المسؤول
قصةُ قصيرة
محمد الأحمد
بيضاءُ, بيضاءٌ كالثلج, بليغةٌ الأنوثة, ضامرةٌ الخصر، هيفاءٌ القدّ، ذاتُ عينين واسعتين، ونجلاوان بحدّة عالية، تشعان بلمعة ذكية كعيني قطة كأنهما تنيران أية ظلمة. يصعد الدم إلى وجهي كلما كانت تقترب مني.. يفور في ذلك الذي أجهله, يضغطني فلا أحتمل, فأقترب منها أيضاً، مقاوماً كل ما يخيفني، فقد أشاعوا يومها بان احد مسئولي الدولة الكبار آنذاك، كانت علاقته بأمها جد وطيدة، وقد عين من بين الطلبة لمتابعتها، وكنت دائما أتحاش الاقتراب منها، ليس لأني ممتلئ من قصص الرعب التي سمعتها، عن ذلك المسئول الذي وصفوه بأخطر الإمراض السايكوباثية، وكنا نعرف بان يغار عليها كما يغار على أمها، وصرنا نهابها أكثر مما نهابه، كنت أرى بان الاقتراب منها بأي شكل من الإشكال يتركب عليه عواقب وخيمة لا يمكن تفاديها، فكنت دائما اهرب منها، أو التقرب منها رغم أن ترتيب اسمها الأبجدي يجعلها دائما بجانبي، كنت أرى فيها أنوثة طاغية، وأحاول عدم مسّ أصابعها كلما اشتركنا في تمرين (المختبر)، تتعمد الدنوّ فوق رأسي، وتسقط زفيرها في رقبتي، لانتفض ارتجافاً، أراها تتعمد أن تلامسني، فأخاف من احتكاك حلمتيها الجريئتين، وغالبا ما استرق النظر إلى فتحة قميصها خافيا شبقا دفينا بين عينين مفتوحتين خجولتين، فأجن.. إذ غالبا ما تسرحان جريا في هضاب مفرقها المرمري الذي تتيه فيه أذكى العيون..
يومها كانت تدرك باني اضطرب كلما اقتربت مني، وتهدر بي عاصفة تهدني هدّا عنيفا، فتختلط في فمي كل مخارج الكلمات التي انطقها، وتتعثر جملي، وكأني في حضرتها لا اعرف أن أقول، فلا يستقر لي تنفسي، وكأني كنت قد وصلت إليها من بعد ركض كثير، ولكني كنت على يقين بأنها تسعد كثيرا بالتمادي بعبثها معي، فتدفعني بجرأة وتهتف بصوت غنوج:
- أنت رجل رديء.
كأني اطرب لنغمتها، وأميل جانباً لدفعتها, وأبتعد في الاتجاه الذي دفعتني أليه, فقدت السيطرة على نفسي فلم أتمالك وكأني عصفور قد أطلقته من قفص، صرت أحس بأن يديها قد اخترقتاني.. كم صرت أشاركها لعبتها، واخفي اشتهائي، حاولت الغوص أكثر في سناء ما يشدني ولأثيرها كأنها تثار أكثر كلما تغاضيت عنها أكثر، وربما باتت على يقين باني قد صرت لها صيدا سهلا لتجارب هي تخوضها مع صديقاتها، اللاتي غالبا ما أراهن يختلسن النظر بحجة أو بأخرى، ليعرفن نتائجاً هنّ قد رجينّها. كنت اعرف بان اغلب قصص الحب لها بداية كهذه، تبدأ بالهزل، وتنتهي بالعشق العنيف، فضحكت وأمتد صمتي طويلاً بينما راحت عيناي تتسابقان على مباهجها الأنثوية.. كأنني في حلم, رفضت كل شيء ونهضت إليها من جديد.. تتقاسمني نوازع شتى، مغشيا أتطوح في رائحتها الذكية، أتنشقها بعمق، واقبض على أنفاس منها، متحديا أن تفلت تلك الحلاوة من رئتي، حاولت أيجاد نفسي قريباً مما يشعه جسدها السني من دفء كأنها تجذبني من كل الليل الطويل وتغرقني في ميدانها.. يتوقف زمني كله, فلم أعد أحتمل وقوفه، أحس بالاختناق.. الزمن كله يعدو سريعاً خارج جسدي, وتكبر الأشياء من حولي وتتقدم بينما زمني يحتضر. أتقدم منها, وصرت أخاف أن تفلت مني إرادتي فأحاول أن أمد أصابعي بعنف بين ساقيها, صرت أتخيل باني أفعل ذلك، لكن بنطلونها (الجينز) يفشل اندلاقي عليها، أحاول أن امضي قدماً؛ اقبلها، أمص رحيقها، الثمُ شفتيها الكرزيتين، ألامس بأناملي شعرها الأسود الطويل، من المنبع إلى المصب، وان أضع انفي في مفرق نهديها، أن أنغرز عميقا فيها، كأني اقبلهما وامصص أصابعها العشرين واحدا واحدا؛ ان أرى الذي لا يرى، وافرك حملتيها القرمزيتين برهافة أصابعي؛ أن أطير كسحاب حولها والتحف بها، أطير حولها كالأثير، وربما تحول ألي عينين قاسيتين وتتبعهما بكف ثقيل حطّ على وجهي بصوت أصفقت أصدائه في أرجاء القاعة الصغيرة الصاخبة, وربما ستوقظ كل العيون ألي، وسكون هدفا للوشاية، قد تجعلني أتحمل خسارة وخيمة لا تحمد عقباها.. كم تمنيت أن أحافظ بما بقي لدي من رباطة جاش، وادع أيامي القادمة تأتي بسلام، محاولا طمس إحساسي بالاستهداف بسبب نقص في الخدمة العسكرية، واستمراري كطالب يمنحي حصانة، الاستمرار، ويضمن تفلتي من الإحساس المتواصل بالاستلاب. أحسست برداءتي, جمعت نفسي وقواي وسرت كسيراً مهيضا أجرّ عربات ذاتي بعناء ومشقة وأحاول الخروج من فكرتها، إلى مكان آخر، من قفص الرغبة المليئة بالمتعارضات.. يلامسني الهواء الخارجي فأحس بانتعاش، فراغها لا تسده الهموم ولا تنسيني إياه. شيء أحسسته صار بعيداً, ولم يبق لي إلا تعازي نفسي ولومها.. دارت عيوني في صمت الليل الخارجي حاولت التقيؤ للتخلص من عبء ثقيل, ففعلت, وأحسست بالضياع.. دوران رأسي لا يتوقف.. بي حاجة لا أعرفها ولابد أن فكرة ما لوضع حدّ لكل هذا الجنون، من بعد أصبح اغلب زملائنا مهتما بأمرنا، ولكني ما زلت أتعمد التجاهل.. تطوف بي الظنون، والمخاوف فتكاد ضحكاتها تتحول إلى سكاكين تحفر أحشائي، صرت افهم بان الاقتراب منها سوف يفقدني كل استقراري، ومن اليسر أن تكون كلمة واحدة من ذلك الرجل بان ترهب جميع من معي، وأكون قد لفظت كما يلفظ البحر زبده على الشاطئ.. أريد أن أمدّ يدا لقلبي الغارق في هكذا يمّ عظيم اللجة، ولا استطع، فكم اشتهيها، وارغب بها، ولكنها صارت تعرف بأنني معها في مفترق طرق. صرنا على حافة هاوية، ولابد أن ينتزع القرار، ولابد أن نسير إلى قدرنا، ولابد أن يحول الهزل بين اثنين إلى قصة حب عنيف.. تجولت وحدي في الشارع، اشعر بها كما لو حامت حولي كطائر أحس بالحرية لتوه. انطلقت على غير هدى, كانت تحط الطيور في الصباح هنا على المكان ذاته.. لكن أين أجد ليلا جميلا في وحشة هكذا ليل؟، كأني أرها تهمسني تعال: وحدي طائر الليل وأحسه طويلاً.. يرتج جسدي ويترنح، تقول لي تعال واقتحم فلابد للقيد أن ينكسر. حاولت ذات يوم أن أزرع شجرة في بستاننا يومها كي لا أنسى الذي حدث هكذا كان يفعل أبي في مدينتنا البعيدة. غربتي تزرعني هنا, و قلت ساخراً: (أنا سأزرع زهرة برية في خصب راحة يدي).. سأحاول أن أجد بذرة لزهرة عدم النسيان.. يقال بان للفشل والحرمان رائحة مقفرة وكريهة، سأحاول ذلك بكل جدية.. يختل توازني قليلاً فأسقط وأنهض سريعاً.. لقد جعل مني الهم أكثر إختلالاً, وأكثر رهافة، فقلت: صديقتي وحبي الأول في هذه المدينة البعيدة.. دعينا نتجول معاً في كل هذه الأمكنة, نتخطى كل هذه الساعات الرتيبة، دعينا نغادر هذه القاعات المليئة بالعيون، والمخاوف، ولنفارق هذا الإعياء, والتوتر، ونتكلم عن خصوصيتنا بموسمها الآمنة، ثم نعود لنكمل درسنا، ونخط بفخر ما نتمناه لمستقبلنا، كم أنت قريبة أيها المرأة التي أريد، وكم بيننا حواجز، وسدود.
لكنها اليوم راحت بعيداً مثل زورق صغير أخذته الأمواج، على الرغم من اسم ربيبها الذي اخذ يطغي بفرض حضوره عبر الفضائيات العالمية والمحلية، وصار نجماً سياسياً بارزا في نشرات الأخبار، فما زال فكري مشغولاً بذلك الولع الجنوني بها، وكنت كلما أراه مبتهجا في القنوات الإخبارية، كأني أراها.. فتزداد الفجوة بيننا بقدر علوّ نجمه، وإنا أتحرق شوقا لملاقاتها أو معرفة إخبارها، وأتحرق ندما على فراقها..
كأني كنت أقول لها:
- احمدُ الله كثيرا بأنني لم أقع بين قبضته يومها.
فتضحك لي وتواصل القول بأرخم صوت:
- وأنه فاز في الانتخابات العامة لمجلس الأعيان، وقد أسندت إليه مناصبا جديدة أخرى..
صديقتي البيضاء كانت لا تتعمد، وأنا لم أقصد إيذائها, وأن تعجلت شيئاً سيحدث، وارغب في تقبيلها...
اللحظة تقول:
- من السهل إن تجد صديقا عابرا، ولكن من الأصعب بان تجد حبيبيا دائما إلى الأبد..
عيناها مازالتا مسمرتان بذهني:
- ألم أقل لك بأنك رجل رديء؟..
تلفت إذ كانت هي لا تريد أن تجعلني أتوهم، وبأنها قد قدمت لتتواصل معي وتنهض إمامي كفرس صهباء متباهية بغرتها الجميلة، ولم تك خيالاً، فأيقنت باني لم أعد وحيداً، بالرغم من غربة كل تلك السنوات الغابرة..
بعقوبة
Thursday, February 07, 2008
روايتان عراقيتان جديدتان تستحقان التأشير
قراءة: محمد الأحمد
· 1.
يتسلط علينا سؤال غالبا ما يكون فاعلا في عقلنا الباطن، ونحن نقرا في رواية عراقية أو عربية، وهو: هل نقرأ رواية بمفهوم الرواية كرواية حقا، أم نص كان يطمح أن يكون رواية، على الرغم من توافر النص على بعض مقومات الرواية الأساسية كالزمن الروائي، والكشف الروائي عبر المنظومة الروائية، وإشكالية الموقف الروائي كشاهد لعصره، فيكون من الصعب جدا علينا كقراء عشاق لفن الرواية تجنيس الرواية كرواية ما دامت تفتقر مساحة زمنها إلى حاضر مقطوع عن الماضي، ولا يستشرف المستقبل، وأيضا وان توفر عدد الصفحات الكثير فهو لا ينبري على متن رواية ما لم تكن الرواية قد امتدت على مساحة زمنية ليست مختزلة بظرف نزير، فالزمن الروائي أول خصيصة فيها، فالرواية المجنسة كرواية؛ يجب أن تحوي أيضا على معلومة غير متوفرة في متون كتب أخرى، تنفرد بها كشفا، أو تستقتل لأجل تمثيلها بالكلمات الحاسمة، والشخصيات الجلية، لكون اشد إسرارها اغواءا أن تنفرد عن غيرها من بقية الفنون بكشف ما، يكون واضحا، ولابد أن يثير جدلا، تحقق فيه وجودها بين بقية الفنون، وليست لكونها حكاية ابتدأت لتنتهي بين صفحات وغلاف، إذ يقول الناقد (tephen Jay Greenbelt) : (إن الكتاب المقتدرين يدركون القوانين التي تجري داخل الثقافة، ويتقنون توظيفها)، فكثيرة هي النصوص التي نقرأها، وقليلة تلك التي نفسرها إلى ما نريد، كقراء عموم، فما أكثر الكلام المكتوب، وما أكثر تدوينات البشر، كما يرمي ميشيل فوكو بقوله: (ما أكثر الكلام ولكن النصوص قليلة).. خاصة تلك التي لا تعلق ببالنا، وتبقى مؤثرة علينا.. كأن الرواية هي الجوهر الفلسفي الذي يحقق خطابه بوجود شخصياته، فكل شيء يمتلك ميزة تميزه عن الأشياء الأخرى، وبفضل ميزاته يتشكل، ليحقق وجوده ولا يوجد شيء مطابق لشيء آخر، وإلا لأصبحا شيئا واحدا، لان الكلام هو خريطة الرواية، والكلام هو امتدادها، وكل البشرية تتكلم، وكل البشرية لها من التجربة إلى أن تفتح النصوص أمامنا بأسطر متواصلة فيها الغث والسمين، وكما في الفلسفة الأشياء والظواهر بدلا من اختزالها إلى ماهيات معدودة أو إلى كائن واحد فريد فكل شيء واقع أو ممكن أو محتمل أو مستحيل تفرش أمامنا بالمعان، وغالبا ما يتوافر بالنص الروائي جذبا يدرك كاتبه قبل قارئه على ما يتوافر من كشف.. اغلب النصوص فيها ما نتلقى بعفوية ما هو أمامنا من قضايا، وخاصة قضايا جيل قد دفع إلى معارك وحروب مفروضة عليه بالنيابة.. لتحقيق مآرب وأطماعا إقليمية، وقد خسرت الحروب وأعطت للجيل والأجيال التالية الهزيمة بكل معانيها، فما بعد حرب وحرب أخرى امتدت سنوات الحصار على التوالي فهدرت من الشباب أغلى سنواته، وخسر ربيع خلاياه في انتظار وحرمان، وحسرة.. إذ صعب بل استحال عليه يوما بعد يوم السفر، والعمل، والحلم، فبقي النص الأدبي يحمل كل عذابات الجيل وغضون وجهه، وتراكمات جراحه. فمنهم من كان يتصدى لما يحدث من استلاب بأداته الروائية الطيعة.
· 2
رواية (خضر والعصر الزيتوني- نصيف فلك الصادرة عن دار الصباح2007م).. رواية كاشفة فاضحة.. تستحق الإشادة لما فيها من مادة نفذت بتقنية عالية.. أجاد النص ما أراد البوح به سراً، وعلانية.. بقيت هذه الرواية تحوي القصة الأكبر، الجلية، الواضحة لأي متلقي، يأخذ منها ما أراد الكاتب، وما قرره تأليفاً، فالخيبة التي يعاني منها المثقف في بلده تلامسه في السراء والضراء، وحتى وان هاجر متحملا المخاطر، إذ بقيّ في محنته كعراقي مستلب، منفي في وعيه، وفي حساسيته، فالكاتب المجيد هو الذي كان يقول قوله الواضح، ولا يؤول القول إلى قول آخر غير ما يقصد.. فيفهمه القاصي، و الداني، القارئ العابر، والناقد المتخصص.. نص خطابه واضح التعبير، تحكمه النظم الدلالية المنبثقة من صميم قضايا الأمة، وتطلعاتها الحقيقية غير التطلعات المستخدمة كخطب سياسية لأجل التخدير، وحسب. أنها رواية العهد العراقي الذي قال باطنا، وكشف قوله بنص واضح، وصريح.. فيه أول القول منتظماً مع ما انتهى به، ولم تشوبه صراحته البليغة، إلا جمالاً فوق جمال.. (سوف نكون محصنين، أي كارثة لا تهزنا وأي موت لا يغضبنا ولا يستفزنا. غداً سنكون من طبيعة أخرى، إذ تركنا وراءنا الطبيعة الأولى للبشر، بل حتى غرائزنا ستكون في تطور هائل ومستمر. الحياة نفسها ستتركنا خارجها فلا تعود شروطها ونواميسها تنطبق علينا. سوف لا نصلح حتى للموت الطبيعي العادي. محصنون، نعيش فوق العادة ونموت فوق العادة- الرواية ص 125).
· 3.
رواية (أرض الليالي- ناظم محمد الصادرة عن دار الشؤون الثقافية – بغداد2007م) واحدة من تلك العلامات التي شهدت على عصر لم يكتب بعد، ولم يؤول بنصوصه وما كان يحدث في تلك المطويات التي سوف تبقى تتحدى النسيان، على الرغم من قصور الأداة بيد منتجه، ولكنها سارت باتجاه الغوص العميق في الذي قد كان فيه محضورا، وممنوعا.. فتلك النصوص الشفيفة التي نقرأها اليوم تتوافر على مفاتيح ذكية لعصر كان فيه الكلام شبه مؤجل، ويحوي في مسيرة أيامه على معلومة تقول ما كان يقال سرا، وتأويلا دفينا يقتصر على الإشارات والإيماءات، و صرنا اليوم على الأقل نؤولها وفق ما نشاء، و نقارنها بما في خزيننا من معرفة تراكمية اكتسبت مما كان يحيط بنا من خوف وحساسية، وربما بما خزنت من أدوات أبستمولوجية، فتكون تلك الصور متصاعدة كفعل مع ما يقرأ في النص، أو مع ما يتفاعل فعله القرائي مع الذي يصادف قراءته في الحياة، كحدث قد حدث في الأمر الواقع، غير ما تطبل به المؤسسة الإعلامية المسؤولة عن كشفه. (لم اعد اقرأ شيئا، توقفت في خاتمة السطر، كانت نقطة وقوفي الحرب، رقدت على ظهر الحوت وغرقت مع الغارقين، جزيرتي هناك بشرة ناعمة ودفء نساء هربت صباحات أعمارهن لصيد عابر، لم اعد اقرأ شيئا جمعت أزمنتي في زمن واحد، اسكبه على وتر يجهش بالغناء فيبعث الليالي من رقادها- الرواية ص46)، (يصف الصراع على السلطة في العراق.. ذاكرتي لا تجدي المؤرخين، أجيال مندثرة، هياكل عظمية لرجال يفكرون- الرواية ص 50)..
· 4.
نحن كقراء عشاق لفن الرواية العظيم.. نجري تأويلاً ما (Interpretation)، لأي نص أدبي.. يكون علينا أن لا ننسى بأنه وليد سياق تأريخي متفاعل مع كل الثقافات المصدرة من هذه المؤسسة الثقافية، أو تلك.. في المعتقدات، أو في توازنات القوى، وما إلى ذلك من لغة توضح المرامي الغامضة، التي تقتضي القراءة فيها، بحرية منفلتة من المحظور، فينطوي التأويل عليه من جملة إبعاد أولهما؛ عنصر التعبير، عما بطنه الكاتب ( أي كاتب).. ضمن أي نسق هيرمينوطيقي (Hermeneutics) يشتمل على التأويل؛ كم هي نادرة النصوص المحملة قصداً واضحاً، يتفق عليه كل من يقرأه.. من الموضوعية، وعمق الرؤية كمثقف حساس لما يجري عليه من أحداث، فيحول ما يهدد كيانه، ووجوده إلى رمز جليّ، ليتفرع رمزه مؤشراً إلى الكلية الموضوعية الواضحة. فالرواية البديعة تأخذ حيث ما يريد كاتبها، وليس حسبما يريد قارئها.. ترسم له حدوداً واضحة الخطوط، لا تسمح له أن يتخطاها… بتمرده، أو ثقافته، تحصره مثلما يفعل الفلاح في حقله، ويفتح الساقية بالاتجاه الذي يريده، ويسقي ما يريد سقيه… بإيقاع سريع تتناسب مع نظام عمل به السارد المتقن لما في ذهنه مما احكم عليه حكماً بالغاً.. فيمكننا القول عن هذه الروايتين من أنها تشكلان تحدياً للقالب الروائي العراقي، المتدرج على نمط جديد لم يعد يثير حماس النقاد العراقيين.. فهي دعوة جادة لنقاد الأمس، من بعد أن تخلوا عن أدائهم كنقاد اليوم..
الخميس، 07 شباط، 2008
٢٤/٠١/٢٠٠٨
ناراتولوجية العزف المنفرد[1] في قصص (حسن كريم عاتي)
قراءة: محمد الأحمد
يتفق علماء السرد (Narratology) على أن اغلب قراء القصة القصيرة يشهدون بأن القص الجميل يمكن أن يصل إلى أعلى مراتب الفنون، وخاصة عندما يقبض موضوعها على هم إنساني كبير. فالقاص المجيد يطول بقلمه ما تطوله الفنون الأخرى، تقنية وإخراجا حيث يقود قصته شكلا ومضمونا لما تصل إليه تقنيات التكنولوجيا في السينما الحديثة، ويستطيع ان يحملها موسيقى هائلة، ويوقعها في نفس قارئه، وتظل تلازمه حتى وان انتهت القراءة فالنص الجميل سوف يبقى في الذهن يطارد قارئه، يمسك به لأجل أن يعود إليه مستدرجا اللذة إلى كمّها الأخير.. (فإذا كان الحب يعمي عن المساوئ، فالبغض أيضا يعمي عن المحاسن. وليس يعرف حقائق مقادير المعاني، ومحصول حدود لطائف الأمور، إلا عالم حكيم، ومعتدل الأغلاط عليم، والقوي المنة، الوثيق العقدة، والذي لا يميل مع ما يستمل الجمهور الأعظم، والسواد الأكبر- الجاحظ[2])، فإذ تتشكل كل مرة بمنظور جديد، وتعطي ذاتها كل مرة معاصرة لأحداث قد تنبأ النص بها، فالذهن يقارن اليوم وغداً، ويستشرف دائماً من خلال الإبداع، المهارة، والاستباق.. وقد اثبت المبدع (حسن كريم عاتي) في كتابه الصادر عن دار الشؤون الثقافية (2007م)، الموسوم بـ(عزف منفرد) بان فن القصة يستطيع ان ينافس الفنون الأخرى، شكلا ومضمونا إن توافر على مادة شيقة قد تكامل فيها كل ما يؤشر لصالح الكتابة المبدعة، حيث جاءت القصص (ألاثني عشر) بلغة متينة ارتقت إلى التعدد في المعنى، لتقرأ أكثر من مرة بتمحيص بحثا عن الاكتشاف الممتع لما فيها من جهد أنساني رفيع يبشر بتأشير جليل على خريطة الإبداع العراقي المتمكن، فتبلورت في جملة جماليات مقتدرة أجادها القاص المتمكن من سرد استنبط الأسس التي قامت بعقلانية من خلال نظم واضحة التعبير حكمت نتاجه وتلقيه.. في قص يأخذ القارئ ليركب بحرا عظيم اللجّة متلاطم الأمواج، ما بين موت محدق، وحياة حرّة كريمة..قصة مواجهه ذئب جسور وأنثاه الشرسة.. بتحدّ هائل الوقع أتقن القاص تصويره بموضوعية حاسمة دقيقة التفصيل… فـ(القصة الأولى- ليل الذئاب) بدأت فيها أنثى الذئب بالعواء التواصل لأجل ذكرها المقتول في غارة على قطيع تعودا النهش فيه كل ليلة حدّ الفناء.. ذئبان قويا الشكيمة، هما اللذان شكلا خطرا بليغا على الإنسان، وكلبه، وقطيعه.. بعد أن تعودا على إهانة ملكيته، وهدر كرامته، صار الصراع حتميا لن ينته إلا بالفصل القائم بالسلاح المواجه بكل مشروعيه، وعقلانية.. مصرا فيها الإنسان على احتراف قدره العظيم في الغلبة الدائمة على ظهر هذه البسيطة.. حيث يحفر حفرة دفاع أعدت بعد تفكير ملي.. لذلك الشأن وبقي بداخلها في ليل طويل ماطر، متشبثاً بالبندقية حبل خلاصه الذي لا يريم، إذ يصيب مقتلا في إلتماع العينين المتوقدة بالفتك.. بعد صبر، وخبرة الأربعين الرصينة. فتسر القصة وقائع احتدام أوار معركة إنسان غيور مع ذئب ضروس ذي أنياب قاطعة جعلت قطيع الخراف، والكلب رفيق الإنسان الدائم في السراء والضراء في حالة من الهلع الدائم.. نمّت من خلال الوحدة السردية للكاتب عن معرفة طبائع الذئب.. يعتمد الذئب اتجاه الريح في الصيد، وسرعته في اختطاف فريسته، والعواء المتواصل الذي تطلقه الذئاب عندما تفقد الذكور إناثها، أو العكس. إضافة إلى تصوير الكيفية للذئاب وهي تحفر للدخول إلى الأماكن المستعصية. فالقاص في قصته قد أجاد سرد المعلومة بدقة ثاقبة، مضيفاً عليها الحبكة القصصية المقنعة (وهي من أهم مقومات الإبداع الفني..في كل الأشكال الكتابية على الإطلاق).. تقمصاً مجيداً لحالة الدفاع عن المال والعرض، بدقة جعلتنا نخاف خوف بطلها، وكأننا معه. متسلحون بإصراره، ونسمع بأذنه. متوكئأ على رصاصة أخيرة بقيت له في حجرة (السبطانة)، فكشفت لنا معرفة ما حلّ بالخراف، من رعب عبر تأكيد على اضطراب حركتها داخل الحضيرة تعني بدء هجوم الذئب، وموقع الذئب من خلال اتجاه نباح الكلب إضافة إلى بول الحملان من جراء الخوف، كذلك مدى رعب الخراف من جثة الذئب القتيل، فجعلنا في داخل القصة نترقب لما سيحدث؛ متحسبون مع المؤلف للأنثى (الذئبة) التي بقيت تستميت لأجل جثة ذكرها، من بعدما حول الإنسان ساحة الوغى إلى كائن آخر يتناسب مع الظرف الجديد. كما يقول كونديرا: (فن الإيجاز ضروري، انه يصر على ذهابنا مباشرة إلى قلب الأشياء-[3])، بكيفية واعية نقل (الإنسان) الجثة (الذئب) إلى داخل بؤرة أخرى للقصة موسعا المساحة إلى مكان آمن.. هو الذي اختاره، ليتمكن من نقل الصورة إلى تحد آخر مجازف.. بعدما نفد العتاد إلا من واحدة، أبقاها العقل البشري الذي لا يفتقر للرجاح مع الحيوان، فأنقذته الطلقة الأخيرة في اللحظة الأخيرة. بعد أن حفرت الذئب المستميتة تحت الجدار في النقطة التي انتهى فيه اثر دم جثة الذئب القتيل، فـ(يمكن للحبكة أن تكون جزءً كبيراً، أو صغيراً من الحدث الذي يتكون أيضاً من الفكرة أو الشخصية. بعدها عليه أن يقرر كيف يريد أن تكون ردة فعل القراء من شخوصه، وهم في أوضاعهم- سوزان لوهافر [4])، كذلك عدة أسئلة يوجهها النص الواضح التأويل حتى يستطيع أن يثبت دعامة ذاته الواعية لزمنها برغم اختلاف التفكير، والمناهج، كونه يبقى قادراً على فرض طرق قراءته، وبمسارات حددها مسبقا الكاتب قبل الناقد.. من أعماق نصه المسرود ضمن أعراف الحكاية التي يقول من خلالها خطابه، فالحكاية عمود كتابة القصة، أو سياقها ومقومها الحيوي الموحد من الشوائب الذي يحوي الصيرورة الخالصة لوحدة التعبير، ودونها لا يستوي تجنيس الخطاب، فالقاص المجيد يدرك جيدا؛ كلما غابت الحكاية المحبوكة.. صارت كتابة ساذجة لا ترتقي إلى الفن المقتدر، بدون الحكاية لن يستطع الحاكي اخذ قارئه إلى حيث متعته والحكم القاطع يكون قاسيا على ذلك الغياب في أية تجربة مهما عرض صيت قلمها، أو تأريخه.. بأنه يجرب جناحيه في جنس يفتقر إلى السرد بمعلومة جديدة، تعطي علما، (درجة عاطفة الفرد ترتبط عكسيا بمعرفة الحقائق- برتراند راسل)، ولان الكتابة المتفاعلة مع قارئها لا تتسم بالعشوائية، التناقض، او عدم الاتساق.. تقبل الفهم في كل سطر من سطورها، فالأدب هو تكامل العمل بذهن الأديب قبل تكامله على الورق، وهذه القصة تكاملت إلى حد ما في قياسات الأغلب- أنموذجا يُحتذى به- حكاية مقنعة بموضوعيتها.. ترتبط من حيث تشابه البطولة المحورية (رغم اختلاف التجنيس) بدقة رواية الشهيرة (الناب الأبيض - جاك لندن) التي كان بطلها ذئباً.. فيها سبر غور علم نفس الحيوان، وأيضا بذلك التحدي الملتهب بين الإنسان والسمكة في رواية (الشيخ والبحر- إرنست هيمغواي)، أو بين الإنسان والبطة الملكة في رواية (حين تركنا الجسر- عبد الرحمن منيف)… حيث قال محي الدين ابن عربي: (كل شوق يسكن باللقاء لا يعول عليه)، والنصوص تستقر في أذهاننا بقدر فعلها بنا من شوق، وتفاعل.
الثلاثاء، 08 كانون الثاني، 2008
[1] Narratology علم السرد
[2] البيان والتبيين 1/90
[3] فن الرواية
(1) الاعتراف بالقصة القصيرة –– ترجمة محمد نجيب – الشؤون الثقافية بغداد .
ربيبةُ السيد المسؤول
قصةُ قصيرة
محمد
الأحمد
بيضاءُ, بيضاءٌ كالثلج, بليغةٌ الأنوثة, ضامرةٌ الخصر، هيفاءٌ القدّ، ذاتُ عينين واسعتين، ونجلاوان بحدّة عالية، تشعان بلمعة ذكية كعيني قطة كأنهما تنيران أية ظلمة. يصعد الدم إلى وجهي كلما كانت تقترب مني.. يفور في ذلك الذي أجهله, يضغطني فلا أحتمل, فأقترب منها أيضاً، مقاوماً كل ما يخيفني، فقد أشاعوا يومها بان احد مسئولي الدولة الكبار آنذاك، كانت علاقته بأمها جد وطيدة، وقد عين من بين الطلبة لمتابعتها، وكنت دائما أتحاش الاقتراب منها، ليس لأني ممتلئ من قصص الرعب التي سمعتها، عن ذلك المسئول الذي وصفوه بأخطر الإمراض السايكوباثية، وكنا نعرف بان يغار عليها كما يغار على أمها، وصرنا نهابها أكثر مما نهابه، كنت أرى بان الاقتراب منها بأي شكل من الإشكال يتركب عليه عواقب وخيمة لا يمكن تفاديها، فكنت دائما اهرب منها، أو التقرب منها رغم أن ترتيب اسمها الأبجدي يجعلها دائما بجانبي، كنت أرى فيها أنوثة طاغية، وأحاول عدم مسّ أصابعها كلما اشتركنا في تمرين (المختبر)، تتعمد الدنوّ فوق رأسي، وتسقط زفيرها في رقبتي، لانتفض ارتجافاً، أراها تتعمد أن تلامسني، فأخاف من احتكاك حلمتيها الجريئتين، وغالبا ما استرق النظر إلى فتحة قميصها خافيا شبقا دفينا بين عينين مفتوحتين خجولتين، فأجن.. إذ غالبا ما تسرحان جريا في هضاب مفرقها المرمري الذي تتيه فيه أذكى العيون..
يومها كانت تدرك باني اضطرب كلما اقتربت مني، وتهدر بي عاصفة تهدني هدّا عنيفا، فتختلط في فمي كل مخارج الكلمات التي انطقها، وتتعثر جملي، وكأني في حضرتها لا اعرف أن أقول، فلا يستقر لي تنفسي، وكأني كنت قد وصلت إليها من بعد ركض كثير، ولكني كنت على يقين بأنها تسعد كثيرا بالتمادي بعبثها معي، فتدفعني بجرأة وتهتف بصوت غنوج:
- أنت رجل رديء.
كأني اطرب لنغمتها، وأميل جانباً لدفعتها, وأبتعد في الاتجاه الذي دفعتني أليه, فقدت السيطرة على نفسي فلم أتمالك وكأني عصفور قد أطلقته من قفص، صرت أحس بأن يديها قد اخترقتاني.. كم صرت أشاركها لعبتها، واخفي اشتهائي، حاولت الغوص أكثر في سناء ما يشدني ولأثيرها كأنها تثار أكثر كلما تغاضيت عنها أكثر، وربما باتت على يقين باني قد صرت لها صيدا سهلا لتجارب هي تخوضها مع صديقاتها، اللاتي غالبا ما أراهن يختلسن النظر بحجة أو بأخرى، ليعرفن نتائجاً هنّ قد رجينّها. كنت اعرف بان اغلب قصص الحب لها بداية كهذه، تبدأ بالهزل، وتنتهي بالعشق العنيف، فضحكت وأمتد صمتي طويلاً بينما راحت عيناي تتسابقان على مباهجها الأنثوية.. كأنني في حلم, رفضت كل شيء ونهضت إليها من جديد.. تتقاسمني نوازع شتى، مغشيا أتطوح في رائحتها الذكية، أتنشقها بعمق، واقبض على أنفاس منها، متحديا أن تفلت تلك الحلاوة من رئتي، حاولت أيجاد نفسي قريباً مما يشعه جسدها السني من دفء كأنها تجذبني من كل الليل الطويل وتغرقني في ميدانها.. يتوقف زمني كله, فلم أعد أحتمل وقوفه، أحس بالاختناق.. الزمن كله يعدو سريعاً خارج جسدي, وتكبر الأشياء من حولي وتتقدم بينما زمني يحتضر. أتقدم منها, وصرت أخاف أن تفلت مني إرادتي فأحاول أن أمد أصابعي بعنف بين ساقيها, صرت أتخيل باني أفعل ذلك، لكن بنطلونها (الجينز) يفشل اندلاقي عليها، أحاول أن امضي قدماً؛ اقبلها، أمص رحيقها، الثمُ شفتيها الكرزيتين، ألامس بأناملي شعرها الأسود الطويل، من المنبع إلى المصب، وان أضع انفي في مفرق نهديها، أن أنغرز عميقا فيها، كأني اقبلهما وامصص أصابعها العشرين واحدا واحدا؛ ان أرى الذي لا يرى، وافرك حملتيها القرمزيتين برهافة أصابعي؛ أن أطير كسحاب حولها والتحف بها، أطير حولها كالأثير، وربما تحول ألي عينين قاسيتين وتتبعهما بكف ثقيل حطّ على وجهي بصوت أصفقت أصدائه في أرجاء القاعة الصغيرة الصاخبة, وربما ستوقظ كل العيون ألي، وسكون هدفا للوشاية، قد تجعلني أتحمل خسارة وخيمة لا تحمد عقباها.. كم تمنيت أن أحافظ بما بقي لدي من رباطة جاش، وادع أيامي القادمة تأتي بسلام، محاولا طمس إحساسي بالاستهداف بسبب نقص في الخدمة العسكرية، واستمراري كطالب يمنحي حصانة، الاستمرار، ويضمن تفلتي من الإحساس المتواصل بالاستلاب. أحسست برداءتي, جمعت نفسي وقواي وسرت كسيراً مهيضا أجرّ عربات ذاتي بعناء ومشقة وأحاول الخروج من فكرتها، إلى مكان آخر، من قفص الرغبة المليئة بالمتعارضات.. يلامسني الهواء الخارجي فأحس بانتعاش، فراغها لا تسده الهموم ولا تنسيني إياه. شيء أحسسته صار بعيداً, ولم يبق لي إلا تعازي نفسي ولومها.. دارت عيوني في صمت الليل الخارجي حاولت التقيؤ للتخلص من عبء ثقيل, ففعلت, وأحسست بالضياع.. دوران رأسي لا يتوقف.. بي حاجة لا أعرفها ولابد أن فكرة ما لوضع حدّ لكل هذا الجنون، من بعد أصبح اغلب زملائنا مهتما بأمرنا، ولكني ما زلت أتعمد التجاهل.. تطوف بي الظنون، والمخاوف فتكاد ضحكاتها تتحول إلى سكاكين تحفر أحشائي، صرت افهم بان الاقتراب منها سوف يفقدني كل استقراري، ومن اليسر أن تكون كلمة واحدة من ذلك الرجل بان ترهب جميع من معي، وأكون قد لفظت كما يلفظ البحر زبده على الشاطئ.. أريد أن أمدّ يدا لقلبي الغارق في هكذا يمّ عظيم اللجة، ولا استطع، فكم اشتهيها، وارغب بها، ولكنها صارت تعرف بأنني معها في مفترق طرق. صرنا على حافة هاوية، ولابد أن ينتزع القرار، ولابد أن نسير إلى قدرنا، ولابد أن يحول الهزل بين اثنين إلى قصة حب عنيف.. تجولت وحدي في الشارع، اشعر بها كما لو حامت حولي كطائر أحس بالحرية لتوه. انطلقت على غير هدى, كانت تحط الطيور في الصباح هنا على المكان ذاته.. لكن أين أجد ليلا جميلا في وحشة هكذا ليل؟، كأني أرها تهمسني تعال: وحدي طائر الليل وأحسه طويلاً.. يرتج جسدي ويترنح، تقول لي تعال واقتحم فلابد للقيد أن ينكسر. حاولت ذات يوم أن أزرع شجرة في بستاننا يومها كي لا أنسى الذي حدث هكذا كان يفعل أبي في مدينتنا البعيدة. غربتي تزرعني هنا, و قلت ساخراً: (أنا سأزرع زهرة برية في خصب راحة يدي).. سأحاول أن أجد بذرة لزهرة عدم النسيان.. يقال بان للفشل والحرمان رائحة مقفرة وكريهة، سأحاول ذلك بكل جدية.. يختل توازني قليلاً فأسقط وأنهض سريعاً.. لقد جعل مني الهم أكثر إختلالاً, وأكثر رهافة، فقلت: صديقتي وحبي الأول في هذه المدينة البعيدة.. دعينا نتجول معاً في كل هذه الأمكنة, نتخطى كل هذه الساعات الرتيبة، دعينا نغادر هذه القاعات المليئة بالعيون، والمخاوف، ولنفارق هذا الإعياء, والتوتر، ونتكلم عن خصوصيتنا بموسمها الآمنة، ثم نعود لنكمل درسنا، ونخط بفخر ما نتمناه لمستقبلنا، كم أنت قريبة أيها المرأة التي أريد، وكم بيننا حواجز، وسدود.
لكنها اليوم راحت بعيداً مثل زورق صغير أخذته الأمواج، على الرغم من اسم ربيبها الذي اخذ يطغي بفرض حضوره عبر الفضائيات العالمية والمحلية، وصار نجماً سياسياً بارزا في نشرات الأخبار، فما زال فكري مشغولاً بذلك الولع الجنوني بها، وكنت كلما أراه مبتهجا في القنوات الإخبارية، كأني أراها.. فتزداد الفجوة بيننا بقدر علوّ نجمه، وإنا أتحرق شوقا لملاقاتها أو معرفة إخبارها، وأتحرق ندما على فراقها..
كأني كنت أقول لها:
- احمدُ الله كثيرا بأنني لم أقع بين قبضته يومها.
فتضحك لي وتواصل القول بأرخم صوت:
- وأنه فاز في الانتخابات العامة لمجلس الأعيان، وقد أسندت إليه مناصبا جديدة أخرى..
صديقتي البيضاء كانت لا تتعمد، وأنا لم أقصد إيذائها, وأن تعجلت شيئاً سيحدث، وارغب في تقبيلها...
اللحظة تقول:
- من السهل إن تجد صديقا عابرا، ولكن من الأصعب بان تجد حبيبيا دائما إلى الأبد..
عيناها مازالتا مسمرتان بذهني:
- ألم أقل لك بأنك رجل رديء؟..
تلفت إذ كانت هي لا تريد أن تجعلني أتوهم، وبأنها قد قدمت لتتواصل معي وتنهض إمامي كفرس صهباء متباهية بغرتها الجميلة، ولم تك خيالاً، فأيقنت باني لم أعد وحيداً، بالرغم من غربة كل تلك السنوات الغابرة..
بعقوبة
Thursday, January 24, 2008
في جدل ثقافة اليوم
بقلم محمد الأحمد
قال محي الدين ابن عربي: (كلُّ معرفة لا تتنّوع لا يعوّلْ عليها).
غالباً ما تكون الثقافة في حالة هشة بعد زوال إي نظام شمولي، لان النظام الشمولي قد عمق مفاهيمه ورسخها إلى حدّ بعيد في مساحة ليست بالهينة في أي بلد يفرض فيه، ولكن ذلك الأمر سرعان ما يضمحل ويصبح البلد أكثر ازدهارا في الحرية أولا ومن ثم ببقية المفردات. وذلك الصراع يبقى في حالة ديمومة وتواصل دليلا على إن الأمور سوف تسفر لاستقرار حالة طبيعية مرت بها اغلب مجتمعات كوكبنا الأرضي، والثقافة عبر أية قناة إعلامية كانت مطبوعة دورية كانت أو غير، حكومية كانت أو غير، فإنها تقبل التلاقح الثقافي، وتؤمن بالتعددية الثقافية، تكون أول القنوات الإعلامية نجاحا، وغالبا ما تكون قد استحوذت على اكبر جمهور، وأفضل نخبة، وصارت الأوسع انتشارا، تعتكز اولا على شرط بان يكون محررها مثقفاً، فتكون مطبوعته مهمة ومتنوعة بقدر ما يسمح به، سعة افقه، لكونه منتخباً جيداً لجديد الأفكار، ومتنوراً، يقرأ ما يصله بشفافية وحسّ عالّي، يعرف بأنه كقارئ يريد جديدا، كما يعرف بان قراءه اليوم فيهم من يقرا ما لم يقرأه المحرر، وغالبا ما يدرك المحرر بانه قد انزاحت من جدلية الأفكار اغلب منظومات الثقافة الشمولية، إذ صار بمقدور القارئ البحث عن من يضيف إليه، ولم يعد لديه المتسع من الوقت ليقرأ شيء يهدر به وقته، فالعصر الحديث صار متعدد النوافذ، وصار النوافذ الأخرى منتبهة وحازمة بشان الإمساك جيدا بفرصتها، وكسب ثقة المتلقي، ولم يعد المحرر، اليوم يفترض بان كل ما يكتبه يرضي فيه السواد الأعظم من جمهوره، فيكون دائما المبادر الأول في الجرأة، وفي تحسس القضايا المصيرية. فـ(إعادة ما قاله الآخرون يحتاج تعليماً؛ وتحديه، يحتاج عقولاً - ماري بيتيبون بول)، وغالبا ما تكون الحرية (لا تعني الحصول على ما يرغبه المرء، وإنما تعني عزم المرء على أن يريد من خلال ذاته- سارتر).. ففي كل الأزمان والأماكن، وعلى مدى التاريخ ثمة احتدام واضح بين الثقافي والسياسي، على الرغم من إنهما يجوبان في أفق واحد، والأول يريد أن يقنع بفكرته جمهوره دون إجبار والثاني يفرض فكرته دون أن يهمه جمهوره، وغالبا ما تحتاج الفكرة الجيدة إلى إيصال بشكل جيد، ولا يحتاج المثقف عادة إلى فرضها كما يحتاج السياسي إلى فرضها، لأنه يطلب لها مجالا حيويا لأجل أن تحيا فكرته، فالفكرة تحتاج إلى حرية، يصعب على السياسي تحقيقها. فما قاله رينيه ديكارت (1650-1596) بشكل لا يمكننا تغيره (أنا أفكر إذن أنا موجود)، كان يشمل بان الفكرة نتاج عقل ووليدة وجود، فلا يمكن أن توجد فكرة خالدة ما لم تولد من فكرة مدونة استند عليها العقل وتطورت، حيث أفكار الإنسان وحدها التي صارت المدونة هي التي تتواصل بالعطاء وتنير للإنسانية الكيفية للاستدلال إلى الفكرة الحية، والفكرة وليدة الفكرة، فهذا التراث الإنساني وهذه الكتب التي تحوطنا من كل اتجاه ما هي إلا نتاج عقول وليس عقل واحد، والفكرة الراسخة تدحض الفكرة الهشة، وتحل محلها، تفرض ثقلها على متلقيها وتدخل في مناهج الدراسة لتكون ملكة بشرية تولد منها الأفكار الأخرى أو هي تقوم الأفكار الجديدة، والفكرة الميتة تنسى، وتهمل لأنها مبتعدة عن فعاليتها في الثبات، وهي لا تجد من يؤمن بها، وقد ارتبط التفكير المنطقي بالوجود الإنساني وما يخلفه العقل البشري هو ثباته الراسخ، وأثره العميق، ولم نكن يومها نعرف بان الإنسان يصرع الإنسان من اجل فرض المنهج، وبقي الجدل الثقافي قائماً ما بين المثقف الذي يريد أن ينهض بما هو ثقافي، ويريد له أن يسود خلال منبره، وبين السياسي.. الأول مساحة انتشاره في إقناع جمهوره، والثاني مساحة انتشاره في فرض فكرة بواسطة ما يملك من زمام، وتكون لعبة إثارة أسئلة وكيفية الإجابة عليها، كل منهج بمنهجه، فـ(يمكن للعمل الفني أن يستهلك فقط، أو ينتقد، ويمكننا أن نعجب به أو نرفضه، ويمكننا التمتع بشكله، وتأويل مضمونه، وتبني تأويل معترف به أو نحاول تأويله من جديد- هانزروبيرجوس)، ويكون المتسلط بهمّ واضح يريد ان يستحوذ على جمهوره المثقف، بغرض واضح وفقا لما يعمل به، وهذا الجدل يرتقي بالمشاريع الثقافية إلى ما هو أشبه فشل عام في المرفق الثقافي المطروح، حيث وصلت بنا الأيام إلى أن نكون أو لا نكون بين تلك الاحتدمات، فالمثقف قد وصلت أفكاره إلى أقصى أماكن الأرض، وصار جدله يلاحق عليه من أقاصي الكون، وصار الانترنيت يوصل المعلومة والطرح الثقافي في ساعته، وصار على المثقف ان يجد لنفسه مكانا صحيحا ويحافظ على صور جديدة بمادة جديدة وطروح جديدة اقرب إلى (زحزحة أبستمولوجية اقرب إلى قطيعة ثقافية- رولان بارت)، وتبدلت الأيام إلى أن الفكرة الجيدة لا تحتاج إلى فرض الكيفية للحفاظ عليها، ولكن بمضمونها النبيل سوف تفرض ذاتها، ولها البقاء بأسئلتها المصيرية التي تحتاج إلى كيفية طرحها تفلتاً من التكفير؟ فالدورية الثقافية كأعمدة تمس الصميم بلا مناورة، كون المثقف هو من يحمي المثقف ويدافع معه عن حرية الفكرة.
الأحد، 30 كانون الأول، 2007
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)