٠٣‏/٠٩‏/٢٠٠٦

انتصرت علينا الحرب
نص: محمد الأحمد

انتصرت علينا الحرب، ياصاحبي الذي أعرف؛ وما في العمر متسع للفرح، فلا اصدقاء من جلينا اوصو بالحفاظ على ما تبقي فينا، من مثل. لا ساسة خلص... لان الرصاص نفد، ونفذ فينا، الألم الممض، الإنتظار المقيت.. فما في العالم من اسلحة الا واثبتت اجسادنا بانها تتحملها حدّ الموت، وما في العالم من خطابات الا واثبت اسماعنا بانها تتحملها الى حدّ القرف، يدفعوننا لغاية في نفس السائس المختل بكراهية من يغتال اخيه.. وصارت الجثث بيننا وفوقنا، وكان السماء امطرت شظايا جثث طازجة توهب نفسها للحرب التي يعرفونها باننا وقودها الدائمة، لم نكتشف مبكرين ذلك، فما في العالم من دموع الا وذرفناها بافتقادِ احبابنا الغفلين في بيوتهم النيئة.. لكن الحرب لم تمت عندما متنا، ولم تنته بعدما انتهينا..

انتهت الحرب وخلفت ابنائها منا؛ وحوشاً لم يشبعوا من اشراف الابوة.. انتهت الحربـ،، وخلفت اساطيرها العمياء تذبح الخلية الاخرى في الجسد الواحد.. حيث الشوارع النظيفة لم نشاهدها يوما واحدا نظيفة، ولا معنى ان نعرف ذلك؛ فقائد الحرب، ممثل الرب.. كان يشرف على الموت بنفسه، وكانت الموت يتحرك بامرته فيفرش اجنحته الرؤومة فوق العراق..

انتصرت علينا الحرب وخلفتنا تهاليل موت متواصل بالموت حيث لا فرح إكتمل باجازة او هروب؛ تركنا الفرح عاطلا، وبات الامل باطلا.. تركنا الموت ساريا فينا الى اشعار آخر، لا يبهرنا بالموت سوى الموت نفسه، ولا ينقذنا من الموت الا شبح الموت نفسه. انتهت الحرب و نحن الميتون، المتعفنون، ننشدكم خلاصنا من الموت الذي لا مناص منه الا به، فلا حولة ولا قوة الا بالموت العظيم..

انتهت الحرب وما انتهينا من الانتصارات المتعاقبة بالسن الساسة فوحدهم من يحول الهزيمة الى نصر من هشيم، والهشيم الى رماد، والرماد الى تماثيل منتصبة بلا روح، سوف تدفع بها الريح الى التفتت، ولكنها الآن؛ شامخة بنصرها الشفوي.

انتصرت علينا الحرب القائمة بين الشرق والغرب وخلفت مواطنا مدحورا: بين النار ودخانها، بين العدو والصديق؛ برغم ان تموت برصاصة غدر، او بفريق موت ليعيدوك الى الموت بحجة انك لست مائت؛ رغم المسدسات الرعناء، رغم كابوس (الدريل)، ورغم شحة الماء والكهرباء، والأنسانية.. فما لدي سوى ان اقول يا صاحبي الذي اعرف: الاسوأ ما في ايامنا هذه هي عندي اجمل من عيد في عهد (صدام).. وان انتصرت علينا الحرب؛ لانها بداية نتهي بها الى آمالنا.
 Posted by Picasa

ليست هناك تعليقات: